الحديث الأول
بص وطل- Admin
- عدد المساهمات : 2283
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
- مساهمة رقم 1
الحديث الأول
عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - ، قال : سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : ( إنَّمَا الأعمَال بالنِّيَّاتِ وإِنَّما لِكُلِّ امريءٍ ما نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ فهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُوْلِهِ ومَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُها أو امرأةٍ يَنْكِحُهَا(1) فهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إليهِ ).
الشرح
بص وطل- Admin
- عدد المساهمات : 2283
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
- مساهمة رقم 2
تابع شرح الحديث الأول
● [ الصفحة التالية ] ●والهجرةُ لأمور الدُّنيا لا تنحصِرُ ، فقد يُهاجِرُ الإنسانُ لطلبِ دُنيا مُباحةٍ تارةً ، ومحرَّمةٍ أخرى ، وأفرادُ (1) ما يُقصَدُ بالهجرةِ من أُمورِ الدُّنيا لا تنحصِرُ ، فلذلك قال : ( فهجرتُهُ (2) إلى ما هاجرَ إليه ) ، يعني : كائناً ما كان .
وقد رُويَ عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى : { إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ } الآية (3) . قال : كانت المرأةُ إذا أتت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حلَّفها بالله : ما خرجت من بُغضِ زوجٍ ، وبالله : ما خرجت رغبةً بأرضٍ عنْ
أرضٍ(4)، وبالله : ما خرجت التماسَ دُنيا ، وبالله : ما خرجت إلاَّ حباً لله ورسوله . خرجهُ ابنُ أبي حاتم (5) ، وابنُ جريرٍ (6) ، والبزَّارُ في " مسنده " (7) ، وخرَّجه الترمذي في بعض نسخ كتابه مختصراً .
وقد روى وكيعٌ في كتابه عن الأعمش ، عن شقيقٍ - هو أبو وائلٍ - قال : خطبَ أعرابيٌّ مِنَ الحيِّ امرأةً يقال لها : أم قيسٍ . فأبت أن تزوَّجَهُ حتى يُهاجِرَ ، فهاجَرَ ، فتزوَّجته ، فكُنَّا نُسمِّيه مهاجرَ أُم قيسٍ . قال : فقال عبدُ الله - يعني : ابن مسعود - : مَنْ هاجَر يبتغي شيئاً ، فهو له .
-------------------------
(1) كلمة : ( أفراد ) سقطت من ( ص ) .
(2) سقطت من ( ص ) .
(3) الممتحنة : 10 .
(4) في ( ص ) : ( من رغبة من أرض إلى أرض ) .
(5) في " تفسيره " 10/3350 ( 18867 ) .
(6) في " تفسيره " ( 26310 ) ، وطبعة التركي 22/575 .
(7) 2272 ) كشف الأستار ، وهو حديث ضعيف . انظر : مجمع الزوائد 7/123 .
● [ الصفحة التالية ] ●وهذا السِّياقُ يقتضي أنَّ هذا لم يكن في عهدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، إنَّما كان في عهدِ ابنِ مسعودٍ ، ولكن رُوي مِنْ طريقِ سفيانَ الثَّوريِّ ، عَن الأَعمشِ ، عن أبي وائلٍ ، عن ابن مسعود ، قال : كان فينا رجلٌ خطبَ امرأةً يقال لها : أم قيسٍ ، فأبت أنْ تزوَّجَه حتَّى يهاجِرَ ، فهاجَرَ ، فتزوَّجها ، فكنَّا نسمِّيه مهاجرَ أمِّ قيسٍ . قال ابنُ مسعودٍ : مَنْ هاجرَ لشيءٍ (1) فهو له (2) .
وقد اشتهرَ أنَّ قصَّةَ مُهاجرِ أمِّ قيسٍ هي(3) كانت سببَ قولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( مَنْ كانت هجرتُه إلى دُنيا يُصيبُها أو امرأةٍ ينكِحُها ) ، وذكر ذلك كثيرٌ من المتأخِّرين في كُتُبهم ، ولم نر لذلك أصلاً بإسنادٍ يصحُّ ، والله أعلم (4) .
وسائر الأعمال كالهجرةِ في هذا المعنى ، فصلاحُها وفسادُها بحسب النِّيَّة الباعثَةِ عليها ، كالجهادِ والحجِّ وغيرهما ، وقد سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن اختلاف نيَّاتِ النَّاس في الجهاد وما يُقصَدُ به من الرِّياء ، وإظهار(5) الشَّجاعة والعصبيَّة ، وغير ذلك : أيُّ ذلك في سبيل الله ؟ فقال : ( مَنْ قاتَل لِتَكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا ، فهو في سبيل الله ) فخرج بهذا كلُّ(6) ما سألوا عنه من المقاصد الدُّنيوية .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( يبتغي شيئاً ) .
(2) أخرجه : الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8540 ) .
(3) سقطت من ( ص ) .
(4) قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 1/14 تعقيباً على هذه القصة : ( لكن ليس فيه أنَّ حديث الأعمال سيق بسبب ذلك ، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك ) .
(5) سقطت من ( ص ) .
(6) سقطت من ( ص ) .
● [ الصفحة التالية ] ●ففي " الصحيحين " عن أبي موسى الأشعريِّ : أنَّ أعرابياً أتى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله : الرَّجُلُ يُقاتِلُ للمَغْنمِ ، والرَّجلُ يُقاتِل للذِّكر ، والرَّجُلُ يقاتِل ليُرى مكانُهُ ، فمن في سبيل الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَنْ قَاتَل لتكُونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا ، فهو في سبيل الله ) (1) .
وفي رواية لمسلم : سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنِ الرَّجُلِ يُقَاتلُ شجاعةً ، ويقاتِلُ حميَّةً (2) ، ويقاتل رياءً ، فأيُّ ذلك في سبيل الله ؟ فذكرَ الحديث .
وفي رواية له أيضاً : الرَّجُلُ يقاتِلُ غضباً ، ويُقاتلُ حَمِيَّةً .
-------------------------
(1) صحيح البخاري 1/42 ( 123 ) و4/24 ( 2810 ) و4/105 ( 3126 ) و9/166 ( 7458 ) ، وصحيح مسلم 6/46 ( 1904 ) ( 149 ) و( 150 ) .
وأخرجه أيضاً : الطيالسي ( 487 ) و( 488 ) ، وعبد الرزاق ( 9567 ) ، وسعيد بن منصور في " سننه " ( 2543 ) ، وأحمد 4/392 و401 و405 و417 ، وعبد بن حميد ( 553 ) ، وأبو داود ( 2517 ) و( 2518 ) ، وابن ماجه ( 2783 ) ، والترمذي ( 1646 ) ، والنسائي 6/23 وفي " الكبرى " ، له ( 4344 ) ، والطحاوي في " شرح المشكل " ( 5106 ) ، وابن حبان ( 4636 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 7/128 ، والبيهقي 9/167 و168 ، والبغوي ( 2626 ) من طرق عن أبي موسى الأشعري ، به .
(2) الحمية : هي الأنفة والغيرة والمحاماة عن عشيرته . انظر : شرح صحيح مسلم 7/45 .
● [ الصفحة التالية ] ●وخَرَّج النَّسائيُّ من حديث أبي أُمامة ، قال : جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : أرأيت رجلاً غزا يلتمِسُ الأجرَ والذِّكْرَ ، ما لَهُ ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) : ( لا شيءَ له ) ، ثمَّ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ (2) الله لا يقبلُ من العملِ إلاَّ ما كانَ خالصاً ، وابتُغي به وجهُهُ ) (3) .
وخرَّج أبو داود (4) من حديث أبي هريرة : أنَّ رجلاً قال : يا رسول اللهِ ، رجلٌ يريدُ الجِهادَ وهو يبتغي عَرَضاً مِنْ عَرَضِ(5) الدُّنيا ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا أجر له ) فأعاد عليه ثلاثاً ، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لا أجر له ) .
وخرَّج الإمام أحمدُ وأبو داود منْ حديثِ مُعاذِ بنِ جبلٍ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( الغزوُ غَزوانِ ، فأمَّا من ابتغى وجهَ الله ، وأطاعَ الإمام ، وأنفق الكريمةَ (6) ، وياسرَ الشَّريكَ ، واجتنبَ الفسادَ ، فإنَّ نومَهُ ونَبهَهُ أجرٌ كلُّه ، وأمَّا مَنْ غَزا فخراً ورياءً وسُمعةً ، وعصى الإمام ، وأفسدَ في الأرض ، فإنَّه لم يرجع
بالكفاف ) (7)
-------------------------
(1) عبارة : ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) لم ترد في ( ص ) .
(2) إن ) سقطت من ( ص ) .
(3) في " المجتبى " 6/25 وفي " الكبرى " ، له ( 4348 ) .
وأخرجه أيضاً : الطبراني في " الكبير " ( 7628 ) من حديث أبي أمامة ، به، وهو حديث قويٌّ .
(4) في " سننه " ( 2516 ) ، وقد أخرجه من طريق ابن المبارك ، وهو عنده في " الجهاد " ( 227 ) ، وقد أخرج الحديث أحمد 2/293 ، وابن حبان ( 4637 ) ، والحاكم 2/85 ، والبيهقي 9/169 ، وإسناده ضعيف لضعف ابن مكرز فقد جهله علي بن المديني وغيره .
(5) سقطت من ( ص ) .
(6) أي : العزيزة على صاحبها . النهاية 3/167 .
(7) أخرجه : أحمد 5/234 ، وأبو داود ( 2515 ) .
وأخرجه : عبد بن حميد ( 109 ) ، والدارمي ( 2422 ) ، وابن أبي عاصم في " الجهاد " ( 133 ) و( 134 ) ، والنسائي 6/49-50 و7/155 وفي " الكبرى " ، له ( 4379 ) و( 7818 ) و( 8730 ) ، والشاشي في " مسنده " ( 1394 ) ، والطبراني في " الكبير " 20/( 176 ) وفي مسند " الشاميين " ، له ( 1159 ) ، والحاكم 2/85 ، وأبو نعيم في " الحلية " 5/220 ، والبيهقي 9/168 وفي " شعب الإيمان " ، له ( 4265 ) من طريق معاذ بن جبل ، به ، وهو ضعيف بقية بن الوليد ليس بالقوي ، وهو يدلس تدليس التسوية ، ولا يقبل منه إلاّ أن يصرح بالسماع في جميع طبقات السند ، ولم يصرح ، وحديثه هذا معلول بالوقف .
أخرجه : مالك في " الموطأ " ( 1340 ) برواية يحيى الليثي ، عن معاذ بن جبل ، به موقوفاً .
● [ الصفحة التالية ] ●وخرَّج أبو داود(1) من حديث عبدِ الله بنِ عمرٍو قال : قلتُ : يا رسول الله ، أخبرني عن الجهاد والغزو ، فقال(2) : ( إنْ قاتلت صابراً محتسباً ، بعثك الله صابراً محتسباً ، وإنْ قاتلتَ مُرائياً مُكاثراً ، بعثَك الله مُرائياً مُكاثراً ، على أيِّ حالٍ قَاتَلْتَ أو قُتِلْتَ بعثكَ الله على تِيك الحالِ ) .
وخرَّج مسلمٌ (3)
-------------------------
(1) في " سننه " ( 2519 ) .
وأخرجه أيضاً : الحاكم 2/85 و112 ، والبيهقي 9/168 من حديث عبد الله بن عمرو ، به ، وإسناده ضعيف ؛ فإنَّ العلاء بن عبد الله مقبول حيث يتابع ولم يتابع ، وشيخه حنان بن خارجة مجهول تفرد بالرواية عنه العلاء ، وقد جهله أبو الحسن بن القطان والذهبي .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) .
(3) في صحيحه 6/47 ( 1905 ) ( 152 ) .
وأخرجه : ابن المبارك في " الزهد " ( 469 ) ، وأحمد 2/321 ، والبخاري في " خلق أفعال العباد "( 42 ) ، والترمذي ( 2382 ) ، والنسائي 6/23 وفي " الكبرى " ، له ( 4345 ) و( 8083 ) و( 11559 ) وفي " تفسيره " ( 579 ) وفي " فضائل القرآن " ، له ( 108 ) ، وابن خزيمة ( 2482 ) ، وابن حبان ( 408 ) ، والحاكم 1/418-419 ، وأبو نعيم في " الحلية " 5/169 ، والبيهقي 9/168 ، والبغوي ( 4143 ) من طرق عن أبي هريرة ، به .
● [ الصفحة التالية ] ●من حديثِ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - : سمعتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقضى يومَ القيامةِ عليه(1) رجلٌ استُشهِدَ ، فأُتِي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه (2)، فعرفها ، قال : فما عَمِلتَ فيها ؟ قالَ : قاتلتُ فيكَ حتّى استُشْهِدتُ ، قالَ : كذبتَ ، ولكنَّكَ قاتلتَ ؛ لأنْ يُقَالَ : جَريءٌ ، فقد قيل ، ثمَّ أُمِرَ به ، فسُحِبَ على وجهه ، حتى أُلقي في النَّارِ ، ورجلٌ تعلَّم العلمَ وعلَّمه ، وقرأَ القُرآن ، فأُتِي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه (3) فعرَفها ، قال : فما عملتَ فيها ؟ قال : تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه ، وقرأتُ فيكَ(4) القرآنَ . قال : كذبتَ ، ولكنَّك تعلَّمتَ العلمَ ، ليُقال : عالمٌ ، وقرأتَ القرآنَ ليقال : قارىءٌ ، فقد قيلَ ، ثمَّ أُمِر به ، فسُحِب على وجهه حتّى أُلقي في النّار ، ورجلٌ وسَّع الله عليه ، وأعطاه من أصنافِ المال كلِّه ، فأُتي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه (5) ، فعرفها ، قال : فما عَمِلتَ فيها ؟ قال : ما تركتُ من سبيلٍ تُحبُّ أن يُنفقَ فيها إلاَّ أنفقتُ فيها لكَ ، قال : كذبتَ ، ولكنَّك فعلتَ ، ليُقالَ : هو جوادٌ ، فقد قيلَ ، ثمَّ أُمِر به ، فسُحب على وجهه ، حتى أُلقي في النار ) .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( يقضى عليه يوم القيامة ) .
(2) عليه ) من ( ص ) فقط .
(3) عليه ) من ( ص ) فقط .
(4) سقطت من ( ص ) .
(5) عليه ) من ( ص ) فقط .
● [ الصفحة التالية ] ●وفي الحديث : إنَّ معاويةَ لمَّا بلغه هذا الحديثُ(1) ، بكى حتَّى غُشِي عليه ، فلمَّا أفاق ، قال : صدَقَ الله ورسولُه ، قال الله - عز وجل - : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّار } (2) .
وقد وردَ الوعيدُ على تعلُّم العِلم لغيرِ وجه الله ، كما خرَّجه الإمامُ أحمدُ وأبو داود وابنُ ماجه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : ( مَنْ تعلَّم عِلماً مِمَّا يُبتَغى به وجهُ الله ، لا يتعلَّمُه إلاَّ ليُصيبَ بهِ عَرَضاً من الدُّنيا ، لم يَجِدْ عَرْفَ الجنَّة يومَ القيامَةِ ) يعني : ريحها (3) .
وخرَّج الترمذيُّ (4)
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( سمعه ) مكان : ( بلغه هذا الحديث ) .
(2) هود : 15-16 .
(3) أخرجه : أحمد 2/338 ، وأبو داود ( 3664 ) ، وابن ماجه ( 252 ) .
وأخرجه أيضاً : أبو الحسن القطان في " زياداته على سنن ابن ماجه " بإثر الحديث ( 252 ) ، وأبو يعلى ( 6373 ) ، وابن حبان ( 78 ) ، والحاكم 1/85 ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 1770 ) ، والخطيب في " تاريخه " 5/347 و8/78 ، وإسناده ضعيف لضعف فليح بن سليمان ، وقد خولف في هذا الحديث فرواه من هو أقوى منه مرسلاً ، قال الإمام الدارقطني : ( المرسل أشبه بالصواب ) . العلل الواردة في الأحاديث النبوية 11/10 س ( 2087 ) .
(4) في " الجامع الكبير " ( 2654 ) .
وأخرجه أيضاً : العقيلي في " الضعفاء " 1/104 ، وابن حبان في " المجروحين " 1/133-134 ، والطبراني في " الكبير " 19/( 199 ) ، وابن عدي في " الكامل " 1/541 ، وابن الجوزي في " العلل المتناهية " ( 86 ) ، وقال الترمذي : ( غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه ، وإسحاق بن يحيى بن طلحة ليس بذاك القوي عندهم ، تكلم فيه من قبل حفظه ) .
● [ الصفحة التالية ] ●من حديثِ كعبِ بن مالك ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( مَنْ طَلَب العلمَ ليُمارِي به السُّفهَاء ، أو يُجاري به العُلَماء ، أو يَصرِفَ به وجُوهَ النَّاسِ إليه ، أدخله الله النَّار ) .
وخرَّجه ابن ماجه (1) – بمعناه - مِنْ حديث(2) ابن عمر ، وحذيفةَ ، وجابرٍ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (3)، ولفظُ حديث جابرٍ : ( لا تَعَلَّموا العِلمَ ، لتُباهُوا به العُلماءَ ، ولا لِتُماروا به السُّفَهاءَ ، ولا تَخَيَّروا به المجالس ، فَمَنْ فعل ذلك ، فالنَّارَ النَّارَ ) .
وقال ابنُ مسعودٍ : لا تعلَّموا العِلمَ لثلاثٍ : لِتُماروا به السُّفَهاء ، أو لِتُجادِلوا به الفُقهاء ، أو لتصرفوا بهِ وُجُوه النَّاس إليكم ، وابتغُوا بقولِكُم وفعلِكم ما
عندَ اللهِ (4)، فإنَّه يبقَى ويذهبُ ما سواهُ (5) .
وقد ورد الوعيدُ على العمل لغيرِ اللهِ عموماً ، كما خرَّج الإمامُ أحمدُ (6)
-------------------------
(1) في " سننه " ( 253 ) من حديث ابن عمر ، و( 254 ) من حديث جابر بن عبد الله ، و( 259 ) من حديث حذيفة .
وأخرجه : ابن حبان ( 77 ) ، والحاكم 1/86 من حديث جابر بن عبد الله ، به ، وكلها ضعيفةٌ ، وبعضهم قوى الحديث بالمجموع ، والله أعلم .
(2) سقطت من ( ص ) .
(3) بعد هذا في ( ص ) : ( جاء ) .
(4) في ( ص ) : ( وجه الله ) .
(5) ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/176 .
(6) في مسنده 5/134 .
وأخرجه : عبد الله بن أحمد في " زياداته " 5/134 ، وابن حبان ( 405 ) ، والحاكم 4/311 و318 ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 6833 ) و( 6834 ) و( 10335 ) وفي " دلائل النبوة " ، له 6/317-318 ، والبغوي ( 4144 ) و( 4145 ) .وهو حديث قويٌّ .
● [ الصفحة التالية ] ●من حديثِ أبيّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( بَشِّرْ هذه الأمَّةَ بالسَّناء والرِّفْعَة والدِّين والتمكينِ (1) في الأرض ، فمن عَمِلَ منهُم عملَ الآخرةِ للدُّنيا ، لم يكنْ له في الآخرةِ (2) نصيبٌ ) .
واعلم أنَّ العمل لغيرِ الله أقسامٌ : فتارةً يكونُ رياءً محضاً ، بحيثُ لا يُرادُ به سوى مراآت المخلوقين لغرضٍ دُنيويٍّ ، كحالِ المنافِقين في صلاتهم ، كما قال الله - عز وجل - : { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إلاَّ قَلِيلاً } (3) .
وقال تعالى : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ } الآية (4) .
وكذلك وصف الله تعالى الكفار بالرِّياء في قوله : { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله } (5) .
وهذا الرِّياءُ المحضُ لا يكاد يصدُرُ من مُؤمنٍ في فرض الصَّلاةِ والصِّيامِ ، وقد يصدُرُ في الصَّدقةِ الواجبةِ أو الحجِّ ، وغيرهما من الأعمال الظاهرةِ ، أو التي يتعدَّى نفعُها ، فإنَّ الإخلاص فيها عزيزٌ ، وهذا العملُ لا يشكُّ مسلمٌ أنَّه حابِطٌ ، وأنَّ صاحبه يستحقُّ المقتَ مِنَ اللهِ والعُقوبة (6) .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( والتمكين والدين ) .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( من ) .
(3) النساء : 142 .
(4) الماعون : 4-6 .
(5) الأنفال : 47 .
(6) روي أنَّ لقمان قال لابنه : الرياء أنْ تطلب ثواب عملك في دار الدنيا ، وإنَّما عمل القوم للآخرة ، قيل له : فما دواء الرياء ؟ قال : كتمان العمل ، قيل له : فكيف يكتم العمل ؟ قال : ما كلفت إظهاره من العمل فلا تدخل فيه إلا بالإخلاص ، وما لم تكلف إظهاره أحب ألا تطلع عليه إلا الله . انظر : تفسير القرطبي 5/182 .
● [ الصفحة التالية ] ●وتارةً يكونُ العملُ للهِ ، ويُشارِكُه الرِّياءُ ، فإنْ شارَكَهُ مِنْ أصله ، فالنُّصوص الصَّحيحة تدلُّ على بُطلانِهِ وحبوطه أيضاً (1).
وفي " صحيح مسلم " (2) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يقولُ الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشُّركاءِ (3) عن الشِّرك ، مَنْ عَمِل عملاً أشركَ فيه معي غيري ، تركته وشريكَه ) ، وخرَّجه ابنُ ماجه (4) ، ولفظه : ( فأنا منه بريءٌ ، وهوَ للَّذي أشركَ ) .
وخرَّج الإمام أحمد (5) عن شدّاد بن أوسٍ ، عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( مَنْ صَلَّى يُرائِي ، فقد أشرَكَ ، ومنْ صَامَ يُرائِي فقد أشرَكَ ، ومن تَصدَّقَ يُرائِي فقد أشرك ، وإنَّ الله - عز وجل - يقولُ : أنا خيرُ قسيمٍ لِمَنْ أشرَكَ بي شيئاً ، فإنَّ جُدَّةَ عَمَلِهِ قليله وكثيره لشريكِهِ الذي أشركَ به ، أنا عنه غنيٌّ ) .
وخرَّج الإمام أحمدُ (6) والترمذيُّ (7) وابنُ ماجه (8)
-------------------------
(1) سقطت من ( ص ) .
(2) 8/223 ( 2985 ) ( 46 ) .
(3) في ( ج ) و( ص ) : ( الأغنياء ) ، والمثبت من " صحيح مسلم " .
(4) في " سننه " ( 4202 ) .
... وأخرجه : الطيالسي ( 2559 ) ، وأحمد 2/301 و435 ، وأبو يعلى ( 6552 ) ، وابن خزيمة ( 938 ) ، وابن حبان ( 395 ) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 6815 ) ، والبغوي ( 4136 ) و( 4137 ) وهو صحيح .
(5) في " مسنده " 4/126 .
وأخرجه : الطيالسي ( 1120 ) ، والطبراني في " الكبير " ( 7139 ) ، والحاكم 4/329 ، وأبو نعيم في " الحلية " 1/268-269 ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 6844 ) وإسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب .
(6) في "مسنده" 3/466 و4/215، وهو حديث قويٌّ ، وقال علي بن المديني : ( سنده صالح ).
(7) في " الجامع الكبير " ( 3154 ) .
(8) في " سننه " ( 4203 ) .
وأخرجه أيضاً : الدولابي في " الكنى والأسماء " 1/35 ، وابن حبان ( 404 ) و( 7345 ) ، والطبراني في " الكبير " 22/( 778 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●مِنْ حديث أبي سعيد بن أبي فضالةَ - وكان مِنَ الصَّحابة - قال : قالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا جمع الله الأوَّلين والآخِرين ليومٍ لا ريبَ فيه ، نادَى مُنادٍ : مَنْ كانَ أشركَ في عملٍ عمِلَهُ لله - عز وجل - فليَطلُبْ ثوابَهُ من عند غير الله - عز وجل - ، فإنّ الله أغنى الشُّركاءِ عن الشِّرك ) .
وخرَّج البزّار في " مسنده " (1) من حديثِ الضَّحَّاكِ بن قيسٍ ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ الله - عز وجل - يقول : أنا خيرُ شريكٍ ، فمن أشركَ معي شريكاً ، فهو لشريكي . يا أيُّها النَّاسُ أخلِصوا أعمالَكُم لله - عز وجل - ؛ فإنَّ الله لا يقبلُ مِنَ الأعمالِ إلاَّ ما أُخْلِصَ لَهُ ، ولا تقولوا : هذا للهِ وللرَّحِمِ ، فإنّها للرَّحِم ، وليس لله منها شيءٌ ، ولا تقولوا : هذا لله ولوجُوهِكُم ، فإنَّها لوجوهكم ، وليس لله فيها شيءٌ (2) ) .
وخرَّج النَّسائيُّ (3) بإسنادٍ جيِّدٍ عن أبي أُمامةَ الباهليِّ : أنَّ رجُلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال : يا رسولَ اللهِ ، أرأيتَ رجلاً غزا يلتَمِسُ الأجْرَ والذِّكر(4) ؟ فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا شيءَ لهُ ) فأعادها ثلاث مرات ، يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5) : ( لا شيء له ) ، ثمَّ قال : ( إنَّ الله لا يقبلُ منَ العَمَل إلاَّ ما كانَ له خالصاً ، وابتُغِي به وجهُه ) .
-------------------------
(1) 3567 ) ، وفي إسناده ضعف من أجل إبراهيم بن مجشر .
(2) من قوله : ( ولا تقولوا : هذا لله ولوجوهكم ... ) إلى هنا لم يرد في ( ص ) .
(3) في " المجتبى " 6/25 وفي " الكبرى " ، له ( 4348 ) ، وقد حسنه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 6/2410-2411 ( 3839 ) .
(4) في ( ص ) : ( الأجر من الله والذكر من الناس ) .
(5) في ( ص ) : ( فأعادها ثلاثاً ورسول الله يقول ) .
● [ الصفحة التالية ] ●وَخَرَّج الحاكمُ (1) مِنْ حديث ابن عباس قال (2) : قال رجل : يا رسول الله ، إني أقف الموقف أُريد به وجْه الله ، وأريدُ أنْ يُرى موطِني ، فلم يردَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا حتّى نزلت : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } (3) .
وممَّن رُوي عنه هذا المعنى ، وأنَّ العملَ إذا خالطه شيءٌ مِنَ الرِّياءِ كان
باطلاً (4) : طائفةٌ مِنَ السَّلفِ، منهم : عبادةُ بنُ الصَّامتِ ، وأبو الدَّرداءِ ، والحسنُ ، وسعيدُ بنُ المسيَّبِ ، وغيرهم .
وفي مراسيلِ القاسم بنِ مُخَيمرة ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( لا يَقبَلُ الله عملاً فيه مثقالُ حبَّةِ خردلٍ مِنْ رياءٍ ) (5) .
ولا نعرفُ عنِ السَّلفِ في هذا خلافاً ، وإنْ كانَ فيه خلافٌ عن بعضِ المتأخِّرينَ .
-------------------------
(1) في " المستدرك " 2/111 من حديث نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري، عن طاووس ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهو معلول بالإرسال ، ونعيم ضعيف .
وأخرجه : ابن المبارك في " الجهاد " ( 12 ) ، وعبد الرزاق في " تفسيره " ( 1728 ) ، والطبري في " تفسيره " ( 17654 ) وطبعة التركي 15/440 ، والحاكم 4/329 من طريق طاووس ، مرسلاً ، وهو الصواب فكذا رواه ابن المبارك في كتابه " الجهاد " وقد تابعه على ذلك عبد الرزاق .
(2) قال ) من ( ص ) .
(3) الكهف : 110 .
(4) زاد بعدها في ( ص ) : ( قاله ) .
(5) ذكره المنذري في " الترغيب والترهيب " ( 51 ) عن القاسم بن مخيمرة ، وهو ضعيف لإرساله .
وأخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 8/240 من كلام يوسف بن أسباط .
● [ الصفحة التالية ] ●فإنْ خالطَ نيَّةَ الجهادِ مثلاً نيّة غير الرِّياءِ ، مثلُ أخذِ أجرة للخِدمَةِ ، أو أخذ شيءٍ مِنَ الغنيمةِ ، أو التِّجارة ، نقصَ بذلك أجرُ جهادهم ، ولم يَبطُل بالكُلِّيَّة ، وفي " صحيح مسلم " (1) عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ الغُزَاةَ إذا غَنِموا غنيمةً ، تعجَّلوا ثُلُثي أجرِهِم ، فإنْ لم يغنَمُوا شيئاً ، تمَّ لهُم أجرُهم ).
وقد ذكرنا فيما مضى أحاديثَ تدلُّ على أنَّ مَنْ أراد بجهاده عَرَضاً مِنَ الدُّنيا أنَّه لا أجرَ له ، وهي محمولةٌ على أنَّه لم يكن له غرَضٌ في الجهاد إلاَّ الدُّنيا .
وقال الإمامُ أحمدُ : التَّاجِرُ والمستأجر والمُكاري أجرهم على قدر ما يخلُصُ من نيَّتهم في غزاتِهم ، ولا يكونُ مثل مَنْ جاهَدَ بنفسه ومالِه لا يَخلِطُ به غيرَهُ .
وقال أيضاً فيمن يأخذُ جُعْلاً على الجهاد : إذا لم يخرج لأجلِ الدَّراهم فلا بأس أنْ يأخذَ ، كأنّه خرجَ لدينِهِ ، فإنْ أُعطي شيئاً أخذه .
وكذا رُوي عن عبد الله بن عمرٍو ، قال : إذا أجمعَ أحدُكم على الغزوِ ، فعوَّضَه الله رزقاً ، فلا بأسَ بذلك ، وأمَّا إنْ أحَدُكُم إنْ أُعطي درهماً غزا ، وإنْ مُنع درهماً مكث ، فلا خيرَ في ذلك .
وكذا قال الأوزاعي : إذا كانت نيَّةُ الغازي على الغزو ، فلا أرى بأساً .
-------------------------
(1) 6/47 ( 1906 ) ( 153 ) و( 154 ) .
وأخرجه أيضاً : أحمد 2/169 ، وأبو داود ( 2497 ) ، وابن ماجه ( 2785 ) ، والنسائي 6/17-18 وفي " الكبرى " ، له ( 4333 ) ، والحاكم 2/78 ، والبيهقي 9/169 وفي " شعب الإيمان " ، له ( 4245 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●وهكذا يُقالُ فيمن أخذَ شيئاً في الحَجِّ ليحُجَّ به : إمَّا(1) عَنْ نفسه ، أو عَنْ غيرِه ، وقد رُوي عَنْ مُجاهد أنّه قال في حجِّ الجمَّال وحجِّ الأجيرِ وحجِّ التَّاجِر : هو تمامٌ لا يَنقُصُ من أُجُورهم شيءٌ ، وهذا محمولٌ على أنَّ قصدهم الأصليَّ كان هو الحجَّ دُونَ التَّكسُّب.
وأمَّا إنْ كان أصلُ العمل للهِ ، ثم طرأت عليه نيَّةُ الرِّياءِ ، فإنْ كان خاطراً ودفَعهُ ، فلا يضرُّه بغيرِ خلافٍ ، وإن استرسلَ معه ، فهل يُحبَطُ(2) عملُه أم لا يضرُّه ذلك ويجازى على أصل نيَّته ؟ في ذلك اختلافٌ بين العُلماءِ مِنَ السَّلَف قد حكاه الإمامُ أحمدُ وابنُ جريرٍ الطَّبريُّ ، ورجَّحا أنَّ عمله لا يبطلُ بذلك ، وأنّه يُجازى بنيَّتِه الأُولى ، وهو مرويٌّ عنِ الحسنِ البصريِّ وغيره .
ويُستدلُّ لهذا القولِ بما خَرَّجه أبو داود في " مراسيله " (3) عن عطاءٍ الخُراسانيِّ : أنَّ رجلاً قال : يا رسولَ الله، إنّ بنِي سلمِةَ كُلهم يقاتلُ ، فمنهم من يُقاتِلُ للدُّنيا، ومنهم من يُقاتِلُ نَجدةً ، ومنهم مَنْ يُقاتِلُ ابتغاءَ وجهِ الله ، فأيُّهُم الشهيد ؟ قال
: ( كلُّهم إذا كان أصلُ أمره أنْ تكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا ) .
وذكر ابنُ جريرٍ أنَّ هذا الاختلافَ إنَّما هو في عملٍ يرتَبطُ آخرُه
بأوَّلِه ، كالصَّلاةِ والصِّيام والحجِّ ، فأمَّا ما لا ارتباطَ فيه كالقراءة والذِّكر وإنفاقِ المالِ ونشرِ العلم، فإنَّه ينقطعُ بنيَّةِ الرِّياءِ الطَّارئة عليه، ويحتاجُ إلى تجديدِ نيةٍ .
-------------------------
(1) سقطت من ( ص ) .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( به ) .
(3) برقم ( 321 ) ، وهو مع إرساله ضعيف من جهة إسناده ، ففيه هشام بن سعد ، وهو صاحب أوهام ، وعطاء يهم كثيراً ويرسل ويدلس . التقريب ( 4600 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●وكذلك رُوي عن سُليمانَ بنِ داود الهاشميّ(1) أنَّه قال : ربَّما أُحدِّثُ بحديثٍ
ولي(2) نيةٌ ، فإذا أتيتُ على بعضِه ، تغيَّرت نيَّتي ، فإذا الحديثُ الواحدُ يحتاجُ إلى
نيَّاتٍ (3) .
ولا يَرِدُ على هذا الجهادُ ، كما في مُرسل عطاءٍ الخراساني (4) ، فإنَّ الجهادَ يلزَم بحُضورِ الصَّفِّ ، ولا يجوزُ تركُه حينئذٍ ، فيصيرُ كالحجِّ .
فأمَّا إذا عَمِلَ العملَ لله(5) خالصاً ، ثم ألقى الله لهُ الثَّناء الحسنَ في قُلوبِ المؤمنين بذلك ، ففرح بفضل الله ورحمته ، واستبشرَ بذلك ، لم يضرَّه ذلك .
وفي هذا المعنى جاء حديثُ أبي ذرٍّ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، أنَّه سُئِلَ عن الرَّجُل يعملُ العَمَل لله مِنَ الخير ويحمَدُه النَّاسُ عليه ، فقال : ( تلك عاجلُ بُشرى المؤمن ) خرَّجه مسلم(6)
-------------------------
(1) هو أبو سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي ، سكن بغداد ، قال محمد بن سعد : كتب عنه البغداديون ورووا عنه ، وتوفي ببغداد سنة تسع وعشرين ومئتين ، وقال أبو حسان الزيادي : مات سنة عشرين ومئتين .
انظر : تاريخ بغداد 9/30-31 ، وتهذيب الكمال 3/275 .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( فيه ) .
(3) أخرجه : الخطيب في " تاريخه " 9/31 ، وذكره المزي في " تهذيب الكمال " 3/275 ، والذهبي في " السير " 10/625 .
(4) الذي سبق قبل قليل .
(5) لفظ الجلالة لم يرد في ( ص ) .
(6) في " صحيحه " 8/44 ( 2642 ) ( 166 ) .
وأخرجه أيضاً : الطيالسي ( 455 ) ، وأحمد 5/156 و157 و168 ، والبزار في
" مسنده " ( 3955 ) و( 3956 ) ، وأبو عوانة كما في " إتحاف المهرة " 14/155 ( 17552 ) ، وابن حبان ( 366 ) و( 367 ) و( 5768 ) ، والبغوي ( 4139 ) و( 4140 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●وخرَّجه ابن ماجه(1)، وعنده : الرَّجُلُ يعمَلُ العملَ للهِ فيحبُّه النَّاسُ عليه . وبهذا المعنى فسَّره الإمامُ أحمدُ ، وإسحاقُ بن راهويه ، وابنُ جريرٍ الطَّبريّ (2)، وغيرهم(3) .
وكذلك الحديثُ الذي خرَّجه الترمذيُّ وابنُ ماجه مِنْ حديثِ أبي هريرةَ : أنَّ رجُلاً قال : يا رسول الله ، الرَّجُلُ يعملُ العملَ فيُسِرُّهُ ، فإذا اطُّلع عليه أعجَبهُ ، فقال : ( له أجران : أجرُ السِّرِّ ، وأجرُ العلانيةِ ) (4) .
ولنقتَصِر على هذا المقدار مِنَ الكلامِ على الإخلاصِ والرِّياء ، فإنَّ فيه كفايةً .
وبالجملةِ ، فما أحسن قولَ سهلِ بن عبد الله التُّستري : ليس على النَّفس شيءٌ أشقُّ مِنَ الإخلاصِ ؛ لأنَّه ليس لها فيه نصيبٌ .
وقال يوسفُ بنُ الحسينِ الرازيُّ : أعزّ شيءٍ في الدُّنيا الإخلاصُ ، وكم اجتهد في إسقاطِ الرِّياءِ عَنْ قلبي ، وكأنَّه ينبُتُ فيه على لون آخر .
-------------------------
(1) في " سننه " ( 4225 ) .
(2) قال النووي في " شرح صحيح مسلم " 8/359 : ( قال العلماء : معناه هذه البشرى المعجلة له بالخير ، وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه ، ومحبته له ، فيحببه إلى الخلق كما سبق في الحديث، ثم يوضع له القبول في الأرض . هذا كله إذا حمده الناس من غير تعرض منه لحمدهم، وإلا فالتعرض مذموم ) .
(3) سقطت من ( ص ) .
(4) أخرجه : ابن ماجه ( 4226 ) ، والترمذي ( 2384 ) .
وأخرجه : الطيالسي ( 2430 ) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " 2/210 ، وابن حبان ( 375 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 8/250 ، والبغوي ( 4141 ) ، وهو معلول بالإرسال كذا أعله الترمذي والدارقطني وأبو نعيم ، وانظر : علل الدارقطني 8/183 س ( 1499 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●● وقال ابنُ عيينةَ : كان من دُعاء مطرِّف بن عبد الله : اللهمَّ إنِّي أستغفرُكَ ممَّا تُبتُ إليكَ منه ، ثمّ عُدتُ فيه ، وأستغفرُكَ ممَّا جعلتُهُ لكَ على نفسي ، ثمَّ لم أفِ لك به ، وأستغفركَ ممَّا زعمتُ أنِّي أردتُ به وجهَك ، فخالطَ قلبي منه ما قد(1) علمتَ(2) .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( مما ) بإسقاط : ( قد ) .
(2) أخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 2/207 .
والهجرةُ لأمور الدُّنيا لا تنحصِرُ ، فقد يُهاجِرُ الإنسانُ لطلبِ دُنيا مُباحةٍ تارةً ، ومحرَّمةٍ أخرى ، وأفرادُ (1) ما يُقصَدُ بالهجرةِ من أُمورِ الدُّنيا لا تنحصِرُ ، فلذلك قال : ( فهجرتُهُ (2) إلى ما هاجرَ إليه ) ، يعني : كائناً ما كان .
وقد رُويَ عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى : { إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ } الآية (3) . قال : كانت المرأةُ إذا أتت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حلَّفها بالله : ما خرجت من بُغضِ زوجٍ ، وبالله : ما خرجت رغبةً بأرضٍ عنْ
أرضٍ(4)، وبالله : ما خرجت التماسَ دُنيا ، وبالله : ما خرجت إلاَّ حباً لله ورسوله . خرجهُ ابنُ أبي حاتم (5) ، وابنُ جريرٍ (6) ، والبزَّارُ في " مسنده " (7) ، وخرَّجه الترمذي في بعض نسخ كتابه مختصراً .
وقد روى وكيعٌ في كتابه عن الأعمش ، عن شقيقٍ - هو أبو وائلٍ - قال : خطبَ أعرابيٌّ مِنَ الحيِّ امرأةً يقال لها : أم قيسٍ . فأبت أن تزوَّجَهُ حتى يُهاجِرَ ، فهاجَرَ ، فتزوَّجته ، فكُنَّا نُسمِّيه مهاجرَ أُم قيسٍ . قال : فقال عبدُ الله - يعني : ابن مسعود - : مَنْ هاجَر يبتغي شيئاً ، فهو له .
-------------------------
(1) كلمة : ( أفراد ) سقطت من ( ص ) .
(2) سقطت من ( ص ) .
(3) الممتحنة : 10 .
(4) في ( ص ) : ( من رغبة من أرض إلى أرض ) .
(5) في " تفسيره " 10/3350 ( 18867 ) .
(6) في " تفسيره " ( 26310 ) ، وطبعة التركي 22/575 .
(7) 2272 ) كشف الأستار ، وهو حديث ضعيف . انظر : مجمع الزوائد 7/123 .
● [ الصفحة التالية ] ●وهذا السِّياقُ يقتضي أنَّ هذا لم يكن في عهدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، إنَّما كان في عهدِ ابنِ مسعودٍ ، ولكن رُوي مِنْ طريقِ سفيانَ الثَّوريِّ ، عَن الأَعمشِ ، عن أبي وائلٍ ، عن ابن مسعود ، قال : كان فينا رجلٌ خطبَ امرأةً يقال لها : أم قيسٍ ، فأبت أنْ تزوَّجَه حتَّى يهاجِرَ ، فهاجَرَ ، فتزوَّجها ، فكنَّا نسمِّيه مهاجرَ أمِّ قيسٍ . قال ابنُ مسعودٍ : مَنْ هاجرَ لشيءٍ (1) فهو له (2) .
وقد اشتهرَ أنَّ قصَّةَ مُهاجرِ أمِّ قيسٍ هي(3) كانت سببَ قولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( مَنْ كانت هجرتُه إلى دُنيا يُصيبُها أو امرأةٍ ينكِحُها ) ، وذكر ذلك كثيرٌ من المتأخِّرين في كُتُبهم ، ولم نر لذلك أصلاً بإسنادٍ يصحُّ ، والله أعلم (4) .
وسائر الأعمال كالهجرةِ في هذا المعنى ، فصلاحُها وفسادُها بحسب النِّيَّة الباعثَةِ عليها ، كالجهادِ والحجِّ وغيرهما ، وقد سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن اختلاف نيَّاتِ النَّاس في الجهاد وما يُقصَدُ به من الرِّياء ، وإظهار(5) الشَّجاعة والعصبيَّة ، وغير ذلك : أيُّ ذلك في سبيل الله ؟ فقال : ( مَنْ قاتَل لِتَكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا ، فهو في سبيل الله ) فخرج بهذا كلُّ(6) ما سألوا عنه من المقاصد الدُّنيوية .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( يبتغي شيئاً ) .
(2) أخرجه : الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8540 ) .
(3) سقطت من ( ص ) .
(4) قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 1/14 تعقيباً على هذه القصة : ( لكن ليس فيه أنَّ حديث الأعمال سيق بسبب ذلك ، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك ) .
(5) سقطت من ( ص ) .
(6) سقطت من ( ص ) .
● [ الصفحة التالية ] ●ففي " الصحيحين " عن أبي موسى الأشعريِّ : أنَّ أعرابياً أتى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله : الرَّجُلُ يُقاتِلُ للمَغْنمِ ، والرَّجلُ يُقاتِل للذِّكر ، والرَّجُلُ يقاتِل ليُرى مكانُهُ ، فمن في سبيل الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَنْ قَاتَل لتكُونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا ، فهو في سبيل الله ) (1) .
وفي رواية لمسلم : سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنِ الرَّجُلِ يُقَاتلُ شجاعةً ، ويقاتِلُ حميَّةً (2) ، ويقاتل رياءً ، فأيُّ ذلك في سبيل الله ؟ فذكرَ الحديث .
وفي رواية له أيضاً : الرَّجُلُ يقاتِلُ غضباً ، ويُقاتلُ حَمِيَّةً .
-------------------------
(1) صحيح البخاري 1/42 ( 123 ) و4/24 ( 2810 ) و4/105 ( 3126 ) و9/166 ( 7458 ) ، وصحيح مسلم 6/46 ( 1904 ) ( 149 ) و( 150 ) .
وأخرجه أيضاً : الطيالسي ( 487 ) و( 488 ) ، وعبد الرزاق ( 9567 ) ، وسعيد بن منصور في " سننه " ( 2543 ) ، وأحمد 4/392 و401 و405 و417 ، وعبد بن حميد ( 553 ) ، وأبو داود ( 2517 ) و( 2518 ) ، وابن ماجه ( 2783 ) ، والترمذي ( 1646 ) ، والنسائي 6/23 وفي " الكبرى " ، له ( 4344 ) ، والطحاوي في " شرح المشكل " ( 5106 ) ، وابن حبان ( 4636 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 7/128 ، والبيهقي 9/167 و168 ، والبغوي ( 2626 ) من طرق عن أبي موسى الأشعري ، به .
(2) الحمية : هي الأنفة والغيرة والمحاماة عن عشيرته . انظر : شرح صحيح مسلم 7/45 .
● [ الصفحة التالية ] ●وخَرَّج النَّسائيُّ من حديث أبي أُمامة ، قال : جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : أرأيت رجلاً غزا يلتمِسُ الأجرَ والذِّكْرَ ، ما لَهُ ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) : ( لا شيءَ له ) ، ثمَّ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ (2) الله لا يقبلُ من العملِ إلاَّ ما كانَ خالصاً ، وابتُغي به وجهُهُ ) (3) .
وخرَّج أبو داود (4) من حديث أبي هريرة : أنَّ رجلاً قال : يا رسول اللهِ ، رجلٌ يريدُ الجِهادَ وهو يبتغي عَرَضاً مِنْ عَرَضِ(5) الدُّنيا ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا أجر له ) فأعاد عليه ثلاثاً ، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لا أجر له ) .
وخرَّج الإمام أحمدُ وأبو داود منْ حديثِ مُعاذِ بنِ جبلٍ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( الغزوُ غَزوانِ ، فأمَّا من ابتغى وجهَ الله ، وأطاعَ الإمام ، وأنفق الكريمةَ (6) ، وياسرَ الشَّريكَ ، واجتنبَ الفسادَ ، فإنَّ نومَهُ ونَبهَهُ أجرٌ كلُّه ، وأمَّا مَنْ غَزا فخراً ورياءً وسُمعةً ، وعصى الإمام ، وأفسدَ في الأرض ، فإنَّه لم يرجع
بالكفاف ) (7)
-------------------------
(1) عبارة : ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) لم ترد في ( ص ) .
(2) إن ) سقطت من ( ص ) .
(3) في " المجتبى " 6/25 وفي " الكبرى " ، له ( 4348 ) .
وأخرجه أيضاً : الطبراني في " الكبير " ( 7628 ) من حديث أبي أمامة ، به، وهو حديث قويٌّ .
(4) في " سننه " ( 2516 ) ، وقد أخرجه من طريق ابن المبارك ، وهو عنده في " الجهاد " ( 227 ) ، وقد أخرج الحديث أحمد 2/293 ، وابن حبان ( 4637 ) ، والحاكم 2/85 ، والبيهقي 9/169 ، وإسناده ضعيف لضعف ابن مكرز فقد جهله علي بن المديني وغيره .
(5) سقطت من ( ص ) .
(6) أي : العزيزة على صاحبها . النهاية 3/167 .
(7) أخرجه : أحمد 5/234 ، وأبو داود ( 2515 ) .
وأخرجه : عبد بن حميد ( 109 ) ، والدارمي ( 2422 ) ، وابن أبي عاصم في " الجهاد " ( 133 ) و( 134 ) ، والنسائي 6/49-50 و7/155 وفي " الكبرى " ، له ( 4379 ) و( 7818 ) و( 8730 ) ، والشاشي في " مسنده " ( 1394 ) ، والطبراني في " الكبير " 20/( 176 ) وفي مسند " الشاميين " ، له ( 1159 ) ، والحاكم 2/85 ، وأبو نعيم في " الحلية " 5/220 ، والبيهقي 9/168 وفي " شعب الإيمان " ، له ( 4265 ) من طريق معاذ بن جبل ، به ، وهو ضعيف بقية بن الوليد ليس بالقوي ، وهو يدلس تدليس التسوية ، ولا يقبل منه إلاّ أن يصرح بالسماع في جميع طبقات السند ، ولم يصرح ، وحديثه هذا معلول بالوقف .
أخرجه : مالك في " الموطأ " ( 1340 ) برواية يحيى الليثي ، عن معاذ بن جبل ، به موقوفاً .
● [ الصفحة التالية ] ●وخرَّج أبو داود(1) من حديث عبدِ الله بنِ عمرٍو قال : قلتُ : يا رسول الله ، أخبرني عن الجهاد والغزو ، فقال(2) : ( إنْ قاتلت صابراً محتسباً ، بعثك الله صابراً محتسباً ، وإنْ قاتلتَ مُرائياً مُكاثراً ، بعثَك الله مُرائياً مُكاثراً ، على أيِّ حالٍ قَاتَلْتَ أو قُتِلْتَ بعثكَ الله على تِيك الحالِ ) .
وخرَّج مسلمٌ (3)
-------------------------
(1) في " سننه " ( 2519 ) .
وأخرجه أيضاً : الحاكم 2/85 و112 ، والبيهقي 9/168 من حديث عبد الله بن عمرو ، به ، وإسناده ضعيف ؛ فإنَّ العلاء بن عبد الله مقبول حيث يتابع ولم يتابع ، وشيخه حنان بن خارجة مجهول تفرد بالرواية عنه العلاء ، وقد جهله أبو الحسن بن القطان والذهبي .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) .
(3) في صحيحه 6/47 ( 1905 ) ( 152 ) .
وأخرجه : ابن المبارك في " الزهد " ( 469 ) ، وأحمد 2/321 ، والبخاري في " خلق أفعال العباد "( 42 ) ، والترمذي ( 2382 ) ، والنسائي 6/23 وفي " الكبرى " ، له ( 4345 ) و( 8083 ) و( 11559 ) وفي " تفسيره " ( 579 ) وفي " فضائل القرآن " ، له ( 108 ) ، وابن خزيمة ( 2482 ) ، وابن حبان ( 408 ) ، والحاكم 1/418-419 ، وأبو نعيم في " الحلية " 5/169 ، والبيهقي 9/168 ، والبغوي ( 4143 ) من طرق عن أبي هريرة ، به .
● [ الصفحة التالية ] ●من حديثِ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - : سمعتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقضى يومَ القيامةِ عليه(1) رجلٌ استُشهِدَ ، فأُتِي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه (2)، فعرفها ، قال : فما عَمِلتَ فيها ؟ قالَ : قاتلتُ فيكَ حتّى استُشْهِدتُ ، قالَ : كذبتَ ، ولكنَّكَ قاتلتَ ؛ لأنْ يُقَالَ : جَريءٌ ، فقد قيل ، ثمَّ أُمِرَ به ، فسُحِبَ على وجهه ، حتى أُلقي في النَّارِ ، ورجلٌ تعلَّم العلمَ وعلَّمه ، وقرأَ القُرآن ، فأُتِي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه (3) فعرَفها ، قال : فما عملتَ فيها ؟ قال : تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه ، وقرأتُ فيكَ(4) القرآنَ . قال : كذبتَ ، ولكنَّك تعلَّمتَ العلمَ ، ليُقال : عالمٌ ، وقرأتَ القرآنَ ليقال : قارىءٌ ، فقد قيلَ ، ثمَّ أُمِر به ، فسُحِب على وجهه حتّى أُلقي في النّار ، ورجلٌ وسَّع الله عليه ، وأعطاه من أصنافِ المال كلِّه ، فأُتي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه (5) ، فعرفها ، قال : فما عَمِلتَ فيها ؟ قال : ما تركتُ من سبيلٍ تُحبُّ أن يُنفقَ فيها إلاَّ أنفقتُ فيها لكَ ، قال : كذبتَ ، ولكنَّك فعلتَ ، ليُقالَ : هو جوادٌ ، فقد قيلَ ، ثمَّ أُمِر به ، فسُحب على وجهه ، حتى أُلقي في النار ) .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( يقضى عليه يوم القيامة ) .
(2) عليه ) من ( ص ) فقط .
(3) عليه ) من ( ص ) فقط .
(4) سقطت من ( ص ) .
(5) عليه ) من ( ص ) فقط .
● [ الصفحة التالية ] ●وفي الحديث : إنَّ معاويةَ لمَّا بلغه هذا الحديثُ(1) ، بكى حتَّى غُشِي عليه ، فلمَّا أفاق ، قال : صدَقَ الله ورسولُه ، قال الله - عز وجل - : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّار } (2) .
وقد وردَ الوعيدُ على تعلُّم العِلم لغيرِ وجه الله ، كما خرَّجه الإمامُ أحمدُ وأبو داود وابنُ ماجه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : ( مَنْ تعلَّم عِلماً مِمَّا يُبتَغى به وجهُ الله ، لا يتعلَّمُه إلاَّ ليُصيبَ بهِ عَرَضاً من الدُّنيا ، لم يَجِدْ عَرْفَ الجنَّة يومَ القيامَةِ ) يعني : ريحها (3) .
وخرَّج الترمذيُّ (4)
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( سمعه ) مكان : ( بلغه هذا الحديث ) .
(2) هود : 15-16 .
(3) أخرجه : أحمد 2/338 ، وأبو داود ( 3664 ) ، وابن ماجه ( 252 ) .
وأخرجه أيضاً : أبو الحسن القطان في " زياداته على سنن ابن ماجه " بإثر الحديث ( 252 ) ، وأبو يعلى ( 6373 ) ، وابن حبان ( 78 ) ، والحاكم 1/85 ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 1770 ) ، والخطيب في " تاريخه " 5/347 و8/78 ، وإسناده ضعيف لضعف فليح بن سليمان ، وقد خولف في هذا الحديث فرواه من هو أقوى منه مرسلاً ، قال الإمام الدارقطني : ( المرسل أشبه بالصواب ) . العلل الواردة في الأحاديث النبوية 11/10 س ( 2087 ) .
(4) في " الجامع الكبير " ( 2654 ) .
وأخرجه أيضاً : العقيلي في " الضعفاء " 1/104 ، وابن حبان في " المجروحين " 1/133-134 ، والطبراني في " الكبير " 19/( 199 ) ، وابن عدي في " الكامل " 1/541 ، وابن الجوزي في " العلل المتناهية " ( 86 ) ، وقال الترمذي : ( غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه ، وإسحاق بن يحيى بن طلحة ليس بذاك القوي عندهم ، تكلم فيه من قبل حفظه ) .
● [ الصفحة التالية ] ●من حديثِ كعبِ بن مالك ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( مَنْ طَلَب العلمَ ليُمارِي به السُّفهَاء ، أو يُجاري به العُلَماء ، أو يَصرِفَ به وجُوهَ النَّاسِ إليه ، أدخله الله النَّار ) .
وخرَّجه ابن ماجه (1) – بمعناه - مِنْ حديث(2) ابن عمر ، وحذيفةَ ، وجابرٍ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (3)، ولفظُ حديث جابرٍ : ( لا تَعَلَّموا العِلمَ ، لتُباهُوا به العُلماءَ ، ولا لِتُماروا به السُّفَهاءَ ، ولا تَخَيَّروا به المجالس ، فَمَنْ فعل ذلك ، فالنَّارَ النَّارَ ) .
وقال ابنُ مسعودٍ : لا تعلَّموا العِلمَ لثلاثٍ : لِتُماروا به السُّفَهاء ، أو لِتُجادِلوا به الفُقهاء ، أو لتصرفوا بهِ وُجُوه النَّاس إليكم ، وابتغُوا بقولِكُم وفعلِكم ما
عندَ اللهِ (4)، فإنَّه يبقَى ويذهبُ ما سواهُ (5) .
وقد ورد الوعيدُ على العمل لغيرِ اللهِ عموماً ، كما خرَّج الإمامُ أحمدُ (6)
-------------------------
(1) في " سننه " ( 253 ) من حديث ابن عمر ، و( 254 ) من حديث جابر بن عبد الله ، و( 259 ) من حديث حذيفة .
وأخرجه : ابن حبان ( 77 ) ، والحاكم 1/86 من حديث جابر بن عبد الله ، به ، وكلها ضعيفةٌ ، وبعضهم قوى الحديث بالمجموع ، والله أعلم .
(2) سقطت من ( ص ) .
(3) بعد هذا في ( ص ) : ( جاء ) .
(4) في ( ص ) : ( وجه الله ) .
(5) ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/176 .
(6) في مسنده 5/134 .
وأخرجه : عبد الله بن أحمد في " زياداته " 5/134 ، وابن حبان ( 405 ) ، والحاكم 4/311 و318 ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 6833 ) و( 6834 ) و( 10335 ) وفي " دلائل النبوة " ، له 6/317-318 ، والبغوي ( 4144 ) و( 4145 ) .وهو حديث قويٌّ .
● [ الصفحة التالية ] ●من حديثِ أبيّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( بَشِّرْ هذه الأمَّةَ بالسَّناء والرِّفْعَة والدِّين والتمكينِ (1) في الأرض ، فمن عَمِلَ منهُم عملَ الآخرةِ للدُّنيا ، لم يكنْ له في الآخرةِ (2) نصيبٌ ) .
واعلم أنَّ العمل لغيرِ الله أقسامٌ : فتارةً يكونُ رياءً محضاً ، بحيثُ لا يُرادُ به سوى مراآت المخلوقين لغرضٍ دُنيويٍّ ، كحالِ المنافِقين في صلاتهم ، كما قال الله - عز وجل - : { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إلاَّ قَلِيلاً } (3) .
وقال تعالى : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ } الآية (4) .
وكذلك وصف الله تعالى الكفار بالرِّياء في قوله : { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله } (5) .
وهذا الرِّياءُ المحضُ لا يكاد يصدُرُ من مُؤمنٍ في فرض الصَّلاةِ والصِّيامِ ، وقد يصدُرُ في الصَّدقةِ الواجبةِ أو الحجِّ ، وغيرهما من الأعمال الظاهرةِ ، أو التي يتعدَّى نفعُها ، فإنَّ الإخلاص فيها عزيزٌ ، وهذا العملُ لا يشكُّ مسلمٌ أنَّه حابِطٌ ، وأنَّ صاحبه يستحقُّ المقتَ مِنَ اللهِ والعُقوبة (6) .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( والتمكين والدين ) .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( من ) .
(3) النساء : 142 .
(4) الماعون : 4-6 .
(5) الأنفال : 47 .
(6) روي أنَّ لقمان قال لابنه : الرياء أنْ تطلب ثواب عملك في دار الدنيا ، وإنَّما عمل القوم للآخرة ، قيل له : فما دواء الرياء ؟ قال : كتمان العمل ، قيل له : فكيف يكتم العمل ؟ قال : ما كلفت إظهاره من العمل فلا تدخل فيه إلا بالإخلاص ، وما لم تكلف إظهاره أحب ألا تطلع عليه إلا الله . انظر : تفسير القرطبي 5/182 .
● [ الصفحة التالية ] ●وتارةً يكونُ العملُ للهِ ، ويُشارِكُه الرِّياءُ ، فإنْ شارَكَهُ مِنْ أصله ، فالنُّصوص الصَّحيحة تدلُّ على بُطلانِهِ وحبوطه أيضاً (1).
وفي " صحيح مسلم " (2) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يقولُ الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشُّركاءِ (3) عن الشِّرك ، مَنْ عَمِل عملاً أشركَ فيه معي غيري ، تركته وشريكَه ) ، وخرَّجه ابنُ ماجه (4) ، ولفظه : ( فأنا منه بريءٌ ، وهوَ للَّذي أشركَ ) .
وخرَّج الإمام أحمد (5) عن شدّاد بن أوسٍ ، عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( مَنْ صَلَّى يُرائِي ، فقد أشرَكَ ، ومنْ صَامَ يُرائِي فقد أشرَكَ ، ومن تَصدَّقَ يُرائِي فقد أشرك ، وإنَّ الله - عز وجل - يقولُ : أنا خيرُ قسيمٍ لِمَنْ أشرَكَ بي شيئاً ، فإنَّ جُدَّةَ عَمَلِهِ قليله وكثيره لشريكِهِ الذي أشركَ به ، أنا عنه غنيٌّ ) .
وخرَّج الإمام أحمدُ (6) والترمذيُّ (7) وابنُ ماجه (8)
-------------------------
(1) سقطت من ( ص ) .
(2) 8/223 ( 2985 ) ( 46 ) .
(3) في ( ج ) و( ص ) : ( الأغنياء ) ، والمثبت من " صحيح مسلم " .
(4) في " سننه " ( 4202 ) .
... وأخرجه : الطيالسي ( 2559 ) ، وأحمد 2/301 و435 ، وأبو يعلى ( 6552 ) ، وابن خزيمة ( 938 ) ، وابن حبان ( 395 ) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 6815 ) ، والبغوي ( 4136 ) و( 4137 ) وهو صحيح .
(5) في " مسنده " 4/126 .
وأخرجه : الطيالسي ( 1120 ) ، والطبراني في " الكبير " ( 7139 ) ، والحاكم 4/329 ، وأبو نعيم في " الحلية " 1/268-269 ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 6844 ) وإسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب .
(6) في "مسنده" 3/466 و4/215، وهو حديث قويٌّ ، وقال علي بن المديني : ( سنده صالح ).
(7) في " الجامع الكبير " ( 3154 ) .
(8) في " سننه " ( 4203 ) .
وأخرجه أيضاً : الدولابي في " الكنى والأسماء " 1/35 ، وابن حبان ( 404 ) و( 7345 ) ، والطبراني في " الكبير " 22/( 778 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●مِنْ حديث أبي سعيد بن أبي فضالةَ - وكان مِنَ الصَّحابة - قال : قالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا جمع الله الأوَّلين والآخِرين ليومٍ لا ريبَ فيه ، نادَى مُنادٍ : مَنْ كانَ أشركَ في عملٍ عمِلَهُ لله - عز وجل - فليَطلُبْ ثوابَهُ من عند غير الله - عز وجل - ، فإنّ الله أغنى الشُّركاءِ عن الشِّرك ) .
وخرَّج البزّار في " مسنده " (1) من حديثِ الضَّحَّاكِ بن قيسٍ ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ الله - عز وجل - يقول : أنا خيرُ شريكٍ ، فمن أشركَ معي شريكاً ، فهو لشريكي . يا أيُّها النَّاسُ أخلِصوا أعمالَكُم لله - عز وجل - ؛ فإنَّ الله لا يقبلُ مِنَ الأعمالِ إلاَّ ما أُخْلِصَ لَهُ ، ولا تقولوا : هذا للهِ وللرَّحِمِ ، فإنّها للرَّحِم ، وليس لله منها شيءٌ ، ولا تقولوا : هذا لله ولوجُوهِكُم ، فإنَّها لوجوهكم ، وليس لله فيها شيءٌ (2) ) .
وخرَّج النَّسائيُّ (3) بإسنادٍ جيِّدٍ عن أبي أُمامةَ الباهليِّ : أنَّ رجُلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال : يا رسولَ اللهِ ، أرأيتَ رجلاً غزا يلتَمِسُ الأجْرَ والذِّكر(4) ؟ فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا شيءَ لهُ ) فأعادها ثلاث مرات ، يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5) : ( لا شيء له ) ، ثمَّ قال : ( إنَّ الله لا يقبلُ منَ العَمَل إلاَّ ما كانَ له خالصاً ، وابتُغِي به وجهُه ) .
-------------------------
(1) 3567 ) ، وفي إسناده ضعف من أجل إبراهيم بن مجشر .
(2) من قوله : ( ولا تقولوا : هذا لله ولوجوهكم ... ) إلى هنا لم يرد في ( ص ) .
(3) في " المجتبى " 6/25 وفي " الكبرى " ، له ( 4348 ) ، وقد حسنه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 6/2410-2411 ( 3839 ) .
(4) في ( ص ) : ( الأجر من الله والذكر من الناس ) .
(5) في ( ص ) : ( فأعادها ثلاثاً ورسول الله يقول ) .
● [ الصفحة التالية ] ●وَخَرَّج الحاكمُ (1) مِنْ حديث ابن عباس قال (2) : قال رجل : يا رسول الله ، إني أقف الموقف أُريد به وجْه الله ، وأريدُ أنْ يُرى موطِني ، فلم يردَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا حتّى نزلت : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } (3) .
وممَّن رُوي عنه هذا المعنى ، وأنَّ العملَ إذا خالطه شيءٌ مِنَ الرِّياءِ كان
باطلاً (4) : طائفةٌ مِنَ السَّلفِ، منهم : عبادةُ بنُ الصَّامتِ ، وأبو الدَّرداءِ ، والحسنُ ، وسعيدُ بنُ المسيَّبِ ، وغيرهم .
وفي مراسيلِ القاسم بنِ مُخَيمرة ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( لا يَقبَلُ الله عملاً فيه مثقالُ حبَّةِ خردلٍ مِنْ رياءٍ ) (5) .
ولا نعرفُ عنِ السَّلفِ في هذا خلافاً ، وإنْ كانَ فيه خلافٌ عن بعضِ المتأخِّرينَ .
-------------------------
(1) في " المستدرك " 2/111 من حديث نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري، عن طاووس ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهو معلول بالإرسال ، ونعيم ضعيف .
وأخرجه : ابن المبارك في " الجهاد " ( 12 ) ، وعبد الرزاق في " تفسيره " ( 1728 ) ، والطبري في " تفسيره " ( 17654 ) وطبعة التركي 15/440 ، والحاكم 4/329 من طريق طاووس ، مرسلاً ، وهو الصواب فكذا رواه ابن المبارك في كتابه " الجهاد " وقد تابعه على ذلك عبد الرزاق .
(2) قال ) من ( ص ) .
(3) الكهف : 110 .
(4) زاد بعدها في ( ص ) : ( قاله ) .
(5) ذكره المنذري في " الترغيب والترهيب " ( 51 ) عن القاسم بن مخيمرة ، وهو ضعيف لإرساله .
وأخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 8/240 من كلام يوسف بن أسباط .
● [ الصفحة التالية ] ●فإنْ خالطَ نيَّةَ الجهادِ مثلاً نيّة غير الرِّياءِ ، مثلُ أخذِ أجرة للخِدمَةِ ، أو أخذ شيءٍ مِنَ الغنيمةِ ، أو التِّجارة ، نقصَ بذلك أجرُ جهادهم ، ولم يَبطُل بالكُلِّيَّة ، وفي " صحيح مسلم " (1) عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ الغُزَاةَ إذا غَنِموا غنيمةً ، تعجَّلوا ثُلُثي أجرِهِم ، فإنْ لم يغنَمُوا شيئاً ، تمَّ لهُم أجرُهم ).
وقد ذكرنا فيما مضى أحاديثَ تدلُّ على أنَّ مَنْ أراد بجهاده عَرَضاً مِنَ الدُّنيا أنَّه لا أجرَ له ، وهي محمولةٌ على أنَّه لم يكن له غرَضٌ في الجهاد إلاَّ الدُّنيا .
وقال الإمامُ أحمدُ : التَّاجِرُ والمستأجر والمُكاري أجرهم على قدر ما يخلُصُ من نيَّتهم في غزاتِهم ، ولا يكونُ مثل مَنْ جاهَدَ بنفسه ومالِه لا يَخلِطُ به غيرَهُ .
وقال أيضاً فيمن يأخذُ جُعْلاً على الجهاد : إذا لم يخرج لأجلِ الدَّراهم فلا بأس أنْ يأخذَ ، كأنّه خرجَ لدينِهِ ، فإنْ أُعطي شيئاً أخذه .
وكذا رُوي عن عبد الله بن عمرٍو ، قال : إذا أجمعَ أحدُكم على الغزوِ ، فعوَّضَه الله رزقاً ، فلا بأسَ بذلك ، وأمَّا إنْ أحَدُكُم إنْ أُعطي درهماً غزا ، وإنْ مُنع درهماً مكث ، فلا خيرَ في ذلك .
وكذا قال الأوزاعي : إذا كانت نيَّةُ الغازي على الغزو ، فلا أرى بأساً .
-------------------------
(1) 6/47 ( 1906 ) ( 153 ) و( 154 ) .
وأخرجه أيضاً : أحمد 2/169 ، وأبو داود ( 2497 ) ، وابن ماجه ( 2785 ) ، والنسائي 6/17-18 وفي " الكبرى " ، له ( 4333 ) ، والحاكم 2/78 ، والبيهقي 9/169 وفي " شعب الإيمان " ، له ( 4245 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●وهكذا يُقالُ فيمن أخذَ شيئاً في الحَجِّ ليحُجَّ به : إمَّا(1) عَنْ نفسه ، أو عَنْ غيرِه ، وقد رُوي عَنْ مُجاهد أنّه قال في حجِّ الجمَّال وحجِّ الأجيرِ وحجِّ التَّاجِر : هو تمامٌ لا يَنقُصُ من أُجُورهم شيءٌ ، وهذا محمولٌ على أنَّ قصدهم الأصليَّ كان هو الحجَّ دُونَ التَّكسُّب.
وأمَّا إنْ كان أصلُ العمل للهِ ، ثم طرأت عليه نيَّةُ الرِّياءِ ، فإنْ كان خاطراً ودفَعهُ ، فلا يضرُّه بغيرِ خلافٍ ، وإن استرسلَ معه ، فهل يُحبَطُ(2) عملُه أم لا يضرُّه ذلك ويجازى على أصل نيَّته ؟ في ذلك اختلافٌ بين العُلماءِ مِنَ السَّلَف قد حكاه الإمامُ أحمدُ وابنُ جريرٍ الطَّبريُّ ، ورجَّحا أنَّ عمله لا يبطلُ بذلك ، وأنّه يُجازى بنيَّتِه الأُولى ، وهو مرويٌّ عنِ الحسنِ البصريِّ وغيره .
ويُستدلُّ لهذا القولِ بما خَرَّجه أبو داود في " مراسيله " (3) عن عطاءٍ الخُراسانيِّ : أنَّ رجلاً قال : يا رسولَ الله، إنّ بنِي سلمِةَ كُلهم يقاتلُ ، فمنهم من يُقاتِلُ للدُّنيا، ومنهم من يُقاتِلُ نَجدةً ، ومنهم مَنْ يُقاتِلُ ابتغاءَ وجهِ الله ، فأيُّهُم الشهيد ؟ قال
: ( كلُّهم إذا كان أصلُ أمره أنْ تكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا ) .
وذكر ابنُ جريرٍ أنَّ هذا الاختلافَ إنَّما هو في عملٍ يرتَبطُ آخرُه
بأوَّلِه ، كالصَّلاةِ والصِّيام والحجِّ ، فأمَّا ما لا ارتباطَ فيه كالقراءة والذِّكر وإنفاقِ المالِ ونشرِ العلم، فإنَّه ينقطعُ بنيَّةِ الرِّياءِ الطَّارئة عليه، ويحتاجُ إلى تجديدِ نيةٍ .
-------------------------
(1) سقطت من ( ص ) .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( به ) .
(3) برقم ( 321 ) ، وهو مع إرساله ضعيف من جهة إسناده ، ففيه هشام بن سعد ، وهو صاحب أوهام ، وعطاء يهم كثيراً ويرسل ويدلس . التقريب ( 4600 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●وكذلك رُوي عن سُليمانَ بنِ داود الهاشميّ(1) أنَّه قال : ربَّما أُحدِّثُ بحديثٍ
ولي(2) نيةٌ ، فإذا أتيتُ على بعضِه ، تغيَّرت نيَّتي ، فإذا الحديثُ الواحدُ يحتاجُ إلى
نيَّاتٍ (3) .
ولا يَرِدُ على هذا الجهادُ ، كما في مُرسل عطاءٍ الخراساني (4) ، فإنَّ الجهادَ يلزَم بحُضورِ الصَّفِّ ، ولا يجوزُ تركُه حينئذٍ ، فيصيرُ كالحجِّ .
فأمَّا إذا عَمِلَ العملَ لله(5) خالصاً ، ثم ألقى الله لهُ الثَّناء الحسنَ في قُلوبِ المؤمنين بذلك ، ففرح بفضل الله ورحمته ، واستبشرَ بذلك ، لم يضرَّه ذلك .
وفي هذا المعنى جاء حديثُ أبي ذرٍّ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، أنَّه سُئِلَ عن الرَّجُل يعملُ العَمَل لله مِنَ الخير ويحمَدُه النَّاسُ عليه ، فقال : ( تلك عاجلُ بُشرى المؤمن ) خرَّجه مسلم(6)
-------------------------
(1) هو أبو سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي ، سكن بغداد ، قال محمد بن سعد : كتب عنه البغداديون ورووا عنه ، وتوفي ببغداد سنة تسع وعشرين ومئتين ، وقال أبو حسان الزيادي : مات سنة عشرين ومئتين .
انظر : تاريخ بغداد 9/30-31 ، وتهذيب الكمال 3/275 .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( فيه ) .
(3) أخرجه : الخطيب في " تاريخه " 9/31 ، وذكره المزي في " تهذيب الكمال " 3/275 ، والذهبي في " السير " 10/625 .
(4) الذي سبق قبل قليل .
(5) لفظ الجلالة لم يرد في ( ص ) .
(6) في " صحيحه " 8/44 ( 2642 ) ( 166 ) .
وأخرجه أيضاً : الطيالسي ( 455 ) ، وأحمد 5/156 و157 و168 ، والبزار في
" مسنده " ( 3955 ) و( 3956 ) ، وأبو عوانة كما في " إتحاف المهرة " 14/155 ( 17552 ) ، وابن حبان ( 366 ) و( 367 ) و( 5768 ) ، والبغوي ( 4139 ) و( 4140 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●وخرَّجه ابن ماجه(1)، وعنده : الرَّجُلُ يعمَلُ العملَ للهِ فيحبُّه النَّاسُ عليه . وبهذا المعنى فسَّره الإمامُ أحمدُ ، وإسحاقُ بن راهويه ، وابنُ جريرٍ الطَّبريّ (2)، وغيرهم(3) .
وكذلك الحديثُ الذي خرَّجه الترمذيُّ وابنُ ماجه مِنْ حديثِ أبي هريرةَ : أنَّ رجُلاً قال : يا رسول الله ، الرَّجُلُ يعملُ العملَ فيُسِرُّهُ ، فإذا اطُّلع عليه أعجَبهُ ، فقال : ( له أجران : أجرُ السِّرِّ ، وأجرُ العلانيةِ ) (4) .
ولنقتَصِر على هذا المقدار مِنَ الكلامِ على الإخلاصِ والرِّياء ، فإنَّ فيه كفايةً .
وبالجملةِ ، فما أحسن قولَ سهلِ بن عبد الله التُّستري : ليس على النَّفس شيءٌ أشقُّ مِنَ الإخلاصِ ؛ لأنَّه ليس لها فيه نصيبٌ .
وقال يوسفُ بنُ الحسينِ الرازيُّ : أعزّ شيءٍ في الدُّنيا الإخلاصُ ، وكم اجتهد في إسقاطِ الرِّياءِ عَنْ قلبي ، وكأنَّه ينبُتُ فيه على لون آخر .
-------------------------
(1) في " سننه " ( 4225 ) .
(2) قال النووي في " شرح صحيح مسلم " 8/359 : ( قال العلماء : معناه هذه البشرى المعجلة له بالخير ، وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه ، ومحبته له ، فيحببه إلى الخلق كما سبق في الحديث، ثم يوضع له القبول في الأرض . هذا كله إذا حمده الناس من غير تعرض منه لحمدهم، وإلا فالتعرض مذموم ) .
(3) سقطت من ( ص ) .
(4) أخرجه : ابن ماجه ( 4226 ) ، والترمذي ( 2384 ) .
وأخرجه : الطيالسي ( 2430 ) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " 2/210 ، وابن حبان ( 375 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 8/250 ، والبغوي ( 4141 ) ، وهو معلول بالإرسال كذا أعله الترمذي والدارقطني وأبو نعيم ، وانظر : علل الدارقطني 8/183 س ( 1499 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●● وقال ابنُ عيينةَ : كان من دُعاء مطرِّف بن عبد الله : اللهمَّ إنِّي أستغفرُكَ ممَّا تُبتُ إليكَ منه ، ثمّ عُدتُ فيه ، وأستغفرُكَ ممَّا جعلتُهُ لكَ على نفسي ، ثمَّ لم أفِ لك به ، وأستغفركَ ممَّا زعمتُ أنِّي أردتُ به وجهَك ، فخالطَ قلبي منه ما قد(1) علمتَ(2) .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( مما ) بإسقاط : ( قد ) .
(2) أخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 2/207 .
بص وطل- Admin
- عدد المساهمات : 2283
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
- مساهمة رقم 3