بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة علوم القرآن
الإعجاز البياني للقرآن الكريم
الفصل الرابع
في شرح ما بينا من وجه إعجاز القرآ ن
لإخبار عن الغيوب في عهد الرسول عليه السلام
فأما الفصل الذي بدأنا بذكره، من الإخبار عن الغيوب، والصدق، والإصابة في ذلك كله، فهو: كقوله تعالى: (قُلْ لّلْمُخَلَّفِينْ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ).
فأغزاهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى قتال العرب والفرس والروم.
وكقوله: (آلم، غُلِبَتْ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونْ، فِي بِضْعِ سِنِينَ).
وراهن أبو بكر الصديق رضي الله عنه في ذلك، وصدق الله وعده.
وكقوله في قصة أهل بدر: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُولُّونَ الدُّبُر).
وكقوله: (لَقَد صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنِ شآءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلّقِيِنَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ).
وكقوله: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتيْن أَنَّهَا لَكُمْ)، في قصة أهل بدر.
وكقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحاتِ ليستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَليُمكِنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ آَمْناً).
وصدق الله تعالى وعده في كل ذلك.
وقال في قصة المتخلفين عنه في غزوته: (لَنْ تُخْرُجُواْ مَعِيَ أَبداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً)، فحق ذلك كله وصدق، ولم يخرج من المخالفين الذي خوطبوا بذلك معه أحد.
وكقوله: (لِيُظْهرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّه).
وكقوله: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنَا وَأَبْنَاءَكُم وَنِسَاءَنا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلَ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ)، فامتنعوا من المباهلة، ولو أجابوا إليها اضطرمت عليهم الأودية ناراً على ما ذكر في الخبر.
وكقوله: (قُلْ إِنِ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللًّهِ خَالِصَةً مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ)، ولو تمنوه لوقع بهم فهذا وما أشبهه فصل.
الإخبار عن قصص الأولين.
وأما الوجه الثاني الذي ذكرناه، من إخباره عن قصص الأولين، وسير المتقدمين، فمن العجيب الممتنع، على من لم يقف على الإخبار، ولم يشتغل بدرس الآثار.
وقد حكى في القرآن تلك الأمور حكاية من شهدها، وحضرها ولذلك قال الله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِيِنكَ إِذاً لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
وقال: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِب الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ).
وقال: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِن رَّبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُمْ مِنْ نّذَيرٍ مِن قَبْلِكَ). فبين وجه دلالته من إخباره بهذه الأمور الغائبة السالفة.
وقال: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تُعْلَمُها أَنْتَ وَلاَ قَوْمَكَ، مِن قَبْلِ هَذَا). الآية.
الإعجاز الواقع في النظم التأليف والرصف
فأما الكلام في الوجه الثالث، وهو الذي بيناه، من الإعجاز الواقع في النظم والتأليف والرصف، فقد ذكرنا من هذا الوجه وجوهاً.
منها أنا قلنا: إنه نظم خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلامهم، ومباين لأساليب خطابهم.
ومن ادعى ذلك لم يكن له بد من إنه يصحح: أنه ليس من قبيل الشعر ولا السجع ولا الكلام الموزون غير المقفى، لأن قوماً من كفار قريش ادعوا: أنه شعر، ومن الملحدة من يزعم: أن فيه شعراً، ومن أهل الملة من يقول: إنه كلام مسجع إلا أنه أفصح مما قد اعتادوه من أسجاعهم، ومنهم من يدعي: أنه كلام موزون فلا يخرج بذلك عن أصناف ما يتعارفونه من الخطاب.
فأما الفصل الذي بدأنا بذكره، من الإخبار عن الغيوب، والصدق، والإصابة في ذلك كله، فهو: كقوله تعالى: (قُلْ لّلْمُخَلَّفِينْ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ).
فأغزاهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى قتال العرب والفرس والروم.
وكقوله: (آلم، غُلِبَتْ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونْ، فِي بِضْعِ سِنِينَ).
وراهن أبو بكر الصديق رضي الله عنه في ذلك، وصدق الله وعده.
وكقوله في قصة أهل بدر: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُولُّونَ الدُّبُر).
وكقوله: (لَقَد صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنِ شآءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلّقِيِنَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ).
وكقوله: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتيْن أَنَّهَا لَكُمْ)، في قصة أهل بدر.
وكقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحاتِ ليستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَليُمكِنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ آَمْناً).
وصدق الله تعالى وعده في كل ذلك.
وقال في قصة المتخلفين عنه في غزوته: (لَنْ تُخْرُجُواْ مَعِيَ أَبداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً)، فحق ذلك كله وصدق، ولم يخرج من المخالفين الذي خوطبوا بذلك معه أحد.
وكقوله: (لِيُظْهرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّه).
وكقوله: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنَا وَأَبْنَاءَكُم وَنِسَاءَنا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلَ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ)، فامتنعوا من المباهلة، ولو أجابوا إليها اضطرمت عليهم الأودية ناراً على ما ذكر في الخبر.
وكقوله: (قُلْ إِنِ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللًّهِ خَالِصَةً مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ)، ولو تمنوه لوقع بهم فهذا وما أشبهه فصل.
الإخبار عن قصص الأولين.
وأما الوجه الثاني الذي ذكرناه، من إخباره عن قصص الأولين، وسير المتقدمين، فمن العجيب الممتنع، على من لم يقف على الإخبار، ولم يشتغل بدرس الآثار.
وقد حكى في القرآن تلك الأمور حكاية من شهدها، وحضرها ولذلك قال الله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِيِنكَ إِذاً لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
وقال: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِب الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ).
وقال: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِن رَّبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُمْ مِنْ نّذَيرٍ مِن قَبْلِكَ). فبين وجه دلالته من إخباره بهذه الأمور الغائبة السالفة.
وقال: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تُعْلَمُها أَنْتَ وَلاَ قَوْمَكَ، مِن قَبْلِ هَذَا). الآية.
الإعجاز الواقع في النظم التأليف والرصف
فأما الكلام في الوجه الثالث، وهو الذي بيناه، من الإعجاز الواقع في النظم والتأليف والرصف، فقد ذكرنا من هذا الوجه وجوهاً.
منها أنا قلنا: إنه نظم خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلامهم، ومباين لأساليب خطابهم.
ومن ادعى ذلك لم يكن له بد من إنه يصحح: أنه ليس من قبيل الشعر ولا السجع ولا الكلام الموزون غير المقفى، لأن قوماً من كفار قريش ادعوا: أنه شعر، ومن الملحدة من يزعم: أن فيه شعراً، ومن أهل الملة من يقول: إنه كلام مسجع إلا أنه أفصح مما قد اعتادوه من أسجاعهم، ومنهم من يدعي: أنه كلام موزون فلا يخرج بذلك عن أصناف ما يتعارفونه من الخطاب.