بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مختصر موسوعة المفاهيم العربية والإسلامية
الصادرة عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
حرف الجيم كاملآ وحرف الحاء حتى الحيل
مفهوم : الجاذبية
لغة: مصدر صناعى من جاذب ، وتعنى الحالة التى يجذب بها صاحبها غيره يقال: فلان له جاذبية، أى: يستميل غيره إليه.
اصطلاحا: تعنى قوة التجاذب بين شيئين.
ومن أنواعها:
- الجاذبية الكهربية: وهى القوة العاملة بين الأجسام المشحونة كهربيا وكان الفيزيائى الفرنسى " كولوم " أول من قام بقياسها فى سنة 1119هـ سنة1785م.
- الجاذبية التثاقلية: وهى بين أى جسمين ماديين ، وكان العالم الإنجليزى " إسحق نيوتن " هو الذى وضع صياغة قانون الجذب العام بين الأجسام المادية، وهو القانون الذى يفسر سقوط الأجسام نحو الأرض ، ويشرح حركة الكواكب حول الشمس.
وكان علماء الحضارة الإسلامية أول من قدموا أساسا مقبولا لتفسير السقوط الحر للأجسام تحت تأثير الجاذبية الأرضية، وقد بدا الحسن بن أحمد الهمدانى (ت 334هـ،945م) فى إرساء أول حقيقة علمية عن ظاهرة الجاذبية عندما تحدث عن الأرض قائلا: "... فمن كان تحتها (أى تحته الأرض عند نصفها الأسفل) فهو فى الثبات فى قامته كمن فوقها ، ومسقطه وقدمه إلى سطحها الأسفل كمسقطه إلى سطحها الأعلى، وكثبات قدمه عليها، فهى بمنزلة حجر المغناطيس الذى تجذب قواه الحديد من كل جانب ".
وأضاف علماء آخرون حقائق هامة عن المقذوفات من حيث إن حركتها إلى أعلى عند القذف تعاكس فعل الجاذبية الأرضية، وتحدثوا عن انجذاب الجسم إلى مجاوره الأبعد، مقتربين بذلك من المعنى الشمولى الذى توصل " نيوتن " إلى قانونه العام.
أ.د/ أحمد فؤاد باشا
مفهوم : الجامعة الإسلامية
اصطلاحا: هى عبارة عن دائرة انتماء عقائدى وحضارى وسياسى، نبعت وتنبع من التوحيد الإسلامى. والانتماء إلى الجامعة الإسلامية وإن اعترف واحترم واغتنى بالانتماءات الفرعية، إلا أنه لا يكتفى بها، ولا يقف عند حدودها كنهاية للمطاف ، وإنما يوظف هذه الانتماءات الفرعية.
وفي العصر الحديثه أصبح شعار " الجامعة الإسلامية " المظلة التى استظلت بها دعوات وحركات جمعتها مقاصد إنهاض المسلمين بالإسلام ، للخروج من مأزق التراجع الحضارى، ولمواجهة المد الاستعمارى الغربى مع التمايز فى سبل ووسائل هذا النهوض ، وذلك تبعا للملابسات الإقليمية والتوجهات المذهبية عند رواد هذه الحركات والدعوات ،مثل الدعوة الوهابية والدعوة السنوسية والدعوة والحركة المهدية والحزب الوطنى.وأوسع فصائل تيار الجامعة الاسلامية، كان ذلك الذى تبلور من حول جمال الدين الأفغانى والذى تأسس شعبيا وخاصة بين الصفوة والعلماء وقادة الرأى العام - ثم تحالف مع الدولة العثمانية - بقيادة السلطان عبد الحميد الثانى لنصرة الدعوة إلى الجامعة الإسلامية.
جمع هذا الاتجاه بين الأصول الإسلامية وبين التجديد ، وانطلق من مصر فى سبعينات القرن التاسع عشر إلى كل أنحاء العالم الإسلامى وتميزت دعوته ب:
1- الإصلاح الدينى: من منطلق العقلانية الإسلامية التى توازن بين " الرأى " و" الأثر ".
2- المحافظة على الدولة العثمانية ، باعتبارها الدولة الإسلامية الجامعة.
3- تجديد الصلات الحضارية مع الغرب واقتباس المناسب من حضارتها وعلومها ، من واقع التمايز الثقافى والاستقلال الحضارى.
4- تحرير ثروات العالم الإسلامى من النهب الاستعمارى والسيطرة الغربية.
واذا كانت التحديات ، واختلال موازين القوى، قد غالبت هذا " التيار الانقاذى " فحالت بينه وبين النجاح فى تجديد الدولة العثمانية إلا أن دعوته إلى الجامعة الإسلامية هى المظلة التى عملت فى ظلالها كل دعوات التجديد الإسلامى.
ففى مواجهة الأحزاب الوطنية التي وقفت بالوطن عند الإقليم ، وقنعت بالدولة القطرية وعلى خلاف الأحزاب القومية التى وقفت عند العرف واللغة مهملة الدائرة الحضارية الإسلامية، ظلت دعوات وحركات الجامعة الإسلامية على مناهجها الجامعة بين الوطنية والقومية فى إطار الجامعة.
وهكذا أصبحت تركز على قضايا التحرر الوطنى، ومحاربة التغريب الفكرى إلى جانب تجديد الفكر الإسلامى. وأصبح طريقها إلى الجامعة الإسلامية هو إقامة الدولة الإسلامية النموذج ، التى لا تقف مقاصدها عند الإقليم ، وإنما تسعى لتسلك الأقاليم الإسلامية فى "رابطة شعوب إسلامية" وذلك وصولا إلى إعادة الوحدة الإسلامية فى الجوامع الخمسة: العقيدة ، والشريعة ، والأمة ، والحضارة ، ودار الإسلام.
وكما طمحت دعوة الجامعة الإسلامية إلى إقامة الوحدة الإسلامية الجامعة لأقاليم عالم الإسلام ، فلقد حرصت على وحدة الأمة بالمعنى السياسى، على النحو الذى يجعل القوميات الإسلامية المتمايزة فى اللغات والطوائف الدينية -غير المسلمة- المتميزة فى الملل والشرائع ، لبنات فى بناء الأمة الواحدة.
فالجامعة الإسلامية هى رابطة أمة، بأقوامها المتعددة ومللها المتمايزة، وهى ليست نزعة دينية متعصبة ضد غير المسلمين ، سواء فى داخل الأوطان الإسلامية أو فى الغرب النصرانى، وإنما هى رابطة إسلامية لشعوب المدنية الإسلامية، تحتضن " التنوع " فى إطار جوامع الإسلام.
أ.د/ محمد عمارة
مفهوم : الجاهلية
لغة: مأخوذة من الفعل (جهل)، والجهل معناه: خلاف العلم.
يقول الراغب: الجهل على ثلاثة أضرب: الأول: خلو النفس من العلم ، الثانى: اعتقاد الشىء بخلاف ما هو عليه ، الثالث: فعل الشىء بخلاف ما حقه أن يفعل.
وقد وردت مشتقات الكلمة فى القرآن الكريم بمعنى:
1- الخلو من المعرفة، كقوله تعالى: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} البقرة:273.
2- الطيش والسفه ، كقوله تعالى: {قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون} يوسف:89.
3- بمعناها معا كقوله تعالى: {ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون} الأنعام:111.
اصطلاحا: اصطلح المؤرخون على أن لفظ الجاهلية قد يكون اسما للحال ، ومعناها الصفات المرذولة التى كانت عليها الأمة قبل الإسلام من الجهل بالله وبرسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر.. إلخ ، ومنه قول النبى صلى الله عليه وسلم لأبى ذر: (إنك امرؤ فيك جاهلية) (رواه البخارى) أى حال أو طريقة أو عادة جاهلية أو نحو ذلك.
وقد يكون اسما لذى الحال ، أى الزمان ،ومعناها: المدة التى كانت قبل نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيل: زمن الكفر مطلقا، وقيل: ما قبل الفتح ، وقيل ما كان بين مولد النبى والمبعث ،وبهذا قال ابن حجر، ومنه قوله تعالى: {يظنون بالله غيرالحق ظن الجاهلية} آل عمران:154 ، وذلك لما كان عليه العرب من فاحش الجهالات فى العقيدة والعبادة والتشريع والمعاملات والأخلاق التى انتقلت إليهم وشاعت بينهم وتأصلت فى نفوسهم حتى صارت دينا حل محل الحنيفية السمحة.
وعلى هذا نقول: طائفة جاهلية، وشاعر، جاهلى، نسبة إلى الجهل ، لأن من لم يعلم الحق فهو جاهل ، فإن اعتقد خلافه أو قال بخلاف الحق عالما به أو غيرعالم فهو جاهل ، كقوله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}الفرقان:63.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل) (رواه أبو داود). أى لا يعمل بعمل الجاهلية من السفه والغضب والأنفة والحمية والمفاخرة، ومنه قول عمرو بن كلثوم فى معلقته:
ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أى لا يسفه أحد علينا فنسفه عليه فوق سفهه ، أى نجازيه به جزاء يزيد عليه.
وكذلك من عمل بخلاف الحق فهو جاهل وإنما علم أنه مخالف للحق ، كما قال تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريبا} النساء:17 ، لأن العلم الحقيقى الراسخ فى القلب يمتنع أن يصدر عنه ما يخالفه من قول أو فعل ، فإن صدر ما يخالفه كان جهلا، وعلى ذلك كان الناس قبل البعثة النبوية فى جاهلية وكل ما يخالف ما جاء به المرسلون من أفعال اليهود والنصارى، وتلك كانت الجاهلية العامة.
أما بعد البعثة فقد مضى زمانها بمجىء الإسلام ، وإن بقيت أحوالها وعاداتها بين الإطلاق والتقييد. فالمطلقة قد تكون فى بلد دون بلد،كما هى فى غير ديار الإسلام ، وقد تكون فى بعض الأشخاص دون بعض ، كالرجل قبل أن يسلم وإن كان فى دار الإسلام.
والمقيدة قد تكون فى بعض ديار المسلمين وفى كثير من الأشخاص المسلمين ؛ لقول صلى الله عليه وسلم (أربع في أمتى من أمرالجاهلية لا يتركونهن الفخر بالأحساب ، والطعن فى الأنساب والاستسقاء بالنجوم ،والنياحة) رواه مسلم. فهذه كلها جاهلية، وهى من المعاصى التى لا يكفر صاحبها.
وقد اختلف المؤرخون فى تحديد الفترة الزمنية للجاهلية على أقوال ، منها أنها بين آدم ونوح ، أو بين نوح وإدريس ،أو بين موسى وعيسى، أو بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال هى الفترة بين كل نبيين ، والراجح أن الفترة الزمنية للجاهلية تبدأ من عصور ما قبل التاريخ ، وتنتهى بالبعثة النبوية فى القرن السابع الميلادى، وعلى هذا لا يصح مطلقا أن يوصف المجتمع المسلم بأنه جاهلى، بخلاف الأفراد، فإنه يمكن إطلاق لفظ الجاهلية على الشخص إن وقع فى فعل جاهلى.
أ.د/ خليفة حسن العسال
مفهوم : الجبر(علم)
الجبر هو أحد فروع علم الرياضيات ، وكان محمد بن موسى الخوارزمى أول من ألف فيه كتابا فى زمن الخليفة المأمون (198-218هـ) أسماه " الجبر والمقابلة "، وضع فيه أصول علم الجبر وقواعده ، وخرج به من نطاق الأمثلة المفردة إلى المعادلة العامة التى تسهل حل المسائل الحسابية المتشابهة طبقا لقاعدة معينة.
واصطلاحا: يعنى نقل الحدود السالبة من مكانها فى أحد طرفى المعادلة الجبرية إلى الطرف الآخر، أما المقابلة فتعنى حذف الحدود المتشابهة فى الطرفين.
وقد عرف الخوارزمى فى كتابه جميع عناصر المعادلة الرياضية الجبرية كما نفهمها اليوم ، فشرح معنى الحد المعلوم والمجهول والمطلق والعدد الأصم وفكرة الأس واللوغاريتمات والكميات السالبة والموجبة والتخيلية ومعادلات الدرجة الأولى والدرجة الثانية وطرق حلها، ثم انتقل بعد ذلك إلى الجانب العملى الخاص بتطبيقات الجبر فى الحياة العملية، وجعله كتابا مستقلا يشتمل على الكثيرمنها والقياس عليها فى مسائلهم المتعلقة بالمعاملات والوصايا والمواريث.
وأضاف علماء آخرون إلى علم الجبر، وزادوا فى أصوله ومسائله مثل أبى الوفاء البوزجانى، وشجاع بن أسلم ، وعمر الخيام ،والقلصاوى وغيرهم ، وعنهم انتقل هذا العلم إلى جُلّ اللغات الأجنبية بلفظه العربى "Algebra" وأصبح بعد ذلك يطلق على علم المعادلات الرياضية بوجه عام.
أ.د/ أحمد فؤاد باشا
مفهوم : الجذب
الجذب مصطلح صوفى يقصد به " ملاحظة العناية الإلهية للعبد باجتذابه إلى حضرة القرب " وذلك بأن يهيىء الله للمجذوب كل ما يحتاجه فى طريقه لاجتياز المنازل والمقامات ، دون كلفة ولا مشقة، وهو يقابل "السالك" الذى يقطع الطريق بالمجاهدة والرياضة.
ويسمى المجذوب " مريدا " كما يسمى السالك " مريدا " أيضا ، والفرق بينهما أن المجذوب لا يعانى مشقات الطريق ؛ لأنه مختطف بالجذب ، بخلاف السالك السائر فإن عليه أن يقطع كل عقبات الطريق.
وقد ظهر هذا المصطلح مبكرا فى مراجع التصوف الإسلامى ، حيث تحدث الطوسى (ت 378هـ) فى كتابه " اللمع " عن جذب الأرواح وما يتعلق به من أوصاف ترجع كلها إلى معنى " التوفيق والعناية " في اجتذاب المريد، ويقول شيوخ التصوف: إن صاحب الجذبة يرى فى بدايته ما يكون له في نهايته ، وإن جذبة من جذبات الحق تُربى على أعمال الثقلين ، وللمجذوب بعد جذبته إلى مقام القرب إحدى حالتين:
فقد يستقر فى هذا المقام ولا يرجع إلى ما كان عليه ، أولا فيسمى " عاشقا "، وقد يعود إلى حالته الأولى ويواصل سلوكه فيسمى " المجذوب السالك " ، وقد تحصل الجذبة للسالك فى نهاية سلوكه فيسمى حينئذ: " السالك المجذوب " ، و" المجذوب السالك " و " السالك المجذوب " كلاهما مؤهل لرتبة المشيخة وتربية المريدين ، خلاف " المجذوب المجرد "، أو " السالك المجرد " فإن أيا منهما لا يصلح لهذه الرتبة.
وليس فى كلام الصوفية عن " الجذب " ما يدل على انمحاق العقل ، بمعنى " الجنون " المسقط للتكاليف الشرعية، وإن كانت تعريفاتهم تشير إلى أن المجذوب مشتغل بربه ،ومنقطع إليه ، ومأخوذ عن نفسه.
ويميل " ابن خلدون " إلى اعتبار " المجذوب " فاقدا لعقل التكليف ، ويكاد يلحقه بالحمقى والمجانين في سقوط التكاليف الشرعية، ويراه أقل مرتبة من عوام المؤمنين ، فضلا عن أن يكون من طبقة الأولياء المقربين.
أ.د/ أحمد الطيب
مفهوم : الجشع
لغة: الحرص الشديد، والطمع فى حق الغير، والشح. فيعرف بأنه الحرص الشديد، وقيل أسوأ الحرص على الطعام وغيره ، وقيل هو أن تأخذ نصيبك وتطمع فى نصيب غيرك ، ويوصف به الشحيح ، والمتخلق بالباطل بما ليس فيه.
واصطلاحا: طمع فى غير حق ، ورغبة فى الحصول على أكثرمما قدر له.
والباعث عليه " كما يقول المارودى: شيئان: الشره ، وقلة الأنفة، فلا يقنع بما أوتى وإن كان كثيرا لأجل شرهه ، ولا يستنكف مما منع وإن كان حقيرا لقلة أنفته ، وهذه حال من لا يرضى لنفسه قدرا، ويرى المال أعظم خطرا ، فيرى بذل أهون الأمرين لأجلهما مغنما ".
والجشع فى باب المال يجر صاحبه إلى حرمان من فضائل هامة، "ومن أحب المال حتى استعبده المال لم يؤهل لهذه الرتبة (رتبة الفضائل) فإن حرصه على جمع المال يصده عن استعمال الرأفة وامتطاء الحق وبذل ما يجب ، يضطره إلى الخيانة والاختلاق والزور ومنع الواجب.
وربما أنفق أموالا جمة محبة منه للمحمدة ولا يريد بذلك وجه الله ، بل يتخذها مصيدة ويجعل ذلك مكسبه ، ولا يعلم أن ذلك عليه سيئة ومسبة ". ثم هو فى باب الشهرة ، والحرص على أن يتصدر اسمه المجالس يجر إلى الكذب والرياء والتصنع ، وقبول الدنية سرا ، والتظاهر بضدها علنا، رغبة فى إرضاء من يريد منه مكانة أو صلة وبرا.
فالجشع الذى هو أسوأ الطمع والحرص مرض نفسى يسبب لصاحبه الهم والذل ، لأنه لا يستريح ولا يقنع حتى ولو يحقق ما يسعى إليه ، فيظل فى كدر دائم ، وذل للحاجة مستمر.
وعلاجه فى النزاهة، وهى الترفع عن المطامع الدنية، وفي القناعة والزهد ، ففى القناعة رضا تسكن النفس به وتستريح ، وفى الزهد استعلاء على ما يذل ففيه عزة، لأنه قيل: "أذل الحرص أعناق الرجال ".
وهذا لا يتحقق إلا لمن آمن بأن للعبد رزقا يطلبه كما يطلبه أجله ، وآمن بأنه (ليس الغنى عن كثرة العرض ،ولكن الغنى غنى النفس)، وآمن بأنه (قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه) ، وعلم نصيحة رسول الله لأمته: (إن روح القدس نفث فى روعى: إن نفسا لن تموت حتى تستوفى رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب ،ولا يحملنكم إبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصى الله تعالى، فإن الله عزوجل لا يدرك ما عنده إلا بطاعته)، وكل هذه النصائح النبوية صدى لآيات الله فى الرزق {وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها} هود:6. {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}الذاريات:56-58.
أ.د/ أبو اليزيد العجمى
مفهوم : الجلال
وردت كلمة " الجلال " فى القرآن الكريم مرتين فى سورة الرحمن ، فى قوله تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن:27 ، وقوله تعالى: {تبارك اسم ربك ذى الجلال والإكرام} الرحمن:78. ومعنى الجلال فى الآيتين: الملك والعظمة والقوة والعزة.
والجليل اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه: العظيم فى ذاته وصفاته وأفعاله ، والفرق بين الجليل والكبير والعظيم -فى الأسماء الحسنى- أن اسم الكبيريرجع إلى كمال الذات ، والجليل إلى كمال الصفات ، والعظيم إلى كمال الذات والصفات معا ،وصفات التنزيه ترجع -فيما يرى المتكلمون- إلى صفة الجلال ، ويعنون بصفات التنزيه كل صفة تنفى عن الله تعالى معنى لا يليق بذاته المقدسة، كوصفه تعالى بأنه ليس جسما ولا عرضا ولامحتاجا ولا متحيزا فى جهة.
والجلال - فى اصطلاح الصوفية - هو: احتجاب الحق بحجاب العزة عن معرفة حقيقة ذاته المقدسة، فلا يرى ذاته ولا يعلمها على حقيقتها إلا هو، وليس لمخلوق أدنى نصيب فى معرفة " الجلال " أو الكلام فيه ،وسبب ذلك... فيما يقول بعض شيوخ الصوفية: أن الجلال مرتبط بالجمال ، وأن جمال الله تعالى يعلو ويدنو.
وعلو الجمال وعزته هو " الجلال " الذى يتكلم فيه العارفون ، وهم فى حقيقة الأمر إنما يتكلمون فى جلال الجمال لا "الجلال" المطلق ، "فالجلال المطلق" معنى يرجع من الله إليه وحده ، وهو مانع يمنع من رؤيته ، بخلاف "جمال الجلال" فإنه يتجلى به على عباده ،وهو مصحح لرؤيته تعالى فى الجنة، مع تنزهه عن الجهة والتحيز وتوابعهما، كما هو مذهب أهل السنة. وتجلى الجمال يوجب عند الصوفية الفناء والمحو والقهر.
أ.د/ أحمد الطيب
مفهوم : الجمال
لغة: هو " الحسن "، واسم " الجميل " فى أصل اللغة موضوع للصورة الحسية المدركة بالعين ، أيا كان موضوع هذه الصورة من إنسان أو حيوان أو نبات او جماد. ثم نقل اسم الجميل لتوصف به المعانى التى تدرك بالبصائر لا الأبصار، فيقال: سيرة حسنة جميلة، وخلق جميل. وقد وردت كلمة جمال وصفا للأنعام فى قوله تعالى: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} النحل:6 ، كما وردت كلمة " الجميل " فى القرآن أيضا وصفا للصبر والصفح وتسريح الزوجة والبحر. كما وردت وصفا لله تعالى فى الحديث الشريف: (إن الله جميل يحب الجمال) (صحيح الإمام مسلم ، كتاب الإيمان ، باب تحريم الكبر وبيانه) ومعنى " جميل " فى الحديث: المنزه عن النقائص والموصوف بصفات الكمال ، أو: ذو النور والبهجة.. إلخ.. ويرجع المتكلمون صفات المعانى لله تعالى كالعلم والقدرة وما إليهما إلى صفة " الجمال ".
واصطلاحا: الجمال الحقيقى -فى المفهوم الصوفى- هو: الجمال الإلهى، وهو من صفات الله الأزلية، شاهدها فى ذاته أزلا مشاهدة علمية، ثم أراد أن يشاهدها مشاهدة عينية في أفعاله ، فخلق العالم ،فكان كمرآة انعكس على صفحتها هذا الجمال الأزلى.
والجمال الإلهى - فيما يقول الصوفية - نوعان: جمال معنوى وجمال صورى. فالجمال المعنوى هو: معانى الصفات الإلهية والأسماء الحسنى. وهذا النوع لا يشهده إلا الله ، أما الجمال الصورى فهو هذا العالم الذى يترجم عن الجمال الإلهى. بقدر ما تستوعبه الطاقة البشرية. فالعالم ليس إلا مجلى من مجالى الجمال الإلهى. وهو بهذا الاعتبار حسن. وكل ما فيه جميل ، والقبح الذى يبدو فيه ليس قبحا حقيقيا، بل هو قبح بالإضافة والاعتبار لا بالأصالة. ويضربون مثلا لذلك: قبح الرائحة المنتنة التى ينفر منها الإنسان ، ويتلذذ بها الحيوان ، والنار التى تكون قبيحة لمن يحترق فيها، لكنها فى غاية الحسن لمن لا يحترق بها مثل طائر " السمندل " الذى يتلذذ بالمكث فى النار. فيما يقولون.
وإذا كان المعتزلة يرون أن الحسن والقبح وصفان ذاتيان فى الأشياء، ويرى الأشاعرة أن الأشياء فى أنفسها قبل ورود الشرع لا توصف بحسن ولا قبح فإن الصوفية يؤكدون على أن " الحسن " وصف أصيل فى كل ما خلق الله تعالى. ولتجلى الجمال " انبهار " يقهر عقل السالك إلى درجة " الهيمان "، فإن بقى فى هيمانه سمى " مولها "، والمؤيدون من السالكين معصومون فى تجلى الجمال من الهيمان ،قإذا سكروا صحوا عن قريب ، وهؤلاء يسمون " بالممكنين " ، وأهل " التأييد "، وأهل " التمكين " أرفع درجات من المهيمين. ويستدل الصوفية على أحوالهم فى تجلى الجمال بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف: (وشوقا إلى لقائك من نكير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة) (مسند الإمام أحمد، 5/ 191)، ويفسرون "الضراء المضرة" فى الحديث بذهاب العقل ، و"الفتنة المضلة" بانحلال قيود العلم المؤدية إلى الزندقة. وتجلى الجمال من منازل القلب ، وليس من أخلاق النفس ، وهو -بهذا الاعتبار- من " الأصول " ، التى يتبنى عليها السلوك.
أ.د/ أحمد الطيب
مفهوم : جمع القرآن
لجمع القران معنيان:
الأول: حفظه عن ظهر قلب. والثانى: كتابته.
إذن فالجمع بمعنى حفظ القرآن فى الصدر أمر ضمنه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {إن علينا جمعه وقرآنه} القيامة:17.
وأمر الله النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: {يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} المائدة:67 ، أما البلاغ العام فإنما هو بالتواتر وقد حصل. ولذلك وجب على الأمة أن تحفظه فى عدد التواتر على الأقل فى مجموعها، وضمن الله تعالى تحقق ذلك حيث قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} الحجر:9.
وقد أجمعت الأمة على أن المراد بقوله تعالى: لحافظون. أى حفظه على المكلفين للعمل به ، وحراسته من وجوه الغلط والخلط، وهذا الحفظ إنما يتحقق بالتواتر ولا حصر للأدلة الدالة على أن القرآن جمع بهذا المعنى، وعلى هذا المستوى.
وأقل ما يتيسر للمتطلع أن يلاحظ الواقع التاريخى منذ قيامه صلى الله عليه وسلم و بتبليغ القرآن وإقرائه وإقراء الصحابة بعضهم لبعض وهكذا. نجد السادة عثمان بن عفان وعلى ابن أبى طالب وأبى بن كعب وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبا موسى الأشعرى وأبا الدرداء.
وممن جمعه معاذ بن جبل وأبو زيد وسالم مولى أبى حذيفة وابن عمر وعتبة ابن عامر. وعرضه على بعض هؤلاء أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب ، والمغيرة بن شهاب المخزومى والأسود بن يزيد النخعى وعلقمة بن قيس وأبو عبد الرحمن السلمى وأبو العالية الرياحى. وكان عند أبى الدرداء نيف وستمائة وألف يتعلمون القرآن ، على كل عشرة منهم مقرئ.
ولما كان الصوت فى هذا الجمع عنصرا فى تحصيله وضبطه لا غنى عنه فإننا نذكر الجمع الصوتى للقرآن فنقول: الجمع الصوتى الأول للقرآن الكريم أو المصحف المرتل كان له بواعثه ومخططاته وشرحها لنا تفصيلا الدكتور لبيب السعيد، وهكذا أصبحنا نسمع القرآن الكريم المجمع صوتيا من مختلف الإذاعات فى العالم الإسلامى وبأصوات القراء الكثيرين وببعض الروايات المشهورة.
وجمع القرآن بمعنى كتابته وقع ثلاث مرات مشهورة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته رضى الله عنهم:
المرة الأولى: كانت بإملاء النبى صلى الله عليه وسلم وكان يأمر الكاتب أن يقرأ ما كتب حتى يقوم ما قد يكون من زلل فى حرف. ومن ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أمر بكتابة قوله تعالى: (لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون فى سبيل الله). وكان ابن أم مكتوم الأعمى حاضرا يسمع فقال: يارسول الله فما تأمرنى؟ فإنى رجل ضرير البصر، فنزلت مكانها: {لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر} النساء:95.
المرة الثانية: فى عهد سيدنا أبى بكر رضى الله عنه لما كثر الشهداء من القراء فى موقعة اليمامة فخشى ضياغ شىء من القرآن بموتهم فتألفت لجنة برئاسة زيد بن ثابت واستحضروا ما فى بيوت زوجات النبى صلى الله عليه وسلم وما مع الصحابة، واستشهدوا على ما جاء به كل واحد أنه كتب بحضرة النبى - صلى الله عليه وسلم -.
المرة الثالثة: فى عهد سيدنا عثمان بن عفان لما اختلف المسلمون فى القراءة وكاد يكفر بعضهم بعضا وهم فى غروة أرمينية.
بل وقع خلاف أيضا عند سيدنا عثمان فكان لابد من جمع ما أجمعوا عليه من القرآن وترك ما اختلفوا فيه ، فتالفت لجنة برئاسة زيد بن ثابت أيضا وكتبوا ستة مصاحف مشتملة على قراءات موزعة فيها:
مثل (سارعوا) فى مصاحف مكة والكوفة والبصرة وبدون الواو فى مصاحف الشام والمدينة.
وبذلك اتخذ الناس فى القراءة بمعنى أنهم أجمعوا على صحه ما عندهم فلا يخطئ بعضهم بعضا فالجميع على صواب.
وقام الناس بالنقل من هذه المصاحف لأنفسهم ، وبقيت هى وما نقل منها إلى أن دون علم الرسم واحتوى على وصف ما فيها تفصيلا.
أ.د/ عبد الغفورمحمود مصطفى
مفهوم : الجنازة
لغة: الميت ، وقيل: الميت مع نعشه ، كما فى اللسان.
واصطلاحا: تطلق فى كتب الفقه على الميت ، وعلى صلاة الجنازة.
فإذا قضى الإنسان نحبه وجبته له حقوق، أهمها خمسة: الغسل ، والتكفين ، والصلاة عليه ،ودفنه ، وقضاء ما عليه من ديون.
وتكون صلاة الجنازة بأن ينوى الصلاة على الجنازة الحاضرة (من ذكر أو أنثى) ثم يكبر أربعا: يقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة، ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الثانية، ويدعو للميت بما يتيسرله بعد الثالثة، ويدعو لعامة المسلمين بعد الأخيرة، ثم يسلم.
ولا يشرط لصلاة الجنازة جماعة محدودة بعدد، ويشترط لها من الطهارة ما يشترط لبقية الصلوات ، وشرط صحتها الإمامة، فإن فعلت بغير إمام أعيدت.
والأولى فيمن يصلى على الجنازة من أوصى الميت بأن يصلى عليه ، ثم الأولياء العصبة على مراتبهم فى ولاية النكاح ، وينبغى لأهل الفضل أن يجتنبوا الصلاة على مظهرى الكبائر والبدع ردعا لأمثالهم ، وصلاة الجنازة فرض كفاية، إذا قام بها البعض سقطت عن الباقى.
بعد ذلك لا بأس أن يدخل الميت فى قبره من أى ناحية، والقبلة أولى لأنها أفضل الجهات ، ويضجع الميت على جنبه الأيمن ،يستقبل القبلة، وتمد يده اليمنى مع جسده ،وتحل عقد الأكفان من عند رأسه ورجليه ،ويسوى من تحت رأسه ورجليه بالتراب حتى يستوى،ويستحب الدعاء له حينئذ.
أ.د/ على مرعى
مفهوم : الجيش
جيش وجند وعسكر: كلمات مترادفة، ولم تكن الجزيرة العربية تعرف الجيوش قديما بمعناها المعروف ، اللهم إلا فى اليمن غالبا، وقد ظهرت نواة الجيش زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومر الجيش الإسلامى آنئذ بأربعة أدوار مختلفة تدرجت من الضعف إلى القوة ومن الدفاع إلى الهجوم وهى:
1- دور الحشد: ويبدأ من البعثة النبوية حتى الهجرة إلى المدينة المنورة.
2- دور الدفاع عن العقيدة وتنظيم الجيش: ويبدأ من الإذن بالقتال إلى غزوة الخندق.
3- دور التعرض: ويبدأ من غزة الخندق إلى حنين ، وفى هذا الدور انتشر الإسلام فى شبه الجزيرة العربية كلها.
4- دور التكامل: ويبدأ من حنين إلى وفاة النبى صلى الله عليه وسلم وفيه تكاملت قوة المسلمين فى الجزيرة العربية ومدوا أبصارهم خارجها فى غزوة تبوك سنة 9هـ /630م.وكان يعتمد على أصحاء الأبدان الذين يستجيبون لنداء الجهاد إذا ما دعوا إليه ، سلاحهم السيف والرمح والقوس ، وإذا ما انتهى القتال رجعوا لممارسة حياتهم العادية.
وبمرور الزمن أصبح الجنود يرابطون فى معسكرات خاصة بهم فى الأمصار وكانوا قبائل مختلفة توفرت لها الرواتب المنتظمة،ويعتبر الخليفة عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- أول من أنشأ ديوان الجند، وقيد فيه الأسماء والأوصاف والعطايا، وهو أول من أقام الحصون وبنى الحاميات وشيد الأمصار والمعسكرات الدائمة لراحة الجند.
ثم عدل النظام العسكرى منذ زمن الأموبين ، وتعرض لتغييرات جذرية من حيث التكوين والتكتيك الحربى والتسليح والمرتبات ،وتلك كانت ضرورة فرضها اتساع الدولة الإسلامية وتغير أوضاعها.
أ.د/ عبد الله جمال الدين
مفهوم : الحاجب
لغة: اسم فاعل من حجب أى ستر.
واصطلاحا: اسم يقال للذى يحفظ باب الملك أو نحوه ، لكى يمنع الدخول عليه إلا بإذن ، وعرف العرب الحجابة بصفتها خطة منذ الجاهلية، فقد كان لبنى قصى حجابة الكعبة وهى سدانتها وملك مفاتيحها.
ولم تعرف هذه الخطة أيام الخلفاء الراشدين لأنهم كانوا لا يحجبون أحدا عن أبوابهم ، فلما انقلبت الخلافة إلى ملك فى ظل بنى أمية اتخذ خلفاؤهم من يقوم بحفظ أبوابهم وسمو القاتم بذلك " الحاجب "، وكان أول من اتخذ حاجبا عبد الملك بن مروان (65هـ-86هـ).
واستمرت هذه الخطة فى خلافة العباسيين بالدلالة نفسها ، وكانت دون مرتبة الوزير.
أما دولة بنى أمية فى الأندلس فقد قسموا الوزارة أصنافا، فتعدد الوزراء لديهم ،وأفرد للتردد بينهم وبين السلطان واحد خصوه بلقب الحاجب ، فكان بمثابة رئيس الوزراء وظل الأمر كذلك حتى نهاية الخلافة الأموية، ثم طوال عصر الطوائفه إذ حمل معظم أمرائهم لقب "الحاجب " ثم انقطعت بعد ذلك خطة الحجابة فى المغرب والأندلس منذ بداية دولة المرابطين فى القرن السادس الهجرى. غير أن اللقب عاد للظهور فى دولة الحفصيين بإفريقية (تونس) ولكن باختصاص آخر؟ إذ كان يحمله كبير موظفى قصر الخلافة الناظر فى ترتيب أحواله ونفقات المطابخ والاصطبلات وما إلى ذلك ، ثم مازالت الخطة ترتفع حتى أصبح الحاجب مستبدا بأمور الدولة، ولكن أبا العباس أحمد بن أبى بكر ألغى خطة الحجابة وباشر الأمور بنفسه (750هـ /1349م).
وفى مصر المملوكية أصبحت الحجابة إحدى الخطط التابعة لنائب السلطان وكانت النيابة نظير الوزارة فى الخلافة العباسية، وكان يعهد بالحجابة لحاكم ينفذ الأحكام فى طبقات العامة والجند تحت نظر النائب.
أ.د/ محمود على مكى
مفهوم : حلف الفضول
اصطلاحا: المعاهدة التى عقدت بين بنى هاشم وبنى المطلب وأسد بن عبد العزى وزهرة بن كلاب وتيم بن مرة قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم بنحو عشرين سنة.
وسبب تسميتها بهذا الاسم أن ثلاثة من قبيلة جرهم هم الفضل بن فضالة والفضل بن وداعة والفضل بن الحارث قد عقدوا قديما نظيرا لهذه المعاهدة، فلما أشبه فعل القريشيين فعل هؤلاء الجرهميين الأول المسمون جميعا بالفضل سمى الحلف: حلف الفضول.
وسبب قيام هذا الحلف أن رجلا من زبيد باليمن قدم مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل السهمى، ثم رفض أن يؤديه ثمنها، فطلب الزبيدى من الأحلاف أن يعينوه على اقتضاء حقه فأبوا وانتهروه بسبب قدر ومكانة العاص فى قومه. فصعد هذا الرجل إلى أعلى جبل فى مكة وقريش فى أنديتهم حول الكعبة، وصاح بأعلى صوته مرددا شعرا يطلب فيه من آل فهر أن يحموه من الظلم.
وكانت النتيجة أن قام الزبير بن عبد المطلب يلبى نداءه واجتمعت هاشم وزهرة وتيم فى بيت عبد الله بن جدعان بمكة وتحالفوا متعاهدين ليكونن يدا واحدة مع المظلوم حتى يؤدى له حقه ، ومشوا إلى العاص ، وانتزعوا سلعة الزبيدى منه ، ودفعوها إليه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الحلف: (لقد شهدت فى دارعبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لى به حمر النعم ، ولو دعيت إليه فى الإسلام لأجبت).
أ.د/ عبد الله جمال الدين
مفهوم : الحجية فى الكتاب والسنة
لغة: الدليل والبرهان
واصطلاحا: ما دل به على صحة الدعوى.
والحجية مصدر صناعى ، ومعنى حجية القرآن والسنة كون كل منهما يدل على صحة وحقية ما يرشد إليه.
والقرآن الكريم حجة؛ لأنه قد ثبت تواتره ،وهذا يوجب القطع بصدوره وثبتت نسبته إلى الله عز وجل. ويكفى حجة على ذلك ثبوت إعتازه بأسلوبه ومضامينه ، وتحديه لبلغاء عصره ؛ وعلى هذا فحجية القرآن ثابتة على جميع البشر، وإضافة إلى هذا يستأنس المسلمون لحجيته بتأكيد الله تعالى على عجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله وتأكيد حقيقته ،والأمر باتباعه فى مثل قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} الإسراء:88.
كذلك يستأنسون بمثل قول النبى صلى الله عليه وسلم (إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا).
وحجية السنة ثابتة بعدة أدلة منها ثبوت حجية القرآن والأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسى به. فى مثل قوله تعالى: {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر:7.
وهكذا استدل المسلمون فى جميع العصور على الأحكام الشرعية، ولم يختلفوا فى وجوب العمل بما أفاد قطعا أو ظنا راجحا من سنة النبى صلى الله عليه وسلم المروية على درجة من القبول ، ويستندون لقوله صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتى فليس منى). كذلك قوله (ألا إنى أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا يوشك رجل شبعان ،على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن ، فما وجدتم فيه من حلال فاحلوه ، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ،وأن ما حرم رسول الله كما حرم الله...).
أ.د/ عبد الغفورمحمود مصطفى
مفهوم : الحرص
لغة: شدة الإرادة والاجتهاد للحصول على المطلوب ، ويطلق ويراد به: الجشع ،والحرص: الشق ، حرص الثوب: شقة، كما فى اللسان.
واصطلاحا: طلب الشىء بأقصى ما يمكن من الاجتهاد، ومنه قوله تعالى: {إن تحرص على هداهم...} النحل:37 ،أى أن تطلب بجهدك ذلك..
وقد فسر بعض العلماء كلمة(حريص) فى قوله تعالى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيزعليه ما عنتم حريص عليكم}التوبة:128، بأنه -أى الرسول- شحيح عليكم أن تدخلوا النار.
لم ترد كلمة الحرص فى القرآن الكريم ، وإنما وردت مشتقاتها: مثل (حرصتت) فى سورة يوسف:103 (وتحرص) فى سورة النحل:37 و(أحرص) فى سورة البقرة 98.
والحرص: الشره ، والحريص: الشره ،ويأتى بمعنى الشح والطمع الذى يدفع بصاحبه إلى مساوئ الأخلاق ، وارتكاب المنكرات التى تتنافى مع المروءة. وقد جبل الإنسان على الحرص والطمع ، ففى الحديث: (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له ثالث ، ولا يملأ فمه إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب) (رواه الترمذى) ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن شدة الحرص والمبالغة فى الطلب فقال: (إن روح القدس نفث في روعى إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب) (أخرجه ابن أبى الدنيا فى القناعة).
ولا يتخلص من الحرص إلا من أدرك عز القناعة، وعزم على وقاية نفسه من ذل الطمع ، فاقتصد فى معيشته ، وأيقن بأن الرزق الذى قدر له لابد وأن يأتيه ، وإن لم يشتد حرصه ؛ فإن شدة الحرص ليست هى السبب لوصول الأرزاق ، بل بالاجتهاد فى العمل وإتقانه يحصل المرء على وعد الله بأنه يرزق من يشاء بغير حساب.
أ.د/ محمد شامة
مفهوم : الحزم
لغة: حزم الأمر: ضبطه واتقنه واستعد له. كما فى المعجم الوسيط.
واصطلاحا: اتخاذ القرار بفعل أو ترك.
ويرتبط معنى الحزم بخصيصتين هامتين فى الإنسان هما:
1- العقل والتفكير. 2- الإرادة والاختيار.
ذلك أن العاقل يفكر فى المواقف التى تجابهه ، فيستثمر علمه وتجربته وما وصله من هدى إلهى فى الموازنة والترجيح ليصل إلى قرار حكيم يناسب الموقف الذى هو فيه ،وهنا يختارما أداء إليه عقله وتجربته وفهمه لأحكام دينه ، حلا وحرمة ونحو هذا.
والحزم لا يعنى ألا يستفيد العاقل من مشاورة من يثق فى نصحهم ؛ لأن المشاورة تضىء له جنبات الموقف ، ثم هوبعد هذا صاحب القرار الذى سيتحمل مسئوليته ، ولذا وجدنا فى القرآن الكريم: {وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} آل عمران:159.
والحزم مظهر لاستقلال الشخصية وعدم تذبذبها أو تبعيتها للناس دون تفكير وموازنة، ودون اختيار رشيد، لذا وجدنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا أن لا تظلموا) (رواه الترمذى).
ولم يستخدم لفظ "الحزم" فى القرآن الكريم ، لكنه استعمل في السنة كثيرا من ذلك ما جاء عن أبى قتادة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأبى بكر: (متى توتر ، قال: أوترمن أول الليل ، وقال لعمر: متى توتر ، قال آخرالليل: فقال -صلى الله عليه وسلم- لأبى بكر: خذ هذا بالحزم ،وقال لعمر: خذ هذا بالقوة) (رواه أبو د اود).
والحزم ضرورى لمن يلى أمرا من أمور المسلمين حتى لا تتعدد الآراء وتتأرجح دون قرار يحسم الأمر ويحيله إلى التنفيذ بدلا من حيز الكلام فقط.
أ.د/ أبو اليزيد العجمى
مفهوم : الحساب (علم)
يعد الحساب أقدم وأبسط فروع علم الرياضيات ، وهو يحوى دراسة الأعداد والطرق الحسابية، وحل المشكلات والمسائل باستخدام الأعداد، ويتضمن ذلك العمليات الأساسية الأربع: الجمع والطرح والضرب والقسمة، مع تطبيق هذه العمليات في مسائل الحياة العامة، ولذلك فإن الحساب هو الأساس الذى يقوم عليه الكثير من الفروع الأخرى للرياضيات كالجبر والهندسة وحساب المثلثات.
وقد كان لعلماء الحضارة الإسلامية إسهامات بالغة الأهمية فى تطور علم الحساب ، ويزخر التراث الإسلامى بالعديد من كتب الحساب التى كان معظمها مراجع رئيسية في مختلف جامعات العالم ، من ذلك: كتاب " المقالات فى علم الحساب " لابن البناء المراكشى، وكتابا " مفتاح الحساب ، لغياث الدين حمشيد الكاشى، وكتاب " الجامع فى أصول الحساب " للحسن بن الهيثم ، وكتاب " طرائف الحساب " لأبى كامل شجاع بن اسلم ، وكتاب " خلاصة الحساب " لبهاء الدين العاملى وغيرها كثير جدا.
وكانت لعلماء المسلمين طرق خاصة لإجراء العمليات الحسابية بما يصلح أن يتخذ وسيلة للتعليم فى عصرنا، ولقد انتبه بعض رجال التربية فى أوروبا إلى قيمة هذه الأساليب من منظور تربوى، فأوصوا باستعمالها عند تعليم المبتدئين.
من ناحية أخرى هذب علماء المسلمين النظام العددى العشرى المأخوذ عن الهنود، ووضعوه فى الصورة المستخدمة في عصرنا، وأخذ الأوروبيون عن العرب الصفر والأعداد وسموها الأعداد العربية.
أ.د/ أحمد فؤاد باشا
مفهوم : الحيل
لغة: جمع حيلة، اسم من الاحتيال ،وأصله: الحذق فى تدبير الأمور ثم غلب فى العرف على أستعمال الطرق الخفية التى يتوصل بها المرء إلى حصول غرضه ، بحيث لا يتفطن له إلا بنوع من الذكاء والفطنة، كما فى مختار الصحاح.
واصطلاحا: تقديم عمل ظاهر الجوازة لإبطال حكم شرعى وتحويله فى الظاهر إلى حكم آخر.
والحيل ثلاثة أقسام:
1- حيل لا خلاف في تحريمها وإبطالها، كحيل المنافقين والمرائين ، ومن ذلك.
أ- الاحتيال للتفريق بين المؤمنين كما فى قوله تعالى: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون. لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}التوبة:107-108.
ب- الاحتيال لإسقاط الواجب على المكلف، كما في قوله صلى الله عليه وسلم (لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة). (رواه البخارى وأبو داود ، واللفظ للبخارى). فهذا يعنى النهى عن احتيال مقصود به إبطال حكم شرعى وتحويله فى الظاهر إلى حكم آخر.
2- حيل جائزة، وذلك اذأ كان المقصود بها أخذ حق ، أو دفع باطل ، أو مكروه (أذى) يلحق بصاحبه ، كالنطق بكلمة الكفر حالة الإكراه. يقول تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفرصدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذابا عظيم} النحل:106.
3- ما اختلف فيه ، وهو ما لم يتبين بدليل قاطع موافقته لمقصد الشارع أو مخالفته ، فمن رأى من الفقهاء أن الاحتيال فى أمرها مخالفا للمصلحة منعه ، ومن رأى أن الاحتيال غير مخالف لها فهو عنده جائز، بشرط أن لا يكون قصد المكلف المحتال مخالفا لقصد الشارع الحكيم. ومثال ذلك من باع ماله أو وهبه عند رأس الحول فرارا من الزكاة، فإن أصل البيع أو الهبة على الجواز، ولو منع الزكاة من غيرهما لكان حراما، فهذا وما شابهه محل خلاف بين الفقهاء.
أ.د/ على مرعى
مفهوم : الحيل (علم)
علم " الحيل " الذى عرف عند العرب بهذا الاسم هو ذلك العلم الذى أطلق عليه قدامى الإغريق اسم " الميكانيكا " ولا يزال يحمل هذه التسمية حتى الآن.
وقد ازدهر علم الحيل فى العالم الإسلامى ما بين القرنين الثالث والسابع الهجريين ، التاسع والثالث عشر الميلاديين ،واستمر عطاء المسلمين فيه حتى القرن السادس عشر الميلادى تقريبا.
ويمثل علم " الحيل النافعة " الجانب التقنى المتقدم فى علوم الحضارة الإسلامية حيث كان المهندسون والتقنيون يقومون بتطبيق معارفهم النظرية للإفادة منها تقنيا فى كل ما يخدم الدين ويحقق مظاهر المدنية والإعمار.
وقد جعلوا الغاية من هذا العلم " الحصول على الفعل الكبير من الجهد اليسيرا، ويقصد به استعمال الحيلة مكان القوة، والعقل مكان العضلات ، والآلة بدل البدن ، ذلك أن الشعوب السابقة كانت تعتمد على العبيد، وتلجأ إلى نظام السخرة في إنجاز الأعمال التى تحتاج إلى مجهود جسمانى كبير، فلما جاء الإسلام ونهى عن السخرة وإرهاق الخدم والعبيد وتحميلهم فوق ما يطيق الإنسان العادى، إلى جانب تحريمه المشقة على الحيوان أتجه المسلمون إلى تطوير الآلات لتقوم بالأعمال الشاقة، وبعد أن كانت غاية السابقين من علم " الحيل " لا تتعدى استعماله فى التاثير الدينى والروحى على اتباع مذاهبهم ، مثل استعمال التماثيل المتحركة أو الناطقة بواسطة الكهان ،واستعمال الأرغن الموسيقى وغيره من الآلات المصوتة فى المعابد، فقد جاء الإسلام وجعل الصلة بين العبد وربه بغير حاجة إلى وسائل وسيطة أو خداع حسى أوبصرى وأصبح لعلم " الحيل النافعة " هدف جديد هو التيسير على الإنسان باستعمال آلات متحركة.
وقد ظهر هذا التوجه عند المسلمين الأوائل على أيدى نفر من العلماء الأعلام ،لعل أشهرهم أبناء موسى بن شاكر الذين عاشوا فى القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) وألفوا كتابهم المعروف باسم " حيل بنى موسى " وقد قام دونالد هيل "D.Hill" بترجمته إلى الإنجليزية كاملا فى عام 1979م ، ويحتوى هذا الكتاب على مائة تركيب ميكانيكى مع شروح تفصيلية ورسوم توضيحه لطرائق التركيب والتشغيل ، وهو ما يدخل اليوم فى نطاق علم "الهندسة الميكانيكية" المعتمدة على حركة الهواء، أو حركة السوائل والتزامها.
وقد استعملوا نظام الصمامات الآلية ذات التشغيل المتباطىء وعرفوا طريقة التحكم الآلى والتشغيل عن بعد. كذلك تضمنت ابتكارات المسلمين الأوائل فى علم الحيل النافعة تصميمات متنوعة لساعات وروافع آلية يتم فيها نقل الحركة الخطية إلى حركة دائرية بواسطة نظام يعتمد على التروس المسننة وهو الأساس الذى تقوم عليه جميع المحركات العصرية.
ومن المؤلفات التراثية الرائدة فى هذا المجال كتاب " الجامع بين العلم والعمل النافع فى صناعة الحيل " ، لبديع الزمان الرزاز الجزرى الذى عاش فى القرنين السادس والسابع الهجريين (الثانى عشروالثالث عشر الميلاديين).
وقد وصفه مؤرخ العلم المعاصر" جورج سارتون " بأنه أكثرالكتب من نوعه وضوحا ويمكن اعتباره الذروة في هذا النوع من إنجازات المسلمين.
أ.د/ أحمد فؤاد باشا
منتديات الرسالة الخاتمة
لغة: مصدر صناعى من جاذب ، وتعنى الحالة التى يجذب بها صاحبها غيره يقال: فلان له جاذبية، أى: يستميل غيره إليه.
اصطلاحا: تعنى قوة التجاذب بين شيئين.
ومن أنواعها:
- الجاذبية الكهربية: وهى القوة العاملة بين الأجسام المشحونة كهربيا وكان الفيزيائى الفرنسى " كولوم " أول من قام بقياسها فى سنة 1119هـ سنة1785م.
- الجاذبية التثاقلية: وهى بين أى جسمين ماديين ، وكان العالم الإنجليزى " إسحق نيوتن " هو الذى وضع صياغة قانون الجذب العام بين الأجسام المادية، وهو القانون الذى يفسر سقوط الأجسام نحو الأرض ، ويشرح حركة الكواكب حول الشمس.
وكان علماء الحضارة الإسلامية أول من قدموا أساسا مقبولا لتفسير السقوط الحر للأجسام تحت تأثير الجاذبية الأرضية، وقد بدا الحسن بن أحمد الهمدانى (ت 334هـ،945م) فى إرساء أول حقيقة علمية عن ظاهرة الجاذبية عندما تحدث عن الأرض قائلا: "... فمن كان تحتها (أى تحته الأرض عند نصفها الأسفل) فهو فى الثبات فى قامته كمن فوقها ، ومسقطه وقدمه إلى سطحها الأسفل كمسقطه إلى سطحها الأعلى، وكثبات قدمه عليها، فهى بمنزلة حجر المغناطيس الذى تجذب قواه الحديد من كل جانب ".
وأضاف علماء آخرون حقائق هامة عن المقذوفات من حيث إن حركتها إلى أعلى عند القذف تعاكس فعل الجاذبية الأرضية، وتحدثوا عن انجذاب الجسم إلى مجاوره الأبعد، مقتربين بذلك من المعنى الشمولى الذى توصل " نيوتن " إلى قانونه العام.
أ.د/ أحمد فؤاد باشا
مفهوم : الجامعة الإسلامية
اصطلاحا: هى عبارة عن دائرة انتماء عقائدى وحضارى وسياسى، نبعت وتنبع من التوحيد الإسلامى. والانتماء إلى الجامعة الإسلامية وإن اعترف واحترم واغتنى بالانتماءات الفرعية، إلا أنه لا يكتفى بها، ولا يقف عند حدودها كنهاية للمطاف ، وإنما يوظف هذه الانتماءات الفرعية.
وفي العصر الحديثه أصبح شعار " الجامعة الإسلامية " المظلة التى استظلت بها دعوات وحركات جمعتها مقاصد إنهاض المسلمين بالإسلام ، للخروج من مأزق التراجع الحضارى، ولمواجهة المد الاستعمارى الغربى مع التمايز فى سبل ووسائل هذا النهوض ، وذلك تبعا للملابسات الإقليمية والتوجهات المذهبية عند رواد هذه الحركات والدعوات ،مثل الدعوة الوهابية والدعوة السنوسية والدعوة والحركة المهدية والحزب الوطنى.وأوسع فصائل تيار الجامعة الاسلامية، كان ذلك الذى تبلور من حول جمال الدين الأفغانى والذى تأسس شعبيا وخاصة بين الصفوة والعلماء وقادة الرأى العام - ثم تحالف مع الدولة العثمانية - بقيادة السلطان عبد الحميد الثانى لنصرة الدعوة إلى الجامعة الإسلامية.
جمع هذا الاتجاه بين الأصول الإسلامية وبين التجديد ، وانطلق من مصر فى سبعينات القرن التاسع عشر إلى كل أنحاء العالم الإسلامى وتميزت دعوته ب:
1- الإصلاح الدينى: من منطلق العقلانية الإسلامية التى توازن بين " الرأى " و" الأثر ".
2- المحافظة على الدولة العثمانية ، باعتبارها الدولة الإسلامية الجامعة.
3- تجديد الصلات الحضارية مع الغرب واقتباس المناسب من حضارتها وعلومها ، من واقع التمايز الثقافى والاستقلال الحضارى.
4- تحرير ثروات العالم الإسلامى من النهب الاستعمارى والسيطرة الغربية.
واذا كانت التحديات ، واختلال موازين القوى، قد غالبت هذا " التيار الانقاذى " فحالت بينه وبين النجاح فى تجديد الدولة العثمانية إلا أن دعوته إلى الجامعة الإسلامية هى المظلة التى عملت فى ظلالها كل دعوات التجديد الإسلامى.
ففى مواجهة الأحزاب الوطنية التي وقفت بالوطن عند الإقليم ، وقنعت بالدولة القطرية وعلى خلاف الأحزاب القومية التى وقفت عند العرف واللغة مهملة الدائرة الحضارية الإسلامية، ظلت دعوات وحركات الجامعة الإسلامية على مناهجها الجامعة بين الوطنية والقومية فى إطار الجامعة.
وهكذا أصبحت تركز على قضايا التحرر الوطنى، ومحاربة التغريب الفكرى إلى جانب تجديد الفكر الإسلامى. وأصبح طريقها إلى الجامعة الإسلامية هو إقامة الدولة الإسلامية النموذج ، التى لا تقف مقاصدها عند الإقليم ، وإنما تسعى لتسلك الأقاليم الإسلامية فى "رابطة شعوب إسلامية" وذلك وصولا إلى إعادة الوحدة الإسلامية فى الجوامع الخمسة: العقيدة ، والشريعة ، والأمة ، والحضارة ، ودار الإسلام.
وكما طمحت دعوة الجامعة الإسلامية إلى إقامة الوحدة الإسلامية الجامعة لأقاليم عالم الإسلام ، فلقد حرصت على وحدة الأمة بالمعنى السياسى، على النحو الذى يجعل القوميات الإسلامية المتمايزة فى اللغات والطوائف الدينية -غير المسلمة- المتميزة فى الملل والشرائع ، لبنات فى بناء الأمة الواحدة.
فالجامعة الإسلامية هى رابطة أمة، بأقوامها المتعددة ومللها المتمايزة، وهى ليست نزعة دينية متعصبة ضد غير المسلمين ، سواء فى داخل الأوطان الإسلامية أو فى الغرب النصرانى، وإنما هى رابطة إسلامية لشعوب المدنية الإسلامية، تحتضن " التنوع " فى إطار جوامع الإسلام.
أ.د/ محمد عمارة
مفهوم : الجاهلية
لغة: مأخوذة من الفعل (جهل)، والجهل معناه: خلاف العلم.
يقول الراغب: الجهل على ثلاثة أضرب: الأول: خلو النفس من العلم ، الثانى: اعتقاد الشىء بخلاف ما هو عليه ، الثالث: فعل الشىء بخلاف ما حقه أن يفعل.
وقد وردت مشتقات الكلمة فى القرآن الكريم بمعنى:
1- الخلو من المعرفة، كقوله تعالى: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} البقرة:273.
2- الطيش والسفه ، كقوله تعالى: {قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون} يوسف:89.
3- بمعناها معا كقوله تعالى: {ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون} الأنعام:111.
اصطلاحا: اصطلح المؤرخون على أن لفظ الجاهلية قد يكون اسما للحال ، ومعناها الصفات المرذولة التى كانت عليها الأمة قبل الإسلام من الجهل بالله وبرسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر.. إلخ ، ومنه قول النبى صلى الله عليه وسلم لأبى ذر: (إنك امرؤ فيك جاهلية) (رواه البخارى) أى حال أو طريقة أو عادة جاهلية أو نحو ذلك.
وقد يكون اسما لذى الحال ، أى الزمان ،ومعناها: المدة التى كانت قبل نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيل: زمن الكفر مطلقا، وقيل: ما قبل الفتح ، وقيل ما كان بين مولد النبى والمبعث ،وبهذا قال ابن حجر، ومنه قوله تعالى: {يظنون بالله غيرالحق ظن الجاهلية} آل عمران:154 ، وذلك لما كان عليه العرب من فاحش الجهالات فى العقيدة والعبادة والتشريع والمعاملات والأخلاق التى انتقلت إليهم وشاعت بينهم وتأصلت فى نفوسهم حتى صارت دينا حل محل الحنيفية السمحة.
وعلى هذا نقول: طائفة جاهلية، وشاعر، جاهلى، نسبة إلى الجهل ، لأن من لم يعلم الحق فهو جاهل ، فإن اعتقد خلافه أو قال بخلاف الحق عالما به أو غيرعالم فهو جاهل ، كقوله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}الفرقان:63.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل) (رواه أبو داود). أى لا يعمل بعمل الجاهلية من السفه والغضب والأنفة والحمية والمفاخرة، ومنه قول عمرو بن كلثوم فى معلقته:
ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أى لا يسفه أحد علينا فنسفه عليه فوق سفهه ، أى نجازيه به جزاء يزيد عليه.
وكذلك من عمل بخلاف الحق فهو جاهل وإنما علم أنه مخالف للحق ، كما قال تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريبا} النساء:17 ، لأن العلم الحقيقى الراسخ فى القلب يمتنع أن يصدر عنه ما يخالفه من قول أو فعل ، فإن صدر ما يخالفه كان جهلا، وعلى ذلك كان الناس قبل البعثة النبوية فى جاهلية وكل ما يخالف ما جاء به المرسلون من أفعال اليهود والنصارى، وتلك كانت الجاهلية العامة.
أما بعد البعثة فقد مضى زمانها بمجىء الإسلام ، وإن بقيت أحوالها وعاداتها بين الإطلاق والتقييد. فالمطلقة قد تكون فى بلد دون بلد،كما هى فى غير ديار الإسلام ، وقد تكون فى بعض الأشخاص دون بعض ، كالرجل قبل أن يسلم وإن كان فى دار الإسلام.
والمقيدة قد تكون فى بعض ديار المسلمين وفى كثير من الأشخاص المسلمين ؛ لقول صلى الله عليه وسلم (أربع في أمتى من أمرالجاهلية لا يتركونهن الفخر بالأحساب ، والطعن فى الأنساب والاستسقاء بالنجوم ،والنياحة) رواه مسلم. فهذه كلها جاهلية، وهى من المعاصى التى لا يكفر صاحبها.
وقد اختلف المؤرخون فى تحديد الفترة الزمنية للجاهلية على أقوال ، منها أنها بين آدم ونوح ، أو بين نوح وإدريس ،أو بين موسى وعيسى، أو بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال هى الفترة بين كل نبيين ، والراجح أن الفترة الزمنية للجاهلية تبدأ من عصور ما قبل التاريخ ، وتنتهى بالبعثة النبوية فى القرن السابع الميلادى، وعلى هذا لا يصح مطلقا أن يوصف المجتمع المسلم بأنه جاهلى، بخلاف الأفراد، فإنه يمكن إطلاق لفظ الجاهلية على الشخص إن وقع فى فعل جاهلى.
أ.د/ خليفة حسن العسال
مفهوم : الجبر(علم)
الجبر هو أحد فروع علم الرياضيات ، وكان محمد بن موسى الخوارزمى أول من ألف فيه كتابا فى زمن الخليفة المأمون (198-218هـ) أسماه " الجبر والمقابلة "، وضع فيه أصول علم الجبر وقواعده ، وخرج به من نطاق الأمثلة المفردة إلى المعادلة العامة التى تسهل حل المسائل الحسابية المتشابهة طبقا لقاعدة معينة.
واصطلاحا: يعنى نقل الحدود السالبة من مكانها فى أحد طرفى المعادلة الجبرية إلى الطرف الآخر، أما المقابلة فتعنى حذف الحدود المتشابهة فى الطرفين.
وقد عرف الخوارزمى فى كتابه جميع عناصر المعادلة الرياضية الجبرية كما نفهمها اليوم ، فشرح معنى الحد المعلوم والمجهول والمطلق والعدد الأصم وفكرة الأس واللوغاريتمات والكميات السالبة والموجبة والتخيلية ومعادلات الدرجة الأولى والدرجة الثانية وطرق حلها، ثم انتقل بعد ذلك إلى الجانب العملى الخاص بتطبيقات الجبر فى الحياة العملية، وجعله كتابا مستقلا يشتمل على الكثيرمنها والقياس عليها فى مسائلهم المتعلقة بالمعاملات والوصايا والمواريث.
وأضاف علماء آخرون إلى علم الجبر، وزادوا فى أصوله ومسائله مثل أبى الوفاء البوزجانى، وشجاع بن أسلم ، وعمر الخيام ،والقلصاوى وغيرهم ، وعنهم انتقل هذا العلم إلى جُلّ اللغات الأجنبية بلفظه العربى "Algebra" وأصبح بعد ذلك يطلق على علم المعادلات الرياضية بوجه عام.
أ.د/ أحمد فؤاد باشا
مفهوم : الجذب
الجذب مصطلح صوفى يقصد به " ملاحظة العناية الإلهية للعبد باجتذابه إلى حضرة القرب " وذلك بأن يهيىء الله للمجذوب كل ما يحتاجه فى طريقه لاجتياز المنازل والمقامات ، دون كلفة ولا مشقة، وهو يقابل "السالك" الذى يقطع الطريق بالمجاهدة والرياضة.
ويسمى المجذوب " مريدا " كما يسمى السالك " مريدا " أيضا ، والفرق بينهما أن المجذوب لا يعانى مشقات الطريق ؛ لأنه مختطف بالجذب ، بخلاف السالك السائر فإن عليه أن يقطع كل عقبات الطريق.
وقد ظهر هذا المصطلح مبكرا فى مراجع التصوف الإسلامى ، حيث تحدث الطوسى (ت 378هـ) فى كتابه " اللمع " عن جذب الأرواح وما يتعلق به من أوصاف ترجع كلها إلى معنى " التوفيق والعناية " في اجتذاب المريد، ويقول شيوخ التصوف: إن صاحب الجذبة يرى فى بدايته ما يكون له في نهايته ، وإن جذبة من جذبات الحق تُربى على أعمال الثقلين ، وللمجذوب بعد جذبته إلى مقام القرب إحدى حالتين:
فقد يستقر فى هذا المقام ولا يرجع إلى ما كان عليه ، أولا فيسمى " عاشقا "، وقد يعود إلى حالته الأولى ويواصل سلوكه فيسمى " المجذوب السالك " ، وقد تحصل الجذبة للسالك فى نهاية سلوكه فيسمى حينئذ: " السالك المجذوب " ، و" المجذوب السالك " و " السالك المجذوب " كلاهما مؤهل لرتبة المشيخة وتربية المريدين ، خلاف " المجذوب المجرد "، أو " السالك المجرد " فإن أيا منهما لا يصلح لهذه الرتبة.
وليس فى كلام الصوفية عن " الجذب " ما يدل على انمحاق العقل ، بمعنى " الجنون " المسقط للتكاليف الشرعية، وإن كانت تعريفاتهم تشير إلى أن المجذوب مشتغل بربه ،ومنقطع إليه ، ومأخوذ عن نفسه.
ويميل " ابن خلدون " إلى اعتبار " المجذوب " فاقدا لعقل التكليف ، ويكاد يلحقه بالحمقى والمجانين في سقوط التكاليف الشرعية، ويراه أقل مرتبة من عوام المؤمنين ، فضلا عن أن يكون من طبقة الأولياء المقربين.
أ.د/ أحمد الطيب
مفهوم : الجشع
لغة: الحرص الشديد، والطمع فى حق الغير، والشح. فيعرف بأنه الحرص الشديد، وقيل أسوأ الحرص على الطعام وغيره ، وقيل هو أن تأخذ نصيبك وتطمع فى نصيب غيرك ، ويوصف به الشحيح ، والمتخلق بالباطل بما ليس فيه.
واصطلاحا: طمع فى غير حق ، ورغبة فى الحصول على أكثرمما قدر له.
والباعث عليه " كما يقول المارودى: شيئان: الشره ، وقلة الأنفة، فلا يقنع بما أوتى وإن كان كثيرا لأجل شرهه ، ولا يستنكف مما منع وإن كان حقيرا لقلة أنفته ، وهذه حال من لا يرضى لنفسه قدرا، ويرى المال أعظم خطرا ، فيرى بذل أهون الأمرين لأجلهما مغنما ".
والجشع فى باب المال يجر صاحبه إلى حرمان من فضائل هامة، "ومن أحب المال حتى استعبده المال لم يؤهل لهذه الرتبة (رتبة الفضائل) فإن حرصه على جمع المال يصده عن استعمال الرأفة وامتطاء الحق وبذل ما يجب ، يضطره إلى الخيانة والاختلاق والزور ومنع الواجب.
وربما أنفق أموالا جمة محبة منه للمحمدة ولا يريد بذلك وجه الله ، بل يتخذها مصيدة ويجعل ذلك مكسبه ، ولا يعلم أن ذلك عليه سيئة ومسبة ". ثم هو فى باب الشهرة ، والحرص على أن يتصدر اسمه المجالس يجر إلى الكذب والرياء والتصنع ، وقبول الدنية سرا ، والتظاهر بضدها علنا، رغبة فى إرضاء من يريد منه مكانة أو صلة وبرا.
فالجشع الذى هو أسوأ الطمع والحرص مرض نفسى يسبب لصاحبه الهم والذل ، لأنه لا يستريح ولا يقنع حتى ولو يحقق ما يسعى إليه ، فيظل فى كدر دائم ، وذل للحاجة مستمر.
وعلاجه فى النزاهة، وهى الترفع عن المطامع الدنية، وفي القناعة والزهد ، ففى القناعة رضا تسكن النفس به وتستريح ، وفى الزهد استعلاء على ما يذل ففيه عزة، لأنه قيل: "أذل الحرص أعناق الرجال ".
وهذا لا يتحقق إلا لمن آمن بأن للعبد رزقا يطلبه كما يطلبه أجله ، وآمن بأنه (ليس الغنى عن كثرة العرض ،ولكن الغنى غنى النفس)، وآمن بأنه (قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه) ، وعلم نصيحة رسول الله لأمته: (إن روح القدس نفث فى روعى: إن نفسا لن تموت حتى تستوفى رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب ،ولا يحملنكم إبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصى الله تعالى، فإن الله عزوجل لا يدرك ما عنده إلا بطاعته)، وكل هذه النصائح النبوية صدى لآيات الله فى الرزق {وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها} هود:6. {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}الذاريات:56-58.
أ.د/ أبو اليزيد العجمى
مفهوم : الجلال
وردت كلمة " الجلال " فى القرآن الكريم مرتين فى سورة الرحمن ، فى قوله تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن:27 ، وقوله تعالى: {تبارك اسم ربك ذى الجلال والإكرام} الرحمن:78. ومعنى الجلال فى الآيتين: الملك والعظمة والقوة والعزة.
والجليل اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه: العظيم فى ذاته وصفاته وأفعاله ، والفرق بين الجليل والكبير والعظيم -فى الأسماء الحسنى- أن اسم الكبيريرجع إلى كمال الذات ، والجليل إلى كمال الصفات ، والعظيم إلى كمال الذات والصفات معا ،وصفات التنزيه ترجع -فيما يرى المتكلمون- إلى صفة الجلال ، ويعنون بصفات التنزيه كل صفة تنفى عن الله تعالى معنى لا يليق بذاته المقدسة، كوصفه تعالى بأنه ليس جسما ولا عرضا ولامحتاجا ولا متحيزا فى جهة.
والجلال - فى اصطلاح الصوفية - هو: احتجاب الحق بحجاب العزة عن معرفة حقيقة ذاته المقدسة، فلا يرى ذاته ولا يعلمها على حقيقتها إلا هو، وليس لمخلوق أدنى نصيب فى معرفة " الجلال " أو الكلام فيه ،وسبب ذلك... فيما يقول بعض شيوخ الصوفية: أن الجلال مرتبط بالجمال ، وأن جمال الله تعالى يعلو ويدنو.
وعلو الجمال وعزته هو " الجلال " الذى يتكلم فيه العارفون ، وهم فى حقيقة الأمر إنما يتكلمون فى جلال الجمال لا "الجلال" المطلق ، "فالجلال المطلق" معنى يرجع من الله إليه وحده ، وهو مانع يمنع من رؤيته ، بخلاف "جمال الجلال" فإنه يتجلى به على عباده ،وهو مصحح لرؤيته تعالى فى الجنة، مع تنزهه عن الجهة والتحيز وتوابعهما، كما هو مذهب أهل السنة. وتجلى الجمال يوجب عند الصوفية الفناء والمحو والقهر.
أ.د/ أحمد الطيب
مفهوم : الجمال
لغة: هو " الحسن "، واسم " الجميل " فى أصل اللغة موضوع للصورة الحسية المدركة بالعين ، أيا كان موضوع هذه الصورة من إنسان أو حيوان أو نبات او جماد. ثم نقل اسم الجميل لتوصف به المعانى التى تدرك بالبصائر لا الأبصار، فيقال: سيرة حسنة جميلة، وخلق جميل. وقد وردت كلمة جمال وصفا للأنعام فى قوله تعالى: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} النحل:6 ، كما وردت كلمة " الجميل " فى القرآن أيضا وصفا للصبر والصفح وتسريح الزوجة والبحر. كما وردت وصفا لله تعالى فى الحديث الشريف: (إن الله جميل يحب الجمال) (صحيح الإمام مسلم ، كتاب الإيمان ، باب تحريم الكبر وبيانه) ومعنى " جميل " فى الحديث: المنزه عن النقائص والموصوف بصفات الكمال ، أو: ذو النور والبهجة.. إلخ.. ويرجع المتكلمون صفات المعانى لله تعالى كالعلم والقدرة وما إليهما إلى صفة " الجمال ".
واصطلاحا: الجمال الحقيقى -فى المفهوم الصوفى- هو: الجمال الإلهى، وهو من صفات الله الأزلية، شاهدها فى ذاته أزلا مشاهدة علمية، ثم أراد أن يشاهدها مشاهدة عينية في أفعاله ، فخلق العالم ،فكان كمرآة انعكس على صفحتها هذا الجمال الأزلى.
والجمال الإلهى - فيما يقول الصوفية - نوعان: جمال معنوى وجمال صورى. فالجمال المعنوى هو: معانى الصفات الإلهية والأسماء الحسنى. وهذا النوع لا يشهده إلا الله ، أما الجمال الصورى فهو هذا العالم الذى يترجم عن الجمال الإلهى. بقدر ما تستوعبه الطاقة البشرية. فالعالم ليس إلا مجلى من مجالى الجمال الإلهى. وهو بهذا الاعتبار حسن. وكل ما فيه جميل ، والقبح الذى يبدو فيه ليس قبحا حقيقيا، بل هو قبح بالإضافة والاعتبار لا بالأصالة. ويضربون مثلا لذلك: قبح الرائحة المنتنة التى ينفر منها الإنسان ، ويتلذذ بها الحيوان ، والنار التى تكون قبيحة لمن يحترق فيها، لكنها فى غاية الحسن لمن لا يحترق بها مثل طائر " السمندل " الذى يتلذذ بالمكث فى النار. فيما يقولون.
وإذا كان المعتزلة يرون أن الحسن والقبح وصفان ذاتيان فى الأشياء، ويرى الأشاعرة أن الأشياء فى أنفسها قبل ورود الشرع لا توصف بحسن ولا قبح فإن الصوفية يؤكدون على أن " الحسن " وصف أصيل فى كل ما خلق الله تعالى. ولتجلى الجمال " انبهار " يقهر عقل السالك إلى درجة " الهيمان "، فإن بقى فى هيمانه سمى " مولها "، والمؤيدون من السالكين معصومون فى تجلى الجمال من الهيمان ،قإذا سكروا صحوا عن قريب ، وهؤلاء يسمون " بالممكنين " ، وأهل " التأييد "، وأهل " التمكين " أرفع درجات من المهيمين. ويستدل الصوفية على أحوالهم فى تجلى الجمال بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف: (وشوقا إلى لقائك من نكير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة) (مسند الإمام أحمد، 5/ 191)، ويفسرون "الضراء المضرة" فى الحديث بذهاب العقل ، و"الفتنة المضلة" بانحلال قيود العلم المؤدية إلى الزندقة. وتجلى الجمال من منازل القلب ، وليس من أخلاق النفس ، وهو -بهذا الاعتبار- من " الأصول " ، التى يتبنى عليها السلوك.
أ.د/ أحمد الطيب
مفهوم : جمع القرآن
لجمع القران معنيان:
الأول: حفظه عن ظهر قلب. والثانى: كتابته.
إذن فالجمع بمعنى حفظ القرآن فى الصدر أمر ضمنه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {إن علينا جمعه وقرآنه} القيامة:17.
وأمر الله النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: {يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} المائدة:67 ، أما البلاغ العام فإنما هو بالتواتر وقد حصل. ولذلك وجب على الأمة أن تحفظه فى عدد التواتر على الأقل فى مجموعها، وضمن الله تعالى تحقق ذلك حيث قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} الحجر:9.
وقد أجمعت الأمة على أن المراد بقوله تعالى: لحافظون. أى حفظه على المكلفين للعمل به ، وحراسته من وجوه الغلط والخلط، وهذا الحفظ إنما يتحقق بالتواتر ولا حصر للأدلة الدالة على أن القرآن جمع بهذا المعنى، وعلى هذا المستوى.
وأقل ما يتيسر للمتطلع أن يلاحظ الواقع التاريخى منذ قيامه صلى الله عليه وسلم و بتبليغ القرآن وإقرائه وإقراء الصحابة بعضهم لبعض وهكذا. نجد السادة عثمان بن عفان وعلى ابن أبى طالب وأبى بن كعب وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبا موسى الأشعرى وأبا الدرداء.
وممن جمعه معاذ بن جبل وأبو زيد وسالم مولى أبى حذيفة وابن عمر وعتبة ابن عامر. وعرضه على بعض هؤلاء أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب ، والمغيرة بن شهاب المخزومى والأسود بن يزيد النخعى وعلقمة بن قيس وأبو عبد الرحمن السلمى وأبو العالية الرياحى. وكان عند أبى الدرداء نيف وستمائة وألف يتعلمون القرآن ، على كل عشرة منهم مقرئ.
ولما كان الصوت فى هذا الجمع عنصرا فى تحصيله وضبطه لا غنى عنه فإننا نذكر الجمع الصوتى للقرآن فنقول: الجمع الصوتى الأول للقرآن الكريم أو المصحف المرتل كان له بواعثه ومخططاته وشرحها لنا تفصيلا الدكتور لبيب السعيد، وهكذا أصبحنا نسمع القرآن الكريم المجمع صوتيا من مختلف الإذاعات فى العالم الإسلامى وبأصوات القراء الكثيرين وببعض الروايات المشهورة.
وجمع القرآن بمعنى كتابته وقع ثلاث مرات مشهورة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته رضى الله عنهم:
المرة الأولى: كانت بإملاء النبى صلى الله عليه وسلم وكان يأمر الكاتب أن يقرأ ما كتب حتى يقوم ما قد يكون من زلل فى حرف. ومن ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أمر بكتابة قوله تعالى: (لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون فى سبيل الله). وكان ابن أم مكتوم الأعمى حاضرا يسمع فقال: يارسول الله فما تأمرنى؟ فإنى رجل ضرير البصر، فنزلت مكانها: {لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر} النساء:95.
المرة الثانية: فى عهد سيدنا أبى بكر رضى الله عنه لما كثر الشهداء من القراء فى موقعة اليمامة فخشى ضياغ شىء من القرآن بموتهم فتألفت لجنة برئاسة زيد بن ثابت واستحضروا ما فى بيوت زوجات النبى صلى الله عليه وسلم وما مع الصحابة، واستشهدوا على ما جاء به كل واحد أنه كتب بحضرة النبى - صلى الله عليه وسلم -.
المرة الثالثة: فى عهد سيدنا عثمان بن عفان لما اختلف المسلمون فى القراءة وكاد يكفر بعضهم بعضا وهم فى غروة أرمينية.
بل وقع خلاف أيضا عند سيدنا عثمان فكان لابد من جمع ما أجمعوا عليه من القرآن وترك ما اختلفوا فيه ، فتالفت لجنة برئاسة زيد بن ثابت أيضا وكتبوا ستة مصاحف مشتملة على قراءات موزعة فيها:
مثل (سارعوا) فى مصاحف مكة والكوفة والبصرة وبدون الواو فى مصاحف الشام والمدينة.
وبذلك اتخذ الناس فى القراءة بمعنى أنهم أجمعوا على صحه ما عندهم فلا يخطئ بعضهم بعضا فالجميع على صواب.
وقام الناس بالنقل من هذه المصاحف لأنفسهم ، وبقيت هى وما نقل منها إلى أن دون علم الرسم واحتوى على وصف ما فيها تفصيلا.
أ.د/ عبد الغفورمحمود مصطفى
مفهوم : الجنازة
لغة: الميت ، وقيل: الميت مع نعشه ، كما فى اللسان.
واصطلاحا: تطلق فى كتب الفقه على الميت ، وعلى صلاة الجنازة.
فإذا قضى الإنسان نحبه وجبته له حقوق، أهمها خمسة: الغسل ، والتكفين ، والصلاة عليه ،ودفنه ، وقضاء ما عليه من ديون.
وتكون صلاة الجنازة بأن ينوى الصلاة على الجنازة الحاضرة (من ذكر أو أنثى) ثم يكبر أربعا: يقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة، ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الثانية، ويدعو للميت بما يتيسرله بعد الثالثة، ويدعو لعامة المسلمين بعد الأخيرة، ثم يسلم.
ولا يشرط لصلاة الجنازة جماعة محدودة بعدد، ويشترط لها من الطهارة ما يشترط لبقية الصلوات ، وشرط صحتها الإمامة، فإن فعلت بغير إمام أعيدت.
والأولى فيمن يصلى على الجنازة من أوصى الميت بأن يصلى عليه ، ثم الأولياء العصبة على مراتبهم فى ولاية النكاح ، وينبغى لأهل الفضل أن يجتنبوا الصلاة على مظهرى الكبائر والبدع ردعا لأمثالهم ، وصلاة الجنازة فرض كفاية، إذا قام بها البعض سقطت عن الباقى.
بعد ذلك لا بأس أن يدخل الميت فى قبره من أى ناحية، والقبلة أولى لأنها أفضل الجهات ، ويضجع الميت على جنبه الأيمن ،يستقبل القبلة، وتمد يده اليمنى مع جسده ،وتحل عقد الأكفان من عند رأسه ورجليه ،ويسوى من تحت رأسه ورجليه بالتراب حتى يستوى،ويستحب الدعاء له حينئذ.
أ.د/ على مرعى
مفهوم : الجيش
جيش وجند وعسكر: كلمات مترادفة، ولم تكن الجزيرة العربية تعرف الجيوش قديما بمعناها المعروف ، اللهم إلا فى اليمن غالبا، وقد ظهرت نواة الجيش زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومر الجيش الإسلامى آنئذ بأربعة أدوار مختلفة تدرجت من الضعف إلى القوة ومن الدفاع إلى الهجوم وهى:
1- دور الحشد: ويبدأ من البعثة النبوية حتى الهجرة إلى المدينة المنورة.
2- دور الدفاع عن العقيدة وتنظيم الجيش: ويبدأ من الإذن بالقتال إلى غزوة الخندق.
3- دور التعرض: ويبدأ من غزة الخندق إلى حنين ، وفى هذا الدور انتشر الإسلام فى شبه الجزيرة العربية كلها.
4- دور التكامل: ويبدأ من حنين إلى وفاة النبى صلى الله عليه وسلم وفيه تكاملت قوة المسلمين فى الجزيرة العربية ومدوا أبصارهم خارجها فى غزوة تبوك سنة 9هـ /630م.وكان يعتمد على أصحاء الأبدان الذين يستجيبون لنداء الجهاد إذا ما دعوا إليه ، سلاحهم السيف والرمح والقوس ، وإذا ما انتهى القتال رجعوا لممارسة حياتهم العادية.
وبمرور الزمن أصبح الجنود يرابطون فى معسكرات خاصة بهم فى الأمصار وكانوا قبائل مختلفة توفرت لها الرواتب المنتظمة،ويعتبر الخليفة عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- أول من أنشأ ديوان الجند، وقيد فيه الأسماء والأوصاف والعطايا، وهو أول من أقام الحصون وبنى الحاميات وشيد الأمصار والمعسكرات الدائمة لراحة الجند.
ثم عدل النظام العسكرى منذ زمن الأموبين ، وتعرض لتغييرات جذرية من حيث التكوين والتكتيك الحربى والتسليح والمرتبات ،وتلك كانت ضرورة فرضها اتساع الدولة الإسلامية وتغير أوضاعها.
أ.د/ عبد الله جمال الدين
مفهوم : الحاجب
لغة: اسم فاعل من حجب أى ستر.
واصطلاحا: اسم يقال للذى يحفظ باب الملك أو نحوه ، لكى يمنع الدخول عليه إلا بإذن ، وعرف العرب الحجابة بصفتها خطة منذ الجاهلية، فقد كان لبنى قصى حجابة الكعبة وهى سدانتها وملك مفاتيحها.
ولم تعرف هذه الخطة أيام الخلفاء الراشدين لأنهم كانوا لا يحجبون أحدا عن أبوابهم ، فلما انقلبت الخلافة إلى ملك فى ظل بنى أمية اتخذ خلفاؤهم من يقوم بحفظ أبوابهم وسمو القاتم بذلك " الحاجب "، وكان أول من اتخذ حاجبا عبد الملك بن مروان (65هـ-86هـ).
واستمرت هذه الخطة فى خلافة العباسيين بالدلالة نفسها ، وكانت دون مرتبة الوزير.
أما دولة بنى أمية فى الأندلس فقد قسموا الوزارة أصنافا، فتعدد الوزراء لديهم ،وأفرد للتردد بينهم وبين السلطان واحد خصوه بلقب الحاجب ، فكان بمثابة رئيس الوزراء وظل الأمر كذلك حتى نهاية الخلافة الأموية، ثم طوال عصر الطوائفه إذ حمل معظم أمرائهم لقب "الحاجب " ثم انقطعت بعد ذلك خطة الحجابة فى المغرب والأندلس منذ بداية دولة المرابطين فى القرن السادس الهجرى. غير أن اللقب عاد للظهور فى دولة الحفصيين بإفريقية (تونس) ولكن باختصاص آخر؟ إذ كان يحمله كبير موظفى قصر الخلافة الناظر فى ترتيب أحواله ونفقات المطابخ والاصطبلات وما إلى ذلك ، ثم مازالت الخطة ترتفع حتى أصبح الحاجب مستبدا بأمور الدولة، ولكن أبا العباس أحمد بن أبى بكر ألغى خطة الحجابة وباشر الأمور بنفسه (750هـ /1349م).
وفى مصر المملوكية أصبحت الحجابة إحدى الخطط التابعة لنائب السلطان وكانت النيابة نظير الوزارة فى الخلافة العباسية، وكان يعهد بالحجابة لحاكم ينفذ الأحكام فى طبقات العامة والجند تحت نظر النائب.
أ.د/ محمود على مكى
مفهوم : حلف الفضول
اصطلاحا: المعاهدة التى عقدت بين بنى هاشم وبنى المطلب وأسد بن عبد العزى وزهرة بن كلاب وتيم بن مرة قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم بنحو عشرين سنة.
وسبب تسميتها بهذا الاسم أن ثلاثة من قبيلة جرهم هم الفضل بن فضالة والفضل بن وداعة والفضل بن الحارث قد عقدوا قديما نظيرا لهذه المعاهدة، فلما أشبه فعل القريشيين فعل هؤلاء الجرهميين الأول المسمون جميعا بالفضل سمى الحلف: حلف الفضول.
وسبب قيام هذا الحلف أن رجلا من زبيد باليمن قدم مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل السهمى، ثم رفض أن يؤديه ثمنها، فطلب الزبيدى من الأحلاف أن يعينوه على اقتضاء حقه فأبوا وانتهروه بسبب قدر ومكانة العاص فى قومه. فصعد هذا الرجل إلى أعلى جبل فى مكة وقريش فى أنديتهم حول الكعبة، وصاح بأعلى صوته مرددا شعرا يطلب فيه من آل فهر أن يحموه من الظلم.
وكانت النتيجة أن قام الزبير بن عبد المطلب يلبى نداءه واجتمعت هاشم وزهرة وتيم فى بيت عبد الله بن جدعان بمكة وتحالفوا متعاهدين ليكونن يدا واحدة مع المظلوم حتى يؤدى له حقه ، ومشوا إلى العاص ، وانتزعوا سلعة الزبيدى منه ، ودفعوها إليه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الحلف: (لقد شهدت فى دارعبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لى به حمر النعم ، ولو دعيت إليه فى الإسلام لأجبت).
أ.د/ عبد الله جمال الدين
مفهوم : الحجية فى الكتاب والسنة
لغة: الدليل والبرهان
واصطلاحا: ما دل به على صحة الدعوى.
والحجية مصدر صناعى ، ومعنى حجية القرآن والسنة كون كل منهما يدل على صحة وحقية ما يرشد إليه.
والقرآن الكريم حجة؛ لأنه قد ثبت تواتره ،وهذا يوجب القطع بصدوره وثبتت نسبته إلى الله عز وجل. ويكفى حجة على ذلك ثبوت إعتازه بأسلوبه ومضامينه ، وتحديه لبلغاء عصره ؛ وعلى هذا فحجية القرآن ثابتة على جميع البشر، وإضافة إلى هذا يستأنس المسلمون لحجيته بتأكيد الله تعالى على عجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله وتأكيد حقيقته ،والأمر باتباعه فى مثل قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} الإسراء:88.
كذلك يستأنسون بمثل قول النبى صلى الله عليه وسلم (إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا).
وحجية السنة ثابتة بعدة أدلة منها ثبوت حجية القرآن والأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسى به. فى مثل قوله تعالى: {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر:7.
وهكذا استدل المسلمون فى جميع العصور على الأحكام الشرعية، ولم يختلفوا فى وجوب العمل بما أفاد قطعا أو ظنا راجحا من سنة النبى صلى الله عليه وسلم المروية على درجة من القبول ، ويستندون لقوله صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتى فليس منى). كذلك قوله (ألا إنى أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا يوشك رجل شبعان ،على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن ، فما وجدتم فيه من حلال فاحلوه ، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ،وأن ما حرم رسول الله كما حرم الله...).
أ.د/ عبد الغفورمحمود مصطفى
مفهوم : الحرص
لغة: شدة الإرادة والاجتهاد للحصول على المطلوب ، ويطلق ويراد به: الجشع ،والحرص: الشق ، حرص الثوب: شقة، كما فى اللسان.
واصطلاحا: طلب الشىء بأقصى ما يمكن من الاجتهاد، ومنه قوله تعالى: {إن تحرص على هداهم...} النحل:37 ،أى أن تطلب بجهدك ذلك..
وقد فسر بعض العلماء كلمة(حريص) فى قوله تعالى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيزعليه ما عنتم حريص عليكم}التوبة:128، بأنه -أى الرسول- شحيح عليكم أن تدخلوا النار.
لم ترد كلمة الحرص فى القرآن الكريم ، وإنما وردت مشتقاتها: مثل (حرصتت) فى سورة يوسف:103 (وتحرص) فى سورة النحل:37 و(أحرص) فى سورة البقرة 98.
والحرص: الشره ، والحريص: الشره ،ويأتى بمعنى الشح والطمع الذى يدفع بصاحبه إلى مساوئ الأخلاق ، وارتكاب المنكرات التى تتنافى مع المروءة. وقد جبل الإنسان على الحرص والطمع ، ففى الحديث: (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له ثالث ، ولا يملأ فمه إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب) (رواه الترمذى) ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن شدة الحرص والمبالغة فى الطلب فقال: (إن روح القدس نفث في روعى إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب) (أخرجه ابن أبى الدنيا فى القناعة).
ولا يتخلص من الحرص إلا من أدرك عز القناعة، وعزم على وقاية نفسه من ذل الطمع ، فاقتصد فى معيشته ، وأيقن بأن الرزق الذى قدر له لابد وأن يأتيه ، وإن لم يشتد حرصه ؛ فإن شدة الحرص ليست هى السبب لوصول الأرزاق ، بل بالاجتهاد فى العمل وإتقانه يحصل المرء على وعد الله بأنه يرزق من يشاء بغير حساب.
أ.د/ محمد شامة
مفهوم : الحزم
لغة: حزم الأمر: ضبطه واتقنه واستعد له. كما فى المعجم الوسيط.
واصطلاحا: اتخاذ القرار بفعل أو ترك.
ويرتبط معنى الحزم بخصيصتين هامتين فى الإنسان هما:
1- العقل والتفكير. 2- الإرادة والاختيار.
ذلك أن العاقل يفكر فى المواقف التى تجابهه ، فيستثمر علمه وتجربته وما وصله من هدى إلهى فى الموازنة والترجيح ليصل إلى قرار حكيم يناسب الموقف الذى هو فيه ،وهنا يختارما أداء إليه عقله وتجربته وفهمه لأحكام دينه ، حلا وحرمة ونحو هذا.
والحزم لا يعنى ألا يستفيد العاقل من مشاورة من يثق فى نصحهم ؛ لأن المشاورة تضىء له جنبات الموقف ، ثم هوبعد هذا صاحب القرار الذى سيتحمل مسئوليته ، ولذا وجدنا فى القرآن الكريم: {وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} آل عمران:159.
والحزم مظهر لاستقلال الشخصية وعدم تذبذبها أو تبعيتها للناس دون تفكير وموازنة، ودون اختيار رشيد، لذا وجدنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا أن لا تظلموا) (رواه الترمذى).
ولم يستخدم لفظ "الحزم" فى القرآن الكريم ، لكنه استعمل في السنة كثيرا من ذلك ما جاء عن أبى قتادة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأبى بكر: (متى توتر ، قال: أوترمن أول الليل ، وقال لعمر: متى توتر ، قال آخرالليل: فقال -صلى الله عليه وسلم- لأبى بكر: خذ هذا بالحزم ،وقال لعمر: خذ هذا بالقوة) (رواه أبو د اود).
والحزم ضرورى لمن يلى أمرا من أمور المسلمين حتى لا تتعدد الآراء وتتأرجح دون قرار يحسم الأمر ويحيله إلى التنفيذ بدلا من حيز الكلام فقط.
أ.د/ أبو اليزيد العجمى
مفهوم : الحساب (علم)
يعد الحساب أقدم وأبسط فروع علم الرياضيات ، وهو يحوى دراسة الأعداد والطرق الحسابية، وحل المشكلات والمسائل باستخدام الأعداد، ويتضمن ذلك العمليات الأساسية الأربع: الجمع والطرح والضرب والقسمة، مع تطبيق هذه العمليات في مسائل الحياة العامة، ولذلك فإن الحساب هو الأساس الذى يقوم عليه الكثير من الفروع الأخرى للرياضيات كالجبر والهندسة وحساب المثلثات.
وقد كان لعلماء الحضارة الإسلامية إسهامات بالغة الأهمية فى تطور علم الحساب ، ويزخر التراث الإسلامى بالعديد من كتب الحساب التى كان معظمها مراجع رئيسية في مختلف جامعات العالم ، من ذلك: كتاب " المقالات فى علم الحساب " لابن البناء المراكشى، وكتابا " مفتاح الحساب ، لغياث الدين حمشيد الكاشى، وكتاب " الجامع فى أصول الحساب " للحسن بن الهيثم ، وكتاب " طرائف الحساب " لأبى كامل شجاع بن اسلم ، وكتاب " خلاصة الحساب " لبهاء الدين العاملى وغيرها كثير جدا.
وكانت لعلماء المسلمين طرق خاصة لإجراء العمليات الحسابية بما يصلح أن يتخذ وسيلة للتعليم فى عصرنا، ولقد انتبه بعض رجال التربية فى أوروبا إلى قيمة هذه الأساليب من منظور تربوى، فأوصوا باستعمالها عند تعليم المبتدئين.
من ناحية أخرى هذب علماء المسلمين النظام العددى العشرى المأخوذ عن الهنود، ووضعوه فى الصورة المستخدمة في عصرنا، وأخذ الأوروبيون عن العرب الصفر والأعداد وسموها الأعداد العربية.
أ.د/ أحمد فؤاد باشا
مفهوم : الحيل
لغة: جمع حيلة، اسم من الاحتيال ،وأصله: الحذق فى تدبير الأمور ثم غلب فى العرف على أستعمال الطرق الخفية التى يتوصل بها المرء إلى حصول غرضه ، بحيث لا يتفطن له إلا بنوع من الذكاء والفطنة، كما فى مختار الصحاح.
واصطلاحا: تقديم عمل ظاهر الجوازة لإبطال حكم شرعى وتحويله فى الظاهر إلى حكم آخر.
والحيل ثلاثة أقسام:
1- حيل لا خلاف في تحريمها وإبطالها، كحيل المنافقين والمرائين ، ومن ذلك.
أ- الاحتيال للتفريق بين المؤمنين كما فى قوله تعالى: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون. لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}التوبة:107-108.
ب- الاحتيال لإسقاط الواجب على المكلف، كما في قوله صلى الله عليه وسلم (لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة). (رواه البخارى وأبو داود ، واللفظ للبخارى). فهذا يعنى النهى عن احتيال مقصود به إبطال حكم شرعى وتحويله فى الظاهر إلى حكم آخر.
2- حيل جائزة، وذلك اذأ كان المقصود بها أخذ حق ، أو دفع باطل ، أو مكروه (أذى) يلحق بصاحبه ، كالنطق بكلمة الكفر حالة الإكراه. يقول تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفرصدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذابا عظيم} النحل:106.
3- ما اختلف فيه ، وهو ما لم يتبين بدليل قاطع موافقته لمقصد الشارع أو مخالفته ، فمن رأى من الفقهاء أن الاحتيال فى أمرها مخالفا للمصلحة منعه ، ومن رأى أن الاحتيال غير مخالف لها فهو عنده جائز، بشرط أن لا يكون قصد المكلف المحتال مخالفا لقصد الشارع الحكيم. ومثال ذلك من باع ماله أو وهبه عند رأس الحول فرارا من الزكاة، فإن أصل البيع أو الهبة على الجواز، ولو منع الزكاة من غيرهما لكان حراما، فهذا وما شابهه محل خلاف بين الفقهاء.
أ.د/ على مرعى
مفهوم : الحيل (علم)
علم " الحيل " الذى عرف عند العرب بهذا الاسم هو ذلك العلم الذى أطلق عليه قدامى الإغريق اسم " الميكانيكا " ولا يزال يحمل هذه التسمية حتى الآن.
وقد ازدهر علم الحيل فى العالم الإسلامى ما بين القرنين الثالث والسابع الهجريين ، التاسع والثالث عشر الميلاديين ،واستمر عطاء المسلمين فيه حتى القرن السادس عشر الميلادى تقريبا.
ويمثل علم " الحيل النافعة " الجانب التقنى المتقدم فى علوم الحضارة الإسلامية حيث كان المهندسون والتقنيون يقومون بتطبيق معارفهم النظرية للإفادة منها تقنيا فى كل ما يخدم الدين ويحقق مظاهر المدنية والإعمار.
وقد جعلوا الغاية من هذا العلم " الحصول على الفعل الكبير من الجهد اليسيرا، ويقصد به استعمال الحيلة مكان القوة، والعقل مكان العضلات ، والآلة بدل البدن ، ذلك أن الشعوب السابقة كانت تعتمد على العبيد، وتلجأ إلى نظام السخرة في إنجاز الأعمال التى تحتاج إلى مجهود جسمانى كبير، فلما جاء الإسلام ونهى عن السخرة وإرهاق الخدم والعبيد وتحميلهم فوق ما يطيق الإنسان العادى، إلى جانب تحريمه المشقة على الحيوان أتجه المسلمون إلى تطوير الآلات لتقوم بالأعمال الشاقة، وبعد أن كانت غاية السابقين من علم " الحيل " لا تتعدى استعماله فى التاثير الدينى والروحى على اتباع مذاهبهم ، مثل استعمال التماثيل المتحركة أو الناطقة بواسطة الكهان ،واستعمال الأرغن الموسيقى وغيره من الآلات المصوتة فى المعابد، فقد جاء الإسلام وجعل الصلة بين العبد وربه بغير حاجة إلى وسائل وسيطة أو خداع حسى أوبصرى وأصبح لعلم " الحيل النافعة " هدف جديد هو التيسير على الإنسان باستعمال آلات متحركة.
وقد ظهر هذا التوجه عند المسلمين الأوائل على أيدى نفر من العلماء الأعلام ،لعل أشهرهم أبناء موسى بن شاكر الذين عاشوا فى القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) وألفوا كتابهم المعروف باسم " حيل بنى موسى " وقد قام دونالد هيل "D.Hill" بترجمته إلى الإنجليزية كاملا فى عام 1979م ، ويحتوى هذا الكتاب على مائة تركيب ميكانيكى مع شروح تفصيلية ورسوم توضيحه لطرائق التركيب والتشغيل ، وهو ما يدخل اليوم فى نطاق علم "الهندسة الميكانيكية" المعتمدة على حركة الهواء، أو حركة السوائل والتزامها.
وقد استعملوا نظام الصمامات الآلية ذات التشغيل المتباطىء وعرفوا طريقة التحكم الآلى والتشغيل عن بعد. كذلك تضمنت ابتكارات المسلمين الأوائل فى علم الحيل النافعة تصميمات متنوعة لساعات وروافع آلية يتم فيها نقل الحركة الخطية إلى حركة دائرية بواسطة نظام يعتمد على التروس المسننة وهو الأساس الذى تقوم عليه جميع المحركات العصرية.
ومن المؤلفات التراثية الرائدة فى هذا المجال كتاب " الجامع بين العلم والعمل النافع فى صناعة الحيل " ، لبديع الزمان الرزاز الجزرى الذى عاش فى القرنين السادس والسابع الهجريين (الثانى عشروالثالث عشر الميلاديين).
وقد وصفه مؤرخ العلم المعاصر" جورج سارتون " بأنه أكثرالكتب من نوعه وضوحا ويمكن اعتباره الذروة في هذا النوع من إنجازات المسلمين.
أ.د/ أحمد فؤاد باشا
منتديات الرسالة الخاتمة