بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
القانون فى الطب لإبن سينا
الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية
الفن الثالث : تشريح العين
المقالة الثالثة : أحوال الجفن وما يمليه
● [ فصل في القمل في الأجفان ] ●
مادة القمل رطوبة عفنة دفعتها الطبيعة إلى ناحية الجلد والقوة المهيئة لتولّدها حرارة غير طبيعية، وأكثر من يعرض له ذلك من كان كثير التفنُّن في الأطعمة قليل الرياضة غير متنظف ولا يستعمل الحمّام.
المعالجات:
تبدأ بتنقية البدن والرأس ناحية العين بما علمت، وخصوصاً بغراغر متخذة من الخل والخردل، ثم تستعمل غسل العين ونطلها بماء البحر المالحة والكبريتية، ويلطّخ شفر الجفن بدواء متخذ من الشبّ ونصفه ميويزج، وربما زيد عليه من الصبر والبورق من كل واحد نصف جزء، والأحسن أن يكون ما يعجنه به خل العنصل، وأما الميويزج مع البورق، فدواء جيد له.
● [ فصل في السلاق وهو باليونانية أنيوسيما ] ●السلاق غلظ في الأجفان عن مادة غليظة، رديئة، أكالة، بورقيّة، تحمرّ لها الأجفان، وينتثر الهدب، ويؤدي إلى تقرّح أشفار الجفن، ويتبعه فساد العين، وكثيراً ما يحدث عقيب الرمد، ومنه حديث، ومنه عتيق رديء.
المعالجات:
أما الحديث، فينتفع بضمّاد من عدس مطبوخ بماء بارد، أو بضمّاد من البقلة الحمقاء، والهندبا مع دهن الورد، وبياض البيض يستعمل ذلك ليلاً، ويدخل الحمام بعده، أو يؤخذ عدس مقشّر وسقاق، وشحم الرمان، وورد، يعجن ذلك بميبختج، ويستعمل ليلاً، ويُستحم بكرةً. وإدمان الحمام من أنفع المعالجات له. وأما العتيق المزمن، فيجب فيه أن يحجم الساق، ويفصد عرق الجبهة، ويدام استعمال الحمام. وأما الأدوية الموضعية، فمنها أن يؤخذ نحاس محرق نصف درهم، زاج ثلاثة دراهم، زعفران فلفل درهماً درهماً، يسحق بشراب عفص حتى يصير كالعسل الرقيق، ويستعمل خارج الجفن. وأما الكائن عقيب الرمد، فقد جرب له شياف على هذه الصفة، ونسخته: زاج الحبر المحرق، زعفران سنبل، من كل واحد جزء، ساذنج عشرة أجزاء، يشتف ويحك به الجفن.
● [ فصل في جسا الأجفان ] ●هو أن يعرض للأجفان عسر حركة إلى التغميض عن انفتاحه، وإلى الانفتاح عن تغميضه، مع وجع وحمرة بلا رطوبة في الأكثر، ويلزمه كثيراً أن لا يجيب إلى الانفتاح مع الانتباه عن النوم. وكثره لا يخلو عن تفاريق رمص يابس صلب، ولا يكون معه سيلان إلا بالعرض، لأنه عن يبس أو خلط لزج مائل إلى اليبوسة جداً، ولكن قد يكون وجع وحمرة. وأما إذا كانت حكة بلا مادة تنصت إليها، فتسمى يبوسة العين، وكثيراً ما يكون هناك مزاج حار، ومادة كثيرة غليظة تحتاج أن تُستفرغ.
المعالجات:
يجب أن يُدام تكميد العين بإسفنج مغموسة في ماء فاتر، ويدمن الاستحمام بالماء العذب المعتدل، ويوضع على العين عند النوم بياض البيض، مضروباً بدهن الورد، ويدام تغريق الرأس بالمرطبات والأدهان والنطولات والسعوطات المرطبة بدهن البنفسج، والنيلوفر وغيره. وإن دلت الأحوال على أن مع اليبس مادة صفراوية بدهن البنفسج، استسهل باللبلاب، فإن فيه خاصية، وإن ظن أن هناك مادة غليظة مجففة تحتاج إلى تحليل، حلّلت بلعاب الحلبة، ولعاب بزر الكتان المأخوذين باللبن، فإن هذين إذا جعلا في العين أزالا الجسا، واستفرغا الخلط الرديء. ومما جرب له شحم الدجاج، ولعاب بزر قطونا، وشمع، ودهن الورد يجعل عليه دائماً، وفي الأحيان يستعمل ما يجلب الدموع، مثل شياف أراسياطراطس، فانه قد ينتفع به في المأدى المزمن منه باستعمال الأكحال المدمعة، فإنها تحلّل المادة الغليظة وتسيّلها، وتجلب من الرطوبات الرقيقة ما يليّنها ويحللها بتحللها.
● [ فصل في غلظ الأجفان ] ●هو مرض يتبع الجرب، وربما أورثه الأطلية الباردة على الجفن، وعلاجه: الاكتحال المتخذ من اللازورد، ومن الحجر الأرمني، ومن نوى التمر محرقاً، ومن الناردين، واستعمال الحمام دائماً، واجتناب النبيذ، وقد يحد كثيراً بالميل وبالشياف الأحمر الليّن، وأما الحك بالسكر، فربما هاج أو جَرُبَ به.
● [ فصل في تهيّج الأجفان ] ●
يقع لموادّ رقيقة، وبخارات، ولضعف الهضم وسوئه، كما يكون في السهر والحميات السهرية، وقد يكون في أوائل الاستسقاء وسوء القنية، ولأورام رطبة مثل ذات الرئة، ومثل ليثرغس، وإذا حدث بالناقهين، أنذر كثيراً بالنكس، وخصوصاً إذا أطاف بها من سائر الأعضاء ضمور، وبقيت هي متهيجة منتفخة، والمعلاج قطع السبب والتكميد.
● [ فصل في ثقل الأجفان ] ●
قد يكون للتهتج وأسبابه، وقد يكون لضعف القوة وسقوطها كما في الدق، وقد يكون للغلظ والشرناق ونحوه، وقد يعرض ثقل واسترخاء في ابتداء نوائب الحميات.
● [ فصل في التصاق الجفنين عند الموق وغيره ] ●
قد يعرض للجفن أن يلتصق بالمقلة، إما بالملتحمة، وإما بالقرنية، وإما بكليهما، وقد يكون في أحد جانبي الموق، وقد يكون إلى الوسط، كما قد يكون شاملاً. والسبب فيه، إما قروح حديثة، وإما خرق الكحال إذا لقط من المقلة سبلاً، أو كشط ظفرة، أو حك من الجفن جرباً، ثم لم يكوه بالكمّون والملح ونحوه كما ذكرنا كياً بالغاً، ولم يراع كل وقت ما يجب أن يراعى فيه حتى التصق وانحس الأمر.
● [ فصل في السدية ] ●
هو لحيمة بثرية تزيد في المقلة، فإن كان عند الموق، فالأصوب أن ينكأ، ثم يعالج بعلاج الغرب، أو يكحل بباسليقون، وبالدواء البنفسجي، وأدوية الظفرة، وخصوصاً الشياف الزرنيخي. وإن كان مع البياض والسواد، فعلاجه علاج الظفرة حسب ما بيناه.
● [ فصل في انقلاب الجفن وهو الشترة ] ●
أصنافه ثلاثة: أحدها أن يتقلص الجفن ولا يغطي البياض، وذلك إما خلقة، وإما لقطع أصاب الجفن، وتسمى عين مثله العين الأرنبية. والثاني: الصنف الأوسط، وهو أن لا يغطي بعض البياض، ويسمى قصر الجفن، وسببه سبب الأول، إلا أنه أقل من ذلك. والثالث: هو أن لا ينطبق الجفن الأعلى على الأسفل، وذلك يكون، إما من غدة، وإما من نبات لحم زائد كان ابتداء، أو من تشنج عرض للجفن من قرحة اندملت عليه لا تدع الجفن الأعلى أن ينطبق على الأسفل، وقد يكون جميع ذلك من تشنج العضل المطبقة للجفن.
● [ فصل في العلاج ] ●
أما الذي عن قصر الجفن، فعلاجه أن يشق ولا يخاط ويندمل بعد نشء لحم جلدي، وهذا للصنف الأول والثاني بالأكثر والأقل، وأما الذي عن غدة ولحم زائد، فيأخذهما بالحديد، وكذلك الذي عن أثر قرحة اندملت مقصرة للجفن، علاجه بالحديد يفتق، ويدمل والذي من تشنج، علاجه علاج التشنج بنوعيه.
● [ فصل في البَرَدة ] ●
هي رطوبة تغلظ وتتحجر في باطن الجفن، وتكون إلى البياض تشبه البَرَد.
العلاج:
يستعمل عليها لطوخ من وسخ الكوائر وغيرها، وربما زيد عليه دهن الورد، وصمغ البطم، وأنزروت، أو يطلى بأشق مسحوق بخل، وبارزذ، أو حلتيت، أو طلاء، أو ربياسيوس المذكور في باب الشعيرة.
● [ فصل في الشعيرة ] ●
الشعيرة ورم مستطيل يظهر على حرف الجفن، يشبه الشعير في شكله ومادته في الأكثر دم غالب.
العلاج:
تعالج بالفصد والاستفراغ بالأيارج على ما تدري، ثم يؤخذ شيء من سكبينج، ويحل بالماء، ويلطخ به الموضع، فإنه جيد جداً. وينفعه الكماد بالشحم المذاب، أو دقيق الشعير وقنّة، أو خبز مسخّن يرقد عليه، والكماد بذنب الذباب، والذباب المقطوف الرأس، أو بماء أغلي فيه الشعير، أو دم الحمام، أو دم الوراشين والشفانين، أو يؤخذ بورق قليل وقنّة كثيرة، فيُجمعان ويوضعان على الشعيرة. وطلاء أوربياسيوس، وهو أن يؤخذ من الكندر والمر من كل واحد جزء، لاذن ربع جزء، شمع شب بورق أرمني من كل واحد نصف جزء، ويُجمع بعكر دهن السوسن ويُطلى.
● [ فصل في الشرناق ] ●
الشرناق زيادة عن مادة شحمية تحدث في الجفن الأعلى، فتثقل الجفن عن الانفتاح، وتجعله كالمسترخي، ويكون ملتحجاً ليس متحركاً تحرك السلعة، وأكثر ما يعرض يعرض للصبيان والمرطوبين، والذين تكثر بهم الدمعة والرمد. ومن علاماته أنك إذا كبست الانتفاخ بإصبعين، ثم فرقتهما نتأ في وسطهما.
المعالجات:
علاج اليد، وصفته أن يجلس العليل، ويمسك رأسه جذباً إلى خلف، ويمدّ منه جلد الجبهة عند العين، فيرتفع الجفن، ويأخذه المعالج بين سبابته ووسطاه، ويغمز قليلاً، فتجتمع المادة منضغطة إلى ما بين الأصبعين، ويجذب ممسكاً لرأس الجلدة من وسط الحاجب، فإذا ظهر النتؤ قطع الجلدة عنه قطعاً شأفاً رقيقاً غير غائر، فإن الاحتياط في ذلك. ولأن يشرح تشريحاً بعد تشريح، أحوط من أن يغوص دفعةً واحدةً، فإذا ظهر بالتشريحة الأولى فبها، ونعمت، وإلا زاد في التشريح حتى يظهر، فإن وجده مبرأ، لف على يديه خرقة كتان، وأخذ الشرناق مخلصاً إياه يمنة ويسرة، وإن بقيت بقية لا تجيب، ذر عليها شيئاً من الملح ليأكلها، وإن كانت في كلاف وشديدة الالتصاق، أخذ المتبري منه وترك الآخر لا يتعرّض له، ويفوّض أمره إلى تحليل الملح الذي يُذرّه عليه، ثم يضع عليه خرقة مبلولة بخلّ.
وإذا أصبح من اليوم الثاني، وأمنت الرمد، فعالجه بالأدوية الملزقة، ويكون فيها حُضَض، وشياف ماميثا، وزعفران، وربما تعرّض للمتحد الذي لا تبرأ فيه بكشطه وسلخه بشعرات تنفذ بالصنانير تحته، ويحرّك يمنةً ويسرةً حتى يتبرأ، أو يفعل ذلك بأسفل ريشة، ويحتاج أن يحتاط في البطّ حتى لا يأخذ في الغور، فإن الباطّ إن مدد الجفن بشدة، وأمعن في البطّ حتى قطع الجلدة والغشاء الذي تحته بضربة واحدة، طلع الشحم من موضع القطع إذا ضغطه بالأصابع التي أدارها حول الجلدة الممتدة، فيحدث وجع شديد، وورم حاد، وتبقى بقية صلبة معوقة هي شرّ من الشرناق، وربما انقطع من العضلة الرافعة للجفن شيء صالح، فيضعف الجفن عن الانفتاح. وأما الحديث الضعيف منه، فكثيراً ما تشفى منه الأدوية المحللة دون عمل اليد.
● [ فصل في التوتة ] ●
هي لحم رخو يحدث في باطن الجفن، فلا يزال يسيل منه دم أحمر وأسود وأخضر. وعلاجها التنقية بالمجففات الأكَالة، والشيافات الحارة، فإذا أكلت التوتة استعمل حينئذ الذرورات والشيافات التي تنبت اللحم فيما يقال في قروح الأجفان. وبالجملة علاجات الحكّة والجرب القرنيين.
● [ فصل في التحجّر ] ●
التحجّر ورم صغير يدمى ويتحجر، وقد يخلص عنه عمل اليد، ثم استعمال أدوية القروح للأجفان.
● [ فصل في قروح الجفن وانخراقه ] ●
يستعل عليها ضماد من عدس مقشر، وقشور الرمان مطبوخة بالخل، فإذا سقطت الخشكريشة وبطل التأكّل، استعمل عليها صفرة البيض مع الزعفران، فإنه يدمل، وإن شئت استعملت عليها شياف الكندر، وشياف الأبار مع شياف الاصطفطيقان والأحمر اللين، وأما انخراق الجفن، فيقبل الالتحام ويعالج بعلاج انخراق الجلود المذكور في بابه.
● [ فصل في الجرب والحكّة في الأجفان ] ●
سببه مادة مالحة بورقية من دم حاد، أو خلط آخر حاد يحدث حكاً، ثم يجرّب. وأكثره عقيب قروح العين، ويبتدئ العلة أولاً حكة يسيرة، ثم تصير خشونة، فيحمرّ الجفن، ثم يصير تبنياً متقرّحاً، ثم يحدث المحبب الصلب عند اشتداد الشقاق في الحكة و التورّم.
المعالجات:
إذا قارن الجرب رمد، فعالج الرمد أولاً، ثم أقبل على الجرب بعد أن لا تهمل أمر الجرب، وكذلك الحال والحكم إن كان هناك مرض آخر، فالواجب أن يراعي أشدّهما اهتماماً، وإذا رأيت تقرّحاً وورماً، فإياك أن تستعمل الأدوية الحادة ونحوها إلا بعد التوصل بالرفق إلى إمكان الحك، فإنك لجلب بالأدوية ألماً شديداً.
فأما الثاني والثالث من الأنواع المذكورة، فلا بد من الحك، إما بالحديد، وإما بأدوية تتخذ محاك، مثل زبد البحر، وخصوصاً الجنس المعروف منه بقيشورا وبورق التين أو يتخذ محك من ساذنج وزعفران ومارقشيثا يتخذ منه شياف ويحك به.
وأما الذي يقبل العلاج بالأدوية، وهو ما لم يبلغ درجة الثاني والثالث، فأول علاجه إدامة الاستفراغ والفصد، ولو في الشهر مرتين، وفصد المأقين بعد الفصد الكلّي، ومداومة الاستحمام، واجتناب الغبار والدخان والصياح، والتحرّز من شدة زَرِّ الأزرار، وضيق قوارة الجيب، والغضب، والحرد، وكثرة الكلام، ولط المخدة، وطول السجود، وكل ما يصمد المواد إلى فوق ويجذبها إلى الوجه. وينفع في ابتدائه الشياف الأحمر الليّن، وبعده الشياف الأخضر الليّن. فإن كان أقوى من ذلك فالحاد من كل واحد منهما وطرخماطيقون، وكحل أرسطراطس، وشياف الزعفران.
وقد يعالج بمرارة العنز، ومرارة الخنزير، وبالنوشادر، والنحاس المحرق، والقلقديس مجموعة وأفراداً، والباسليقون. والشياف الرمادي جيد جداً، وأيضاً دواء أراسسطس جيد جداً. ومن الأدوية النافعة دواء بهذه الصفة، ونسخته: كهربا جزء، قشور النحاس جزءان يعجن بعسل ويستعمل، أو صبر جزء نوشادر نصف جزء، يعجن بعسل ويستعمل.
أخرى: يؤخذ من النحاس المحرق ستة عشر مثقالاً، ومن الفلفل ثمانية مثاقيل، ومن القليميا أربعة مثاقيل، ومن المر مثقالان، ومن الزعفران مثقالان، ومن الزنجار خمسة مثاقيل، ومن الصمغ عشرون مثقالاً، يجمع ويحقّ بماء تودري، أو بماء المطر.
● [ فصل في الانتفاخ ] ●
الانتفاخ ورم بارد مع حكة، وقد يكون الغالب عليه الريح، وقد يكون فضلة بلغمية رقيقة، وقد يكون فضلة مائية، وقد يكون فضلة سوداوية.
العلامات:
الريحي يعرض بغتة، ويمتدّ إلى ناحية المأق، فيكون كمن عضه ذباب في ذلك الموضع، ويعرض في الصيف وللمشايخ، ولا يكون ثقل. والبلغمي يكون أبرد وأثقل، ويحفظ أثر الغمز ساعة، والمائي لا يبقى أثر الغمز فيه، ولا وجع معه. والسوداوي في الأكثر يعم الجفن والعين، ويكون مع صلابة وتمدد يبلغ الحاجبين والوجنتين، ولا يكون معه وجع شديد يعتدّ به، ويكون لونه كمداً، وأكثره يعرض بعد الرمد وبعد الجدري قطعاً.
المعالجات:
يجب أن يبدأ أولاً، فيستفرغ البدن وينقى الرأس منه، فما كان منه إلى البلغم أميل استعمل التضميد بالخطمي. وأقوى منه ورق الخِروَع مدقوقاً مخلوطاً بالشبّ، والتكميد بإسفنجة مبلولة بخلّ وماء حار، وأيضاً يتخذ لطوخ من صبر، وفيلزهرج، وشياف ماميثا، وفوفل، وزعفران بماء عنب الثعلب، فإنه نافع.
● [ فصل في كثرة الطرف ] ●
كثرة الطرف تكون من قذى في العين خفيف، وتكون من بثر، وقد تكثر في أصحاب التمدد والمتهيئين له، وتندر في الأمراض الحادة بتمدد وتشنّج.
● [ فصل في انتثار الشعر ] ●
ينتثر شعر العين، إما بسبب المادة، وإما بسبب الموضع. وسبب المادة إما أن تقل مثل ما يكون في آخر الأمراض الحادة الصعبة، وإما أن تفسد بسبب ما يخالطها عند المنبت، مثل ما يقع في داء الثعلب، وهو أن يكون في باطن الجفن رطوبة حادة، أو مالحة، أو بورقية لا تظهر في الجفن آفة محسوسة، ولكنها تضر بالشعر. وأما الذي بسبب الموضع، فأن يكون هناك آفة ظاهرة، إما صلابة وغلظ فلا يجد البخار المتولد عنه الشعر منفذاً، وإما ورم، وإما تأكل، ويدلّ عليه حمرة ولذع شديد.
المعالجات:
ما كان من ذلك بسبب الموضع، فتعالج الآفة التي بالموضع على حسب ما ذكر علاج كل باب منه في موضعه، وما كان سببه عدم المادة، فيعالج البدن بالإنعاش والتغذية. وتستعمل الأدوية الجاذبة لمادة الشعر إلى الأجفان مما نذكره، ومما هو مذكور في القراباذين، وفي ألواح الأدوية المفردة. وما كان بسبب رطوبة فاسدة استعملت فيه تنقية الرأس، وتنقية العضو، ثم عالجت علاج الشعر. وأما الأكحال النافعة من ذلك، فالحجر الأرمنيَ، و اللازورد. ومن المركبات كحل نوى التمر باللاذن المذكور في القراباذين، أو يؤخذ نوى البسر محرقاً وزن ثلاثة دراهم، ومرت الناردين درهماً، يتخذ منهما كحل. ومما جرب أن يسحق السنبل الأسود كالكحل، ويستعص بالميل، وأيضاً يكتحل بخرء الفار محرقاً، وغير محرق بعسل، وخصوصاً للسلاقي، أو يؤخذ تراب الأرض التي ينبت فيها الكرم مع الزعفران، والسنبل الرومي، وهو الاقليطي أجزاء سواء، ويستعمل منه كحل. ومما جرب، وجرّب لما كان من ذلك مع حكّة وحمرة وتكحل، أن يطبخ رمانة بكليتها وأجزائها في الخل إلى أن تتهرى، وتلصق على الموضع، وجميع اللازوقات نافعة. وأيضاً لذلك بعينه قليميا قلقطار زاج أجزاء سواء، يسحق ويستعمل. ومما جرب أيضاً أن يؤخذ خرء أرنب محرقاً وزن ثمانية دراهم، وبعر التيس ثلاثة دراهم، ويكتحل بهما، أو يكتحل بذباب منزوعة الرؤوس مجفّفة، أو يحرق البندق، ويسحق، ويعجن بشحم العنز، أو شحم الدب ويطلى به الموضع، فإنه يُنبت الشعر إنباتاً، ومع ذلك يسوده. وأيضاً يؤخذ من الكحل المشوي جزء، ومن الفلفل جزء، ومن الرصاص المحرق المغسول أربعة أجزاء، ومن الزعفران أربعة، ومن الناردين ثلاثة، ومن نوى التمر المحرق اثنان، ويتخذ كحلاً.
● [ فصل في الشعر المنقلب والزائد ] ●
بالجملة، فإنّ علاج هذا الشعر أحد وجوه خمسة، الإلزاق والكي، والنظم بالإبرة، وتقصير الجفن بالقطع، والنتف المانع. فأما الإلصاق، فأن يشال ويسوّى بالمصطكي، والراتينج، والصمغ، والدبق، والأشق، والغراء الذي يخرج من بطون الصدف، وبالصبر والأنزروت، والكثيراء، والكندر المحلول ببياض البيض، ومن الألزاق الجيد، أن يلزق بالدهن الصيني. وأجود منه بغراء الجبن، وقد ذكرناه في القراباذين.
وأما علاج الإبرة، فأن تنفذ إبرة من باطن الجفن إلى خارجه بجنب الشعر، في سمها، ويخرج إلى الجانب الآخر، ويشد. وإن عسر إدخال الشعر في سم الإبرة، جعل في سمّ الإبرة شعر امرأة، وأخرجت من الإبرة طرفاً من ذلك الجانب بالشعر حتى يبقى مثل العروة من الجانب الباطن، فيجعل فيها الشعر، ويخرج، فإن اضطررت إلى إعادة الإبرة، فاطلب موضعاً آخر، فإن تثنية الغرز توسع الثقبة، فلا يضبط الشعر.
وأما القطع، فأن يقطع منبته من الجفن، وقد أمر بعضهم أن يشق الموضع المعروف بالإجانة، وهو عند حرف الجفن، ثم يدمل، فينبت عليه لا محالة لحم زائد، فيسوى الشعر، ولا يدعه ينقلب. وأما الكي، فأحسنه أن يكون بإبرة معقفة الرأس تحمي رأسها، فيمد الجفن، ويكوى بها موضع منبت الشعر، فلا يعود، وربما احتيج إلى معاودات مرتين أو ثلاثة فلا يعود بعد ذلك إليه البتة. وأما النتف المانع، فأن ينتف، ثم يجعل على الموضع الأدوية المانعة لنبات الشعر، وخصوصاً على الجفن مما قيل في ألواح الأدوية المفردة، ونقوله في باب الشعر الزائد.
● [ فصل في الشعر الزائد ] ●
يتولد من كثرة رطوبة عفنة تجتمع في أجفان العين.
المعالجات:
علاجه تنقية البدن والرأس والعين بما علمت، ثم استعمال الأكحال الحادة المنقّية للجفن، مثل الياسليقون، والروشناي الأحمر الحاد، والأخضر الحاد، والشياف الهليلجي، وخصوصاً إن كانت هناك دمعة، أو عارض من أعراض الأخلاط، فإن لم يغن، عولج بالنتف، ينتف ويطلى على منبته دم قنفذ، ومرارته ومرارة خمالاون، ومرارة النسر، ومرارة الماعز، وربما خلطت هذه المرارات والدماء بجندبيدستر، واتخذ منها شياف كفلوس السمك.
وتستعمل عند الحاجة محلولة بريق الإنسان، ويصبر المستعمل عليه نصف ساعة. ومن المعالجات الجيدة أن يؤخذ مرارة القنفذ، ومرارة خمالاون، وجندبيدستر بالسوية، يجمع بدم الحمام، ويقرص. ومما وصف دم القراد، وخصوصاً قرادة الكلب، ودم الضفدع، ولكن التجربة لم تحقَقه. ومن الصواب فيما زعموا أن يخلط بالقطران.
ومما وصف أيضاً أن تستعمل مرارة النسر بالرماد، أو بالنوشادر، أو بعصير الكراث، وخصوصاً إذا جعلا على مقلى فوق نار حتى يمتزجا وينشى، وإن كان رماد صدف، فهو أفضل وسحالة الحديد المصدأ برِيق الإنسان غاية، وإن أوجع.
ومما جُرب الأرضة بالنوشادر، وصوصاً مع حافر حمار محرق بخل ثقيف، وكذلك زبد البحر بماء الاسفيوش، فإنه إذا خدر وبرد الموضع لم ينبت شعراً.
● [ فصل في التصاق الأشفار ] ●
يكون ذلك في الأكثر بعد الرمد، فيجب أن يستعمل أنزروت وسكر طبرزذ أجزاء سواء زبد البحر ربع جزء، ويسحق الجميع سحقاً ناعماً، ويذر على موضع الأشفار، فإنه نافع.
● [ تمت المقالة الثالثة ] ●
السلاق غلظ في الأجفان عن مادة غليظة، رديئة، أكالة، بورقيّة، تحمرّ لها الأجفان، وينتثر الهدب، ويؤدي إلى تقرّح أشفار الجفن، ويتبعه فساد العين، وكثيراً ما يحدث عقيب الرمد، ومنه حديث، ومنه عتيق رديء.
المعالجات:
أما الحديث، فينتفع بضمّاد من عدس مطبوخ بماء بارد، أو بضمّاد من البقلة الحمقاء، والهندبا مع دهن الورد، وبياض البيض يستعمل ذلك ليلاً، ويدخل الحمام بعده، أو يؤخذ عدس مقشّر وسقاق، وشحم الرمان، وورد، يعجن ذلك بميبختج، ويستعمل ليلاً، ويُستحم بكرةً. وإدمان الحمام من أنفع المعالجات له. وأما العتيق المزمن، فيجب فيه أن يحجم الساق، ويفصد عرق الجبهة، ويدام استعمال الحمام. وأما الأدوية الموضعية، فمنها أن يؤخذ نحاس محرق نصف درهم، زاج ثلاثة دراهم، زعفران فلفل درهماً درهماً، يسحق بشراب عفص حتى يصير كالعسل الرقيق، ويستعمل خارج الجفن. وأما الكائن عقيب الرمد، فقد جرب له شياف على هذه الصفة، ونسخته: زاج الحبر المحرق، زعفران سنبل، من كل واحد جزء، ساذنج عشرة أجزاء، يشتف ويحك به الجفن.
● [ فصل في جسا الأجفان ] ●