منتدى نافذة ثقافية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الحديث الخامس والعشرون

    بص وطل
    بص وطل
    Admin


    عدد المساهمات : 2283
    تاريخ التسجيل : 29/04/2014

    الحديث الخامس والعشرون Empty الحديث الخامس والعشرون

    مُساهمة من طرف بص وطل الجمعة يناير 11, 2019 8:28 pm

    الحديث الخامس والعشرون Game10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الحديث الشريف
    جامع العلوم والحكم
    الحديث الخامس والعشرون 1410
    ● [ الحديث الخامس والعشرون ] ●

    عَنْ أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - : أنَّ ناساً مِنْ أصْحَابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالُوا لِلنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - :
    يا رَسُولَ اللهِ ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بالأجورِ ، يُصلُّونَ كَما نُصَلِّي ، ويَصومُونَ كَمَا نَصُومُ ، ويتَصدَّقُونَ بفُضُولِ أموالِهمْ ، قال : ( أوليسَ قد جعلَ اللهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ ؟ إنَّ بكُلِّ تَسبيحةٍ صَدقةً ، وكُلِّ تَكبيرةٍ صَدقَةً ، وكُلِّ تَحْمِيدةٍ صَدقةً ، وكُلِّ تَهْليلَةٍ صدقةً ، وأمْرٌ بِالمَعْروفِ صَدقَةٌ ، ونَهْيٌ عَنْ مُنكَرٍ صَدقَةٌ ، وفي بُضْعِ أحَدِكُم صَدقَةٌ ) . قالوا : يا رسولَ الله ، أيأتِي أحدُنا شَهْوَتَهُ ويكونُ لهُ فيها أجْرٌ ؟ قال : ( أرأيتُمْ لَوْ وَضَعَها في حَرَامٍ ، أكانَ عليهِ وِزْرٌ . فكذلك إذا وضَعَها في الحلالِ كانَ لهُ أَجْرٌ ).
    رَواهُ مُسلمٌ(1) .

    الشرح
    هذا الحديث خرَّجه مسلم من رواية يحيى بن يعمر ، عن أبي الأسود الديلي ، عن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - ، وقد روي معناه عن أبي ذرٍّ من وجوهٍ كثيرةٍ بزيادةٍ ونقصانٍ ، وسنذكر بعضها فيما بعد إنْ شاء الله تعالى .
    __________
    (1) أخرجه : مسلم 2/158 ( 720 ) ( 84 ) و3/82 ( 1006 ) ( 53 ) .
    وأخرجه : أحمد 5/167 و168 ، والبخاري في " الأدب المفرد " ( 227 ) ، وأبو داود ( 5243 ) و( 5244 ) ، والبزار ( 3917 ) ، وابن حبان ( 838 ) ، والبغوي في ( 1644 ) من طرق عن يحيى بن يعمر ، عن أبي الأسود ، عن أبي ذر - رضي الله عنه - ، به .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وفي هذا الحديث دليلٌ على أنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - لِشدَّةِ حرصهم على الأعمال الصالحة ، وقوة رغبتهم في الخير كانوا يحزنون على ما يتعذر عليهم فعلُه من الخير ممَّا يقدر عليه غيرهم ، فكان الفقراء يَحزَنُونَ على فواتِ الصَّدقة بالأموال التي يَقدِرُ عليها الأغنياء، ويحزنون على التخلُّف عن الخروجِ في الجهاد ؛ لعدم القدرة على آلته، وقد أخبر الله عنهم بذلك في كتابه ، فقال : { وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ } (1).
    وفي هذا الحديث : أنَّ الفقراء غَبَطوا أهل الدُّثور - والدُّثور : هي الأموال(2) - بما يحصُلُ لهم مِنْ أجرِ الصدقة بأموالهم ، فدلَّهمُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على صدقاتٍ يقدِرُون عليها .
    __________
    (1) التوبة : 92 .
    (2) انظر : النهاية 2/100 .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وفي " الصحيحين " (1) عن أبي صالحٍ ، عن أبي هريرة : أنَّ فقراءَ المهاجرين أتَوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : ذَهَبَ أهلُ الدُّثورِ بالدرجات العُلى والنعيمِ المقيمِ ، فقال : ( وما ذاك ؟ ) قالوا : يُصلُّون كما نُصلِّي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق ، ويَعتِقون ولا نَعتِق ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أفلا أُعَلِّمُكم شيئاً تُدرِكُونَ به مَنْ قد سَبَقَكُم ، وتسبِقونَ به من بَعدكم ، ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم إلا مَنْ صنع مثل ما صنعتم ؟ قالوا : بلى يا رسولَ الله ، قال : ( تُسبِّحونَ وتُكبِّرونَ وتحمَدُونَ دُبُرَ كلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين مرَّة ) ، قال أبو صالح : فرجع فقراءُ المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : سمع إخواننا أهلُ الأموالِ بما فعلنا ففعلوا مثله ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : { ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ } (2).
    وقد روي نحو هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة منهم : علي(3) ، وأبو ذر(4) ، وأبو الدرداء(5) ، وابن عمر(6) ، وابن عباس(7) ، وغيرهم .
    __________
    (1) صحيح البخاري 1/213 ( 843 ) و8/89 ( 6329 ) ، وصحيح مسلم 2/97 ( 595 ) ( 142 ) و( 143 ) من طريق أبي صالح ، عن أبي هريرة ، به .
    (2) المائدة : 54 .
    (3) أخرجه : البخاري 4/102 ( 3113 ) ، ومسلم 8/84 ( 2727 ) ( 80 ) .
    (4) أخرجه : أحمد 5/154 ، والبخاري في " الأدب المفرد " ( 891 ) ، والترمذي ( 1956 ) ، والبزار ( 4070 ) .
    (5) أخرجه : عبد الرزاق ( 3187 ) ، وابن أبي شيبة ( 29267 ) ، وأحمد 6/446 ، والبزار ( 3095 ) ، والنسائي في " الكبرى " ( 9976 ) و( 9977 ) .
    (6) ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/101 ، وقال : ( رواه البزار ، وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف ) .
    (7) لم أقف على رواية ابن عباس .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    ومعنى هذا أنَّ الفقراء ظنُّوا أنْ لا صدقةَ إلاَّ بالمال ، وهم عاجزون عن ذلك ، فأخبرهُم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ جميعَ أنواع فعلِ المعروف والإحسّان صدقة . وفي " صحيح مسلم "(1) عن حذيفة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( كلُّ معروفٍ صدقةٌ ) . وخرَّجه البخاري(2) من حديث جابرٍ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - . فالصدقة تُطلق على جميع أنواع فعل المعروف والإحسّان ، حتَّى إنَّ فضل الله الواصل منه إلى عباده صدقة منه عليهم . وقد كان بعضُ السَّلف يُنكر ذلك ، ويقول : إنَّما الصَّدقةُ ممَّن يطلُبُ جزاءها وأجرَها ، والصَّحيحُ خلافُ ذلك ، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قصر الصَّلاة في السفر : ( صدقةٌ تصدَّقَ اللهُ بها عليكم ، فاقبلوا صدقتَه ) خرَّجه مسلم(3) ، وقال : من كانت له صلاةٌ بليلٍ ، فغلب عليه نومٌ فنام عنها ، كتب الله له أجرَ صلاتِه ، وكان نومُه صدقةً مِنَ الله تصدَّق بها عليه ) . خرَّجه النَّسائي وغيرُه من حديث عائشة(4) ، وخرَّجه ابن ماجه من حديث أبي الدرداء (5).
    __________
    (1) الصحيح 3/82 ( 1005 ) ( 52 ) .
    (2) صحيح البخاري 8/13 ( 6021 ) .
    (3) في " صحيحه " 2/143 ( 686 ) ( 4 ) .
    (4) أخرجه : النسائي 3/257 و258 وفي " الكبرى " ، له ( 1457 ) و( 1458 ) .
    وأخرجه : مالك في " الموطأ " ( 307 ) برواية يحيى الليثي ، وأبو داود ( 1314 ) ، والبيهقي 3/15 ، وابن عبد البر في " التمهيد " 12/261 من حديث عائشة ، به.
    (5) في سننه ( 1344 ) .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وفي " مسندي "(1) بقي بن مخلد والبزار من حديث أبي ذرٍّ مرفوعاً : ( ما من يومٍ ولا ليلةٍ ولا ساعةٍ إلاَّ لله فيها صدقة يَمُنُّ بها على مَنْ يشاءُ مِنْ عباده ، وما منَّ الله على عبدٍ مثلَ أنْ يُلهِمَهُ ذكره ) .
    وقال خالدُ بن معدان : إنَّ الله يتصدَّقُ كلَّ يوم بصدقة ، وما تصدَّق الله على أحدٍ من خلقِه بشيءٍ خيرٍ من أنْ يتصدَّق عليه بذكره(2) .
    والصدقة بغير المال نوعان :
    أحدهما : ما فيه تعدية الإحسّان إلى الخلق ، فيكون صدقةً عليهم ، وربما كان أفضلَ من الصدقة بالمال ، وهذا كالأمر بالمعروف ، والنَّهي عن المنكر ، فإنَّه دُعاءٌ إلى طاعة الله ، وكفٌّ عن معاصيه ، وذلك خيرٌ من النَّفع بالمال ، وكذلك تعليمُ العلم النافع ، وإقراءُ القرآن ، وإزالةُ الأذى عن الطريق ، والسعيُ في جلب النفع للناس ، ودفعُ الأذى عنهم ، وكذلك الدُّعاءُ للمسلمين والاستغفارُ لهم .
    وخرَّج ابنُ مردويه بإسنادٍ فيه ضعفٌ عن ابن عمر مرفوعاً : ( مَنْ كانَ له مالٌ ، فليتصدَّق من ماله ، ومن كان له قوَّةٌ ، فليتصدَّق من قوَّته ، ومن كان له عِلمٌ ، فليتصدَّق من عِلْمِه ) ولعله موقوف(3) .
    وخرَّج الطبراني(4)
    __________
    (1) أخرجه : البزار في " مسنده " ( 3890 ) ، وهو في " كشف الأستار " ( 694 ) ، والحديث ضعفه أبو حاتم الرازي كما في " العلل " لابنه ( 370 ) .
    (2) أخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 9/18 .
    (3) أخرجه : هناد في " الزهد " ( 1083 ) عن زيد بن أسلم ، به ، مرفوعاً ، وهو ضعيف لإرساله ، وفي بعض رجال إسناده مقال .
    (4) في " الكبير " ( 6962 ) ، وضعفه بسبب أبي بكر الهذلي . انظر : تهذيب الكمال 8/265 ( 7863 ) .
    ... وأخرجه : الطبراني في " مكارم الأخلاق " (131 ) ، والقضاعي في " مسند الشهاب "
    ( 1279 ) .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    بإسنادٍ فيه ضعفٌ عن سَمُرَة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : ( أفضلُ الصدقة اللسانُ ) قيل : يا رسول الله ، وما صدقةُ اللسان ؟ قال : ( الشفاعةُ تَفُكُّ بها الأسيرَ ، وتحقِنُ بها الدَّم ، وتَجُرُّ بها المعروف والإحسّان إلى أخيك ، وتدفع عنه الكريهة ) .
    وقال عمرو بنُ دينار : بلغنا أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ما مِنْ صدقةٍ أحبَّ إلى الله من قولٍ ، ألم تسمع إلى قوله تعالى : { قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً } (1) خرَّجه ابن أبي حاتم(2) .
    وفي مراسيل الحسن(3) ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ مِنَ الصَّدقة أنْ تسلِّم على النَّاس وأنت طليق الوجه ) . خرَّجه ابن أبي الدُّنيا .
    وقال معاذ : تعليمُ العلم لمن لا يعلمه صدقةٌ ، وروي مرفوعاً(4) .
    __________
    (1) البقرة : 263 .
    (2) في " تفسيره " ( 2734 ) عن معقل بن عبيد الله ، عن عمرو بن دينار ، به .
    (3) والمرسل هو أحد أقسام الضعيف .
    (4) هو في " مسند الربيع بن حبيب " ( 22 ) عن جابر بن زيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
    ( تعلموا العلم فإنَّ تعلمه قربة إلى الله عز وجل ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وإنَّ العلم لينزل بصاحبه في موضع الشرف والرفعة ، والعلم زين لأهله في الدنيا والآخرة …) على أنَّ هذا الكتاب غير ثابت عن مؤلفه فهو ملصق عليه ، بل جزم بعض الأفاضل من عصرنا أنَّ هذه الشخصية غير موجودة ، ولم تلد الأرحام هذا الرجل .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    ومن أنواع الصدقة : كفُّ الأذى عن النَّاسِ ، ففي " الصحيحين "(1) عن أبي ذرٍّ قال : قلت : يا رسول الله أيُّ الأعمال أفضل ؟ قال : ( الإيمانُ والجهادُ في سبيله ) ، قلت : فأيُّ الرِّقاب أفضلُ ؟ قال : ( أنفسُها عندَ أهلها وأكثرها ثمناً ) قلت: فإنْ لم أفعل ؟ قال: ( تُعين صانعاً ، وتصنع لأخرقَ ) . قلتُ : يا رسولَ الله ، أرأيتَ إنْ ضَعُفْتُ عن بعض العمل ؟ قالَ : ( تكفُّ شرَّك عَن النَّاس ، فإنَّها صدقةٌ ) .
    وقد رُوِيَ في حديث أبي ذرٍّ زياداتٌ أخرى ، فخرَّج الترمذي(2) من حديث أبي ذرٍّ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : ( تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقةٌ، وأمرُك بالمعروف، ونهيُك عن المنكر صدقةٌ ، وإرشادُك الرَّجُلَ في أرض الضَّلال لك صدقةٌ ، وإماطتُك الحجرَ والشَّوكَ والعظمَ عن الطَّريق لك صدقةٌ ، وإفراغُكَ من دلوِكَ في دلوِ أخيكَ لك صدقة ) .
    وخرَّج ابن حبَّان في " صحيحه "(3) من حديث أبي ذرٍّ : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لَيْسَ من نفسِ ابنِ آدم إلاَّ عليها صدقةٌ في كلِّ يوم طلعت فيه الشَّمسُ ) . قيل : يا رسول الله ، ومن أين لنا صدقة نتصدَّقُ بها ؟ قالَ : ( إنَّ أبواب الخير لكثيرةٌ : التسبيحُ ، والتكبير ، والتحميد ، والتهليل ، والأمر بالمعروف ، والنَّهيُ عن المنكرِ ، وتميطُ الأذى عن الطَّريقِ ، وتُسمعُ الأصمَّ ، وتهدي الأعمى ، وتدُلُّ المستَدِلَّ على حاجته ، وتسعى بشدَّةِ ساقيكَ مع اللَّهفان المستغيثِ ، وتحمِلُ بشدّةِ ذراعيكَ مع الضَّعيف ، فهذا كُلُّه صدقةٌ منكَ على نفسك ) .
    __________
    (1) صحيح البخاري 3/188 ( 2518 ) ، وصحيح مسلم 1/62 ( 84 ) ( 136 ) .
    (2) في " الجامع الكبير " ( 1956 ) .
    (3) الإحسان ( 3377 ) ، وهو حديث صحيح .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وخرَّج الإمام أحمد(1) من حديث أبي ذرٍّ قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، ذهبَ الأغنياءُ بالأجر ، يتصدَّقون ولا نتصدَّق ، قال : ( وأنت فيك صدقةٌ : رفعُك العظمَ عِنِ الطَّريقِ صَدقةٌ، وهدايتُكَ الطَّريقَ صدقةٌ ، وعونُكَ الضَّعيفَ بفضلِ قوَّتك صدقةٌ، وبيانُك عن الأغتَم صدقةٌ ، ومباضعتُك امرأتَك صدقةٌ ) ، قلت : يا رسول الله ، نأتي شهوتنا ونؤجر ؟! قالَ : ( أرأيت لو جعله في حرامٍ ، أكان يأثَمُ ؟ ) قالَ : قلتُ : نعم ، قالَ : ( أفتحتسبون بالشرِّ ولا تحتسبون بالخير ؟ ) وفي روايةٍ أخرى ، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ فيك صدقةً كثيرةً ، فذكر فضلَ سمعك وفضل بصرك ) وفي روايةٍ أخرى للإمام أحمد(2) : قال : ( إنَّ من أبواب الصدقةِ التَّكبير ، وسبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، وأستغفر الله ، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وتَعْزِلُ الشوكةَ عَنْ طريق الناس والعظم والحجر ، وتهدي الأعمى ، وتُسمع الأصمَّ والأبكم حتّى يفقَه ، وتدلُّ المستدلَّ على حاجةٍ له قد علمتَ مكانَها ، وتسعى بشدَّةِ ساقيك إلى اللَّهفان المستغيثِ ، وترفَعُ بشدَّة ذراعَيْكَ مَعَ الضَّعيف ، كلُّ ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ، ولك في جماعِكَ زوجتك أجرٌ ) ، قلتُ : كيف يكونُ لي أجرٌ في شهوتي ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أرأيت لو كان لك ولدٌ ، فأدرك ورجوتَ خيرَه ، فمات ، أكنت تحتسب به ؟ قلت : نعم ، قال : فأنت خلقته ؟ قلت : بل الله خلقَه ، قال : فأنت هديته ؟ قلت : بل الله هداه ، قال : فأنت كنت ترزُقُه ؟ قلت : بل الله كان يرزُقُه ، قال : كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه ، فإنْ شاء الله أحياه ، وإنْ شاءَ أماته ، ولك أجر ) .
    __________
    (1) في " مسنده " 5/154 ، وإسناده منقطع إلا أنَّ متن الحديث صحيح .
    (2) سبق تخريجه .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وظاهرُ هذا السياق يقتضي أنَّه يُؤْجَرُ على جِماعِه لأهله بنيَّةِ طلب الولد الذي يترتَّبُ الأجر على تربيته وتأديبه في حياته ، ويحتسبه عند موته ، وأمَّا إذا لم يَنْوِ شيئاً بقضاءِ شهوته ، فهذا قد تنازع النَّاسُ في دخوله في هذا الحديث(1) .
    وقد صحَّ الحديث بأنَّ نفقة الرجل على أهله صدقة ، ففي " الصحيحين "(2)
    عن أبي مسعود الأنصاري ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( نفقةُ الرجل على أهله صدقةٌ ) . وفي روايةٍ لمسلم : ( وهو يحتسبها ) ، وفي لفظٍ للبخاري : ( إذا أنفقَ الرجلُ على أهله وهو يحتسبها ، فهو له صدقة ) ، فدل على أنّه إنَّما يؤجرُ فيها إذا احتسبها عند الله كما في حديث سعد بن أبي وقاص ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّك لن تُنفِقَ
    نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلاَّ أُجِرْتَ عليها ، حتَّى اللُّقمة ترفعُها إلى في امرأتك ) خرَّجاه(3).
    __________
    (1) قال النووي - رحمه الله - : ( وفي هذا دليل على أنَّ المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات ، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به ، أو طلب ولد صالح ، أو إعفاف نفسه ، أو إعفاف الزوجة ، ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام ، أو الفكر فيه ، أو الهم به ، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة ) . شرح صحيح مسلم 4/100 .
    (2) صحيح البخاري 1/21 ( 55 ) و5/105 ( 4006 ) و7/80 ( 5351 ) ، وصحيح مسلم 3/81 ( 1002 ) ( 48 ) .
    (3) أخرجه : البخاري 4/3 ( 2742 ) و5/87 ( 3936 ) و5/225 ( 4409 ) و7/81 ( 5354 ) ، ومسلم 5/71 ( 1628 ) ( 5 ) .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وفي " صحيح مسلم "(1) عن ثوبان ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( أفضلُ الدنانير دينارٌ ينفقُه الرَّجُل على عيالِه ، ودينارٌ ينفقه على فرسٍ في سبيل الله ، ودينارٌ ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله ) قال أبو قِلابة عند رواية هذا الحديث : بدأ بالعيال ، وأيُّ رجلٍ أعظمُ أجراً من رجلٍ ينفقُ على عيالٍ له صغار يُعِفُّهم الله به ، ويُغنيهم الله به .
    وفيه أيضاً (2) عن سعد ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ نفقتك على عيالِكَ صدقة ، وإنَّ ما تأكلُ امرأتُك من مالك صدقة ) . وهذا قد ورد مقيداً في الرواية الأخرى بابتغاء وجه الله . وفي " صحيح مسلم "(3) عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( دينار أنفقتَه في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدَّقت به على مسكينٍ ، ودينارٌ أنفقته على أهلك ، أفضلُها الدِّينارُ الذي أنفقته على أهلك ) .
    وخرَّج الإمام أحمد(4) ، وابن حبان في " صحيحه "(5) من حديث أبي هُريرة قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ( تصدَّقُوا ) ، فقال رجلٌ : عندي دينار ، فقال : ( تصدَّق به على نفسك ) قال : عندي دينارٌ آخر ، قال : ( تصدَّق به على زوجتك ) ، قال : عندي دينارٌ آخر ، قال : ( تصدَّق به على وَلَدِكَ ) ، قال : عندي دينارٌ آخرُ ، قال : ( تصدَّقْ به على خادمك ) ، قال : عندي دينارٌ آخر ، قال : ( أنت أبصرُ ) .
    __________
    (1) الصحيح 3/78 ( 994 ) ( 38 ) .
    (2) صحيح مسلم 5/72 ( 1628 ) ( 8 ) .
    (3) الصحيح 3/78 ( 995 ) ( 39 ) .
    (4) في " مسنده " 2/251 و471 و524 ، وهو حديث قويٌّ .
    (5) الإحسان ( 3337 ) و( 4233 ) و( 4235 ) .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وخرَّج الإمام أحمد(1) من حديث المقدام بن معدي كرب ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ما أَطْعَمْتَ نفسَك ، فهو لك صدقة ، وما أطعمت ولدكَ ، فهو لك صدقة ، وما أطعمت زوجتك ، فهو لك صدقة ، وما أطعمت خادمَك ، فهو لك صدقة ) وفي هذا المعنى أحاديثُ كثيرة يطول ذكرها .
    وفي " الصحيحين "(2) عن أنس ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ما مِنْ مسلمٍ يَغرسُ غَرْساً، أو يزرعُ زرعاً ، فيأكلُ منه إنسانٌ ، أو طيرٌ ، أو دابَّةٌ، إلا كان له صدقةٌ ) .
    وفي " صحيح مسلم "(3) عن جابر ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ما من مسلمٍ يغرسُ غَرْساً إلا كان ما أكلَ منه له صدقة ، وما سُرِقَ منه له صدقة ، وما أَكَلَ السَّبعُ منه فهو له صدقة ، وما أكلتِ الطَّير فهو له صدقةٌ ، ولا يرزؤُه أحدٌ إلا كان له صدقة ) . وفي روايةٍ له أيضاً : ( فيأكل منه إنسانٌ ، ولا دابةٌ ، ولا طائرٌ إلاَّ كان له صدقة إلى يوم القيامة ) .
    وفي " المسند " (4) بإسنادٍ ضعيف عن معاذ بن أنس الجُهني ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من بَنى بنياناً في غير ظلمٍ ولا اعتداءٍ ، أو غرس غِراساً في غيرِ ظلمٍ ولا اعتداءٍ ، كان له أجراً جارياً ما انتفع به أحدٌ من خلق الرحمان ) .
    __________
    (1) في " مسنده " 4/131 و132 ، وهو حديث قويٌّ .
    (2) صحيح البخاري 3/135 ( 2320 ) و8/12 ( 6012 ) ، وصحيح مسلم 5/28
    ( 1553 ) ( 12 ) .
    (3) الصحيح 5/27 – 28 ( 1552 ) ( 7 ) ( 8 ) ( 9 ) ( 10 ) ( 11 ) .
    (4) مسند الإمام أحمد 3/438 ، وسبب ضعفه ضعف ابن لهيعة وزبان بن فائد .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وذكر البخاري في " تاريخه "(1) من حديث جَابر مرفوعاً : ( مَنْ حَفَر ماءً لم تشرب منه كبد حرَّى من جنٍّ ولا إنسٍ ولا سَبُعٍ ولا طائرٍ إلا آجره الله يومَ القيامة ) .
    وظاهر هذه الأحاديث كلّها يدلُّ على أنَّ هذه الأشياء تكونُ صدقة يُثاب عليها الزارعُ والغارسُ ونحوهما من غير قصدٍ ولا نيةٍ ، وكذلك قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -
    : ( أرأيت لو وضعها في الحرام ، أكان عليه وِزْرٌ ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ ) يدلُّ بظاهره على أنَّه يُؤْجَرُ في إتيان أهله من غير نيَّةٍ ، فإنَّ المُباضِع لأهله كالزَّارع في الأرض الذي يحرث الأرض ويبذر فيها ، وقد ذهب إلى هذا طائفةٌ من العلماء ، ومال إليه أبو محمد بن قتيبة في الأكل والشُّرب والجماع ، واستدل بقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ( إنَّ المؤمنَ ليؤجَرُ في كلِّ شيءٍ حتَّى في اللُّقمة يرفعها إلى فيه )(2). وهذا اللَّفظ الذي استدلَّ به غيرُ معروف ، إنَّما المعروف قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لسعد: ( إنَّكَ لن تُنفِقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ اللهِ إلا أُجِرتَ عليها ، حتَّى اللُّقمة ترفعها إلى في امرأتك )(3) ، وهو مقيَّدٌ بإخلاص النية لله ، فتحمل الأحاديثُ المطلقة عليه ، والله أعلم .
    __________
    (1) التاريخ الكبير 1/314 ، وقد ساقه البخاري مبيناً الاختلاف فيه على عطاء بن رباح فساقه مرفوعاً ثم موقوفاً ثم ساقه من طريقه عن عائشة مرفوعاً بلفظ : ( من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة ) .
    (2) أخرجه : أحمد 1/177 ، والنسائي في " الكبرى " ( 10906 ) ، والطبراني في " الأوسط " ( 6123 ) من طريق العيزار بن حريث العبدي ، عن عمر بن سعد ، عن أبيه ، به ، وعمر بن سعد صدوق حسن الحديث فإسناد الحديث حسن إلا أنَّ ظاهر كلام ابن رجب إعلال المتن لتفرده بهذا اللفظ .
    (3) سبق تخريجه .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    ويدلُّ عليهِ أيضاً قولُ الله - عز وجل - : { لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } (1)، فجعل ذَلِكَ خيراً ، ولم يرتِّب عليهِ الأجرَ إلا مع نية الإخلاصِ . وأمَّا إذا فعله رياءً ، فإنَّه يُعاقب عليهِ ، وإنَّما مَحَلُّ التردُّد إذا فعله بغيرِ نيَّةٍ صالحةٍ ولا فاسدة . وقد قالَ أبو سليمان الداراني : من عَمِلَ عَمَلَ خيرٍ من غير نية كفاه نيَّة اختيارِه للإسلام على غيرِه منَ الأديان(2) ، وظاهر هذا أنَّه يُثاب عليهِ من غيرِ نيَّةٍ بالكلية ؛ لأنَّه بدخوله في الإسلام مختارٌ لأعمالِ الخيرِ في الجُملة ، فيثابُ على كُلِّ عَملٍ يعملُه منها بتلك النية ، والله أعلم .
    وقوله : ( أرأيت لو وضعها في الحرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال ، كان له أجر ) . هذا يُسمَّى عندَ الأصوليين قياسَ العكس ،
    ومنه قولُ ابن مسعودٍ ، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كلمةً وقلتُ أنا أخرى ، قال : ( من مات يُشرِكُ بالله شيئاً دخل النار ) ، وقلت : من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة(3) .
    __________
    (1) النساء : 114 .
    (2) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 9/271 .
    (3) أخرجه : أحمد 1/382 و425 ، والبخاري 2/90 ( 1238 ) ، وأبو يعلى ( 5198 ) ، وابن خزيمة : 359 – 360، وأبو عوانة ( 30 ) ، وابن منده في " الإيمان " ( 66 ) و( 67 ) و( 68 ) و( 69 ) و( 70 ) .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    والنَّوع الثاني من الصدقة التي ليست مالية : ما نفعُه قاصرٌ على فاعله ، كأنواع الذِّكر : مِنَ التَّكبير ، والتَّسبيح ، والتَّحميد ، والتَّهليل ، والاستغفار ، وكذلك المشيُ إلى المساجدِ صدقة ، ولم يذكر في شيء من الأحاديث الصَّلاة والصيام والحج والجهاد أنَّه صدقة ، وأكثرُ هذه الأعمال أفضلُ من الصَّدقات الماليَّة ؛ لأنَّه إنَّما ذكر ذلك جواباً لسؤالِ الفُقراء الَّذين سألوه عمَّا يُقاوم تطوَّع الأغنياء بأموالهم ، وأما الفرائض ، فقد كانوا كلهم مشتركين فيها .
    وقد تكاثرتِ النُّصوصُ بتفضيل الذكر على الصدقة بالمال وغيرها من الأعمال ، كما في حديث أبي الدرداء ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ألا أنبِّئُكُم بخيرِ أعمالكم ، وأزكاها عند مليكِكُم ، وأرفعِها في درجاتكم ، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والفضة ، وخيرٍ لكم منْ أنْ تَلْقَوا عدوَّكم ، فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ؟ ) قالوا : بلى يا رسول الله ، قالَ : ( ذكرُ اللهِ - عز وجل - ) . خرَّجه الإمام أحمد(1) والترمذي(2) ، وذكره مالك في " الموطأ "(3) موقوفاً على أبي الدرداء .
    __________
    (1) في " مسنده " 5/195 و6/447 .
    (2) في " الجامع الكبير " ( 3377 ) .
    (3) الموطأ ( 564 ) برواية الليثي ، والاختلاف في هذا الحديث لم يكن قاصراً على الاختلاف في الرفع والوقف ، بل روي موصولاً ومرسلاً بيان ذلك كله في كتابي " الجامع في العلل " يسر الله إتمامه وطبعه بمنه وكرمه .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وفي " الصحيحين " (1) عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( مَنْ قال : لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، له الملكُ ، وله الحمدُ ، يُحيي ويُميت ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ في يوم مئة مرَّة، كانت له عَدْلَ عشر رقاب ، وكُتبت له مئة حسنةٍ ، ومُحيت عنه مئة سيئةٍ ، وكانت له حِرْزاً من الشَّيطان يومَه ذلك حتَّى يُمسي ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ ممَّا جاءَ به إلاَّ أحدٌ عَمِلَ أكثرَ من ذلك ) .
    وفيهما(2) أيضاً عن أبي أيوبَ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، أنَّه قال : ( من قالها عشرَ مرَّاتٍ ، كان كمن أعتقَ أربعةَ أنفُسٍ مِنْ ولدِ إسماعيل ) .
    وخرَّج الإمام أحمد ، والترمذي من حديث أبي سعيدٍ : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ : أيُّ العباد أفضلُ درجة عندَ الله يومَ القيامة ؟ قال : ( الذاكرون الله كثيراً ) قلتُ : يا رسولَ الله ، ومِنَ الغازي في سبيل الله ؟ قال : ( لو ضرب بسيفه في الكُفَّار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دماً ، لكان الذاكرون لله أفضلَ منه درجةً )(3)
    __________
    (1) صحيح البخاري 4/153 ( 3293 ) و8/106 ( 6403 ) ، وصحيح مسلم 8/69 ( 2691 ) ( 28 ) .
    (2) أخرجه : البخاري 8/106 ( 6404 ) ، ومسلم 8/69 ( 2693 ) ( 30 ) .
    (3) أخرجه : أحمد 3/75 ، والترمذي ( 3376 ) .
    وأخرجه : أبو يعلى ( 1401 ) ، وابن عدي في " الكامل " 4/15 ، والبغوي ( 1246 )
    و( 1247 ) من طريق دراج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، به ، وهي رواية ضعيفة لذا قال الترمذي : ( هذا حديث غريب ، إنَّما نعرفه من حديث دراج ) .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    . ويُروى نحوه من حديث معاذ وجابر مرفوعاً ، والصوابُ وقفُه على معاذ من قوله (1) .
    وخرَّج الطبراني(2) من حديث أبي الوازع ، عن أبي بُردة ، عن أبي موسى ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( لو أنَّ رجلاً في حجره دراهمُ يقسِمُها ، وآخرَ يذكر الله ، كان الذاكر لله أفضلَ ) .
    قلت : الصحيحُ عن أبي الوازع ، عن أبي برزة الأسلمي من قوله . خرَّجه جعفر الفريابي(3) .
    وخرَّج أيضاً من حديث أنس ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( من كبَّرَ مئة ، وسبَّح مئة(4) ، وهلَّل مئة ، كانت خيراً له من عشر رقابٍ يَعْتِقُها ، ومن سبع بَدَناتٍ ينحَرها )(5) .
    __________
    (1) أخرجه : ابن أبي شيبة ( 29452 ) و( 35046 ) ، وأحمد 5/239 ، والطبراني في " الكبير " 20/( 352 ) وفي " الدعاء " ، له ( 1658 ) ، وابن عبد البر في " التمهيد " 6/57 من طريق معاذ ، مرفوعاً .
    وأخرجه عن معاذ موقوفاً : مالك في "الموطأ" ( 564 ) برواية يحيى الليثي ، والحاكم 1/496، والبيهقي في " الدعوات " ( 20 ) .
    وأخرجه عن جابر : الطبراني في " الأوسط " ( 2317 ) وفي " الصغير " ، له ( 201 ) .
    (2) في "الأوسط" ( 5969 ) ، وقال : ( لا يروى هذا الحديث عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد ، تفرد به : عمر بن موسى ) قلت : عمر بن موسى ضعيف ، قال عنه ابن عدي في " الكامل " 6/109 : ( ضعيف يسرق الحديث ويخالف في الأسانيد ) .
    (3) أخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 2/33 .
    (4) عبارة : ( وسبح مئة ) لم ترد في ( ص ) .
    (5) أخرجه : البخاري في" الأدب المفرد " ( 636 ) من طريق سلمة بن وردان ، عن أنس ، به ، وسلمة بن وردان ضعيف .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وخرَّج ابن أبي الدُّنيا بإسناده عن أبي الدرداء أنَّه قيل له : إنَّ رجلاً أعتق مئة نسمة ، فقال : إنَّ مئة نسمة من مالِ رجلٍ كثيرٌ ، وأفضلُ من ذلك إيمانٌ ملزومٌ بالليل والنَّهار ، وأنْ لا يزال لسانُ أحدكم رطباً من ذكر الله - عز وجل -(1).
    وعن أبي الدَّرداء أيضاً ، قال : لأن أقولَ : الله أكبرُ مئة مرة ، أحبُّ إلىَّ من أنْ أتصدَّق بمئة دينار(2) . وكذلك قال سلمان الفارسي وغيرُه من الصَّحابة والتابعين : إنَّ الذِّكرَ أفضلُ من الصَّدقة بعددِه من المال .
    __________
    (1) أخرجه : أبو عبد الرحمان الضبي في " الدعاء " 1/268 (91 ) من طريق ضرار بن مرة ، عن رجل من بني عبس ، عن أبي الدرداء ، به ، وإسناده ضعيف لجهالة الرجل من بني عبس .
    (2) أخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 6/180 عن أبي رجاء ، عن أبي الدرداء ، موقوفاً .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وخرَّج الإمامُ أحمد(1) والنَّسائي(2) من حديث أمِّ هانئ : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها : ( سَبِّحي الله مئة تسبيحة ، فإنَّها تَعدِلُ مئة رقبة من ولد إسماعيل ، واحمدي الله مئة تحميدة ، فإنَّها تَعدِلُ لكِ مئة فرس مُلجَمة مُسرَجة(3) تحملين عليهنَّ في سبيل الله ، وكبِّري الله مئة تكبيرة ، فإنَّها تعدِلُ لك مئة بَدَنة مقلَّدة مُتُقبَّلة ، وهلِّلي الله مئة تهليلة - لا أحسبه إلا قال : - تملأ ما بَيْنَ السماء والأرض ، ولا يُرفَع يومئذٍ لأحدٍ مثلُ عملك إلاَّ أنْ يأتيَ بمثل ما أتيت ) ، وخرَّجه أحمد(4) أيضاً وابنُ ماجه(5) ، وعندهما : ( وقولي : لا إله إلا الله مئة مرة ، لا تذر ذنباً ، ولا يسبقها العمل ) . وخرَّجه الترمذي(6) من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، بنحوه .
    وخرَّج الطبراني(7) من حديث ابن عباس مرفوعاً : قال : ( ما صَدقةٌ أفضلَ من ذكرِ الله - عز وجل - ) .
    __________
    (1) في " مسنده " 6/344 ، وإسناده ضعيف لضعف أبي صالح ، وهو باذام ، ويقال : باذان مولى أم هانئ ، لذا قال البخاري في " التاريخ الكبير " 2/254-255 : ( لا يصح ) .
    (2) في " الكبرى " ( 10680 ) .
    (3) سقطت من ( ص ) .
    (4) في " مسنده " 6/425 ، وإسناده ضعيف لضعف أبي معشر نجيح بن عبد الرحمان السندي .
    (5) في " سننه " ( 3797 ) ، وسنده ضعيف لضعف زكريا بن منظور ولجهالة حال شيخه محمد ابن عقبة .
    (6) في " الجامع الكبير " ( 3471 ) ، وقال : ( حسن غريب ) على أنَّ في سنده الضحاك بن حُمرْة ضعيف .
    (7) في " الأوسط " ( 7414 ) ، وفي إسناده محمد بن الليث أبو الصباح الهدادي راجع فيه " الثقات " 9/135 ، وقارن بـ " لسان الميزان " 7/468 .
    ● [ الصفحة التالية ] ●
    وخرَّج الفريابي بإسنادٍ فيه نظرٌ عن أبي أمامة مرفوعاً : ( من فاته الليلُ أنْ يُكابِدَه ، وبَخِل بماله أن ينفِقه ، وجَبُنَ مِنَ العدوِّ أنْ يُقاتِله ، فليكثر مِن سُبحان الله وبحمده ، فإنَّها أحبُّ إلى الله - عز وجل - مِنْ جبلِ ذهبٍ ، أو جبل فضَّةٍ يُنفقه في سبيل الله - عز وجل -(1) ) . وخرَّجه البزار(2) بإسنادٍ مُقارب من حديث ابن عباس مرفوعاً وقال في حديثه : ( فليكثر ذكر الله ) ولم يزِدْ على ذلك ، وفي المعنى أحاديثُ أُخَرُ متعدِّدةٌ .
    __________
    (1) أخرجه : الطبراني في " الكبير " ( 7877 ) من طريق الفريابي ، وهو حديث ضعيف بسبب علي بن يزيد الألهاني ، والراوي عنه عثمان بن أبي العاتكة . انظر : تهذيب الكمال 5/311 ( 4743 ) .
    (2) كما في " كشف الأستار " ( 3058 ) ، وإسناده ضعيف لضعف أبي يحيى القتات .
    ● [ تم شرح الحديث ] ●

    الحديث الخامس والعشرون Fasel10

    جامع العلوم والحكم
    لإبن رجب الحنبلي
    منتدى ميراث الرسول . البوابة
    الحديث الخامس والعشرون E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 10:19 pm