بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
فص الخواتم فيما قيل في الولائم
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
الثامنة : وليمة المأدُبَة
بضم الدال وفتحها، وهي الضيافة التي تعمل بلا سبب.
قال أبن العماد: سميت مأدبة لاجتماع الناس لها، لأنها تقع على كل طعام يصنع، ويدعى عليه الناس، وخصوصاً الأصدقاء. وروينا عن جابر قال: " جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلاً، مثله كمثل رجل بني داراً، وجعل فيها مأدبة، وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة. فالدار الجنة، والداعي محمد، فمن أطاع محمداً فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً فقد عصى الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس ".
● أنواع من المآدب
وقال البلقيني وما يتخذ بلا سبب مأدبة ثم إن كانت عامة فهي الجفلى يعني بفتح الجيم والفاء واللام مقصوراً، أو خاصة فهي النقرى يعني بثلاث فتحات مقصوراً انتهى. قال طرفة:
نحن في المشتاة ندعوا الجفلى ● لا ترى الأدب فينا ينتقر
وصف قبيلته بغاية الكرم، إذا زمن الشتاء وقت ضيق، ومع ذلك فهم يدعون الناس دعوة الجفلى. وقوله لا ترى الأدب أي متخذ المأدبة، وقوله ينتقر: أي لا يدعوا دعوة النقرى.
● فائدة : الدعوة لغة
دعوة الطعام بفتح الدال، ودعوة النسب بكسرها، هذا قول الجمهور، وعكسه تيم الرباب بكسر الراء فقال: الطعام بالكسر، والنسب بالفتح. وأما قول قُطْرُب في المثلث: إن دُعوة دعوة الطعام بالضم فغلطوه فيه، كذا في شرح مسلم للنووي. وقال البلقيني: والدعوة إلى الطعام بفتح الدال، وفيه لغة بكسرها انتهى.
● نكتة : استحباب الإطعام للأصحاب
قال جعفر بن محمد الباقر: إذا قعدتم مع الأخوان على المائدة فأطيلوا الجلوس، فإنها ساعة لا تحسب عليكم من أعماركم. وكان الحسن البصري يقول: كل نفقة ينفقها على نفسه وأبويه ممن دونهم يحاسب عليها، إلا نفقة الرجل على إخوانه في الطعام، فإن الله ليستحيي أن يسأله عن ذلك. وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحاسب العبد على ما يأكله مع إخوانه " رواه الديلمي. وقال علي كرم الله وجهة: " لأن أجمع أخواني على صاع من طعام، أحب إلي من أن أعتق رقبة ".
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
التاسعة : وليمة الحِذَاقة
التاسعة : وليمة الحِذَاقة
بكسر الحاء المهملة، وهي الإطعام عند ختم القرآن، وكذا إذا ختم الثمُنَ أو الرُبُعَ أو النصف.
وهي التي يسمونها في زمننا " التحلية " . تقول أولاد الكتاب: " حلانا فلان بن فلان " . وكذا إذا تعلم الآداب، وكذا إذا نبتت أسنان الصغير، ونحو ذلك.
● فوائد لغوية
قال أبن الجوزي في تقويم اللسان: والصواب المكتب والمكاتب والعامة تقول الكتاب والكتاتيب، وهو غلط لأن الكتاب: الذين يكتبون، كذا نقله الصلاح في تحريره، وهو عجب، فقد وقع في كلام الشافعي، ومشى عليه الجوهري، واقصر صاحب القاموس على الثاني فقال: ويقال الكتاب كالرمان انتهى. وقال في الصحاح: وحذق الصبي القرآن والعمل " يعني الزيادة في أمر محبوب يَحْذِقُ حَذْقَاً وحِذْقاً وحَذَاقَةً وحذَاقاً إذا مهر فيه، وحَذِقَ بالكسر لغة فيه، ويقال لليوم الذي يختم فيه القرآن هذا يوم حِذَاقِةِ، وفلان في صنعته حاذِقٌ باذِقٌ وهو إتباع له انتهى. وقال الصلاح: قال أبن الجوزي: العامة تقول حذق الصبي بفتح الذال والصواب كسرها انتهى.
● الاحتفال بحذاق الصبيان
وروى الدوري في جزئه عن أبي بكر الهذلي قال: سألت الحسن يعني البصري وعكرمة عن الصبي نبتت أسنانه فينثر عليه الجوز، فقالا: حلال. وعن يونس بن عبيد قال: طرق أبن لعبد الله بن الحسن فقال عبد الله: إن فلاناً قد حذق والمعلم يطلب، قال: فماذا يريد؟ أعطه درهماً. قال سبحان الله! قال: فأعطه درهمين. قال: إنه لا يرضى! فقال الحسن رضي الله عنه: كانوا إذا حذق الغلام قبل اليوم نحروا جزوراً، واتخذوا طعاماً. وعن بن سلمة عن حميد قال: كانوا يستحبون إذا جمع الصبي القرآن أن يذبح الرجل الشاة ويدعو أصحابه.
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
العاشرة : وليمة التحفة
العاشرة : وليمة التحفة