من طرف بص وطل الجمعة يونيو 01, 2018 10:01 pm
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
فقه العبادات
سؤال وجواب
{ أسئلة من كتاب الصلاة }
وقد يتناول غيرها من بقية العبادات
● السؤال التاسع عشر
هل تشترك صلاة الفرض وصلاة النفل في الأحكام أم بينهما فرقً؟
● الجواب
الأصل اشتراك الفرض والنفل في جميع الأمور الواجبة والمكمِّلَةِ ، والمفسِدَةِ ، والمنقِصَةِ .
فما ثبتَ حكمُه في أحدِهِمَا ؛ ثبتَ للآخَر ، إلا مَا دَلّ الدَّلِيلُ عَلَى تَخصِيصهِ . ولهذَا أَخَذ العُلَمَاءُ أَحْكَامَ صَلاةِ الفَرضِ والنَّفلِ مِن مُطَّلَق صَلاته - صلى الله عليه وسلم - وأَمرِه وَنَهِيهِ .
ولكن مع هَذَا فَبَيْنهمَا فُروقٌ كَثِيرَةٌ تَرجِعُ إِلَى سُهُولَة الأَمْر في النَّفلِ والتَّرغِيب فِي فعله .
فمنها : أن الْقِيَام عَلَى القَادِرِ رُكْنٌ في الفَرْضِ لا فِي النَّفلِ فَيَصِح النَّفلُ جَالسًا للقَاعِدِ وَلكن صلاةَ القَاعِدِ عَلَى النِّصفِ مِن صَلاةِ القَائِمِ .
ومِنهَا : جَوَاز صَلاةِ النَّفلِ للمُسَافِرِ رَاكِبًا مُتَوَجَّهًا إِلَى جِهَةِ سَيْرِه وكذلك مَاشيًا وَسَوَاءً كَانَ السَّفَرُ طَوِيلاً أَو قَصِيرًا .
وَأَمَّا الفرضُ : فلا يصحُّ عَلَى الرَّاحِلَة إلاّ عِنْدَ الاضْطِرَارِ إِلَيْهِ كَخَوْف عَلَى نَفْسه بِنُزُولِهِ أَوَ خوفِ فَوَات مَا يضرُّه فَوَاته ، أَوْ إِذَا كَانَتِ الأَرْض ماشيةً ماءً والسَّماءُ تَهْطُلُ بِالْمَطرِ ، ونحوِ ذَلِكَ مِن مَسَائِلِ الاضطرَارِ .
وَمِنهَا : أَنَّهُم اشْتَرَطُوا في الفَرضِ سترَ الرَّجُلِ أَحَدَ عاتِقَيهِ دَوْن النَّفْلِ .
مَعَ أَن الصَّحِيحَ اشتِرَاكُهُمَا في هَذَا الحكمِ وأَن الجميعَ مَشرُوعٌ فِيهِ سَترُ الْمنكب َلا وَاجِبٌ ؛ لأَنَّهُ غَيْر عَورَةٍ ، والحديثُ : « لا يُصَلِّيَن أَحَدكُمْ في ثَوْبٍ لَيْس عَلَى عَاتِقِهِ مُنْهُ شَيْءٌ » عامٌ في الفَرضِ والنَّفلِ .
ومِنهَا : جوَاز النَّفْلِ فِي جَوْف الكَعبَةِ بخِلافِ الفَرضِ عَلَى الْمَذْهَب .
والصَّحِيحُ : عَدَمُ المنع أيضًا في الفَرضِ .
لأنَّ الحَدِيثَ الَّذِي احْتَجُّوا به عَلَى المنعِ غَيْرُ صَحِيحٍ .
فَبقِيَ الأَمرُ عَلَى الأَصْل .
ومِنهَا : أنَّ أوقَاتَ النَّهيِ خَاصةٌ بالنَّهيِ عَن النَّوَافِل دُوْن الفَرَائِضِ .
ومِنهَا : مَا قَالُوا بِجوَاز يَسِيرِ الشُّربِ فِي النَّفلِ دُونَ الفَرضِ .
ومِنهَا : أن مَن دَخَلَ في فَرضٍ وجب إِتمامُهُ ، وَلَم يَجزْ قَطْعه إلاّ لعُذرٍ بخلافِ النَّفلِ إلاّ الْحَجْ والعُمرَة .
وهذَا فَرقٌ عامٌّ بين الفُرُوضِ والنَّوافِلِ .
وَاعْلَمْ أَن هَذِه الْفُرُوق ، غيرُ الفُرُوقِ العَامَّةِ الْوَاقِعَة بين الفرائضِ وَالنَّوَافِل مِن :
- تَعيُّنِ الفُرُوضِ والإِثمِ والعقوبةِ عَلَى تارِكِهَا لغير عُذرٍ .
- وتقدّمِهَا عِندَ المزاحمَةِ .
- وَعِظَم أَجْرِهَا أو رفعَةِ درجاتِهَا .
فإن هَذَا مَعْلُوم ، من حَدِّ الفَرضِ وحدُّ النَّفلِ ، لا يُحْتَاجُ إلَى ذِكرِه في المسَائِلِ المعينةِ ، وإنما يُذكَرُ عِندَ الكَلامِ عَلَى الأُمُورِ الكُلِّيَّةِ العَامَّةِ.
● السؤال العشرون
مَا هي العَوْرَةُ الَّتي يَجِبُ سَترُهَا ؟
● الجواب
لِلعَوِرَةِ إطلاقٌ في بَاب سُترَةِ الصَّلاةِ ، وإطلاقٌ في بَابِ تحريمِ النَّظرِ .
والحكمُ فيهمَا مُتَفَاوِتٌ :
أَمَّا العَوِرَةُ في بَاب سَترَةِ الصَّلاةِ :
فمنها : مخففَةٌ : وهِي عَوْرَة ابن سبعِ سنين إِلَى تمامِ العَشْرِ.
فلا يَجب أَن يَسْتُرَ في الصَّلاةِ إلاّ الْفَرْجَيْنِ فقط .
ومِنهَا : مغلَّظة : وهِيَ عَوْرَةُ الحرَّةِ البالِغَةِ .
فَكُلُّهَا عَوْرَةٌ في الصَّلاةِ إلاّ وَجْههَا وَفي كَفيهَا وَقَدَمَيهَا عَن أَحمد روايتان ، المشهورُ وُجُوب سَتْرِهِمَا.
ومنها مُتَوَسَّطَة : وَهُوَ مَن عَدَا المذكُورَيْنِ .
فيَدخُلُ فِيهُ:
- عَورَةُ الأَمَةِ ، وإِنْ كَانَتْ بَالِغَة .
- والحرَّةِ غَيرِ البَالغَةِ .
- والرَّجُلِ البَالِغِ .
- وابنِ عَشْرٍ إِلَى البُلُوغِ من حُر وعَبدٍ .
فَكُلُّ هَؤلاءِ عَوْرَتهمْ في الصَّلاةِ : من السُّرَّةِ إِلَى الركبَةِ .
وأَقل مجزي في ذَلِكَ : مَا يَستُرُ بشرَةَ البَدَنِ .
وَلابدَّ أَن يُكون السَّاتِرُ مُبَاحاً .
وسيأتي إِنَّ شاءَ اللَّهُ : تفصيلُ الثِّيَابِ المبَاحَةِ مِنَ المحرَّمَةِ في غَيرِ هَذَا السُّؤَال وَالجواب .
وثم قِسمٌ آخِر : وَهُوَ أَنَّهُ يَجِب سَترُ جَمِيعِ بَدنِ الميِّت بِثَوبٍ لا يَصِفُ البَشرَةَ صَغِيرًا كان الميتُ أَو كَبِيرًا أَو ذَكرًا أَو أُنثَى .
الحالُ الثَّانَيْ : عورة في باب النَّظرِ :
وَهُوَ النَّطرُ إِلَى ما ورَاءَ الثِّيابِ مِن بَدَنِ الإنسَانِ .
فَهُوَ أيضًا ثلاثَةُ أَقسَامٍ :
1- شَدِيدٌ : وَهُوَ نَظَر الرَّجلِ البَالِغِ ذِي الشَّهوَةِ لِلْحُرَّةِ البَالِغَةِ الأَجنبيَّةِ غير الْقَوَاعِد فيحرُم إِلَى شيءٍ من بَدنِهَا لا وَجهِهَا وَلا يَدَيهَا وَلا قدمَيهَا وَلا شَعرِهَا المتَّصِل لِغَيرِ حَاجَةٍ .
2- وخَفِيفٌ : وهو نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى زَوجَتِهِ وَسَرِيَّته ونَظَرُهَا إِلَيْهِ .
فَيجَوز لِكُلّ : نظرَ جَميعِ بَدنِ الآَخِر .
وكذَلِكَ نَظر عَوْرَة مَن دَوْن سَبعِ سنين .
وتسميةُ هَذَا النَّوْع عَورَةً تَجُوزُ لأجلِ التَّقْسِيم .
3- ونَوعٌ مُتَوَسَّط : وهو :
- نَظَر الرَّجْل إِلَى الرَّجُلِ .
- وَنَظْر المرأَةِ للرَّجُلِ وللمَرأَةِ .
- ونظَره لَذَوَات محارِمهُ ، نَسبًا ، ورِضاعَا ، وصِهرًا .
- وَالنَّظْر لحاجَةِ خِطبة ، ومُعَاملةٍ ، وَنظَر الأَمَةِ .
فيجوز من ذلك : ما جَرَتْ بهِ العادة وما احْتِيجَ إِلَيْهِ .
وَشَرْط هَذَا : أن لا يكون مَعَه شَهْوَة .
فإن كَانَ : لم يَجُزْ .
ومِثلُهُ: النَّظر للاضْطِرَار : كَنَظر الطَّبِيب ، وَالْمُنْقِذ مِن مَهلكَةٍ ، وَنحوِ ذَلِكَ: فهَذَا يجوز ؛ لما يحتَاجُ إِلَيْهِ ، واللَّهُ أَعْلَم.
● السؤال الحادى والعشرون
مَا الفَارقُ بين الثِّيَابِ المبَاحَةِ من المحرَّمَةِ ؟ وَاذَا كَانَ مُحرَّمًا فهل تصحّ به الصَّلاة أَمْ لا ؟
● الجواب
الأَصلُ في الثِّيابِ وَاللِّباسِ : الإِبَاحَة .
* قال اللهُ تَعَالَى : ? قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ? [الأعراف : 32 ] .
فَأنْكَرَ عَلَى مَنِ حَرَّمَ اللِّبَاسَ وَالْمَطَاعِم وَالْمَشَارِب ، الَّتي أخرَجَهَا لعبادِه نعمةً مِنهُ ورَحْمة ، فدلّ عَلَى : أن أَصلَهَا الإِباحةُ ، حتَّى يأتي مِنَ الشرعِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ .
ودَخَلَ فِي هَذَا الأَصْلِ : جَمِيعُ ما تُتخَذ مِنْهُ الأَكْسِيَة من أَيِّ نَوْع كَانَ فَهُوَ مُبَاحٌ ، وَلَم يُحرِّمِ الشَّارِعُ إلاّ أشياءَ مَخْصُوصَة ترجِعُ إِلَى دَفْعِ الضَّرَرِ وَحِفْظِ العِبَادِ في دِينهِم ومَعَاشِهِم .
وَالْمُحرَّم مِنَ اللبَاس:
إِمَّا لَمَكْسَبه الخَبِيثِ ، كَالْمَغْصُوبِ ونَحوِه ، فهذا تَحرِيمُه عام للذُّكُورِ والإناثِ ؛ لاشتراكِ الجَمِيعِ في المعنَى الَّذي حُرِّمَ لأَجْله .
وإِمَّا مُحَرَّمٌ لَهَيئَته الْمُشْتَمِلَة على مَفْسَدَةٍ ، فَكَذَلِكَ هَذَا مُحَرَّمٌ عَلَى الصِّنفَينِ فيدخلُ فيهِ:
- اللبَاسُ الَّذِي يَحصُلُ فيهِ التَّشَبُّه الخَاصُّ بِالْكَفَّارِ .
- وتشبُّه الرِّجَال بِلِبَاس النِّسَاءِ الخَاصِّ بهن .
- وكذَلِكَ تَشَبُّه النِّسَاء بِلِبَاسِ الرجَالِ الخَاصِّ بِهِم .
فَهَذَا النَّوعُ الحكم فِيهِ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ .
فمتى وُجِدَ الشَّبَه الْمَحْذُور ؛ فالحكمُ بقَاءُ المحظُورِ ، ومتَى زَالَ زَالَ .
ومِنْ هَذَا النَّوْع :
- اللباسُ الَّذِي فَيِهِ صُور الْحَيَوَانَات .
- ولباسُ الفَخرِ والخيلاءِ .
فَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى الرجَالِ وَالنِّسَاء .
ومِنَ اللباسِ مَا يكون محرَّماً عَلَى الرجَالِ محلَّلاً لَلنِّسَاء ، وذلك كـ :
- الذَّهْب وَالْفِضَة .
- وأكْسِيَةِ الحَرِيرِ الخَالِصَةِ.
- أَوِ التي غَالِبُهَا حَرِيرٌ ، أَوْ فِيهَا أَكثرُ مِنْ أَربعِ أَصَابعِ مِنَ الحرِيرِ .
وَيُستَثنَى مِن هَذَا للرَّجُلِ :
- مَا دَوْن أرْبَع أصَابع من الحَرِيرِ ، أَوْ أَربع فَقَط .
- وَاسْتِعْمَاله في الحربِ
- أَوْ لمرضٍ مِنْ حكَّة وَنَحْوهَا .
- وكذَلِكَ : كسوةُ الكعبَةِ والمصحَفِ بِالْحَرِيرِ ، كُلُّ هَذا جَائِزٌ .
وأَمَّا تحريم الأَكسيَةِ النَّجِسَةِ كَجُلُود السِّبَاعِ : فهذا من بَاب وُجُوبِ تَجَنُّبِ الْخَبَائِث كُلِّهَا في كُلِّ شيءٍ .
وأَمَّا صحةُ الصَّلاة وَعَدَمُهَا في الثَّوبِ المحرَّمِ المتعلِّقُ بِسَترِ العَوْرَةِ :
فَإِنَّها لا تَصِحُّ بِهِ الِْصْلاة فَرْضًا وَلا نَفْلاً إلاّ مَعْذُورًا بِجَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ .
وكذلك المضطر ، فإِنَّ كلَّ مَعْذُورٍ إِذَا فَعَلَ مَحْظُورًا في العبَادَةِ فعبَادَتُه غَيْر فَاسِدَةٍ ، كما أنَّه غَيْرُ آثمٍ.
كتاب: إرشاد أولى البصائر والألباب
لنيل الفقة بأيسر الطرق والاسباب
تأليف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي
منتدى ميراث الرسول ـ البوابة