بّسم الله الرّحمن الرّحيم مكتبة الثقافة الأدبية كشف الأسرار في حكم الطيور والأزهار إشارات الأزهار ● [ إشارة النرجس ] ●
فأجابه النرجس من حاضره، وهو ناظر لمناظره، وقال: أنا رقيبُ القوم وشاهدهم، وسميرهم، ومنادمهم، وسيّد القومِ خادمُهُم، أعلّم من له همة كيف شروط الخدمة، أشدُّ للخدمة وسطى، وأوثقُ بالعزيمة شرطي، ولا أزال واقفاً على قدم، وتلك وظيفة من خدم. لا أجلس بين جُلاّسي،ولا ارفع للنديم رأسي، ولا أَمنعُ المتناول طيب أنفاسي، ولا أنا لعهد من وصلني ناسي، ولا قلبي على من قطعني قاسي. ثم لا يفارق فمي شرب كاس، وهو لي بصفوه كاسي. بُني على قضيب الزبرجد أساسي، وجُعل من العسجد واللجين لباسي، ألمحُ تقصيري فأطرق إطراق الخجل، وأُفكر فيما إليه مصيري فأحدق لهجوم الأجل، والعجيب أنني واقفٌ على التفرقة في مقام الجمع، يُدرك معنى شذاى حاسة الشمَّ لا حاسة السمع، وهذا معنى لا خطر بقلبٍ ولا مر بسمع، فإطراقي اعترافاً بتقصيري، وإطلاقي لأحداقي نظراً فيما غليه مصيري، وفي ذلك أقول: إنْ يَكُنْ مِنِّي دني أَجَلِي . آهُ واُذلّى وَيَا خَجَلِي قُمْتُ من ذُلّي على قَدَمِي . مُطْرِقاً للرأْسِ من ذَللِي لَوْ بَذَلْتُ الرُّوحَ مُجْتَهِداً . وَنَفَيْتُ النَّوم عَنْ مُقَلِيِ كُنْتُ بالتَّقصِيِر مُعْتَرِفاً . خائِفاً من خَيْبَة الأمَلِي إِنْ يَكُنْ للعَبْدِ سَابِقَةٌ . سَبَقَتْ في الأَعْصُرِ الأوَلِ لم يكنْ في القَادِمِينَ غداً . نَافِعِي عِلْمِي ولاَ عَمَلِي مُقْلتي ما شَأْنها أبَداً . قطّ لاَ يَنْفَعُكَ منْ وَجَلِ عَجِلاً في حَتْفِهِ وَكَذا . خُلِقَ الإنْسانُ من عَجَلِ وقلت أيضاً: تَأَمَّلْ في رِيَاضِ الرِّوضِ وانظر . إلَى آثارِ مَا صَنَعَ المَلِيكُ عُيُونٍ مِنْ لجينٍ شاخصاتٍ . بأحداقٍ كما الذَّهَب السَّبيك عَلَى قَضِيبِ الزَّبَرْجَدِ شَاهِداتٍ . بأَنَّ اللهَ ليسَ لَهُ شَرِيك وأنَّ مُحَمَّداً خَيْرُ البَرَايا . إلى الثَّقَلَيْنِ أَرْسَلَهُ المَلِيكُ
كشف الأسرار في حكم الطيور والأزهار تأليف : عز الدين المقدسي منتدى همســــــات . البوابة