بص وطل- Admin
- عدد المساهمات : 2283
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
من طرف بص وطل الإثنين ديسمبر 10, 2018 9:11 am
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
القانون فى الطب لإبن سينا
الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية
الفن الثالث : تشريح العين
المقالة الثانية : أمراض المقلة
● [ فصل في النفاخات ] ●
قد يحدث في العين نفاخات مائية في بعض قشور القرنية التي هي أربع طباق عند قوم، وعند الباقين ثلاث طباق، فتحتقن هذه المائية بين قشرين من هذه الطبقات الأربع أو الثلاث، وتختلف لا محالة مواضعها. وأغورها أردؤها، وقد تختلف بحسب زيادتها ونقصانها في المقدار، وقد تختلف من قبل كيفها، وقد تختلف من قبل لونها وقوامها، وقد تختلف من قبل عذوبتها وحدّتها وأكالها. وما كان منها إلى القشرة الأولى رديء أسود، لأن ذلك لا يعوق البصر عن إدراك العنبية. والغائر يمنع عن إدراكه، لأنه أبعد من تشفيق الشعاع إياه، فيرى أبيض، والكثير الحاد المائية رديء، لأنه يؤلم بتمديده وبتأكيله جميعاً، وكلما كان أغور كان كثر تمديداً وكثر انتشاراً تأكل، وما يحاذي البقية منه يضر بالإبصار، خصوصاً إذا أكل وقرح.
المعالجات:
علاجها ما دامت صغيرة بالأدوية المجففة، بمثل دواء طين شاموس، أي طين الكوكب، وهو أن يؤخذ طين شاموس مقلياً ثلاث أواق، وتوتيا أوقية واحدة، وإقليميا مغسول، وكحل مغسول، من كل واحد أوقيتان، توبال النحاس المغسول في نسخة أربع أواق، وفي بعض النسخ أوقية واحدة، أفيون ثلاث أواق، صمغ أربع أواق، يسحق بماء المطر، ويعمل منه شيات يستعمل بماء الحلبة. وإذا كبرت، فيعالج بالحديد، أي بالشقّ بالمبضع، وقد عالجت أنا بالمبضع من به هذه العلة، فخرجت المائية المجتمعة تحت القرنية واستوى سطح القرنية، وعالجت بعد ذلك باللبن وشياف الأيارج فبرئ.
● [ فصل في قروح العين وخروق القرنية ] ●
قروح العين تتولد في الأكثر عن أخلاط حادة محرقة، وهي سبعة أنواع، أربعة في سطح القرنية يسميها جالينوس قروحاً، وبعض من قبله خشونة، أولها قرح شبيه بدخان على سواد العين، منتشر فيه، يأخذ موضعاً كثيراً ويسمى الخفي، وربما سمي قتاماً، ثم صنف آخر، وهو أعمق وأشد بياضاً وأصغر حجماً، ويسمى السحاب، وربما سمي أيضاً قتاماً، والثالث الإكليلي ويكون على الإكليل أي إكليل السواد، وربما أخذ من بياض الملتحمة شيئاً، فيرى على الحدقة أبيض، وما على الملتحمة أحمر، والرابعة يسمى الاحتراقي، ويسمى أيضاً الصوفي، ويكون في ظاهر الحدقة كأنه صوفة صغيرة عليه، وثلاثة غائرة إحداها يسمى لوبويون، أي العميق الغور، وهي قرحة عميقة ضيقة نقية، والثانية تسمى لوبوما، أي الحافر، وهو أقلّ عمقاً وأوسع أخذاً، والثالثة أوقوما، أي الاحتراقي أيضاً، وهي وسخة ذات خشكريشة، في تنقيتها مخاطرة، فإن الرطوبة تسيل لتأكّل الأغشية وتفسد معها العين. والقروح تحدث في العين، إما عقيب الرمد، وإما عقيب بثور، وإما بسبب ضربة وكثيراً ما يكون مبدأ القرحة من داخل، فينفجر إلى خارج، وربما كان بالعكس.
العلامات:
علامة القروح في المقلة، نقطة بيضاء إن كانت على القرنية، وحمراء إن كانت على الملتحمة، أو على الإكليل، ويكون معها وجع شديد وضربان، وإذا كانت المدة التي توجد بالرفادة بيضاء، دلّت على وجع ضعيف وضربان قوي، وإن كانت صفراء، أو كمدة، أو رقيقة، كانت في ذلك أخف. وأما إذا كانت حمراء فالوجع أخف جداً، وإذا كانت كبراء، فالوجع شديد.
المعالجات:
متى كانت القرحة في العين اليمنى، نام على اليسرى، أو في اليسرى، نام على اليمنى. ويجب أن يلطّف تدبيره أولاً، فإذا انفجرت القرحة، يقل التدبير إلى الأطراف، وإلى الفراريج لئلا تضعف قوته، فلا تندمل قرحته، ويكثر فضول بدنه. ويجب أن لا يمتلئ، ولا يصيح، ولا يعطس ما أمكن، ولا يدخل الحمام إلا بعد نضج العلة، فإن دخل لم يجب له أن يطيل المكث. والعمدة تنقية الرأس بالاستفراغات الجاذبة إلى أسفل، وكذلك ينفع فيه الاحتجام على الساق كثيراً، وفصد الصافن، وإدامة الإسهال كل أربعة أيام بما يخرج الفصل الحار الرقيق من الأطبخة والنقوعات، وإن كان هناك رمد، عولج أوّلاً بالاستفراغ المذكور في بابه بأدوية تجمع بين تسكين الوجع وإدمال القرح، مثل شياف النشاستجي، والكندري، والاسفيذاج، وتقطير لبن النساء في العين، وإن كان هناك سيلان، خلط بذلك ما له قوة مانعة. وبالجملة، فإن قانون اختيار الأدوية فيه، أن يختار كل ما يجفف بلا لذع إذا اشتدت الحرارة، واستعملت شياف الشادنج اللين، والشياف الكندري كان نافعاً جداً.
ومن الشيافات النافعة، شياف سفانيون، وقويبس، وإن كان سيلان، فشياف مادرفوس، وأما لروسرس، وإن كان السيلان مع حدة، فشياف ساير بابون، وإن كان بلا حدة فالشياف الذي يقع فيه مر، وناردين. وإن كان في القروح وسخ، نفي بشراب العسل، أو بماء الحلبة مع شيء من هذه الشيافات المذكورة، أو بلعاب بزر الكتان، أو بألبان النساء. وإن كان تأكل شديد، اضطربت إلى استعمال طرحاطيقون وإذا تنقّت القرحة فاقبل على المجففات بلا لذع مثل شياف الكندر ومثل الكندر نفسه، والنشاستج ، والاسفيداج، والرصاص المحرق المغسول، والشياف الأبيض، وشياف الآبار خاصة، وكذلك رماد الصدف المغسول ببياض البيض، أو رماد الصدف الكبير المغسول بمثله شاذنج.
وهنا صفة شياف لونابيس، وهو قوي. نسخته: يؤخذ إقليمياً ستة عشر مثقالاً، إسفيذاج مغسول أوقية، نشا وأفيون وكثيراء من كل واحد مثقالان، يدقّ ويلت بماء المطر يعجن ببياض البيض.
أخرى: باسمه وأقوى منه، يؤخذ إقليمياً بحرق مغسول وإسفيذاج مغسول ثمانية ثمانية، مر ستة، كحل محرق مغسول واحد، نشا ستة، رصاص محرق مغسول طلق من كل واحد أربعة، كثيراء ثمانية، يسحق بالماء، ويعجن ببياض البيض، ويستعمل، فإنه نافع جداً.
● [ فصل في خروق القرنية ] ●
قد تكون عن قرحة نفذت، وقد تكون عن سبب من خارج، مثل ضربة، أو صدمة خارقة، وحينئذ تظهر العنبية. فإن كان ما يظهر منها شيئاً يسيراً، سقي النملي والمورشارج، والذبابي، وذلك بحسب العظم والصغر، وإن كان أزيد من ذلك حتى تظهر حبة العنبية، سمي العنبي، وما هو أعظم سمّي النفاخي. فإن خرجت العنبية جداً حتى حالت بين الجفنين والانطباق، سمّي المسماري، وإن ابيضت العنبية فلا برء له. واعلم أن القرنية إذا انخرقت طولاً لم ير بياض، ولكن يرى صدع، وكأن الناظر قد طال، وقد يمكن أن يبين هذا بوجه أوضح، فيقال أن الخرق قد يكون في جميع أجزاء القرنية وقشورها، فيكون النتوء من جوهر العنبية، وقد يكون في بعض أجزاء القرنية، ويكون الناتئ منها نفسها، ويكون عند تأكل بعض قشورها، ويشبه النفّاخة. ويفارق النفاخات والنفّاطات، بأن النفاخات والنفاطات يكون منها في بياض العين حمرة معها، ودمعة وضربان وتنكبس تحت الميل، وليس كذلك هذا، وإذا كان النتؤ من جهة القرنية أي من نفسها، تكون صلبة جاسية، ولا تنكبس تحت الميل. وأما النتوء الذي يكون سببه انخراق القرنية في جميع قشورها وبروز العنبية كلها أو بعضها، فأصنافه أربعة، الصغير الذبابي، والنملي، وقد يشبه إذا صغر النفاخة والنفّاطة، ويفارقها بأنها تكون على لون العنبية في السواد والزرقة والشهلة، فإن فارق لونها لون الطبقة العنبية، فهي نفّاخة، وقد يحقق بالحدس في أمرها أن يرى مطيفاً في أصلها شيء أبيض كالطراز، وإنما ذلك يكون حافة خرق القرنية، وقد ابيضت عند اندمالها، والثاني الذي ذكرناه وسميناه العنبي، والثالث أكبر من ذلك، ويمنع الانطباق، ويقال له النفّاخي والمسماري، والرابع كأنه من جنس النفاخي، إلا أنه مزمن ملتحم بما خرج منه من القرنية بارز عنه، ويقال له الفلكي، وهو الشبيه بفلكة المغزل الملتحمة بالغزل.
المعالجات:
ما دام في طريق التكوّن، فعلاجه علاج القروح والبثور على ما قلناه من أنه يحتاج إلى تنقية البدن، كيف كانت العلة استفراغاً بالفصد والإسهال، وبعد الاستفراغ يستعمل الاستحمام بالماء العذب، وخصوصاً إذا كان في المزاج حدة من غير أن يلبث في هواء الحمام إلا قليلاً، ولا أيضاً أن يكثر غمس رأسه في ماء الإبزن حاراً كان، أو بارداً، ولا يستعمل الأدهان على الرأس، فإن بعض ذلك يرسل المادة إلى العين بتحليل المادة الموجودة في الدماغ، ويجذب ما ليس فيه إليه، وبعضه بتكثيف مسام التحلل، فإذا لم يجد تحللاً سالت إلى أطراف الدماغ.
ويجب أن تكون الأغذية جيدة الكيموس معتدلة باردة رطبة، وسائر البدن كذلك، وما دام بثراً أنضج، وعولج علاج القروح، فإذا تقرح استعمل عليه أولاً الأضمدة القابضة مع الجالبة، مثل السفرجل والعدس مطبوخين بعسل، ومثل مز الرمّان، وعصارة ورق الزيتون، ومحّ البيض والزعفران، أو رمان مزّ مطبوخ مع يسير من الخل، أو ماء الحصرم مهري، ثم يتخذ ضمّاداً، فإن احتمل قطر في العين مع نشا ونحوه، فإذا صار خرقاً عُولج بعلاج الخرق.
وأما النملي، فيعالج بالمائعات القابضة، والتكميد بالخلّ، والماء، والخمر العفص، أو بماء أغلي فيه ورد، ويكحل بالشيافات القابضة. ومن النوافع فيه عصارة ورق الزيتون، وعصارة عصا الراعي. ومن الأدوية المفردة القابضة السنبل، والورد، والرصاص المحرق، والقيموليا، والطين المختوم، والاسفيذاج، ومن الأكحال، عفص جزءين، كحل عشرة أجزاء، ومن الشيافات، شياف حنون، وأغردينون، وباروطيون، وديالناس، والشياف العربي. ولما هو أقوى شياف بريطوسلس، إذا قطر منه شياف عصب ونام مستلقياً.
نسخة شياف قوي لذلك: يؤخذ رماد المسك الذي يخلص فيه النحاس، والزعفران، والنشا، والكثيراء، يعجن ببياض بيض دجاج باض من يومه، وربما جعل فيها الحجر اليماني.
شياف جيد: وهو شياف باردبيون ينفع من جميع أنواع البثر، وصفته: يؤخذ كحل محرق مغسول أربعة مثاقيل، إسفيذاج محرق مغسول ستة مثاقيل، حُضَض هندي ستة عشر مثقالاً، سنبل ثمانية مثاقيل، جعدة مثقالين، إقليميا محرق مغسول ثمانية مثاقيل، أقاقيا أصفر عشرون مثقالاً، جندبيدستر ستة مثاقيل، صبر مثله، صمغ عشرون مثقالاً، يسحق بماء المطر وينشّف. واعلم أن الواجب عليك إذا أخذت القرحة في النتوء، أن يلزم للعين الرفادة والاستلقاء. وأما المسماري، فلا علاج له. وقوم لأجل الحسن يقطعون النواتئ من المورشارحات. والأصوب أن لا يقطع، ولا يحرك، وربما انصبت المادة وانتقلت إلى العين الأخرى.
● [ فصل في البثور في العين ] ●
ما كان على القرنيّة يكون إلى البياض، وما كان على الملتحمة يكون إلى الحمرة.
علاجه:
الفصد وتقطير الدم في العين على ما نذكر في باب الطَرفة وتضميد العين بصوفة مغموسة في بياض البيض مضروباً بالخمر، ودهن الورد، وتقطير لبن يقع فيه بزر المرو، وشياف الآبار، وشياف خنافيون.
● [ فصل في المدة تحت الصفاق ] ●
هذه مدة تحتبس تحت القرنية، إما في العمق، وإما في القرب، فيشبه موضع القرنية الظفرة، وإذا تأكلت معه شظية سمي قلقطانا.
المعالجات:
قال بولس: يعالج بمثل شراب العسل وعصارة الحلبة إذا أزمن وغلظ، وشياف الكندر بالزعفران وبالآبار أو يفتح بإكليل الملك ولعاب بزر الكتان والفجل الرطب المطبوخ، إن لم يمنع رمد، وينقى بمثل شياف المرّ والشتاهترج. وإن لم يكن قرحة استعملت هذا الشياف. ونسخته: يؤخذ قلقديس وزعفران من كل واحد أوقية، مرّ درهم ونصف، عسل رطل، ويشيف حسبما تدري، وأيضاً دواء المغناطيس المتخذ للظفرة، وأيضاً دواء طين ساموس المذكور في باب النفّاخات.
● [ فصل في السرطان في العين ] ●
أكثره يعرض في الصفاق القرني.
العلامات:
وجع شديد، وتمدد في عروق العين، ونخس قوي يتأذى إلى الأصداع، وخصوصاً كما يتحرّك صاحبه، وحمرة في صفاقات العين، وصداع وسقوط شهوة الطعام، والتألّم بكل ما فيه حرارة، وهو مما لا يطمع في برئه، وإن طمع في تسكينه. وليس يوجع السرطان في عضو من الأعضاء، كإيجاعه إذا عرض في العين. واستعمال الأدوية الحادة مما يؤذي صاحبه، ويثير وجعاً لا يطاق.
المعالجات:
إن لم يكن بدّ من علاجه، فليكن الغرض تسكين الوجع، وأن ينقّى البدن وناحية الرأس من الخلط العكر، ويغتذي بالأغذية الجيدة الكيموس الحنطية التي لا تسخين فيها. وشرب اللبن نافع منه، ويجب أن يستعمل فيه بياض البيض مع إكليل الملك، وشيء من زعفران، والشياف الأبيض، وكل شياف يتخذ مثل النشا، والاسفيذاج، والصمغ، والأفيون، وجميع اللواتي تقع فيها سائر المليّنات، والمخدرات، وشياف سمرديون، وشياف مامون، والقيروطي، المتخذ من مح البيض ودهن الورد.
● [ فصل في الغَرب وورم الموق ] ●
إنه قد يخرج في موق العين خرّاج، فربما كان صلباً يتحرك بالمسّ، ولا ينفجر، ويكون من جنس الغدد، وأكثر عادته أن يرى نتوءاً في الموق، ويصاب بالغمز، ويوجع غمزه، ويكثر معه الرمد، وربما كان خراجاً بثرياً يجتمع وينفجر، فإذا انفجر فعل ناصوراً في أكثر الأمر، ويشتركان في أن كل واحد منهما يتزعزع تحت المس، ويغيب بالغمز وينتأ بالترك، وربما كان جوهر هذا البثر ونتوءه في الغور، فلا يظهر نتوءه من خارج، ولكن تدل عليه الحكة، وربما أصابته اليد عند الغمز البالغ. والغَرب ناصور يحدث في موق العين الأنسي، وأكثره عقيب خراج وبثر يظهر بالموضع، ثم ينفجر، فيصير ناصوراً، وذلك الخراج قبل أن ينفجر يسمى أخيلوس، ولأن ذلك العضو رقيق الجوهر يؤدي من باطنه إلى ظاهره كالجوبة يجدها من جانب عظم الأنف، ومن جانب المقلة، وإذا انفجر ترك بعد أو عسر التئامه، لأن العضو رطب ومع رطوبته متحرّك دائم الحركة، ولذلك ما يصير ناصوراً. وربما كان انفجاره إلى خارج، وربما كان انفجاره إلى داخل يمنة أو يسرة، وربما كان انفجاره إلى الجانبين جميعاً، وكثيراً ما يطرق انفجاره إلى الأنف، فيسيل إليه، وقد يبلغ خبث صريده العظما فيفسده ويسوده، ثم يأكله، ويفسد غضاريف الجفن، ويملأ العين مدة تخرج بالغمز.
المعالجات:
الغرب ورم مزمن، وأخفه الحديث، فأما الحديث منه، فيعالج بأدوية مسهلة نذكرها، وأما الزمن، فإن علاجه الحقيقي هو الكي الذي نَصِفُه، أو ما يقوم مقامه، مثل الديك برديك يبدأ فيُحَكّ الناصور بخرقة، ثم يتخذ فتيلة بديك برديك وتحشى. وقد زعم بعضهم أنه نقي، وأخذ عنه اللحم الميت، وغمست قطنة في ماء الخرنوب النبطي، وجعلت فيه نفعت منه نفعاً شديداً. وإن أريد استعمال دواء غير الكي، فأفضله أن يعصر حتى يخرج ما فيه، ثم يغسل بشراب قابض يقطر فيه، وإن كان قليلاً لا يخرج ترك يومين وثلاثة معصوباً حتى يجمع شيئاً له قدر، ثم يغسل، ثم يقطر فيه شياف الغرب الذي نسبه محمد بن زكريا إلى نفسه، وخصوصاً المدوف منه في ماء العفص. وأفضل التقطير أن يقطره قطرة بعد قطرة، بين كل قطرتين ساعة، ومن أفضل تدبيره على الميل قطنة تغمس في الأدوية، وتجعل فيه سواء كان الدواء سيالاً، أو ذروراً. ويجب إذا استعمل الدواء أن يشد بعصابة، ويلزم السكون.
ومن الشيافات المجربة أن يؤخذ زرنيخ أحمر، وذرايج، وكلس ونوشادر، وشب أجزاء سواء، يجمع سحقاً ببول صبي وييبس ويستعمل يابساً.
وقد ينفع في ابتدائه وقبل الانفجار، أن يجعل عليه الزاج، ويجعل عليه أشق وميوزج، وكذلك الجوز الزنخ وكل ما هو قليل التحليل، وإذا سحق ورق السذاب البستاني بماء الرماد، وجعل أخيلوس قبل بلوغه العظم وبعده، يدمله ويصلح اللحم، لكنه يلذغ في أول وضع، ثم لا يلذغ، وإذا صار غرباً فاعلم أن القانون فيه أن ينقى أولاً، ثم يعالج. وينقيه أن يؤخذ غرقئ القصب الموجود في باطنه، وخصوصاً القريب من أصله الذي له غلظ ما، ويغمس في العسل، ويلزم الغرب القصب يابساً وحده بلا دواء آخر يجفف، فيكفي.
ومن المجريات للغرب شياف مامثيا، ومر، وزعفران بماء الطلحشقوق، ولا يزال يبدل.
ومنها أن يسحق الحلزون بخرقة، ويختلط من مر وصبر، ويستعمل، وهو مما ينتفع به في العلة، وهي بعد بثرة ولم يجمع. وقد ينتفع به فيه وهو قرحة.
ومنها ودع محرق، وزعفران، وطلحشقوق يابس بماء السماق الشمس. ومن العجيب فيه ورق السذاب بماء الرمان يجعل عليه، ومن خصوصيته أن يمنع أن يبقى أثر فاحش، ويجب أن لا يبالي بلذعه. ومما يفجر الخراج الخارج، ضماد من خبز مع بزر مرو، أو كندر بلبن امرأة، أو زعفران بماء الجرجير، أو مر بثلثه صمغ إعرابي يعجن بمرارة البقر، ويلزق عليه ولا يحرك حتى يبرئه.
ومن أدوية الغرب أن يتخذ فتيلة من زنجار معقود بالكور والأشق، وزعمت الهند أن الماش الممضوغ يبرئه، وزعم بعضهم أن المر وحده يبرئه إذا وضع عليه.
ومن الذرور المجرب فيه يؤخذ من العروق جزء، ومن النانخواه ثلث جزء، يسحقان أجزاء سواء ويجعل في المأق، والصبر وحده، مع قشار الكندر أيضاً، وتتأمل الأدوية المذكورة في الأقرابانين، وخصوصاً الدواء الحاد الأخضر، ويتأمل أدوية ألواح الأدوية المفردة.
وإذا بلغ العظم ولم ينتفع بالأدوية، فلا بد من شقه، والكشف عن باطنه، وأخذ اللحم الميت إن كان حتى يبلغ العظم، ثم تدبيره بعد ذلك على ثلاثة أوجه: إن كان العظم صحيحاً، حك سوادان ظهر به وملئ دواء من الأدوية المدملة، وشد وترك مدة، وإن كان الأمر أعظم من هذا، فلا بد من كي، وربما احتيج إلى أن يثقب اللحم الفاسد ثقباً نافذاً، ويقصد بذلك إلى أن يكون أمر الكي أغور ما يكون في أسفل الجوبة لا يميل إلى الأنف، ولا يميل إلى العين، فيسيل الملتحمة، بل إلى جانب الأنف في الغور حتى إذا ثقب الموضع ثقباً واحداً، أو ثقوباً صغاراً ثلاثة ونفذ، وسال إلى الدم ناحية الفم والأنف، يكوى حينئذ كية بالغة مع تقية أن يصيب ناحية المقلة، بل يجب أن يضغط المقلة ضبطاً بالغاً، ثم يكوى ويذر فيه الأدوية، ويعصب، وربما أغنى الكي عن الثقب، وليقصر عليه ما أمكن.
والدواء الرأسي من الأدوية الجيدة في ذلك، ويجب إذا كوي وذر فيه الدواء، أن يوضع على نفس العين إسفنج مبلول بماء مبرد، أو عجين دقيق مبرد بالثلج إثر عجين مبرد بالثلج كما كاد الدواء أن يسخن بدلته.
● [ فصل في زيادة لحم الموق ونقصانه ] ●
قد تعظم هذه اللحمة حتى تمنع البصر، وقد تنقص جداً حتى تخفى حتى لا تمنع الدمعة، وأكثر عند خطأ الطبيب في قطع الظفرة. أما الزيادة، فيعالج بأدوية الظفرة، ولا يستأصل، فيحدث الدمعة، وأما النقصان الحادث عن القطع، فلا علاج له، وإن كان من جهة أخرى، فربما أمكن أن يعالج بالأدوية المنبتة للحم التي فيها قبض وتخفيف، كالأدوية المتخذة من الماميثا، والزعفران، والصبر بالشراب، والأدوية المتخذة بالصبر، والبنج بالشراب، والحب وحده، إذا ذر على الموق نفع، والشراب نفسه نافع، خصوصاً إذا طبخ فيه ما له قوة نابضة.
فصل في البياض في العين: اعلم أن البياض في العين منه رقيق حادث في السطح الخارج يسمى الغمام، ومنه غليظ يسمى البياض مطلقاً، كلاهما يحدثان عن اندمال القرحة أو البثرة إذا انفجرت واندملت.
المعالجات:
أما الرقيق منه والحادث في الأبدان الناعمة، فيجب أن يدام تبخيره بالمياه الحارة والاستحمام بالماء الحار، ثم يستعمل اللحس دائماً، وقد ينفعه عصارة شقائق النعمان، وعصارة قنطوريون الرقيق، وأيضاً عروق جزء، ونانخواه ثلثا جزء يتخذ منه ذروراً.
وأقوى منه أنزروت، سكر طبرزد، زبد البحر، زراوند، بورق، يكتحل به بعد السحق. ومما ينفع منه كحل أسطريماخون، وكحل الآبار القوي، وأصطفطيقان، وطرخماطيقون.
وأما المزمن الغليظ والكائن في أبدان غليظة، فيجب أن يستعمل تليين البياض بالتبخرات والاستحمامات المذكورة، وتكون الشيافات المذكورة التي يكتحل بها مدفونة في ماء الوج، أو ماء الملح الأندراني المحلول ومكتحلاً بها في الحمام.
وإن لم ينجع الحمامات، استعمل الاكتحال بالقطران مع النحاس المحرق، يتخذ منه كالشياف، وأيضاً شياف قرن الأيل، وأيضاً الاكتحال ببعر الضب وحده، أو مع مسحقونيا، أو نحاس محرق، أو مع الملح الدرداني مقلواً. وأقوى من هذا خرء الخطاطيف بشهد، أو عسل، وزبل سام أبرص يكتحل به بكرة وعشية. ومما هو معتدل شيح محرق مع سرطان بحري، وقليميا الذهب، وإذا كان للبياض تقعره، استعمل ماميران، وأشق، ومر، وبعر الضب سواء، أو دواء مغناطيس المذكور في باب الظفرة.
وقد يستعمل أصباغ يصبغ البياض، منها أن يؤخذ المتساقط من ورد الرمان الصغار، وقاقيا، وقلقديس، وصمغ من كل واحد أوقية، إثمد وعفص من كل واحد ثلاثة دراهم يذاب بالماء، وإن لم يوجد ورد الرمان فقشره، أو أقماعه، أو الغشاء الشحمي الذي بين حبه، وأيضاً عفص وقاقيا من كل واحد درهمان، قلقديس درهم واحد يتخذ منه صبغ.
ومن الأصباغ كحل بهذه الصفة. ونسخته: يؤخذ رصاص محرق مغسول، وزعفران، وصمغ من كل واحد مثقالان، رماد بيوت سبك النحاس مغسولاً بماء المطر مثقالان، توبال النحاس مغسولاً نصف مثقال. ويستعمل منه كحل آخر جيد في الغاية نسخته: يؤخذ قلقطار، عفص أخضر، من كل واحد أربعة مثاقيل، يحل بالماء ويستعمل دفعات كثيرة: آخر: عفص، أقاقيا، من كل واحد جزء، نصف جزء، يسحق بماء شقائق النعمان، وكذلك الاكتحال بخرء الحمام والعصافير.
● [ فصل في السبل ] ●
السبل غشاوة تعرض للعين من انتفاخ عروقها الظاهرة في سطح الملتحمة والقرنية، وانتساخ شيء فيما بينها كالدخان، وسبه امتلاء تلك العروق، إما عن مواد تسيل إليها من طريق الغشاء الظاهر، أو من طريق الغشاء الباطن لامتلاء الرأس، وضعف العين، وقد يعرض من السب حكة، ودمعة وغشاوة وتأذ من ضوء الشمس، وضوء السراج فيضعف البصر فيهما، لأنه متأذ قلق، فيؤذيه ما يحمل عليه، وقد يعرض للعين السبلة أن تصير أصغر، وينقص جرم الحدقة منها، والسبل من الأمراض التي تتوارث وتعدي.
العلامات:
علامة السبل الذي مبدؤه الحجاب الخارج، ما ذكرناه مراراً من درور العروق الخارجة، وحمرة الوجه، وضربان شديد في الصدغين، أو درور في عروق الرقبة. وعلامات الآخر ما تعرفه مما هو خلاف هذا مما قد بيّن لك في القانون.
المعالجات:
يجب أن يهجر معه جميع ما يهجره صاحب النوازل إلى العين مما ذكرناه، ولا نعيده الآن، وأن يستعمل من الإستفراغات والمنقّيات ما ذكرناه، وأن يتجنب الأدهان والأضمدة على الرأس والسعوط، فقد كُره فيه أيضاً، وأنا لا أرى بأساً باستعماله إذا كان الرأس نقياً. وقد رخص جالينوس في سقيه شراباً، وتنويمه عقيبه إذا كان نقيّاً، ولا مادة في بدنه ورأسه، ويشبه أن يكون هذا موافقاً في السبل الخفيف.
والقوي منه لا يستغنى فيه عن اللقط. وأحسن اللقط أن ينفذ خيوط كثيرة تحت العروق، فإذا استوفيت جذبت إلى فوق لتشيل السبل، ثم يلقط بمقراض حاد الرأس لقطاً لا يبقي شيئاً، إذ لو أبقى شيئاً لرجع إلى ما كان، بل أردأ، ثم يستعمل بتدبير منع الالتزاق المذكور في باب الظفرة، وإذا وجعت العين من تأثير اللقط لم يقطع عنها صفرة البيض وذلك شفعاؤه، وبعد ذلك يستعمل الشياف الأحمر والأخضر ليحلّل بقايا السبل وينقي العين. وأجود الأوقات للّقط الربيع، والخريف، ولكن بعد التنقية والاستفراغ، وإلا أمال الوجع الفضول إلى العين.
وأما الأدوية النافعة من السبل، فإنما تنفع الحديث في الأكثر، فمما جُرِّب قشر البيض الطري كما يسقط من الدجاجة، يغمس في الخلّ عشرة أيام، ثم يصفى ويجفف في كن، ويسحق، ويكتحل به. ومما جرّب كحل العين بالرمادي، مضافاً إليه مثله مارقشيثا.
ومما جرّب كحل العين ببول ترك فيه برادة النحاس القبرسي يوماً. ومن المركّبات شياف أصطفطيقان، والأحمر الليّن، والأحمر الحاد، والأخضر، وطرخاطيقون، وشياف روسختج، ودواء مغناطيس المذكور جميع ذلك في الأقراباذين، وشياف الجلنار والشبث. وإذا قارن السبل جَرب، فقد جُرّب له شياف السماق، وهو شياف يتخذ من السماق وحده، وربما جعل فيه قليل صمغ وأنزروت، ويكتحل به، فإنه يقطع السبل ويزيل الرمد.
● [ فصل في الظفرة ] ●
فنقول هي زيادة من الملتحمة، أو من الحجاب المحيط بالعين يبتدئ في أكثر الأمر من الموق، ويجري دائماً على الملتحمة، وربما غشت القرنية ونفذت عليها حتى تغطي الثقبة، ومنها ما هو أصلب، ومنها ما هو ألين، وقد يكون أصفر اللون، وقد يكون أحمر اللون، وقد يكون كمد اللون. ومن الظفرة ما مجاورته للملتحمة مجاورة ملتزق، وهو ينكشط بسرعة وبأدنى تعليق، ومنه ما مجاورته مجاورة اتحاد، ويحتاج إلى سلخ حسبما أنت تعلم ذلك.
المعالجات:
أفضل علاجه الكشط بالحديد، وخصوصاً لما لان منه، وأما الصلب، فإن كاشطه إذا لم يرفق أدى إلى ضرر، ويجب أن يشال بالصنارات، فإن تعلق سهل قرضه، وإن امتنع سلخ بشعرة، أو إبريسم ينفذ تحته بإبرة، أو بأصل ريشة لطيفة، وإنما يحتاج إلى ذلك في موضع أو موضعين، فإن لم يغن احتيج إلى سلخ لطيف بحديد غير حاد، ويجبَ أن تستأصل ما أمكن من غير تعرض للحمة الموق، فيعرض الدمعة، واللون يفرق بينهما.
وإذا قطعت الظفرة قطر في العين كمون ممضوغ بملح، ثم يتلافى لذعه بصفرة البيض ودهن الورد والبنفسج، وإذا لم يستعمل تقطير الكمون الممضوغ بالملح التزقت الملتحمة بالجفن، ولذلك يجب أيضاً أن يقلب المريض العين كلّ وقت، ثم بعد ثلاثة أيام يستعمل الشيافات الحادة ليستأصل البقية، وأما استعمال الأدوية عليه، فأمر لا كبير غناء له فيما غلظ من الظفرة، ومع ذلك، فإنها لا تخلو من نكاية بالحدقة لحدتها، فإنها لا بد من أن تكون شديدة الجلاء مخلوطة بالمعفنة. ومن الأكحال المجربة له شياف طرخماطيقون، وقلطارين، وشياف قيصر، وباسليقون الحاد، وروشناي، ودينارحون، وهذه كلها مكتوبة في الأقراباذين.
وقد جرب له أن يؤخذ من النحاس المحرق، ومن القلقديس، ومرارة التيس، أجزاء سواء ويتخذ منه شياف، أو أن يؤخذ قلقديس، وملح أندراني، من كل واحد جزء، صمغ نصف جزء، ويستفّ بالخمر، أو نحاس محرق، وقلقند، وقشور أصل الكبر، ونوشادر، ومرارة التيس أو البقر مع عسل، أو عسل وحده مع مرارة المعز، أو مغناطيس، وزنجار، ومغرة وأشق من كل واحد جزءان زعفران جزء للأوقية من ذلك قوطولي عسل، وأيضاً قلقند، ونوشادر يتخذ منه كحل، فانه عجيب للظفرة، وهو يقرب من تأثير الكشط، أن يؤخذ خزف الغضائر الصيني، ويحكّ عنه التغضير، ويسحق سحقاً ناعماً، وبعد ذلك، فيخلط بدهن حبّ القطن، أو يسحقان معاً، ثم يدخل ميل في جلد ويؤخذ به من الدواء، ويحك به الظفرة دائماً كل يوم مراراً، فإنه يرقّقها ويذهب بها.
ويجب أن يكبّ قبل استعمال الأدوية على بخار ماء حار حتى يسخّن العين، ويحمر الوجه، أو يدخل الحمام، وعندي أن يكبّ على بخار شراب مغلي، أو يشرب قليل من الشراب الممزوج، ثم يحك به الظفرة. وقد ينفع في الظفرة الخفيفة والغليظة أن يسحق الكندر، وينقع في ماء حار حتى يأتي عليه ساعة، ويصفى ويكتحل به. وقد جرّبت أنا من كان به ظفرة غليظة حمراء متقادم سحق الكندر القديم سحقاً ناعماً، وصببت الماء الحار في الغاية على رأسه في الهاون، ثم خلطت بدستج الهاون معاً خلطاً بالغاً حتى صار لون ذلك إلى الإخضرار، واستعملت فوجدت نافعاً في الغاية.
● [ فصل في الطرفة ] ●
فنقول هي نقطة من دم طري أحمر، أو عتيق مائت، أكهب، أسود، قد سال عن بعض العروق المنفجرة في العين بضربة مثلاً، أو لسبب آخر مفجر للعروق من امتلاء، أو ورم حتى يعتق فيه، ومن جملته الصحيحة والحركة العنيفة، وربما كان عن غليان الدم في العروق، وربما حدث عن الطرفة الضربية خرق لطيف في الحدقة، والذي في الملتحمة من الخرق أسلم.
المعالجات:
يقطر عليه دم الحمام، أو الشفانين، أو الفواخت والوراشين، وخاصة من تحت الريش، وإن كان في الابتداء خلط به شيء من الرادعات، مثل الطين المعروف بقيموليا، والطين، الأرمني. وأما في آخره، فيخلط بالمحللات حتى الزرنيج مع الطين المختوم، وقد يعالج بلبن امرأة مع كندر، والماء المالح، وخصوصاً والمدوف فيه ملح أندراني، أو نوشادر، وخصوصاً إذا جعل فيه مع ذلك الكندر، وقطر على العين منه. وأيضاً شياف دينار دون نافع منه جداً. ودواء متخذ من حجر الفلفل، والأنزروت أجزاء سواء، زرنيخ مثل الجميع، وقد يخلط بذلك ملح اندراني، فيتخذ منه شياف، وقد يضمد به من خارج بقلي محرق بالخمر، أو بالخل، وكذلك فرق الحمام بالخل، أو الحمر، أو زبيب منزوع العجم ضماداً وحده، أو بخل، أو بسائر ما قيل، وخصوصاً إذا كان ورم. وكذلك الجبن الحديث، والقليل الملح، والجبن الحديث، وقشر الفجل، وإكليل الملك مع دم الأخوين، وأصل السوسن، وزعفران، أو عدس بدهن الورد، وصفرة البيض والأكباب على ماء حار طبخ فيه زوفا، وسعتر، أو التكميد به، أو خل طبخ فيه رماد، أو نقيع اللبان مع الصبر، أو ماء عصفر بري، أو نقيع الزعفران، أو ماء طبخ فيه بابونج وإكليل الملك، أو عصارتهما، أو سلاقة ورق الكرنب، أو التضميد بورق الكرنب مطبوخاً مدقوقاً. وللقوي المزمن خردل مدقوق مخلوط بضعفه شحم التيس ضماداً، أو زرنيخ محلول بلبن، أو رمان مطبوخ في شراب يضمد به، أو نانخواة وزوفا بلبن البقر، فإن حدث مع الطرفة خرق في الملتحمة مضغت الكمون والملح، وقطرت الريق فيه. وورق الخلاف نافع منه جداً إذا ضمد به.
● [ فصل في للدمعة ] ●
هذه العلة هي أن تكون العين دائماً رطبة برطوبة مائية، فربما سالت دمعة، ومنه مولود، ومنه عارض. ومن العارض لازم في الصحة، ومنه تابع لمرض، إن زال زال، كما يكون في الحميات. والسبب في العارض ضعف الماسكة، أو الهاضمة المنضجة، أو نقصان من الموق في الطبع، أو بسبب استعمال دواء حاد، أو عقيب قاطع الظفرة. ومبدأ تلك الرطوبات الدماغ، ويسيل منه إلى العين في أحد الطريقين المتكرر ذكرهما مراراً، وما كان مولوداً أو مع استئصال قطع الموق فلا يبرأ، وسيلان الدمع الذي يكون في الحميات والأمراض الحادة، ويكون بلا علة، فيكون لآفة دماغية، وأورام دماغية، وقد يعرض في الحميات السهرية من حميات اليوم. وأما في الحميات العفنية المطوية، فيكثر، وقد يكثر سيلان الدمع في التمدد، وهذا كله من جنس ما هو عارض سريع الزوال، تابع لمرض إن زال زال معه.
المعالجات:
القانون في علاجها استعمال الأدوية المعتدلة للقبض، فأما الكائن عقيب قطع الظفرة أو تأكيلها بدواء، فيعالج بالذرور الأصفر، وأقراص الزعفران، وشياف الصبر، وشياف الزعفران بالبنج، وإن تكحل على الماق نفسه بالكُندر، أو بِدخانه خاصةً، وبالصبر، والماميثا، والزعفران، وإن كانت قد فنيت واستؤصلت، فلا تنبت البتة، والكائن لا عن قطع الظفرة، فالتوتياء، والأكحال التوتيائية خاصة الكحل التوتيائي المذكور في باب البياض، وجميع الشيافات اللزجة، والشياف الأبيض، والأنزروتي، وشياف أصطفطيقان، وسائر ما ذكرنا في القراباذين. ومما حرب فيه الدواء المتخذ من ماء الرمان الحامض بالأدوية، وصفة ذلك أن يطبخ الرطل منه على النصف، ثم يلقى فيه من الصبر الأسقوطري، ومن الحضض ومن الفيلزهرج، ومن الزعفران، ومن شياف ماميثا من كل واحد مثقال، ومن المسك دنقان، ويشمس أربعين يوماً في زجاج مغطى. ومما جرب فيه دخول الحمام على الريق والمقام فيه، وتقطير الخلّ والماء في العين كثيراً. وأما المولود منه فعسر ما يقبل العلاج البتة.
● [ فصل في الحَوَلِ ] ●
قد يكون الحول لاسترخاء بعض العضل المحركة للمقلة، فتميل عن تلك الجهة إلى الجهة المضادة لها، وقد يكون من تشنج بعضها، فتميل المقلة إلى جهتها. وكيف كان، فقد يكون عن رطربة، وقد يعرض عن يبوسة كما يعرض في الأمراض الحادة.
وما يكون السبب فيه تشنج العضل، فإنما يكون عن تشنج العضل المحركة، فإن تشنجها هو الذي يحدث في العين حولاً. وإما لتشنج العضل الماسكة في الأصل، فلا يظهر آفة بل ينفع جداً. وكثيراً ما يعرض الحول بعد علل دماغية، مثل الصرع، وقرانيطس، والسَدر ونحوه للاحتراق واليبس، أو الامتلاء أيضاً. واعلم أن زوال العين إلى فوق وأسفل هو الذي يُرِي الشيء شيئين، وأما إلى الجانبين فلا يضر البصر ضرراً يعتد به.
المعالجات:
أما المولود به فلا يبر، اللهم إلا في حال الطفولية الرطبة جداً، فربما رجي أن يبرأ، خصوصاً إذا كان حادثاً، فينبغي في مثله أن يسوّى المهد ويوضع السراج في الجهة المتقابلة لجهة الحول ليتكلف دائماً الالتفات نحوه، وكذلك ينبغي أن يربط خيط بشيء أحمر يقابل ناحية الحول، أو يلصق شيء أحمر عند الصدغ المقابل، أو الأذن، وكل ذلك بحيث يلحقه في تأمله وتبصّره أدنى كلفة، فربما نجع ذلك التكليف في تسوية العين وإرسال الدم مما يجعل النظر مستقيماً.
وأما الذين يعرض لهم ذلك بعد الكبر والمشايخ، ويكون سببه استرخاء، أو تشنجاً رطباً، فيجب أن يستعملوا تنقية الدماغ بالاستفراغات التي ذكرنا بالأيارجات الكبار ونحوها، ويلطفوا التدبير، ويستعملوا الحمام المحلّل. ومن الأدوية النافعة في الحول أن يسعطوا بعصارة ورق الزيتون، فإن كان عروضه عن تشنّج من يبس، فيجب أن يستعملوا النطولات المرطبة، وإذا لم يكن حمى، سقوا ألبان الأتن مع الأدهان المرطبة جداً. وبالجملة يجب أن يرطب تدبيرهم، وأن يقطَر في العين دماء الشفانين، وأن يضمدوا ببياض البيض، ودهن الورد، وقليل شراب، ويربط، يفعل ذلك أياماً.
● [ فصل في الجحوظ ] ●
قد يقع الجحوظ، إما لشقة انتفاخ المقلة لثقل بها، وامتلائها، وإما لشدة إنضغاطها إلى خارج، وإما لشدة استرخاء علاقتها، والعضلات الجاحظة لعلاقتها المذكورة والواقع لشدة انتفاخ المقلة لثقلها وامتلائها، فإما أن تكون المادة في نفس العين ريحية، أو خليطية رطبة، وربما كان الامتلاء خاصاً بها، وربما كان بمشاركة الدماغ أو البدن، مثل ما يعرض عند احتباس الطمث للنساء. والذي يكون لشدة انضغاطها إلى خارج فكما يكون عند الخنق، وكما يكون عند الصُداع الشديد، وكما يكون بعد القيء والصياح، وللنساء بعد الطلق الشديد للتزحير، وربما كان مع ذلك من مادة مالت إلى العين أيضاً إذا لم يكن النفاس نقتاً، وربما كان من فساد مزاج الأجنة أو موتها وتعفنها. وأما الكائن لاسترخاء العضلة، فلأن العضلة المحيطة بالعصبة المجوّفة إذا استرخت لم تثقل المقلة، ومالت إلى خارج.
والجحوظ قد يكون من استرخاء العضلة فقط، فلا يبطل البصر، وقد يكون مع انتهاكها فيبطل البصر. وقد يجحظ العينان في مثل الخوانيق، وأورام حجب الدماغ، وفي ذات الرئة، ويكون السبب في ذلك إنضغاطاً، وقد يكون السبب في ذلك امتلاء أيضاً. وكثر ما يكون مع دسومة ترى، وتورم في القرنية.
العلامات:
ما كان من مادة كثيرة مجتمعة في الحدقة، فيكون هناك مع الجحوظ عظم، وما كان من انضغاط، فربما كان هناك عظم إن أعانته مادة، وربما لم يكن عظم، وفي الحالين يحس بتمدد دافع من خلف، ويعرف من سببه. وما كان الاسترخاء العضلة، فإن الحدقة لا تعظم معها، ولا يحس بتمدد شديد من الباطن، وتكون الحدقة مع ذلك قلقة.
المعالجات:
أما الخفيف من الجحوظ، فيكفيه عصب دافع إلى باطن، ونوم على استلَقاء، وتخفيف غذاء، وقلة حركة، وإدامة تغميض، فإن احتيج إلى معونة من الأدوية، فشياف السماق. وأما القوي منه، فإن كان هناك مادة احتيج إلى تنقيتها من البدن والرأس بما تمري من المسهّلات، والفصد، والحجامة في الأخدعين، والحقن الحارة.
وبالجملة، فإن الإسهال من أنفع الأشياء لأصنافه، وكذلك وضع المحاجم على القفا. ويجب أن يدام التضميد في الابتداء بصوف مغموس في خلّ، وتنطيل الوجه بماء بارد، أو ماء ملح بارد، وخصوصاً مطبوخاً فيه القابضات، مثل قشور الرمان، والعلّيق، ومثل الخشخاش، والهندبا، وعصا الراعي، فإن لم يكن عن امتلاء، انتفع الجميع بهذا التدبير في كل وقت، إن كان هناك امتلاء، فيجب بعد الابتداء أن تحلل المادة، وإن كان عن استرخاء، فيجب أن يستعمل الأيارجات الكبار، والغراغر، والشمومات، والبخورات المعروفة، وبعد ذلك يستعمل القابضات المشددة. وأما الذي عند الطلق، فإن كان عن قلة سيلان دم النفاس أو فساد الجنين، فإدرار الطمث وإخراج الجنين، وإن كان عن الانضغاط فقط، فالقوابض.
ومن الأدوية النافعة في النتوءوالجحوظ دقيق الباقلا بالورد، والكندر، وبياض البيض، يضمد به، وأيضاً نوى التمر المحرق مع السنبل جيّد للنتوء والجحوظ.
● [ فصل في غؤر العين وصغرها ] ●
قد يكون ذلك في الحميّات، وخصوصاً في السهرية، وعقيب الاستفراغات والأرق والغم والهم. والأرقية منها تكون العين فيها نعاسية ثقيلة عسرة الحركة في الجفن دون الحدقة، وفي الغمّ ساكنة الحدقة. وقد حكي أنه عرض لبعض الناس اختلاف الشقين في برد شديد وحر شديد، فعرض للعين التي في الشقّ البارد غؤر وصغر، فاعلم ذلك بجملته.
● [ فصل في الزرقة ] ●
اعلم أن الزرقة تعرض، إما بسبب في الطبقات، وإما بسبب في الرطوبات. والسبب في الرطوبات، أنها إن كانت الجليدية منها كثيرة المقدار، والبيضية صافية وقريبة الوضع إلى خارج ومعتدلة المقدار أو قليلته، كانت العين زرقاء بسببها إن لم يكن من الطبقة منازعة، وإن كانت الرطوبات كَدِرة، أو الجليدية قليلة، والِبيضية كثيرة، أظلم إظلام الماء الغمر، أو كانت الجليدية غائرة، كانت العين كحلاء.
والسبب في الطبقات هو في العتبيّة، فإنها إن كانت سوداء كانت العين بسببها كحلاء، وإن كانت زرقاء صيرت العين زرقاء. والعنبيّة تصير زرقاء، إما لعدم النضج مثل النبات، فإنه أول ما ينبت لا يكون ظاهر الصبغ، بل يكون إلى البيض، ثم أنها مع النضج تخضر، ولهذا السبب تكون عيون الأطفال زرقاً وشهلاً، وهذه زرقة تكون عن رطوبة بالغة. وإما لتحلّل الرطوبة التي يتبعها الصبغ إذا كانت نضيجة جداً، مثل النبات عندما تتحلّل رطوبته يأخذ يبيضّ، وهذه زرقة عن يبس غالب.
والمرضى تشهل أعينهم، والمشايخ لهذا السبب، لأن المشايخ تكثر فيهم الرطوبة الغريبة، وتتحلّل الغريزية، وإما أن يكون ذلك لون وقع في الخلقة، ليس لأن العنبية صار إليها بعد ما لم يكن، وقد يكون لصفاء الرطوبة التي منها خلقت، وقد يكون لإحدى الآفتين إذا عرضت في أول الخلقة، ويعرف ذلك بجودة البصر ورداءته. فالزرقة منها طبيعية، ومنها عارضة، والشهلة تحدث من اجتماع أسباب الكحل، وأسباب الزرقة.، فيتركب فنها شيء بين الكحل والزرقة وهو الشهلة، وإن كانت الشهلة للنارية على ما ظنه أمبادقلس، لكانت العين الزرقاء مضروُرة لفقدانها النارية التي هي آلة البصر، وبعض الكحل يقصر عن الزرق في الإبصار إذا لم يكن الزرق لا آفة. والسبب فيه أن الكحل الذي يكون بسبب البيضية يمنع نفوذ أشباح الألوان بالبياض لمضادته للأشفاق، ومثل الذي يكون لكدورة الرطوبة، وكذلك إن كان السبب كثرة الرطوبة، فإنها إذا كانت كثيرة أيضاً لم تجب إلى حركة التحديق والخروج إلى قدام إجابة يُعْتَدُّ بها. وإذا كانت العين زرقاء بسبب قلّة الرطوبة البيضية، كانت أبصر بالليل وفي الظلمة منها بالنهار، لما يعرض من تحريك الضوء للمادة القليلة فتشغلها عن التبيّن، فإن مثل هذه الحركة يعجز عن تبيُّن الأشياء كما يعجز عن تبيُّن ما في الظلمة بعد الضوء. وأما الكحلاء بسبب الرطوبة فيكون بصرها بالليل أقلّ بسبب أن ذلك يحتاج إلى تحديق وتحريك للمادة إلى خارج، والمادة الكثيرة تكون أعصى من القليلة، وأما الكحل بسبب الطبقة، فيجمع البصر أشد.
المعالجات:
قد جرب الاكتحال ببنج مجفف يطبخ في الماء حتى يصير كالعسل ويكتحل به، أو يؤخذ إثمد أصفهاني وزن ثلاثة دراهم، لؤلؤ دراهم، مسك وكافور من كل واحد وزن دانق، دخان سراج الزيت أو الزنبق وزن درهمين، زعفران درهم، يجمع الجميع بالسحق، ويستعمل. والزعفران نفسه ودهنه، مما يسوّد الحدقة، وكذلك عصارة عنب الثعلب، أو يؤخذ من عصارد الحسك وزن درهمين، ومن العفص المسحوق وزن درهم، نوى الزيتون المسودّ على الشجر، ودهن السمسم غير مقشّر، من كل واحد وزن درهم يطبخ بنار لينة ويكتحل به.
ومما جرّب أن يحرق البندق، ويخلط بزيت، ويمرخ به يافوخ الصبي الأزرق العين، وأيضاً يدخل الميل في حنظلة رطبة ويكتحل به، حتى قيل أن ذلك يسوّد حدقة السنور جداً، وكذلك قشور الجلّوز مسحوقة منخولة، ويؤخذ أقاقيا جزءاً مع سدس جزء من عفص، يجمع ذلك بماء شقائق النعمان وعصارته، ويتخذ منه قطور، كذلك عصارة البنج، وعصارة قشور الرمان، وكذلك الظئر إذا كانت زنجية أو حبشية، وترضع الصبي فتزول الزرقة.
● [ تمت المقالة الثانية ] ●
القانون فى الطب لإبن سينا
الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية
منتدى حكماء رحماء الطبى - البوابة