بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مختصر موسوعة المفاهيم العربية والإسلامية
الصادرة عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
حرف اللام كاملآ
وحرف الميم حتى المصالح المرسلة
مفهوم : اللوح
لغة: ما يكتب فيه ، وهو كل صفحة من خشب أوعظم أو ورق أو نحو ذلك ، وجمعه ألواح.
شرعا: هو جسم مخلوق نورانى عظيم ، فوق السماء السابعة، وقد كتب فيه القلم: ما كان ، وما يكون إلى يوم القيامة. وهو اللوح المحفوظ وقد سمى "لوح القدر".
وقد وردت كلمة "لوح" فى القرآن الكريم مرة واحدة فى قوله عز وجل: {بل هو قرآن مجيد. فى لوح محفوظ} البروج:21-22، ومعنى " قرآن مجيد " أى عظيم كريم ، " فى لوح محفوظ ": أى هو فى الملأ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل. ولا يجوز شرعا أن يسمى اللوح المحفوظ " بالنفس الكلية " ولا " بالعقل الأول " وغير ذلك مما هو تابع لفلسفة الفيض ، وهى غير إسلامية، هذا ويجب الإيمان باللوح (المحفوظ) دون الخوض فى تعيين حقيقته دون نص شرعى.
كذلك لا يجوزالاعتقاد بأن اللوح خلق لضبط ما يخاف نسيانه فذلك أليق بالبشر وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
أ.د/ عبداللطيف محمد العبد
مفهوم : اللؤلؤ (الجوهر)
قال تعالى: {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا} الحج:23. وقد ذكر ، أن المراد ترصيع السوار باللولؤ، ولا يستبعد أن يكون فى الجنة سوار من لؤلؤ مصمت ،وهو ظاهر القرآن بل نصه.
ويطلق البعض على الجوهر اللؤلؤ ، وقيل: إن الكبير من اللؤلؤ يسمى درا والصغير لؤلؤا. ويتكون اللؤلؤ داخل الأصداف.
وتوجد مصائد اللؤلؤ بمحاذاة شواطى الهند وسيلان والخليج العربى والبحر الأحمر ،واليابان واستراليا وأمريكا وبعض جزر المحيط الهادى وغيرها.
ويختلف اللؤلؤمن حيث الشكل والتسمية فمنه المدحرج والمستدير والمستطيل والمخروط وغير ذلك.
وأجود اللآلئ ذات شكل كروى براقة متلونة بألوان قوس قزح وخالية من العيوب وعلى شىء من الشفافية، وغالبا مايكون اللؤلؤ أبيض أو قليل الصفرة أو الزرقة، وقد يكون أصفر أو أحمر أو أخضر، وقد يكون نصف شفاف أو قاتما، ونظرا لنعومته قد يخدش ، وتؤتر الأحماض والعرق على اللؤلؤ ، وقد يتلف لطول الزمن.
وقد مهر اليابانيون فى صناعة تزريع الؤلؤ فى برنس الصدفة، ويكثر التحلى باللؤلؤ المصطنع الذى يصنع من الزجاج.
أ.د/ حسن الباشا
مفهوم : اللاهوت
لغة: أله يأله إلاهة، وألوهة، وألوهية: عبد، ومنه قرأ ابن عباس رضى الله عنهما: {ويذرك وإلهتك} الأعراف:127. بكسر الهمزة، أى وعبادتك ومنه قولنا: الله وأصله: إله ، فهو فعال ، بمعنى مفعول ، لأنه مألوه ، أى معبود، وكل ما اتخذ من دونه إله عند متخذه ، والجمع: آلهة، والآلهة: الأصنام سموا بذلك لاعتقاد العابدين أن العبادة تحق لهم ، وأسماؤهم تتبع اعتقاداتهم ، لا ما عليه الشىء فى نفسه.
واصطلاحا: الألوهية، والإ لاهية، والإلهية والألوهية والإلهانية. كون ، أو صفة الذات الإلهية، والإلهيات:
علم يبحث عن الله وما يتعلق به تعالى، وهى ترجمة لكلمة "Theologie" ، وهى مأخوذة من الكلمة اليونانية القديمة "Theologia" وهى مركبة من مقطعين "Theo" ومعناها: الله ، و "logia" ومعناها: علم ، فكانت الكلمة بمقطعيها تطلق عند قدماء اليونانيين ويراد بها: علم الآلهة، وما يتعلق بالألوهية،
وعندما انتقلت إلى اللغات الأوروبية أصبح معناها: تعاليم الله ، أو علم العقائد الإلهية، ثم ترجمت إلى العربية "اللاهوت" أو "الإلهيات" على غير قياس.
وقد اهتم الإنسان منذ وجوده على سطح الأرض بقضية الألوهية، إذ احتلت المركز الأول فى تفكيره على امتداد التاريخ الإنسانى، فكان الإله شاغله من زوايا متعددة، باعتبار ذاته ، أو باعتبار علاقته بالمخلوقات كخالق ، وكذا باعتبار علاقته بالإنسان ، أو علاقة الإنسان به ، فتصوره بصور شتى ، لأنه لم يره بعينه ، وإنما آمن بوجوده وتوجه إليه بالعبادة بأدلة متنوعة: بباعث الخوف أو الرجاء، أو بالظواهر الكونية والإنسانية، وآمن بمعتقدات متعددة، وصلت إلى حد الاعتقاد بتعدد الآلهة، وأنهم يتوالدون ، ويتناكحون ، وأن أشكالهم وهيئاتهم تشبههم ، وأنهم يرتدون ملابس مثلهم ،ويتحدثون بلغتهم ومن هنا نشأ -فى مجال البحث الفلسفى فى الألوهية- ما أطلق عليه مشكلة تصورالإله فى الدين.
غير أن الأديان السماوية وعلى رأسها الإسلام ، وضحت للإنسان مفهوم "الإله" بأنه: الأول ، والآخر، والخالق ... وغير ذلك من الصفات التى تصور الله غنيا بنفسه ،أبديا واسع القدرة والمعرفة محيطا بكل شىء، وأنه الحق وحده ، وهو المحيى والمميت والمبدئ والمعيد.... إلى غير ذلك من النعوت التى تبين أنه الخالق المطلق ، المدبر الحكيم ،الملك الذى لا قوة ولا سلطان غير سلطانه فى الوجود، ومع ذلك فهو الرحمن الرحيم ، والغافر والغفور والرازق والمعطى... وغير ذلك من الأوصاف التى تدل على أن صلة احتياج تربط العبد بربه ، فالعبد محتاج إلى عفوه وتدبيره ، والله هو الرقيب والحسيب عليه ، المهيمن على عباده جميعا، يعينهم ويهديهم ، فهو مصدر الرزق بأوسع معانيه.
فالله بأوصافه كلها، سواء كانت متعلقة بذاته ، أو بصلته بمخلوقاته ، أو كانت مبنية لعلاقته بالإنسان ، وعلاقة الإنسان به هو موضوع علم "الألوهية" أو علم "اللاهوت" كما جاء فى ترجمة الكلمة اليونانية الأصل: Theologia ويطلق على هذا العلم فى مجال الدراسات الإسلامية: علم العقيدة أو الإلهيات ، فى مقابل القسمين الآخرين: النبوات والسمعيات التى يتكون منها جميعها -الإلهيات والنبوات والسمعيات- علم التوحيد.
أ.د/ محمد شامة
مفهوم : المتشابه
لغة: أشبه الشىء الشىء: ماثله ، وشابهه: أشبه ، تشابه الشيئان: أشبه كل منهما الآخر حتى التبسا،
والمتشابه: النص القرآنى يحتمل عدة معانى كما فى الوسيط.
واصطلاحا: يطلق المتشابه ، ويراد به عدة إطلاقات:
أحدها: وهو ما لم يأت فى القرآن بلفظه البتة ما يقصده علماء القرآن من وقوع النظم الواحد على صور شتى، وتتشابه فى أمور، وتختلف فى أخرى، ومن ثم يطلقون عليه متشابه النظم ، أو متشابه اللفظ ،
قال الزركشى: "ويكثر فى إيراد القصص والأنباء، وحكمته التصرف فى الكلام ، وإتيانه على ضروب ، ليعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك مبتدأ به ومتكرر. ومن أمثلة ذلك قوله تعالى {واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل} البقرة:48، مع قوله {واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} البقرة:123 ، وقد عنى بتوجيه هذا اللون من نظم القرآن قلة من المفسرين فى تفاسيرهم ، ومنهم: شهاب الدين محمود الألوسى فى تفسيره المعروف بروح المعانى، وعلامة المغرب الطاهر بن عاشور فى تفسيره الموسوم بالتحرير والتنوير.
كما أفرده بعض العلماء بالتصنيف ، يقول السيوطى "رحمه الله" أفرده بالتصنيف ،خلق: أولهم - فيما أحسب -: الكسائى، ونظمه على بن عبد الصمد السخاوى المتوفى سنة 643هـ فى كتابه "هداية المرتاب فى المتشابه من الكتاب": وهى منظومة تعرف "بالسخاوية"، وألف فى توجيهه الكرمانى فى كتابه "البرهان فى متشابه القرآن" وأحسن منه "درة التنزيل وغرة التأويل" لأبى عبد الله الرازى ... وفى كتاب أسرار التنزيل المسمى."قطف الأزهار فى كشف الأسرار" الجم الغفير.
ثانيهما: أن يطلق المتشابه صفة مدح لجميع القرآن ، ولفظ المتشابه بهذا المعنى هو الوارد فى قوله تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} الزمر:23.
أما تبيان كيف أن المتشابه بهذا الإطلاق نعت كمال لجميع القرآن ، فإنه من الجلى أن صوغ مادة التشابه فى هذه الآية على صورة التفاعل يقضى بأن الكتاب الكريم ذو أجزاء كلها يشبه بعضه بعضا على ماهو الكثير الغالب فى صورة التفاعل.
وقد بين المفسرون الكمالات التى تتشابه فيها أبعاض الكتاب العزيز، ومن خير وأسد ما فى المقام من عبارات عبارة الزمخشرى، فقد قال فى تفسيرالآية (ومتشابها) مطلق فى مشابهة بعضه بعضا، فكان متناولا لتشابه معانيه فى الصحة والإحكام والبناء على الحق والصدق ومنفعته الخلق ، وتناسب ألفاظه وتناسقهما فى التخير والإصابة، وتجاوب نظمه ،وتأليفه فى الإعجازوالتبكيت.
والتشابه بهذا المعنى الذى يعم جميع القرآن على نحو ما رأينا لا يتنافى بحال مع وصف الإحكام المذكور فى قوله تعالى {كتاب أحكمت آياته ... } هود:1 ، والذى يعم هو الآخر القرآن الكريم بأسره ، بل يجب الأخد بكلا الوصفين جميعا فى كتاب الله عز وجل دون أن يأتى كلام الحق فى ذلك باطل من بين يديه أو من خلفه؟ ذلك بأن التناقض إنما يلزم إذا كان بين المادتين فى هاتين الآيتين تقابل التضاد، وكيف وكل منهم صفة مدح لا يمكن أن تدل على ما يضاد الأخرى، وإنما على ما يؤاتيهما ويشد من أزرهما وبانطوائهما معا فى صفته شاهد صدقه وآية تنزيل رب العالمين.
وأما الإحكام فمعناه أن آى القرآن كلها قد نظمت نظما محكما لا يعتريه إخلال من جهة اللفظ ، ولا من جهة المعنى، ولا من جهة الهدف والغاية، أو أنها أحكمت بالحجج والدلائل ، أو جعلت حكمة فنقول حكم إذا صار حكما ، لأنها مشتملة على أمهات الحكم النظرية والعملية، وإذن فالقرآن بهذا المعنى محكم فى تشابهه ، متشابه فى إحكامه على نحو ما ألمحت إليه عبارة الزمخشرى السابقة.
ثالثهما: أن يرد لفظ المتشابه فى القرآن مقولا على بعض منه مخصوص ، مقابلا وقسيما للبعض الآخر الذى يقال عليه وصف المحكم ، وبحيث لا يجتمع هذان الوصفان المتقابلان فى شىء واحد ألبتة، وذلك هو ما جاء فى قوله تعالى {هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} آل عمران:7 ، وهذا المعنى هو الذى ينصرف إليه لفظ المتشابه عند الإطلاق والتجرد من القرينة.
وإن الناظر فى هذين الوصفين المتقابلين واللذين لا يصدق واحد منهما على ما يصدق عليه الآخرمن الكتاب المجيد، ليرى اختلافا عظيما بين العلماء فى تبيان هذا المعنى.
وأمثل ما اختاره المحققون فى شرح حقيقة القسمين الكريمين ما أفصحت عنه عبارة الفخر الرازى، إذ يقول: "اللفظ الذى جعل موضوعا لمعنى: إما أن يكون محتملا لغير ذلك المعنى، وإما أن لا يكون. فإذا كان اللفظ موضوعا لمعنى ولا يكون محتملا لغيره فهذا هو النص.
وأما إن كان محتملا لغيره فلا يخلو: إما أن يكون احتماله لأحدهما راجحا على الآخر، وإما أن لا يكون كذلك بل يكون احتماله لهما على السواء، فإن كان احتماله لأحدهما راجحا على الآخر سمى ذلك اللفظ بالنسبة إلى الراجح ظاهرا، وبالنسبة إلى المرجوح مؤولا، وأما إن كان احتماله لهما على السوية كان اللفظ بالنسبة إليهما معا مشتركا ، وبالنسبة لكل واحد منهما على التعيين مجملا.
فقد خرج من التقسيم الذى ذكرناه أن اللفظ إما أن يكون نصا أو ظاهرا أو مؤولا أو مشتركا أو مجملا، أما النص والظاهر فيشتركان فى حصول الترجيح إلا أن النص راجح مانع من الغير، والظاهر راجح غير مانع من الغير، فهذا القدر المشترك هو المسمى بالمحكم.
وأما المجمل والمؤول فهما مشتركان فى أن دلالة اللفظ عليه غير راجحة، فالمجمل إن لم يكن راجحا لكنه غيرمرجوح ، والمؤول مع أنه غير راجح فهو مرجوح لا بحسب الدليل المنفرد، فهذا القدر المشترك هو المسمى بالمتشابه؟ إما لأن الذى لا يعلم يكون النفى فيه مشابها للإثبات فى الذهن ، وإما لأجل أن الذى يحصل فيه التشابه يصير غيرمعلوم ، فأطلق لفظ المتشابه على ما لا يعلم إطلاقا لاسم السبب على المسبب ، فهذا هو الكلام المحصل فى المحكم والمتشابه".
وخلاصة هذا القول أن المحكم ما كان راجح الدلالة على معناه بنفسه، احتمل مرجوحا كالظاهر أو لم يحتمل كالنص ، المتشابه ما ليس كذلك -أى ما كان غير راجح الدلالة بنفسه مرجوحا كان كالمؤول ، أو مستوى الدلالة كالمجمل- وهو كلام سديد، لأن مدار الإحكام على ما تفهمه الآية الكريمة نفسها.
إنما هو على الوضوح والتعاصى على الزائغ ، وكذلك شأن النص والظاهر اللذين جعل المحكم هو القدر المشترك بينهما، وأن مدار التشابه حسبما صرحته على عون الكلام خفيا ومتبعا للزائغ يبتغى به الفتنة،
وإنما يظفر الزائغ بهذه الطلبة فى المجمل والمؤول اللذين جعل المتشابه هو القدر المشترك بينهما كذلك ، ثم إن الناس اختلفت اختلافا عظيما كذلك فى قضية العلم بتأويل المتشابه بهذا الإطلاق هل مقصور على الله تعالى، أو هو بحيث يتأتى للراسخين فى العلم أيضا ، والصواب الثانى ومن أبرز المتشابه بهذا الإطلاق فى القرآن ما يعرف لدى العلماء بآيات الصفات الخبرية، أو متشابه الصفات كالآيات التى جاء فيها ذكر الوجه واليد والجنب والروح والنفس والاستواء والفوقية والرضا والغضب وما إلى ذلك من كل ما فيه نسبة البعض أو العرض إليه تعالى جسمانيا كان ذلك أو نفسانيا.
ومن حكمة ورود المتشابه بهذا الإطلاق فى القرآن والسنة ما ذكره صاحب الكشاف فقال: لو كان كله (يعنى القرآن) محكما لتعلق الناس به لسهولة مأخذه ولا عرضوا عما يحتاجون فيه إلى الفحص والتأمل من النظر والاستدلال. ولو فعلوا ذلك لعطلوا الطريق الذى لا يتوصل إلى معرفة الله وتوحيده إلا به ، ولما فى المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحق والممتزلزل فيه ، ولما فى تقادح العلماء، وإتعابهم القرائح فى استخراج معاينة، ورده إلى المحكم من الفوائد الجلية والعلوم الجمة ونيل الدرجات عند الله.
ولأن المؤمن المعتقد أن لا مناقضة فى كلام الله ولا اختلاف إذا رأى فيه ما يتناقض فى ظاهره وأهمه طلب ما يوفق بينه ويجريه على سنن واحد ففكر وراجع نفسه وغيره ففتح الله عليه ، وتبين مطابقة المتشابه المحكم ازداد طمأنينة إلى معتقده وقوة فى إيقانه.
أ.د/ إبراهيم عبد الرحمن محمد خليفة
مفهوم : المتن
لغة: متن كل شىء، غايته ، وجلد له متن: صلابة وقوة، ومتنت الكبش: إذا شققت جلدة بيضته واستخرجتها
، والمتن: ماصلب وارتفع عن الأرض.
واصطلاحا: مرَّ بمرحلتين:
1- الأولى فى بداية القرن الثانى الهجرى، ظهر مصطلح المتن كقسيم للسند فى الصناعة الحديثة، وذلك ضمن كلام لمحمد ابن سيرين المتوفى سنة (110هـ /728م) حين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة ، قالوا: سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظرإلى أهل البدع فلا يؤخد حديثهم، وكانوا أحيانا فى تلك الفترة يطلقون على المتن لفظ الخبز والمروى والمتن.
2- وفى القرون المتأخرة فى القرن السابع الهجرى وما بعده ، حاول العلماء أن يضعوا تعريفا محددا للمتن ، ويربطوا بينه وبين المعنى اللغوى، فقال الطيبى المتوفى (743هـ /1343م): المتن: ألفاظ الحديث التى تقوم بها المعانى.
وقال ابن جماعة المتوفى سنة (767هـ /1367م): ما ينتهى إليه غاية السند من الكلام.
ووجه الترابط بين المعنى الاصطلاحى والمعنى اللغوى السابق ، أنه إما مأخوذ من المماتنة أى المباعدة فى الغاية، لأنه غاية السند، أو من المتن وهو: ما صلب وارتفع من الأرض ، لأن المسند يقويه بالسند ويرفعه إلى قائله ، أو من متنت الكبش إذا شققت جلدة بيضته واستخراجتها، فكأن المسند استخرج المتن بسنده.
ولقد قسم العلماء المتن إلى ثلاثة أقسام:
1- مرفوع: وهو ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة من قول أو فعل.. مثل: (إنما الأعمال بالنيات)، ويدخل فى المرفوع: المتصل والمنقطع ، والمرسل والمعضل والمعلق.
2- موقوف وهو ما يروى عن الصحابى من أقوال وأفعال وتقريرات ، ونحو ذلك ،فيوقف عليهم لا يتجاوز به إلى الرسول عليه السلام مثل قولى أبى بكر رضى الله عنه عنه (والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه).
3- مقطوع وهو ما جاء عن التابعين فمن دونهم ، موقوفا عليهم من أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم مثل قول الحسن البصرى: (رحم الله رجلا لم يغره ما يرى من كثرة الناس ، ابن آدم ، إنك تموت وحدك ،وتدخل القبر وحدك ، وتبعث وحدك ... ).
والفرق بين المقطوع والمنقطع أن المقطوع من أقسام المتن ، والمنقطع من أقسام السند.
أ.د/ مصطفى محمد أبو عمارة
مفهوم : المحاسبة
لغة: العد والتقدير، وحسن التدبير، ويعرف من يقوم بهذه الأعمال بالحسيب أو المحاسب، وفى القرآن الكريم {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} الإسراء:14 ، أى محاسبا ، {والله سريع الحساب} البقرة:202 ، أى لا يشغله حساب أحد عن محاسبة الآخر كما فى اللسان.
واصطلاحا: وينصرف معنى المحاسبة فى الفكر الإسلامى إلى مفهومين:
1- المحاسبة الذاتية المعنوية، وهى: أن يحاسب المرء نفسه ، وهو ما أكد عليه عمر بن الخطاب بقوله (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا).
2- المحاسبة المادية، وتعنى المحاسبة على العمليات ذات الصفة العينية والمالية، وتختص بكتابة وقياس الأشياء بغرض الاستفادة منها فى مجالات مختلفة من ضمنها حساب زكوات الأموال.
وقد كانت للدولة الإسلامية فى عصورها الزاهرة نظم محاسبية تساعد المسئولين على إدارة حركة الأموال العامة النقدية والمالية، بحيث تحفظ الأموال وتضبط الغلال فتتحقق رقابة فعالة عليها، وتتم المحاسبة كتابة امتثالا لقوله تعالى {ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} البقرة:282.
أما المحاسبة فى العصر الحديث فتختص بتحديد وقياس الأنشطة المختلفة وتوصيل معلومات عن نتائج تلك الأنشطة إلى من يهمه الأمر بهدف الاستفادة منها فى اتخاذ القرارات.
وتتمثل إجراءات المحاسبة فى:
1- حصر وتجميع البيانات عن الأنشطة المتعددة.
2- تسجيل وتصنيف وتحليل تلك البيانات فى ضوء مفاهيم وأسس معينة، ووفقا للأهداف المرجوة.
3- توصيل المعلومات الناتجة عن التسجيل والتصنيف والتحليل إلى من يريد معرفتها لاستخدامها فى اتخاذ القرارات.
وعن أهمية المحاسبة يقول الحريرى "إن صناعة الحساب موضوعة على التحقيق ، وإن قلم المحاسب ضابط ،وإن الحسبة هم حفظة الأموال ، ولولا قلم الحاسب لاتصل التغابن إلى يوم القيامة، ولكان من نظام المعاملات محلولا، وجرح الظلامات مطلولا، وجيد التناصف مغلولا، وسيف التظالم مسلولا".
مما يعنى أنه لولا المحاسبة على حركة الأموال الواردة والمنصرفة وتسجيلها بواسطة المحاسبين ، لما أمكن معرفة نتيجة النشاط من مكسب أو خسارة، ولما وجدنا نظاما سليما للمعاملات أو لإظهار الحقوق ، أو لمنع الظلم.
أ.د/ حمدى عبدالعظيم
مفهوم : المحدث
لغة: اسم فاعل من التحديث مأخوذ من حدث يحدث فهو محدث ، وهو وصف لمن يشتغل بالحديث ويقضى وقته فى دراسته.
واصطلاحا: فقد مر هذا المصطلح بعدة مراحل: فكان فى بداية أمره ، وصفا لمن تصدر لرواية الحديث مطلقا،. وفى القرن الثانى الهجرى، ظهر الكلام على رواة الحديث ، وأصبح للحديث الواحد طرق متعددة،
واختلفت ألفاظ الحديث الواحد ، تبعا لاختلاف الطرق ، وظهر بين العلماء من يجيد تمييزالطرق ،ونسبة كل لفظ إلى طريقه ، فأمثال هؤلاء جديرون بأن يطلق عليهم لقب "محدث" وقد نالوا احترام الناس الذين يشتغلون بالحديث.. قال الإمام البخارى: ما رأيت أحدا أوقر للمحدثين من يحيى بن معين.
وكان بعضهم يطلق لقب "محدث" على الحافظ.
ونسب إلى الزركشى القول بأن الفقهاء، كانوا يطلقون لقب "محدث" على من حفظ الحديث وعلم عدالة رجاله أو جرحهم ، دون المقتصر على السماع.
وفى القرن الثامن الهجرى، حاول العلماء أن يضعوا ضوابط للقب "محدث" فقد سئل الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس المتوفى سنة (734هـ /1334م) عن المحدث فقال: المحدث فى عصرنا: من اشتغل بالحديث رواية ودراية، وجمع بين رواته ، واطلع على كثير من الرواة والروايات فى عصره ، وتميز فى ذلك ، عرف فيه حفظه ، واشتهر فيه ضبطه.
ووصفه بعض العلماء بقوله: إنه الذى قرأ، وكتب ، وسمع ، ووعى، ورحل إلى المدائن والقرى، وحصل أصولا، وعلق فروعا من كتب المسانيد والعلل والتواريخ التى تقرب من ألف تصنيف.
ومن ذلك يتبين لنا أن لقب المحدث هو وصف لمن يشتغل بدراسة السنة دراسة علمية دقيقة، وهو ما يعرف اليوم بلغة العصر الحاضر: التخصص الدقيق.
فكل من اهتم بدراسة الأسانيد والعلل ، وأسماء الرجال ، والعالى والنازل من الأسانيد ،وحفظ مع ذلك جملة مستكثرة من المتون ، مع العلم بما يجب كونه عليه من الضبط ، أو التيقظ ، والمعرفة بأداء الحديث وشرائطه ، والتحرز من أن يدخل عليه ما لم يسمعه ، مثل هذا جدير بلقب "محدث" على أن هناك طائفة أخرى توصف بأنها "أهل الحديث" وهم الذين يهتمون بمعرفة دلالات الألفاظ ، وكيفية الاستنباط من النصوص مع تقديمها على الرأى، وإن لم تكن لهم إحاطة بالطرق والرجال.
أ.د/ مصطفى محمد أبو عمارة
مفهوم : المحراب
لغة: الغرفة، وصدر البيت أو المجلس وأكرم موضع فيه ، والموضع الذى ينفرد فيه الملك فيتباعد عن الناس. (لسان العرب).
وجاءت اللفظة فى القرآن الكريم بصيغة المفرد فى قوله تعالى {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا} آل عمران:37 ، وكذلك فى (آل عمران:39) (مريم:11) (ص:21).. ومعنى المحراب هنا: الحجرة التى فى مقدمة المعبد.
وجاءت اللفظة بصيغة الجمع (محاريب) فى قوله تعالى {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب} سبأ:13. وفسرت المحاريب فى هذه الآية بالقصور، والمساجد يتعبد فيها.
واصطلاحا: علامة القبلة فى جدار المسجد ، وجرت العادة أن تكون فى وسط جدار القبلة.
وكانت القبلة عند بناء مسجد النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة أولا فى الجدار الشمالى نحو المسجد الأقصى ، ثم أمر النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة الثامنة من الهجرة أن يولى وجهه شطر المسجد الحرام ، ومن ثم نقلت القبلة من الجدار الشمالى إلى الجدار الجنوبى، وهكذا صارت قبلة جميع المساجد فى الجدار الموجه نحو المسجد الحرام فى مكة المكرمة، يقول الله تعالى {قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره} البقرة:144.
ولم ليكن المحراب فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم مجوفا بل كان مسطحا تسطح الجدار نفسه ،ولكنه كان محددا ومعلما، وظل فى مكانه بعد توسعة المسجد فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة السابعة بعد الهجرة، وكان من جراء ذلك أن صار أقرب إلى الجدار الشرقى منه إلى الجدار الغربى ، وذلك لأن توسعة المسجد نحو الغرب كانت أطول من توسعته نحو الشرق.
وفى خلافة عمر بن الخطاب نقل جدار القبلة نحو الجنوب بمقدار خمسة أمتار تقريبا، ومن ثم نقل مكان المحراب إلى الجدار الجديد، ولكن على نفس المحور. وحدث الشىء نفسه فى خلافة عثمان بن عفان حين نقل جدار القبلة إلى الجنوب نحو خمسة أمتار أخرى، وبذلك صار فى موضعه الحالى. ومع ذلك فقد ظل مكان محراب النبى صلى الله عليه وسلم الأول موضع حفاوة المسلمين الذين يحرصون على الصلاة والدعاء أمامه ، وقد أقيم فى المكان نفسه محراب بعيد عن الجدارالحالى على يد السلطان المملوكى قايتباى.
وقد ظل المحراب مسطحا إلى أن أجرى الوليد بن عبدالملك عمارته فى مسجدالنبى صلى الله عليه وسلم سنة 88هـ ، حين أمر بإعادة بنائه ،وتجديده تجديدا شاملا، ففى هذه العمارة أدخلت فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم وحدة معمارية جديدة هى المحراب المجوف ،وكان ذلك إيذانا بانتشاره بعد ذلك فى المساجد.
وقيل كثيرمن الآراء بشأن الحكمة من المحراب المجوف ،منها: أنه يفيد فى تعيين اتجاه القبلة، وفي تحديد مكان الإمام عند الصلاة، وفى توسيع طاقة المسجد بما يقرب من صف من المصلين فى الصلاة الجامعة،
ويساعد على تجميع صوت الإمام وتكبيره ، وإيصاله للمصلين الذين يوليهم ظهره أثناء الصلاة، لا سيما قبل اختراع مكبرات الصوت.
ونال المحراب عناية مؤسسى المساجد الجامعة من حيث العمارة والزخرفة، وإقامة المنبر إلى يمينه ، وتزويده بمقصورة، والحفاوة بالبلاطة التى تليه ، التى عرفت ببلاطة المحراب ، وبالبلاطة المؤدية إليه من الصحن والتى أطلق عليها أحيانا المجاز القاطع.
وكان المحراب فى بعض الأحيان يكتنفه عمودان من الرخام يحملان عقدا ويسقف أعلاه بنصف قبة تعرف بطاقية المحراب كانت تزين بالمقرنصات ، وقد يكسى المحراب ، بالجص المزخرف بالحفر البارز والغائر، أو بالرخام والمرمر، أو ببلاطات القاشانى، أو بالفسيفساء الرخامية أو الخزفية أو الزجاجية المشكلة بالحليات الهندسية والنباتية المحورة، وكان يكرم بالآيات القرآنية المناسبة لوظيفته.
وتتعدد المحاريب فى بعض المساجد، ومن ذلك مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة ، إذ يشمل على خمسة محاريب بالإضافة إلى المحراب الرئيسى فى منتصف جدار القبلة، ومن هذه المحاريب أربعة محاريب مسطحة من
الجص على بعض دعائم المسجد فى رواق القبلة.
هذا.. ولم تقتصر المحاريب على المساجد، بل وجدت أيضا فى الخانقاوات والمدارس والأضرحة وغيرها من الأماكن التى تقام بها الصلاة، أو يحتاج فيها إلى تعيين موضع القبلة.
إضافة إلى ذلك عرفت محاريب غير ثابتة يمكن نقلها من مكان إلى آخر عند الضرورة، فمثلا فى فصل الصيف الحار كانت تنقل إلى صحن المسجد، وكانت هذه المحاريب تصنع من الخشب ، وكان يعتنى بزخرفتها، ومن أمثلة هذه المحاريب محراب السيدة رقية بمتحف الفن الإسلامى بالقاهرة 533هـ.
هذا واستخدم شكل المحراب عنصرا زخرفيا فى العمارة الإسلامية ولا سيما فى المقرنصات. وليس من شك فى أن المحاريب تعد من أقيم الآثار الإسلامية سواء من حيث القيمة الروحية، أو من حيث الأهمية المعمارية والزخرفية، ومن المحاريب التى تتمثل فيها أساليب العمارة والزخرفة الإسلامية:
- محراب قبة المنصور قلاوون بشارع المعز لدين الله بالقاهرة.
- محراب الجامع الأزرق بشارع باب الوزير بالقاهرة.
- محراب مسجد ابن طولون بالقاهرة.
- محراب مدرسة قجماس الإسحاقى بشارع الدرب الأحمر بالقاهرة.
- محراب جامع محمد على بقلعة صلاح الدين بالقاهرة.
- محراب مسجد نابين بإيران (من القرن الرابع الهجرى).
- محراب مسجد ميدان فى قاشان بإيران.
- محراب ضريح بابا قاسم فى أصفهان بإيران.
- محراب المسجد الجامع بصنعاء اليمن.
- محراب جامع قرطبة من عهد الخليفة الحكم.
أ.د/ حسن الباشا
مفهوم : المدارس
تعتبر المدارس فى الإسلام امتدادا للمساجد، فكان المسلمون فى عصورهم الأولى يتوسعون فى مهمة المسجد، فاتخذوه مكانا للعبادة ومعهدا للتعليم ، ودارا للقضاء، وساحة تتجمع فيها الجيوش ، ومنزلا لاستقبال السفراء.
وقد ميز الجامع عن المسجد بأن الجامع هو الذى يجتمع فيه الناس لصلاة الجمعة أو الجماعة، أما المسجد فهو مكان الصلاة ولو كان حجرة خاصة بالمنزل.
وقد اشتهر من بين الجوامع الإسلامية ثلاثة هى:
1- جامع المنصور ببغداد، وقد كان هذا المسجد قبلة أنظار الأساتذة والطلاب ، ومن أشهر العلماء الذين جلسوا للتدريس فيه الخطيب البغدادى والكسائى والفراء.
2- جامع دمشق ، وكان للمالكية به زاوية للتدريس فى الجانب الغربى، وللشافعية مدرسة على يمين الخارج من باب البريد، وهناك كذلك مقصورة برسم الحنفية يجتمعون فيها للتدريس وبها يصلون.
3- جامع عمرو بن العاص: وقد بنى هذا الجامع سنة 21هـ فهو أقدم جامع فى قارة إفريقية، ومن العلماء الذين جلسوا. للتدريس به سليمان بن عتر التجيبى، وقد سجل المقريزى بعض تفاصيل عن أهم الزوايا العلمية بهذا المسجد، وهى زاوية الإمام الشافعى، والزاوية المجدية والزاوية الصاحبية، ومن أشهر العلماء الذين جلسوا للتدريس فيه الإمام محمد بن جرير الطبرى.
أما العلوم التى كانت تدرس فى المسجد فكثيرة أهمها: العلوم الدينية، والعلوم اللغوية، والأدبية، ومبادئ علم الكلام ، والعروض ، وعلم الطب ، والميقات (الفلك).
وقد انتقل التعليم من المساجد إلى المدارس بسبب ما يحدثه التدريس من أصوات ومناقشات تحدت قليلا أو كثيرا من الضوضاء التى تؤثرعلى ما يلزم من وقار الصلاة وخشوعها ، ثم إن العلوم تطورت بتطور الزمن فأصبح الجدل والمناظرة من العلوم المهمة مع ما يحدثه من أصوات تتناقض مع ما يحتاجه المسجد من هدوء وجلال.
وهناك فروق واضحة بين المدرسة والمسجد هى:
1- فى المدرسة يعين المدرس وذلك بخلاف معلمى المساجد.
2- وجود الإيوان بالمدارس وهو الاسم الذى يرادف قاعة المحاضرات ولم يوجد فى المسجد باستثناء المساجد الكبرى التى تهتم بالتعليم.
3- كان عدد التلاميذ محددا فى المدرسة بخلاف حلقة المسجد التى كانت مفتوحة لمن يجلس فيها.
أما أقدم المدارس الإسلامية فهى مدارس الوزير العظيم نظام الملك الذى وزر لألب أرسلان وملكشاه ،وسميت هذه المدارس النظامية نسبة لنظام الملك ،وكانت هذه المدارس كثيرة لم تخل منها مدينة أو قرية.
واقتفى نور الدين زنكى أثر نظام الملك فأنشأ المدارس فى الشام. وسار صلاح الدين الأيوبى وأفراد أسرته على هذا النهج فأنشأوا المدارس فى مصر.
أ.د/ أحمد شلبى
مفهوم : المذاهب (الفقهية)
لغة: ذهب مذهب فلان: قصد قصده وطريقته ، وذهب فى الدين مذهبا: أى رأى فيه رأيا.
واصطلاحا: لا يخرج المعنى الاصطلاحى عن ذلك المعنى اللغوى.
وحكم الاجتهاد فى الإسلام مشروع ، فقد اجتهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما لم يجدوا فيه نصا، وكذلك اجتهد التابعون ومن بعدهم فى الحوادث التى عرضت لهم مما لم يجدوا فيه نصا من الكتاب أو السنة فنشأ عن هذا الاجتهاد اختلاف فى الرأى، ثم زاد هذا الاختلاف بعد الفتنة التى أدت إلى مقتل سيدنا عثمان ثم الإمام على رضى الله عنهما، فكان أن انقسم المسلمون إلى طوائف ثلاثة: شيعة، وخوارج وأهل السنة.
وكان السبب الرئيسى لاختلافهم هو الخلافة والأحق بها، وما صاحبها من التحكيم فى النزاع بين الإمام على ومعاوية فكان لكل طائفة رأى يخالف رأى غيرها، وحاولت كل فرقة أن تعمل لنصرة مبادئها، فتولد عن ذلك اختلاف آخر فى بعض الأحكام العملية ، مما أدى إلى وجود فقه للخوارج وآخر للشيعة، وثالث لأهل السنة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى وجود اختلاف بين كل طائفة ، فتعددت المذاهب الفقهية.
والمذاهب الفقهية كثيرة ومتعددة منها ما اشتهر وكتب له البقاء، ومنها ما لم تدون فيه مراجع خاصة به كمذهب الإمام الليث بن سعد ، والإمام ابن جرير الطبرى، والإمام الأوزاعى وغيرهم ، أما المذاهب المشهورة والتى لها ذيوع وانتشار فهى ثمانية مذاهب وهى: المذهب الإمامى والمذهب الزيدى وهما لطائفة الشيعة، والمذهب الإباضى وهو لطائفة الخوارج ، والمذهب الظاهرى، ومذاهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وهى لأهل السنة والجماعة.
والمذهب الشيعى الإمامى وهو لبعض الشيعة، وهم الذين يعتقدون أن الرسول أوصى بالخلافة لعلى بالذات ثم من بعده لولده ، وأن الأئمة معصمون من الخطأ... الخ ، فهم يختلفون مع أهل السنة فى كثير من الفروع والأحكام ، فضلا عن إنكارهم القياس وينتشر هذا المذهب فى إيران والعراق ، والهند.
والمذهب الشيعى الزيدى: فهو لطائفة ينتسبون إلى زيد بن على زين العابدين بن الحسين ، ومن مبادئهم أن الإمامة لا تكون بالنص عليها -كما يقول الإمامية- وإنما تكون لكل فاطمى عالم زاهد شجاع فى الحق. والزيدية أعدل فرق الشيعة فى تعاليمها ، ومع ذلك فقد خالفوا فقه أهل السنة فى كثيرمن الفروع والأحكام ،ولهم كتب كثيرة منها المجموع المنسوب للإمام زيد ، وشرحه الروض النضير، وأتباع هذا المذهب موجودون الآن فى بلاد اليمن ، وقد تشعب هذا المذهب إلى شعب منها: القاسمية والناصرية والهادويه.
والمذهب الإباضى: وهو مذهب طائفة معتدلة فى الخوارج وهو منسوب إلى عبد الله بن إباضى الذى توفى سنة 80هـ ، وهم يرون أن الخلافة تكون بالاختيار الحر من المسلمين ،وهذا المذهب يتفق فى كثيرمن الفروع مع أهل السنة، وإن خالفوهم فى بعض الأحكام ، ومن أهم كتب هذا المذهب كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف بن أطفيش ، وينتشرهذا المذهب فى بعض بلاد المغرب العربى، وكذلك سلطنة عمان.
والمذهب الظاهرى: ومؤسسه أبو سليمان داود بن على الأصفهانى، وهذا المذهب يعتمد على ظواهر النصوص من القرآن والسنة، ويترك كل أنواع الرأى والقياس ، ومن علماء هذا المذهب أبو على محمد بن حزم ، والذى له كتاب "المحلى" فى الفقه ، وكتاب "الإحكام فى أصول الأحكام" فى أصول الفقه.
المذهب الحنفى: هو من مذاهب أهل السنة أسسه الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى سنة 150هـ ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة والإجماع ، وقول الصحابى فيما ليس للاجتهاد فيه مجال ثم القياس والاستحسان ، وهذا المذهب له كتب كثيرة مشهورة ومعروفة، وينتشر هذا المذهب فى العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان وتركيا ومصر.
المذهب المالكى: ومؤسسه إمام دار الهجرة مالك بن أنس الأصبحى المتوفى سنة 179هـ ، ويعتمد هذا المذهب أيضا على الكتاب والسنة والإجماع ، والقياس ، وعمل أهل المدينة، والعمل بالمصالح المرسلة. وهذا المذهب أيضا له كتب كثيرة ومشهورة، وينتشر فى صعيد مصر والسودان والكويت وقطر والبحرين وبلاد المغرب العربى كلها.
المذهب الشافعى: وهو من مذاهب أهل السنة أيضا، أسسه الإمام محمد بن إدريس الشافعى المتوفى سنة 204هـ ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة والإجماع ، فقول الصحابى ثم القياس ، وللإمام الشافعى كتاب فى الفقه وهو "الأم" وكتاب آخر فى الأصول وهو "الرسالة" ويعد به الشافعى أول من دون فى علم الأصول وكتب المذهب كثيرة، وينتشر بالوجه البحرى بمصر وفلسطين وحضرموت وأندونيسيا.
المذهب الحنبلى: وهو من مذاهب أهل السنة، أسسه الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى المتوفى سنة 241هـ ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة وفتاوى الصحابة المتفق منها والمختلف ، فالحديث المرسل ،فالقياس ، ولهذا المذهب كتب كثيرة مشهورة وينتشر هذا المذهب فى السعودية.
أ.د/ على مرعى
مفهوم : المسجد (الجامع)
المسجد مبنى أسس خصيصا لتقام فيه الصلاة، وورد اللفظ بهذه الدلالة فى القرآن الكريم: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} التوبة:108 ، ويقال له أيضا الجامع ، واختص الأزهر بذلك فقيل: الجامع الأزهر.
وعمارة المسجد من أفضل القربات إلى الله ، يقول النبى صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا فى الجنة). ولم تقتصر وظيفة المسجد فى أول الأمر على الصلاة بل كان المسجد أيضا مركز الحكم والإدارة والدعوة والتشاور، كما كان محل القضاء والإفتاء والعلم والإعلام ، وغير ذلك من أمور الدين والدولة، ومن ثم علت منزلة المسجد عند المسلمين. وظهرت هذه المهام فى المسجد النبوى الشريف فى المدينة المنورة الذى خطط بحيث يناسب تصميمه إقامة شعائر الصلاة بصفة خاصة ، ومن ثم صار تصميمه أساسا لتصميم المساجد الجامعة التى كانت تقام فيها صلاة الجمعة بالإضافة إلى الصلوات الخمس ولا سيما فى القرون الأربعة الأولى بعد الهجرة، كما صار أهم الطرز المعمارية لبناء المساجد فى العصور والأقطار الإسلامية المختلفة.
ويتألف هذا الطراز بصفة عامة من فناء أو صحن مكشوف ذى تخطيط مربع أو مستطيل تحيط به فى جوانبه الأربعة ظلات اصطلح على تسميتها أحيانا بالأروقة، وأكبرها رواق القبلة، وتقوم الأروقة على أعمدة أو دعائم قد تعلوها عقود، ومن أشهر المساجد التى بنيت حسب هذا الطراز: جامع القيروان ، والمسجد الجامع بقرطبة، ومسجد القرويين بفاس والمسجد الجامع بسامراء، ومسجد ابن طولون بالقاهرة.
ثم ظهر طراز ثان لبناء المساجد ربما تطور عن تصميم المدرسة، وهو يشتمل على صحن أوفناء مربع قد يكون مكشوفا أومسقوفا تحيط به أربعة إيوانات فى شكل متعامد أكبرها إيوان القبلة، وسقف الإيوان عادة على شكل قبوة ترتكز على جدران الإيوان.
ونشأ هدا الطرازفى إيران ، ومن المحتمل أنه تطور عن الطراز الأول الذى كانت المساجد المبكرة فى إيران تشيد على نمطه كما يتضح فى مسجد دمغان الذى يرجع إلى القرن الثانى بعد الهجرة (حوالى منتصف القرن الثامن الميلادى) وكذلك فى جامع نايين الذى شيد فى القرن الرابع الهجرى(10م) ثم تطور هذا الطراز فى إيران ، وذلك بتزويد رواق القبلة بقبة، وظهر ذلك فى جامع أصفهان.
ومن أمثلة المساجد ذات الإيوانات الأربعة فى مصر مسجد آل مالك الجوكندار بالقاهرة (719هـ /1319م)، ومسجد جانى بك الأشرفى بالمغربلين بالقاهرة (830هـ /1426م)، ومسجد القاضى يحيى زين العابدين بشارع الأزهر (848هـ/1444م)، ومسجد قجماس الإسحاقى بالدرب الأحمر بالقاهرة (885هـ/1480م).
وفى العصر العثمانى ظهر طراز جديد لعمارة المساجد مشتق من تصميم أيا صوفيا باستانبول ، ومتأثر فى الوقت نفسه بطراز المساجد السلجوقية فى آسيا الصغرى، وفى هذا الطراز كان المسجد يسقف بقبة كبيرة تحف بها قباب صغيرة أو أنصاف قباب ،ويقام فى كل ركن من أركانه الأربعة مئذنة ممشوقة عالية مسننة القمة، ويتقدمه صحن فسيح مستطيل ربما تحف به أروقة ذات بلاطة واحدة. وانتشر هذا الطراز فى مختلف أنحاء الدولة العثمانية ، ومن نماذجه: جامع بايزيد ، وجامع سليمان ، والسلطان أحمد فى إستانبول ، ومسجد الملكة صفية ومسجد أبى الذهب ، ومسجد محمد على بالقاهرة.
ويزود المسجد عادة بمئذنة أو أكثر، ومن أهم أثاثاته منبر على يمين المحراب الذى يعين اتجاه القبلة، ودكة المبلغ فى رواق القبلة، وميضأة فى وسط الصحن عادة، وقد يلحق بالمسجد ضريح أو منشآت أخرى، واشتملت بعض المساجد الجامعة التى كان يدرس بها على أروقة لإقامة الطلاب الغرباء مثل الجامع الأزهر.
أ.د/ حسن الباشا
مفهوم : المصالح المرسلة
لغة: المصالح: جمع مصلحة، وهى المنفعة، والمصلحة كالمنفعة وزنا ومعنى، فالمراد بها لغة: جلب المنفعة، ودفع المضرة، والمرسلة: أى المطلقة.
واصطلاحا: عبارة عن المصلحة التى قصدها الشارع الحكيم لعباده من حفظ دينهم ، ونفوسهم ، وعقولهم ، ونسلهم ،وأموالهم طبق ترتيب معين فيما بينها.
فهذا التعريف صرح بأن المصلحة: هى جلب منفعة مقصودة للشارع الحكيم ،وإن كان لم يصرح بأن دفع الضرر من المصلحة أيضا، إلا أن تعريفه ينوه به ويلزم منه.
وقد عرفها الآمدى فقال: هى مصلحة لم يشهد الشرع لها باعتبار ولا إلغاء. ولذلك سميت مرسلة.
وتنقسم المصالح من حيث مقصودالشارع إلى ثلاث:
1- ضرورية: وهى التى ترجع إلى حفظ النفس ، والعقل ، والما ل ، والدين ، والعرض ،والنسب ،وإذا اختل منها أمر اختلت المعايش به ، وعمت الفوضى.
2- حاجية: وهى الأمور التى تقتضيها سهولة الحياة، أوما أدى إلى حرج كبيرمن غير خوف على فوات ما سبق من المصالح الستة.
3- تحسينية: وهى الأمورالتى تجعل الحياة فى جمال ، ومرجعها إلى تهذيب الأخلاق وتحسين الصورة والمعاملات.
وتنقسم المصالح من حيت اعتبار الشارع لها أو عدمه - أيضا - إلى ثلاث:
1- المصالح المعتبرة شرعا: كما سبق فى المصالح الست الكلية.
2- المصالح الملغاة شرعا: كمصلحة آكل الربا فى زيادة ماله ، ومصلحة المريض أو من ضاقت معيشته فى الانتحار ونحوها.
3- المصالح المرسلة: وهى المقصودة فى هذا البحث ، وهى مصلحة لم يشهد الشرع لها باعتبار ولا بإلغاء.
ومما ذكره الأصوليون كمثال للمصالح المرسلة: جمع القرآن فى مصحف واحد، والقول بقتل الجماعة بالواحد، وتضمين الصناع ، وضمان الرهن ، واتخاذ السجون ،وغيرها من المسائل التى لا يوجد فيها نص و لا إجماع. وهى محلها لا تصلح مثالا للمصلحة المرسلة ، لأن الله سبحانه وتعالى لم يترك مصلحة إلا وقد نص عليها جنسا كالكليات الست ، أو على أنواعها أيضا ، ومصالح هذه المسائل المذكورة وغيرها مشروعة جنسا، وليس شىء منها مرسلا.
فجمع القرآن فى مصحف واحد لمصلحة حفظ الدين وهى مشروعة، وقتل الجماعة بالواحد لمصلحة حفظ النفس وهى مشروعة، وتضمين الصناع لمصلحة حفظ الأموال وهى مشروعة، وكذا ضمان الرهن ، والأمثلة الباقية كلها تندرج تحت المصالح المعتبرة شرعا ضرورة أو حاجة أو تحسينا كما سبق ،ولايتصور خروج شىء منها أصلا.
ولكن يمكن أن نمثل للمصلحة المرسلة، وهى التى لم يشهد الشرع لها بالاعتبار أو بالإلغاء بجواز الضرب فى التهمة، فقد جوز هذا جماعة من الفقهاء، وهى مصلحة مرسلة عن الدليل الجزئى من الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس ، وكذا مرسلة عن الأصل الكلى، فنصوص الشريعة على إجمالها لا تجوز هتك حرمة المسلم ، بأن تمتهن كرامته ويضرب لمجرد اتهامه فى حادث من الحوادث.
فالمقصود بالمصالح المرسلة هى التى أرسلت عن الدليل الجزئى من الأصول الشرعية المتفق عليها،
ومن الدليل الكلى الذى يؤول بدوره إلى مفهوم النص والإجماع ، وعموما فقد اشترط الأصوليون شروطا للمصلحة حتى تقبل ويعمل بها، ومن هذه الشروط:
1- أن تكون المصلحة ملائمة لمقاصد الشارع بحيث لا تنافى أصلا من أصوله ولا تعارض نصا أو دليلا من أدلته القطعية.
2- أن تكون معقولة، فى ذاتها ، جرت على الأوصاف المناسبة المعقولة التى يتقبلها العاقل ، بحيث يكون ترتب الحكم عليها مقطوعا لا مظنونا، ولا متوهما.
3- أن تكون تلك المصلحة عامة للناس ،وليس اعتبارها لمصلحة فردية أو طائفية معينة ، لأن أحكام الشريعة للتطبيق على الناس جميعا.
ومن نافلة القول أن أذكر بأن هذه المسألة - المصالح المرسلة - من الأدلة الشرعية المختلف فيها، فقد قال بها جماعة من الأصوليين كالمالكية وغيرهم ، ومنعها جماعة آخرون كالشافمية ومن لف لفهم.
أ.د/ على جمعة محمد
منتديات الرسالة الخاتمة
لغة: ما يكتب فيه ، وهو كل صفحة من خشب أوعظم أو ورق أو نحو ذلك ، وجمعه ألواح.
شرعا: هو جسم مخلوق نورانى عظيم ، فوق السماء السابعة، وقد كتب فيه القلم: ما كان ، وما يكون إلى يوم القيامة. وهو اللوح المحفوظ وقد سمى "لوح القدر".
وقد وردت كلمة "لوح" فى القرآن الكريم مرة واحدة فى قوله عز وجل: {بل هو قرآن مجيد. فى لوح محفوظ} البروج:21-22، ومعنى " قرآن مجيد " أى عظيم كريم ، " فى لوح محفوظ ": أى هو فى الملأ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل. ولا يجوز شرعا أن يسمى اللوح المحفوظ " بالنفس الكلية " ولا " بالعقل الأول " وغير ذلك مما هو تابع لفلسفة الفيض ، وهى غير إسلامية، هذا ويجب الإيمان باللوح (المحفوظ) دون الخوض فى تعيين حقيقته دون نص شرعى.
كذلك لا يجوزالاعتقاد بأن اللوح خلق لضبط ما يخاف نسيانه فذلك أليق بالبشر وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
أ.د/ عبداللطيف محمد العبد
مفهوم : اللؤلؤ (الجوهر)
قال تعالى: {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا} الحج:23. وقد ذكر ، أن المراد ترصيع السوار باللولؤ، ولا يستبعد أن يكون فى الجنة سوار من لؤلؤ مصمت ،وهو ظاهر القرآن بل نصه.
ويطلق البعض على الجوهر اللؤلؤ ، وقيل: إن الكبير من اللؤلؤ يسمى درا والصغير لؤلؤا. ويتكون اللؤلؤ داخل الأصداف.
وتوجد مصائد اللؤلؤ بمحاذاة شواطى الهند وسيلان والخليج العربى والبحر الأحمر ،واليابان واستراليا وأمريكا وبعض جزر المحيط الهادى وغيرها.
ويختلف اللؤلؤمن حيث الشكل والتسمية فمنه المدحرج والمستدير والمستطيل والمخروط وغير ذلك.
وأجود اللآلئ ذات شكل كروى براقة متلونة بألوان قوس قزح وخالية من العيوب وعلى شىء من الشفافية، وغالبا مايكون اللؤلؤ أبيض أو قليل الصفرة أو الزرقة، وقد يكون أصفر أو أحمر أو أخضر، وقد يكون نصف شفاف أو قاتما، ونظرا لنعومته قد يخدش ، وتؤتر الأحماض والعرق على اللؤلؤ ، وقد يتلف لطول الزمن.
وقد مهر اليابانيون فى صناعة تزريع الؤلؤ فى برنس الصدفة، ويكثر التحلى باللؤلؤ المصطنع الذى يصنع من الزجاج.
أ.د/ حسن الباشا
مفهوم : اللاهوت
لغة: أله يأله إلاهة، وألوهة، وألوهية: عبد، ومنه قرأ ابن عباس رضى الله عنهما: {ويذرك وإلهتك} الأعراف:127. بكسر الهمزة، أى وعبادتك ومنه قولنا: الله وأصله: إله ، فهو فعال ، بمعنى مفعول ، لأنه مألوه ، أى معبود، وكل ما اتخذ من دونه إله عند متخذه ، والجمع: آلهة، والآلهة: الأصنام سموا بذلك لاعتقاد العابدين أن العبادة تحق لهم ، وأسماؤهم تتبع اعتقاداتهم ، لا ما عليه الشىء فى نفسه.
واصطلاحا: الألوهية، والإ لاهية، والإلهية والألوهية والإلهانية. كون ، أو صفة الذات الإلهية، والإلهيات:
علم يبحث عن الله وما يتعلق به تعالى، وهى ترجمة لكلمة "Theologie" ، وهى مأخوذة من الكلمة اليونانية القديمة "Theologia" وهى مركبة من مقطعين "Theo" ومعناها: الله ، و "logia" ومعناها: علم ، فكانت الكلمة بمقطعيها تطلق عند قدماء اليونانيين ويراد بها: علم الآلهة، وما يتعلق بالألوهية،
وعندما انتقلت إلى اللغات الأوروبية أصبح معناها: تعاليم الله ، أو علم العقائد الإلهية، ثم ترجمت إلى العربية "اللاهوت" أو "الإلهيات" على غير قياس.
وقد اهتم الإنسان منذ وجوده على سطح الأرض بقضية الألوهية، إذ احتلت المركز الأول فى تفكيره على امتداد التاريخ الإنسانى، فكان الإله شاغله من زوايا متعددة، باعتبار ذاته ، أو باعتبار علاقته بالمخلوقات كخالق ، وكذا باعتبار علاقته بالإنسان ، أو علاقة الإنسان به ، فتصوره بصور شتى ، لأنه لم يره بعينه ، وإنما آمن بوجوده وتوجه إليه بالعبادة بأدلة متنوعة: بباعث الخوف أو الرجاء، أو بالظواهر الكونية والإنسانية، وآمن بمعتقدات متعددة، وصلت إلى حد الاعتقاد بتعدد الآلهة، وأنهم يتوالدون ، ويتناكحون ، وأن أشكالهم وهيئاتهم تشبههم ، وأنهم يرتدون ملابس مثلهم ،ويتحدثون بلغتهم ومن هنا نشأ -فى مجال البحث الفلسفى فى الألوهية- ما أطلق عليه مشكلة تصورالإله فى الدين.
غير أن الأديان السماوية وعلى رأسها الإسلام ، وضحت للإنسان مفهوم "الإله" بأنه: الأول ، والآخر، والخالق ... وغير ذلك من الصفات التى تصور الله غنيا بنفسه ،أبديا واسع القدرة والمعرفة محيطا بكل شىء، وأنه الحق وحده ، وهو المحيى والمميت والمبدئ والمعيد.... إلى غير ذلك من النعوت التى تبين أنه الخالق المطلق ، المدبر الحكيم ،الملك الذى لا قوة ولا سلطان غير سلطانه فى الوجود، ومع ذلك فهو الرحمن الرحيم ، والغافر والغفور والرازق والمعطى... وغير ذلك من الأوصاف التى تدل على أن صلة احتياج تربط العبد بربه ، فالعبد محتاج إلى عفوه وتدبيره ، والله هو الرقيب والحسيب عليه ، المهيمن على عباده جميعا، يعينهم ويهديهم ، فهو مصدر الرزق بأوسع معانيه.
فالله بأوصافه كلها، سواء كانت متعلقة بذاته ، أو بصلته بمخلوقاته ، أو كانت مبنية لعلاقته بالإنسان ، وعلاقة الإنسان به هو موضوع علم "الألوهية" أو علم "اللاهوت" كما جاء فى ترجمة الكلمة اليونانية الأصل: Theologia ويطلق على هذا العلم فى مجال الدراسات الإسلامية: علم العقيدة أو الإلهيات ، فى مقابل القسمين الآخرين: النبوات والسمعيات التى يتكون منها جميعها -الإلهيات والنبوات والسمعيات- علم التوحيد.
أ.د/ محمد شامة
مفهوم : المتشابه
لغة: أشبه الشىء الشىء: ماثله ، وشابهه: أشبه ، تشابه الشيئان: أشبه كل منهما الآخر حتى التبسا،
والمتشابه: النص القرآنى يحتمل عدة معانى كما فى الوسيط.
واصطلاحا: يطلق المتشابه ، ويراد به عدة إطلاقات:
أحدها: وهو ما لم يأت فى القرآن بلفظه البتة ما يقصده علماء القرآن من وقوع النظم الواحد على صور شتى، وتتشابه فى أمور، وتختلف فى أخرى، ومن ثم يطلقون عليه متشابه النظم ، أو متشابه اللفظ ،
قال الزركشى: "ويكثر فى إيراد القصص والأنباء، وحكمته التصرف فى الكلام ، وإتيانه على ضروب ، ليعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك مبتدأ به ومتكرر. ومن أمثلة ذلك قوله تعالى {واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل} البقرة:48، مع قوله {واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} البقرة:123 ، وقد عنى بتوجيه هذا اللون من نظم القرآن قلة من المفسرين فى تفاسيرهم ، ومنهم: شهاب الدين محمود الألوسى فى تفسيره المعروف بروح المعانى، وعلامة المغرب الطاهر بن عاشور فى تفسيره الموسوم بالتحرير والتنوير.
كما أفرده بعض العلماء بالتصنيف ، يقول السيوطى "رحمه الله" أفرده بالتصنيف ،خلق: أولهم - فيما أحسب -: الكسائى، ونظمه على بن عبد الصمد السخاوى المتوفى سنة 643هـ فى كتابه "هداية المرتاب فى المتشابه من الكتاب": وهى منظومة تعرف "بالسخاوية"، وألف فى توجيهه الكرمانى فى كتابه "البرهان فى متشابه القرآن" وأحسن منه "درة التنزيل وغرة التأويل" لأبى عبد الله الرازى ... وفى كتاب أسرار التنزيل المسمى."قطف الأزهار فى كشف الأسرار" الجم الغفير.
ثانيهما: أن يطلق المتشابه صفة مدح لجميع القرآن ، ولفظ المتشابه بهذا المعنى هو الوارد فى قوله تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} الزمر:23.
أما تبيان كيف أن المتشابه بهذا الإطلاق نعت كمال لجميع القرآن ، فإنه من الجلى أن صوغ مادة التشابه فى هذه الآية على صورة التفاعل يقضى بأن الكتاب الكريم ذو أجزاء كلها يشبه بعضه بعضا على ماهو الكثير الغالب فى صورة التفاعل.
وقد بين المفسرون الكمالات التى تتشابه فيها أبعاض الكتاب العزيز، ومن خير وأسد ما فى المقام من عبارات عبارة الزمخشرى، فقد قال فى تفسيرالآية (ومتشابها) مطلق فى مشابهة بعضه بعضا، فكان متناولا لتشابه معانيه فى الصحة والإحكام والبناء على الحق والصدق ومنفعته الخلق ، وتناسب ألفاظه وتناسقهما فى التخير والإصابة، وتجاوب نظمه ،وتأليفه فى الإعجازوالتبكيت.
والتشابه بهذا المعنى الذى يعم جميع القرآن على نحو ما رأينا لا يتنافى بحال مع وصف الإحكام المذكور فى قوله تعالى {كتاب أحكمت آياته ... } هود:1 ، والذى يعم هو الآخر القرآن الكريم بأسره ، بل يجب الأخد بكلا الوصفين جميعا فى كتاب الله عز وجل دون أن يأتى كلام الحق فى ذلك باطل من بين يديه أو من خلفه؟ ذلك بأن التناقض إنما يلزم إذا كان بين المادتين فى هاتين الآيتين تقابل التضاد، وكيف وكل منهم صفة مدح لا يمكن أن تدل على ما يضاد الأخرى، وإنما على ما يؤاتيهما ويشد من أزرهما وبانطوائهما معا فى صفته شاهد صدقه وآية تنزيل رب العالمين.
وأما الإحكام فمعناه أن آى القرآن كلها قد نظمت نظما محكما لا يعتريه إخلال من جهة اللفظ ، ولا من جهة المعنى، ولا من جهة الهدف والغاية، أو أنها أحكمت بالحجج والدلائل ، أو جعلت حكمة فنقول حكم إذا صار حكما ، لأنها مشتملة على أمهات الحكم النظرية والعملية، وإذن فالقرآن بهذا المعنى محكم فى تشابهه ، متشابه فى إحكامه على نحو ما ألمحت إليه عبارة الزمخشرى السابقة.
ثالثهما: أن يرد لفظ المتشابه فى القرآن مقولا على بعض منه مخصوص ، مقابلا وقسيما للبعض الآخر الذى يقال عليه وصف المحكم ، وبحيث لا يجتمع هذان الوصفان المتقابلان فى شىء واحد ألبتة، وذلك هو ما جاء فى قوله تعالى {هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} آل عمران:7 ، وهذا المعنى هو الذى ينصرف إليه لفظ المتشابه عند الإطلاق والتجرد من القرينة.
وإن الناظر فى هذين الوصفين المتقابلين واللذين لا يصدق واحد منهما على ما يصدق عليه الآخرمن الكتاب المجيد، ليرى اختلافا عظيما بين العلماء فى تبيان هذا المعنى.
وأمثل ما اختاره المحققون فى شرح حقيقة القسمين الكريمين ما أفصحت عنه عبارة الفخر الرازى، إذ يقول: "اللفظ الذى جعل موضوعا لمعنى: إما أن يكون محتملا لغير ذلك المعنى، وإما أن لا يكون. فإذا كان اللفظ موضوعا لمعنى ولا يكون محتملا لغيره فهذا هو النص.
وأما إن كان محتملا لغيره فلا يخلو: إما أن يكون احتماله لأحدهما راجحا على الآخر، وإما أن لا يكون كذلك بل يكون احتماله لهما على السواء، فإن كان احتماله لأحدهما راجحا على الآخر سمى ذلك اللفظ بالنسبة إلى الراجح ظاهرا، وبالنسبة إلى المرجوح مؤولا، وأما إن كان احتماله لهما على السوية كان اللفظ بالنسبة إليهما معا مشتركا ، وبالنسبة لكل واحد منهما على التعيين مجملا.
فقد خرج من التقسيم الذى ذكرناه أن اللفظ إما أن يكون نصا أو ظاهرا أو مؤولا أو مشتركا أو مجملا، أما النص والظاهر فيشتركان فى حصول الترجيح إلا أن النص راجح مانع من الغير، والظاهر راجح غير مانع من الغير، فهذا القدر المشترك هو المسمى بالمحكم.
وأما المجمل والمؤول فهما مشتركان فى أن دلالة اللفظ عليه غير راجحة، فالمجمل إن لم يكن راجحا لكنه غيرمرجوح ، والمؤول مع أنه غير راجح فهو مرجوح لا بحسب الدليل المنفرد، فهذا القدر المشترك هو المسمى بالمتشابه؟ إما لأن الذى لا يعلم يكون النفى فيه مشابها للإثبات فى الذهن ، وإما لأجل أن الذى يحصل فيه التشابه يصير غيرمعلوم ، فأطلق لفظ المتشابه على ما لا يعلم إطلاقا لاسم السبب على المسبب ، فهذا هو الكلام المحصل فى المحكم والمتشابه".
وخلاصة هذا القول أن المحكم ما كان راجح الدلالة على معناه بنفسه، احتمل مرجوحا كالظاهر أو لم يحتمل كالنص ، المتشابه ما ليس كذلك -أى ما كان غير راجح الدلالة بنفسه مرجوحا كان كالمؤول ، أو مستوى الدلالة كالمجمل- وهو كلام سديد، لأن مدار الإحكام على ما تفهمه الآية الكريمة نفسها.
إنما هو على الوضوح والتعاصى على الزائغ ، وكذلك شأن النص والظاهر اللذين جعل المحكم هو القدر المشترك بينهما، وأن مدار التشابه حسبما صرحته على عون الكلام خفيا ومتبعا للزائغ يبتغى به الفتنة،
وإنما يظفر الزائغ بهذه الطلبة فى المجمل والمؤول اللذين جعل المتشابه هو القدر المشترك بينهما كذلك ، ثم إن الناس اختلفت اختلافا عظيما كذلك فى قضية العلم بتأويل المتشابه بهذا الإطلاق هل مقصور على الله تعالى، أو هو بحيث يتأتى للراسخين فى العلم أيضا ، والصواب الثانى ومن أبرز المتشابه بهذا الإطلاق فى القرآن ما يعرف لدى العلماء بآيات الصفات الخبرية، أو متشابه الصفات كالآيات التى جاء فيها ذكر الوجه واليد والجنب والروح والنفس والاستواء والفوقية والرضا والغضب وما إلى ذلك من كل ما فيه نسبة البعض أو العرض إليه تعالى جسمانيا كان ذلك أو نفسانيا.
ومن حكمة ورود المتشابه بهذا الإطلاق فى القرآن والسنة ما ذكره صاحب الكشاف فقال: لو كان كله (يعنى القرآن) محكما لتعلق الناس به لسهولة مأخذه ولا عرضوا عما يحتاجون فيه إلى الفحص والتأمل من النظر والاستدلال. ولو فعلوا ذلك لعطلوا الطريق الذى لا يتوصل إلى معرفة الله وتوحيده إلا به ، ولما فى المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحق والممتزلزل فيه ، ولما فى تقادح العلماء، وإتعابهم القرائح فى استخراج معاينة، ورده إلى المحكم من الفوائد الجلية والعلوم الجمة ونيل الدرجات عند الله.
ولأن المؤمن المعتقد أن لا مناقضة فى كلام الله ولا اختلاف إذا رأى فيه ما يتناقض فى ظاهره وأهمه طلب ما يوفق بينه ويجريه على سنن واحد ففكر وراجع نفسه وغيره ففتح الله عليه ، وتبين مطابقة المتشابه المحكم ازداد طمأنينة إلى معتقده وقوة فى إيقانه.
أ.د/ إبراهيم عبد الرحمن محمد خليفة
مفهوم : المتن
لغة: متن كل شىء، غايته ، وجلد له متن: صلابة وقوة، ومتنت الكبش: إذا شققت جلدة بيضته واستخرجتها
، والمتن: ماصلب وارتفع عن الأرض.
واصطلاحا: مرَّ بمرحلتين:
1- الأولى فى بداية القرن الثانى الهجرى، ظهر مصطلح المتن كقسيم للسند فى الصناعة الحديثة، وذلك ضمن كلام لمحمد ابن سيرين المتوفى سنة (110هـ /728م) حين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة ، قالوا: سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظرإلى أهل البدع فلا يؤخد حديثهم، وكانوا أحيانا فى تلك الفترة يطلقون على المتن لفظ الخبز والمروى والمتن.
2- وفى القرون المتأخرة فى القرن السابع الهجرى وما بعده ، حاول العلماء أن يضعوا تعريفا محددا للمتن ، ويربطوا بينه وبين المعنى اللغوى، فقال الطيبى المتوفى (743هـ /1343م): المتن: ألفاظ الحديث التى تقوم بها المعانى.
وقال ابن جماعة المتوفى سنة (767هـ /1367م): ما ينتهى إليه غاية السند من الكلام.
ووجه الترابط بين المعنى الاصطلاحى والمعنى اللغوى السابق ، أنه إما مأخوذ من المماتنة أى المباعدة فى الغاية، لأنه غاية السند، أو من المتن وهو: ما صلب وارتفع من الأرض ، لأن المسند يقويه بالسند ويرفعه إلى قائله ، أو من متنت الكبش إذا شققت جلدة بيضته واستخراجتها، فكأن المسند استخرج المتن بسنده.
ولقد قسم العلماء المتن إلى ثلاثة أقسام:
1- مرفوع: وهو ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة من قول أو فعل.. مثل: (إنما الأعمال بالنيات)، ويدخل فى المرفوع: المتصل والمنقطع ، والمرسل والمعضل والمعلق.
2- موقوف وهو ما يروى عن الصحابى من أقوال وأفعال وتقريرات ، ونحو ذلك ،فيوقف عليهم لا يتجاوز به إلى الرسول عليه السلام مثل قولى أبى بكر رضى الله عنه عنه (والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه).
3- مقطوع وهو ما جاء عن التابعين فمن دونهم ، موقوفا عليهم من أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم مثل قول الحسن البصرى: (رحم الله رجلا لم يغره ما يرى من كثرة الناس ، ابن آدم ، إنك تموت وحدك ،وتدخل القبر وحدك ، وتبعث وحدك ... ).
والفرق بين المقطوع والمنقطع أن المقطوع من أقسام المتن ، والمنقطع من أقسام السند.
أ.د/ مصطفى محمد أبو عمارة
مفهوم : المحاسبة
لغة: العد والتقدير، وحسن التدبير، ويعرف من يقوم بهذه الأعمال بالحسيب أو المحاسب، وفى القرآن الكريم {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} الإسراء:14 ، أى محاسبا ، {والله سريع الحساب} البقرة:202 ، أى لا يشغله حساب أحد عن محاسبة الآخر كما فى اللسان.
واصطلاحا: وينصرف معنى المحاسبة فى الفكر الإسلامى إلى مفهومين:
1- المحاسبة الذاتية المعنوية، وهى: أن يحاسب المرء نفسه ، وهو ما أكد عليه عمر بن الخطاب بقوله (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا).
2- المحاسبة المادية، وتعنى المحاسبة على العمليات ذات الصفة العينية والمالية، وتختص بكتابة وقياس الأشياء بغرض الاستفادة منها فى مجالات مختلفة من ضمنها حساب زكوات الأموال.
وقد كانت للدولة الإسلامية فى عصورها الزاهرة نظم محاسبية تساعد المسئولين على إدارة حركة الأموال العامة النقدية والمالية، بحيث تحفظ الأموال وتضبط الغلال فتتحقق رقابة فعالة عليها، وتتم المحاسبة كتابة امتثالا لقوله تعالى {ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} البقرة:282.
أما المحاسبة فى العصر الحديث فتختص بتحديد وقياس الأنشطة المختلفة وتوصيل معلومات عن نتائج تلك الأنشطة إلى من يهمه الأمر بهدف الاستفادة منها فى اتخاذ القرارات.
وتتمثل إجراءات المحاسبة فى:
1- حصر وتجميع البيانات عن الأنشطة المتعددة.
2- تسجيل وتصنيف وتحليل تلك البيانات فى ضوء مفاهيم وأسس معينة، ووفقا للأهداف المرجوة.
3- توصيل المعلومات الناتجة عن التسجيل والتصنيف والتحليل إلى من يريد معرفتها لاستخدامها فى اتخاذ القرارات.
وعن أهمية المحاسبة يقول الحريرى "إن صناعة الحساب موضوعة على التحقيق ، وإن قلم المحاسب ضابط ،وإن الحسبة هم حفظة الأموال ، ولولا قلم الحاسب لاتصل التغابن إلى يوم القيامة، ولكان من نظام المعاملات محلولا، وجرح الظلامات مطلولا، وجيد التناصف مغلولا، وسيف التظالم مسلولا".
مما يعنى أنه لولا المحاسبة على حركة الأموال الواردة والمنصرفة وتسجيلها بواسطة المحاسبين ، لما أمكن معرفة نتيجة النشاط من مكسب أو خسارة، ولما وجدنا نظاما سليما للمعاملات أو لإظهار الحقوق ، أو لمنع الظلم.
أ.د/ حمدى عبدالعظيم
مفهوم : المحدث
لغة: اسم فاعل من التحديث مأخوذ من حدث يحدث فهو محدث ، وهو وصف لمن يشتغل بالحديث ويقضى وقته فى دراسته.
واصطلاحا: فقد مر هذا المصطلح بعدة مراحل: فكان فى بداية أمره ، وصفا لمن تصدر لرواية الحديث مطلقا،. وفى القرن الثانى الهجرى، ظهر الكلام على رواة الحديث ، وأصبح للحديث الواحد طرق متعددة،
واختلفت ألفاظ الحديث الواحد ، تبعا لاختلاف الطرق ، وظهر بين العلماء من يجيد تمييزالطرق ،ونسبة كل لفظ إلى طريقه ، فأمثال هؤلاء جديرون بأن يطلق عليهم لقب "محدث" وقد نالوا احترام الناس الذين يشتغلون بالحديث.. قال الإمام البخارى: ما رأيت أحدا أوقر للمحدثين من يحيى بن معين.
وكان بعضهم يطلق لقب "محدث" على الحافظ.
ونسب إلى الزركشى القول بأن الفقهاء، كانوا يطلقون لقب "محدث" على من حفظ الحديث وعلم عدالة رجاله أو جرحهم ، دون المقتصر على السماع.
وفى القرن الثامن الهجرى، حاول العلماء أن يضعوا ضوابط للقب "محدث" فقد سئل الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس المتوفى سنة (734هـ /1334م) عن المحدث فقال: المحدث فى عصرنا: من اشتغل بالحديث رواية ودراية، وجمع بين رواته ، واطلع على كثير من الرواة والروايات فى عصره ، وتميز فى ذلك ، عرف فيه حفظه ، واشتهر فيه ضبطه.
ووصفه بعض العلماء بقوله: إنه الذى قرأ، وكتب ، وسمع ، ووعى، ورحل إلى المدائن والقرى، وحصل أصولا، وعلق فروعا من كتب المسانيد والعلل والتواريخ التى تقرب من ألف تصنيف.
ومن ذلك يتبين لنا أن لقب المحدث هو وصف لمن يشتغل بدراسة السنة دراسة علمية دقيقة، وهو ما يعرف اليوم بلغة العصر الحاضر: التخصص الدقيق.
فكل من اهتم بدراسة الأسانيد والعلل ، وأسماء الرجال ، والعالى والنازل من الأسانيد ،وحفظ مع ذلك جملة مستكثرة من المتون ، مع العلم بما يجب كونه عليه من الضبط ، أو التيقظ ، والمعرفة بأداء الحديث وشرائطه ، والتحرز من أن يدخل عليه ما لم يسمعه ، مثل هذا جدير بلقب "محدث" على أن هناك طائفة أخرى توصف بأنها "أهل الحديث" وهم الذين يهتمون بمعرفة دلالات الألفاظ ، وكيفية الاستنباط من النصوص مع تقديمها على الرأى، وإن لم تكن لهم إحاطة بالطرق والرجال.
أ.د/ مصطفى محمد أبو عمارة
مفهوم : المحراب
لغة: الغرفة، وصدر البيت أو المجلس وأكرم موضع فيه ، والموضع الذى ينفرد فيه الملك فيتباعد عن الناس. (لسان العرب).
وجاءت اللفظة فى القرآن الكريم بصيغة المفرد فى قوله تعالى {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا} آل عمران:37 ، وكذلك فى (آل عمران:39) (مريم:11) (ص:21).. ومعنى المحراب هنا: الحجرة التى فى مقدمة المعبد.
وجاءت اللفظة بصيغة الجمع (محاريب) فى قوله تعالى {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب} سبأ:13. وفسرت المحاريب فى هذه الآية بالقصور، والمساجد يتعبد فيها.
واصطلاحا: علامة القبلة فى جدار المسجد ، وجرت العادة أن تكون فى وسط جدار القبلة.
وكانت القبلة عند بناء مسجد النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة أولا فى الجدار الشمالى نحو المسجد الأقصى ، ثم أمر النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة الثامنة من الهجرة أن يولى وجهه شطر المسجد الحرام ، ومن ثم نقلت القبلة من الجدار الشمالى إلى الجدار الجنوبى، وهكذا صارت قبلة جميع المساجد فى الجدار الموجه نحو المسجد الحرام فى مكة المكرمة، يقول الله تعالى {قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره} البقرة:144.
ولم ليكن المحراب فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم مجوفا بل كان مسطحا تسطح الجدار نفسه ،ولكنه كان محددا ومعلما، وظل فى مكانه بعد توسعة المسجد فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة السابعة بعد الهجرة، وكان من جراء ذلك أن صار أقرب إلى الجدار الشرقى منه إلى الجدار الغربى ، وذلك لأن توسعة المسجد نحو الغرب كانت أطول من توسعته نحو الشرق.
وفى خلافة عمر بن الخطاب نقل جدار القبلة نحو الجنوب بمقدار خمسة أمتار تقريبا، ومن ثم نقل مكان المحراب إلى الجدار الجديد، ولكن على نفس المحور. وحدث الشىء نفسه فى خلافة عثمان بن عفان حين نقل جدار القبلة إلى الجنوب نحو خمسة أمتار أخرى، وبذلك صار فى موضعه الحالى. ومع ذلك فقد ظل مكان محراب النبى صلى الله عليه وسلم الأول موضع حفاوة المسلمين الذين يحرصون على الصلاة والدعاء أمامه ، وقد أقيم فى المكان نفسه محراب بعيد عن الجدارالحالى على يد السلطان المملوكى قايتباى.
وقد ظل المحراب مسطحا إلى أن أجرى الوليد بن عبدالملك عمارته فى مسجدالنبى صلى الله عليه وسلم سنة 88هـ ، حين أمر بإعادة بنائه ،وتجديده تجديدا شاملا، ففى هذه العمارة أدخلت فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم وحدة معمارية جديدة هى المحراب المجوف ،وكان ذلك إيذانا بانتشاره بعد ذلك فى المساجد.
وقيل كثيرمن الآراء بشأن الحكمة من المحراب المجوف ،منها: أنه يفيد فى تعيين اتجاه القبلة، وفي تحديد مكان الإمام عند الصلاة، وفى توسيع طاقة المسجد بما يقرب من صف من المصلين فى الصلاة الجامعة،
ويساعد على تجميع صوت الإمام وتكبيره ، وإيصاله للمصلين الذين يوليهم ظهره أثناء الصلاة، لا سيما قبل اختراع مكبرات الصوت.
ونال المحراب عناية مؤسسى المساجد الجامعة من حيث العمارة والزخرفة، وإقامة المنبر إلى يمينه ، وتزويده بمقصورة، والحفاوة بالبلاطة التى تليه ، التى عرفت ببلاطة المحراب ، وبالبلاطة المؤدية إليه من الصحن والتى أطلق عليها أحيانا المجاز القاطع.
وكان المحراب فى بعض الأحيان يكتنفه عمودان من الرخام يحملان عقدا ويسقف أعلاه بنصف قبة تعرف بطاقية المحراب كانت تزين بالمقرنصات ، وقد يكسى المحراب ، بالجص المزخرف بالحفر البارز والغائر، أو بالرخام والمرمر، أو ببلاطات القاشانى، أو بالفسيفساء الرخامية أو الخزفية أو الزجاجية المشكلة بالحليات الهندسية والنباتية المحورة، وكان يكرم بالآيات القرآنية المناسبة لوظيفته.
وتتعدد المحاريب فى بعض المساجد، ومن ذلك مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة ، إذ يشمل على خمسة محاريب بالإضافة إلى المحراب الرئيسى فى منتصف جدار القبلة، ومن هذه المحاريب أربعة محاريب مسطحة من
الجص على بعض دعائم المسجد فى رواق القبلة.
هذا.. ولم تقتصر المحاريب على المساجد، بل وجدت أيضا فى الخانقاوات والمدارس والأضرحة وغيرها من الأماكن التى تقام بها الصلاة، أو يحتاج فيها إلى تعيين موضع القبلة.
إضافة إلى ذلك عرفت محاريب غير ثابتة يمكن نقلها من مكان إلى آخر عند الضرورة، فمثلا فى فصل الصيف الحار كانت تنقل إلى صحن المسجد، وكانت هذه المحاريب تصنع من الخشب ، وكان يعتنى بزخرفتها، ومن أمثلة هذه المحاريب محراب السيدة رقية بمتحف الفن الإسلامى بالقاهرة 533هـ.
هذا واستخدم شكل المحراب عنصرا زخرفيا فى العمارة الإسلامية ولا سيما فى المقرنصات. وليس من شك فى أن المحاريب تعد من أقيم الآثار الإسلامية سواء من حيث القيمة الروحية، أو من حيث الأهمية المعمارية والزخرفية، ومن المحاريب التى تتمثل فيها أساليب العمارة والزخرفة الإسلامية:
- محراب قبة المنصور قلاوون بشارع المعز لدين الله بالقاهرة.
- محراب الجامع الأزرق بشارع باب الوزير بالقاهرة.
- محراب مسجد ابن طولون بالقاهرة.
- محراب مدرسة قجماس الإسحاقى بشارع الدرب الأحمر بالقاهرة.
- محراب جامع محمد على بقلعة صلاح الدين بالقاهرة.
- محراب مسجد نابين بإيران (من القرن الرابع الهجرى).
- محراب مسجد ميدان فى قاشان بإيران.
- محراب ضريح بابا قاسم فى أصفهان بإيران.
- محراب المسجد الجامع بصنعاء اليمن.
- محراب جامع قرطبة من عهد الخليفة الحكم.
أ.د/ حسن الباشا
مفهوم : المدارس
تعتبر المدارس فى الإسلام امتدادا للمساجد، فكان المسلمون فى عصورهم الأولى يتوسعون فى مهمة المسجد، فاتخذوه مكانا للعبادة ومعهدا للتعليم ، ودارا للقضاء، وساحة تتجمع فيها الجيوش ، ومنزلا لاستقبال السفراء.
وقد ميز الجامع عن المسجد بأن الجامع هو الذى يجتمع فيه الناس لصلاة الجمعة أو الجماعة، أما المسجد فهو مكان الصلاة ولو كان حجرة خاصة بالمنزل.
وقد اشتهر من بين الجوامع الإسلامية ثلاثة هى:
1- جامع المنصور ببغداد، وقد كان هذا المسجد قبلة أنظار الأساتذة والطلاب ، ومن أشهر العلماء الذين جلسوا للتدريس فيه الخطيب البغدادى والكسائى والفراء.
2- جامع دمشق ، وكان للمالكية به زاوية للتدريس فى الجانب الغربى، وللشافعية مدرسة على يمين الخارج من باب البريد، وهناك كذلك مقصورة برسم الحنفية يجتمعون فيها للتدريس وبها يصلون.
3- جامع عمرو بن العاص: وقد بنى هذا الجامع سنة 21هـ فهو أقدم جامع فى قارة إفريقية، ومن العلماء الذين جلسوا. للتدريس به سليمان بن عتر التجيبى، وقد سجل المقريزى بعض تفاصيل عن أهم الزوايا العلمية بهذا المسجد، وهى زاوية الإمام الشافعى، والزاوية المجدية والزاوية الصاحبية، ومن أشهر العلماء الذين جلسوا للتدريس فيه الإمام محمد بن جرير الطبرى.
أما العلوم التى كانت تدرس فى المسجد فكثيرة أهمها: العلوم الدينية، والعلوم اللغوية، والأدبية، ومبادئ علم الكلام ، والعروض ، وعلم الطب ، والميقات (الفلك).
وقد انتقل التعليم من المساجد إلى المدارس بسبب ما يحدثه التدريس من أصوات ومناقشات تحدت قليلا أو كثيرا من الضوضاء التى تؤثرعلى ما يلزم من وقار الصلاة وخشوعها ، ثم إن العلوم تطورت بتطور الزمن فأصبح الجدل والمناظرة من العلوم المهمة مع ما يحدثه من أصوات تتناقض مع ما يحتاجه المسجد من هدوء وجلال.
وهناك فروق واضحة بين المدرسة والمسجد هى:
1- فى المدرسة يعين المدرس وذلك بخلاف معلمى المساجد.
2- وجود الإيوان بالمدارس وهو الاسم الذى يرادف قاعة المحاضرات ولم يوجد فى المسجد باستثناء المساجد الكبرى التى تهتم بالتعليم.
3- كان عدد التلاميذ محددا فى المدرسة بخلاف حلقة المسجد التى كانت مفتوحة لمن يجلس فيها.
أما أقدم المدارس الإسلامية فهى مدارس الوزير العظيم نظام الملك الذى وزر لألب أرسلان وملكشاه ،وسميت هذه المدارس النظامية نسبة لنظام الملك ،وكانت هذه المدارس كثيرة لم تخل منها مدينة أو قرية.
واقتفى نور الدين زنكى أثر نظام الملك فأنشأ المدارس فى الشام. وسار صلاح الدين الأيوبى وأفراد أسرته على هذا النهج فأنشأوا المدارس فى مصر.
أ.د/ أحمد شلبى
مفهوم : المذاهب (الفقهية)
لغة: ذهب مذهب فلان: قصد قصده وطريقته ، وذهب فى الدين مذهبا: أى رأى فيه رأيا.
واصطلاحا: لا يخرج المعنى الاصطلاحى عن ذلك المعنى اللغوى.
وحكم الاجتهاد فى الإسلام مشروع ، فقد اجتهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما لم يجدوا فيه نصا، وكذلك اجتهد التابعون ومن بعدهم فى الحوادث التى عرضت لهم مما لم يجدوا فيه نصا من الكتاب أو السنة فنشأ عن هذا الاجتهاد اختلاف فى الرأى، ثم زاد هذا الاختلاف بعد الفتنة التى أدت إلى مقتل سيدنا عثمان ثم الإمام على رضى الله عنهما، فكان أن انقسم المسلمون إلى طوائف ثلاثة: شيعة، وخوارج وأهل السنة.
وكان السبب الرئيسى لاختلافهم هو الخلافة والأحق بها، وما صاحبها من التحكيم فى النزاع بين الإمام على ومعاوية فكان لكل طائفة رأى يخالف رأى غيرها، وحاولت كل فرقة أن تعمل لنصرة مبادئها، فتولد عن ذلك اختلاف آخر فى بعض الأحكام العملية ، مما أدى إلى وجود فقه للخوارج وآخر للشيعة، وثالث لأهل السنة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى وجود اختلاف بين كل طائفة ، فتعددت المذاهب الفقهية.
والمذاهب الفقهية كثيرة ومتعددة منها ما اشتهر وكتب له البقاء، ومنها ما لم تدون فيه مراجع خاصة به كمذهب الإمام الليث بن سعد ، والإمام ابن جرير الطبرى، والإمام الأوزاعى وغيرهم ، أما المذاهب المشهورة والتى لها ذيوع وانتشار فهى ثمانية مذاهب وهى: المذهب الإمامى والمذهب الزيدى وهما لطائفة الشيعة، والمذهب الإباضى وهو لطائفة الخوارج ، والمذهب الظاهرى، ومذاهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وهى لأهل السنة والجماعة.
والمذهب الشيعى الإمامى وهو لبعض الشيعة، وهم الذين يعتقدون أن الرسول أوصى بالخلافة لعلى بالذات ثم من بعده لولده ، وأن الأئمة معصمون من الخطأ... الخ ، فهم يختلفون مع أهل السنة فى كثير من الفروع والأحكام ، فضلا عن إنكارهم القياس وينتشر هذا المذهب فى إيران والعراق ، والهند.
والمذهب الشيعى الزيدى: فهو لطائفة ينتسبون إلى زيد بن على زين العابدين بن الحسين ، ومن مبادئهم أن الإمامة لا تكون بالنص عليها -كما يقول الإمامية- وإنما تكون لكل فاطمى عالم زاهد شجاع فى الحق. والزيدية أعدل فرق الشيعة فى تعاليمها ، ومع ذلك فقد خالفوا فقه أهل السنة فى كثيرمن الفروع والأحكام ،ولهم كتب كثيرة منها المجموع المنسوب للإمام زيد ، وشرحه الروض النضير، وأتباع هذا المذهب موجودون الآن فى بلاد اليمن ، وقد تشعب هذا المذهب إلى شعب منها: القاسمية والناصرية والهادويه.
والمذهب الإباضى: وهو مذهب طائفة معتدلة فى الخوارج وهو منسوب إلى عبد الله بن إباضى الذى توفى سنة 80هـ ، وهم يرون أن الخلافة تكون بالاختيار الحر من المسلمين ،وهذا المذهب يتفق فى كثيرمن الفروع مع أهل السنة، وإن خالفوهم فى بعض الأحكام ، ومن أهم كتب هذا المذهب كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف بن أطفيش ، وينتشرهذا المذهب فى بعض بلاد المغرب العربى، وكذلك سلطنة عمان.
والمذهب الظاهرى: ومؤسسه أبو سليمان داود بن على الأصفهانى، وهذا المذهب يعتمد على ظواهر النصوص من القرآن والسنة، ويترك كل أنواع الرأى والقياس ، ومن علماء هذا المذهب أبو على محمد بن حزم ، والذى له كتاب "المحلى" فى الفقه ، وكتاب "الإحكام فى أصول الأحكام" فى أصول الفقه.
المذهب الحنفى: هو من مذاهب أهل السنة أسسه الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى سنة 150هـ ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة والإجماع ، وقول الصحابى فيما ليس للاجتهاد فيه مجال ثم القياس والاستحسان ، وهذا المذهب له كتب كثيرة مشهورة ومعروفة، وينتشر هذا المذهب فى العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان وتركيا ومصر.
المذهب المالكى: ومؤسسه إمام دار الهجرة مالك بن أنس الأصبحى المتوفى سنة 179هـ ، ويعتمد هذا المذهب أيضا على الكتاب والسنة والإجماع ، والقياس ، وعمل أهل المدينة، والعمل بالمصالح المرسلة. وهذا المذهب أيضا له كتب كثيرة ومشهورة، وينتشر فى صعيد مصر والسودان والكويت وقطر والبحرين وبلاد المغرب العربى كلها.
المذهب الشافعى: وهو من مذاهب أهل السنة أيضا، أسسه الإمام محمد بن إدريس الشافعى المتوفى سنة 204هـ ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة والإجماع ، فقول الصحابى ثم القياس ، وللإمام الشافعى كتاب فى الفقه وهو "الأم" وكتاب آخر فى الأصول وهو "الرسالة" ويعد به الشافعى أول من دون فى علم الأصول وكتب المذهب كثيرة، وينتشر بالوجه البحرى بمصر وفلسطين وحضرموت وأندونيسيا.
المذهب الحنبلى: وهو من مذاهب أهل السنة، أسسه الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى المتوفى سنة 241هـ ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة وفتاوى الصحابة المتفق منها والمختلف ، فالحديث المرسل ،فالقياس ، ولهذا المذهب كتب كثيرة مشهورة وينتشر هذا المذهب فى السعودية.
أ.د/ على مرعى
مفهوم : المسجد (الجامع)
المسجد مبنى أسس خصيصا لتقام فيه الصلاة، وورد اللفظ بهذه الدلالة فى القرآن الكريم: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} التوبة:108 ، ويقال له أيضا الجامع ، واختص الأزهر بذلك فقيل: الجامع الأزهر.
وعمارة المسجد من أفضل القربات إلى الله ، يقول النبى صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا فى الجنة). ولم تقتصر وظيفة المسجد فى أول الأمر على الصلاة بل كان المسجد أيضا مركز الحكم والإدارة والدعوة والتشاور، كما كان محل القضاء والإفتاء والعلم والإعلام ، وغير ذلك من أمور الدين والدولة، ومن ثم علت منزلة المسجد عند المسلمين. وظهرت هذه المهام فى المسجد النبوى الشريف فى المدينة المنورة الذى خطط بحيث يناسب تصميمه إقامة شعائر الصلاة بصفة خاصة ، ومن ثم صار تصميمه أساسا لتصميم المساجد الجامعة التى كانت تقام فيها صلاة الجمعة بالإضافة إلى الصلوات الخمس ولا سيما فى القرون الأربعة الأولى بعد الهجرة، كما صار أهم الطرز المعمارية لبناء المساجد فى العصور والأقطار الإسلامية المختلفة.
ويتألف هذا الطراز بصفة عامة من فناء أو صحن مكشوف ذى تخطيط مربع أو مستطيل تحيط به فى جوانبه الأربعة ظلات اصطلح على تسميتها أحيانا بالأروقة، وأكبرها رواق القبلة، وتقوم الأروقة على أعمدة أو دعائم قد تعلوها عقود، ومن أشهر المساجد التى بنيت حسب هذا الطراز: جامع القيروان ، والمسجد الجامع بقرطبة، ومسجد القرويين بفاس والمسجد الجامع بسامراء، ومسجد ابن طولون بالقاهرة.
ثم ظهر طراز ثان لبناء المساجد ربما تطور عن تصميم المدرسة، وهو يشتمل على صحن أوفناء مربع قد يكون مكشوفا أومسقوفا تحيط به أربعة إيوانات فى شكل متعامد أكبرها إيوان القبلة، وسقف الإيوان عادة على شكل قبوة ترتكز على جدران الإيوان.
ونشأ هدا الطرازفى إيران ، ومن المحتمل أنه تطور عن الطراز الأول الذى كانت المساجد المبكرة فى إيران تشيد على نمطه كما يتضح فى مسجد دمغان الذى يرجع إلى القرن الثانى بعد الهجرة (حوالى منتصف القرن الثامن الميلادى) وكذلك فى جامع نايين الذى شيد فى القرن الرابع الهجرى(10م) ثم تطور هذا الطراز فى إيران ، وذلك بتزويد رواق القبلة بقبة، وظهر ذلك فى جامع أصفهان.
ومن أمثلة المساجد ذات الإيوانات الأربعة فى مصر مسجد آل مالك الجوكندار بالقاهرة (719هـ /1319م)، ومسجد جانى بك الأشرفى بالمغربلين بالقاهرة (830هـ /1426م)، ومسجد القاضى يحيى زين العابدين بشارع الأزهر (848هـ/1444م)، ومسجد قجماس الإسحاقى بالدرب الأحمر بالقاهرة (885هـ/1480م).
وفى العصر العثمانى ظهر طراز جديد لعمارة المساجد مشتق من تصميم أيا صوفيا باستانبول ، ومتأثر فى الوقت نفسه بطراز المساجد السلجوقية فى آسيا الصغرى، وفى هذا الطراز كان المسجد يسقف بقبة كبيرة تحف بها قباب صغيرة أو أنصاف قباب ،ويقام فى كل ركن من أركانه الأربعة مئذنة ممشوقة عالية مسننة القمة، ويتقدمه صحن فسيح مستطيل ربما تحف به أروقة ذات بلاطة واحدة. وانتشر هذا الطراز فى مختلف أنحاء الدولة العثمانية ، ومن نماذجه: جامع بايزيد ، وجامع سليمان ، والسلطان أحمد فى إستانبول ، ومسجد الملكة صفية ومسجد أبى الذهب ، ومسجد محمد على بالقاهرة.
ويزود المسجد عادة بمئذنة أو أكثر، ومن أهم أثاثاته منبر على يمين المحراب الذى يعين اتجاه القبلة، ودكة المبلغ فى رواق القبلة، وميضأة فى وسط الصحن عادة، وقد يلحق بالمسجد ضريح أو منشآت أخرى، واشتملت بعض المساجد الجامعة التى كان يدرس بها على أروقة لإقامة الطلاب الغرباء مثل الجامع الأزهر.
أ.د/ حسن الباشا
مفهوم : المصالح المرسلة
لغة: المصالح: جمع مصلحة، وهى المنفعة، والمصلحة كالمنفعة وزنا ومعنى، فالمراد بها لغة: جلب المنفعة، ودفع المضرة، والمرسلة: أى المطلقة.
واصطلاحا: عبارة عن المصلحة التى قصدها الشارع الحكيم لعباده من حفظ دينهم ، ونفوسهم ، وعقولهم ، ونسلهم ،وأموالهم طبق ترتيب معين فيما بينها.
فهذا التعريف صرح بأن المصلحة: هى جلب منفعة مقصودة للشارع الحكيم ،وإن كان لم يصرح بأن دفع الضرر من المصلحة أيضا، إلا أن تعريفه ينوه به ويلزم منه.
وقد عرفها الآمدى فقال: هى مصلحة لم يشهد الشرع لها باعتبار ولا إلغاء. ولذلك سميت مرسلة.
وتنقسم المصالح من حيث مقصودالشارع إلى ثلاث:
1- ضرورية: وهى التى ترجع إلى حفظ النفس ، والعقل ، والما ل ، والدين ، والعرض ،والنسب ،وإذا اختل منها أمر اختلت المعايش به ، وعمت الفوضى.
2- حاجية: وهى الأمور التى تقتضيها سهولة الحياة، أوما أدى إلى حرج كبيرمن غير خوف على فوات ما سبق من المصالح الستة.
3- تحسينية: وهى الأمورالتى تجعل الحياة فى جمال ، ومرجعها إلى تهذيب الأخلاق وتحسين الصورة والمعاملات.
وتنقسم المصالح من حيت اعتبار الشارع لها أو عدمه - أيضا - إلى ثلاث:
1- المصالح المعتبرة شرعا: كما سبق فى المصالح الست الكلية.
2- المصالح الملغاة شرعا: كمصلحة آكل الربا فى زيادة ماله ، ومصلحة المريض أو من ضاقت معيشته فى الانتحار ونحوها.
3- المصالح المرسلة: وهى المقصودة فى هذا البحث ، وهى مصلحة لم يشهد الشرع لها باعتبار ولا بإلغاء.
ومما ذكره الأصوليون كمثال للمصالح المرسلة: جمع القرآن فى مصحف واحد، والقول بقتل الجماعة بالواحد، وتضمين الصناع ، وضمان الرهن ، واتخاذ السجون ،وغيرها من المسائل التى لا يوجد فيها نص و لا إجماع. وهى محلها لا تصلح مثالا للمصلحة المرسلة ، لأن الله سبحانه وتعالى لم يترك مصلحة إلا وقد نص عليها جنسا كالكليات الست ، أو على أنواعها أيضا ، ومصالح هذه المسائل المذكورة وغيرها مشروعة جنسا، وليس شىء منها مرسلا.
فجمع القرآن فى مصحف واحد لمصلحة حفظ الدين وهى مشروعة، وقتل الجماعة بالواحد لمصلحة حفظ النفس وهى مشروعة، وتضمين الصناع لمصلحة حفظ الأموال وهى مشروعة، وكذا ضمان الرهن ، والأمثلة الباقية كلها تندرج تحت المصالح المعتبرة شرعا ضرورة أو حاجة أو تحسينا كما سبق ،ولايتصور خروج شىء منها أصلا.
ولكن يمكن أن نمثل للمصلحة المرسلة، وهى التى لم يشهد الشرع لها بالاعتبار أو بالإلغاء بجواز الضرب فى التهمة، فقد جوز هذا جماعة من الفقهاء، وهى مصلحة مرسلة عن الدليل الجزئى من الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس ، وكذا مرسلة عن الأصل الكلى، فنصوص الشريعة على إجمالها لا تجوز هتك حرمة المسلم ، بأن تمتهن كرامته ويضرب لمجرد اتهامه فى حادث من الحوادث.
فالمقصود بالمصالح المرسلة هى التى أرسلت عن الدليل الجزئى من الأصول الشرعية المتفق عليها،
ومن الدليل الكلى الذى يؤول بدوره إلى مفهوم النص والإجماع ، وعموما فقد اشترط الأصوليون شروطا للمصلحة حتى تقبل ويعمل بها، ومن هذه الشروط:
1- أن تكون المصلحة ملائمة لمقاصد الشارع بحيث لا تنافى أصلا من أصوله ولا تعارض نصا أو دليلا من أدلته القطعية.
2- أن تكون معقولة، فى ذاتها ، جرت على الأوصاف المناسبة المعقولة التى يتقبلها العاقل ، بحيث يكون ترتب الحكم عليها مقطوعا لا مظنونا، ولا متوهما.
3- أن تكون تلك المصلحة عامة للناس ،وليس اعتبارها لمصلحة فردية أو طائفية معينة ، لأن أحكام الشريعة للتطبيق على الناس جميعا.
ومن نافلة القول أن أذكر بأن هذه المسألة - المصالح المرسلة - من الأدلة الشرعية المختلف فيها، فقد قال بها جماعة من الأصوليين كالمالكية وغيرهم ، ومنعها جماعة آخرون كالشافمية ومن لف لفهم.
أ.د/ على جمعة محمد
منتديات الرسالة الخاتمة