بص وطل- Admin
- عدد المساهمات : 2283
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
من طرف بص وطل الأربعاء أبريل 29, 2020 3:49 pm
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي . المجلد الأول
● [ كتاب الزكاة ] ●
[ باب فرض الزكاة وعلى من تجب وفيم تجب ]
تجب الزكاة على كل مسلم حر تام الحرية إذا ملك المقدار الذي تجب فيه الزكاة حولا تاما والصغير والكبير والذكر والأنثى والعاقل والمعتوه عند مالك في ذلك سواء.
وتجب الزكاة في ثلاثة أشياء: في العين الصامتة وهي الذهب والورق.
وفي الماشية وهي الأنعام: الإبل والبقر والغنم دون الخيل وسائر الحيوان.
وفي الحبوب المزروعة، وبعض الثمار، على ما نفسره بعد بعون الله.
فهذه: الأموال التي تجب الزكاة في أعيانها والمعنى والله أعلم فيها: أنها في الأغلب موضوعه لطلب النماء والزيادة بالتصرف والتقلب وطلب الفضل في النبات والنسل دون الاقتيات لغير ذلك من المنافع فمتى عوض بغيرها من العروض معناها بالتجارة وطلب بالتصرف فيها النماء والزيادة حكم لها بحكم على حسب ما يأتي مفسرا ملخصا في أبوابه من هذا الكتاب إن شاء الله
● [ باب زكاة الذهب والورق ] ●
لا تجب الزكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا ويملكها ربها حولا كاملا وزنة المثقال درهمان عددا لا كيلا ومبلغ الدرهم ست وثلاثون حبة من حبوب الشعير الممتلئة المتوسطة غير الخارجة عن حد الاعتدال في الزيادة والنقصان.
ولا تجب في الورق حتى يبلغ مائتي درهم كيلا والدرهم درهم وأربعة أعشار الدرهم الذي هو نصف المثقال وهو الدرهم بدرهمنا اليوم بالأندلس وهي خمسة وثلاثون دينارا دراهم بوزننا.
وقد قيل: أن الدرهم الكيل هو درهم ونصف. فعلى هذا تجب الزكاة في سبعة وثلاثين دينارا وأربعة دراهم والقول الأول هو الأصل الصحيح عند جمهور العلماء.
فإذا بلغ الورق هذا العدد وبلغ الذهب عشرين مثقالا ففي كل واحد منهما ربع عشره يجب بتمام مرور الحول في ملك الحر المسلم فيجب في العشرين مثقالا نصف مثقال واحد وفي المائتي درهم خمسة دراهم كيلا وهي سبعة دراهم بدراهمنا هذا إذا كانت الفضة لا يشوبها ما ليس من جنسها فإن شابها ما ليس من جنسها فانظر فإن كان ذلك نزرا يسيرا مستهلكا في الفضة فالزكاة بحالها واجبة فيها ولا يلتفت إلى ما شابها لأنه لغو لا تأثير له وإن كان الذي خالطها من غيرها جزء يمكن الوصول إليه فلا تجب الزكاة حينئذ إلا بعد اعتبار ما في الدراهم من الورق لانها إذا كانت هكذا أشبهت الحلى من الذهب أو الورق المنظوم بالجواهر والخرز فيعتبر ذلك في الورق والذهب دون ما خالطهما وكذلك الاعتبار في مقدار القطع في السرقة ومبلغ الصداق.
وأما الفضة السوداء والبيضاء والردئ والجيد منها ومن الذهب فسواء كما أن ردئ التمر ورفيعه سواء وسواء أكان الذهب أو الفضة مضروبا أو سبائك أو نقرا من ملك من ذلك كله المقدار الذي ذكرنا أنه تجب فيه الزكاة فالزكاة فيه ربع عشرة إذا حال الحول وكذلك لو كان حليا لتجارة غير منظوم بحجارة فإن كان المصوغ حليا متخذا لزينة النساء من كسبهن أو كسب أوليائهن أو أزواجهن لزينتهن ولم يكن لتجارة ولا لكراء سقطت عنه الزكاة.
وقد قيل: إن الحلى إذا كان لرجل ففيه الزكاة وإذا كان لامرأة فلا زكاة فيه وكذلك اختلف في حلى الكراء وما صنع منه ليفر به من الزكاة لا لزينة النساء ففيه الزكاة عند مالك وأكثر أصحابه وسيأتي ذكر زكاة الحلى للتجارة في باب زكاة التجارات إن شاء الله.
وأما آنية الذهب والفضة فمكروه اتخاذها والزكاة فيها واجبة وصاحبها في حبسها آثم وفي حلية السروج واللجم والدوى والسكاكين والمراء وما كان مثل ذلك ففيه الزكاة وأما حلية المصحف والسيف والخاتم فلا زكاة في ذلك .
وإذا كانت السيوف والمصاحف والخواتم للتجارة ففيها عن مالك روايتان:
إحداهما: أنه لا زكاة فيها حتى تباع فتزكى أثمانها كالعروض.
والأخرى: أنه يزكي حليها وزنا إذا حال عليها الحول.
وينتظر بالنصول والمصاحف والفصوص بيعها ثم تزكى أثمانها بعد البيع إلا أن تكون مدارة فيزكي المديرون وزن الحلية وقيمة النصل والمصحف والفص كل عام وكذلك حلى التجارة المتصل بالخرز والحجارة إذا كان في نزعه ضرر على صاحبه.
وسنفرد لزكاة التجارة بالعروض بابا إن شاء الله.
والذهب والورق إذا لم تؤد زكاتها فهي كنز وكل مال تؤدى منه الزكاة فليس بكنز مدفونا كان أو غير مدفون.
وقد قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} في كتابه ما قال وحسبك به وعيدا.
وجائز أن يؤدى عن الذهب ورق وعن الورق ذهب بقيمتها في الصرف وقت أدائها ولا يجزئه أن يخرج عن نصف دينار خمسة دراهم إلا أن تكون قيمته ويضم منه الجيد إلى الدني من جنسه ويضم الذهب إلى الورق في الزكاة وكان مالك يرى ضمهما بالأجزاء لا على صرف الوقت.
وتفسير ذلك: أن ينزل المثقال بدلا من عشرة دراهم كيلا ويجعل العشرة دراهم بدلا من المثقال.
مثال ذلك: رجل له مائة درهم كيلا وعشرة مثاقيل فعليه فيهما جميعا الزكاة وكذلك لو كان عنده مثقال ذهب واحد ومائة درهم وتسعون درهما كيلا وجبت عليه فيها الزكاة وكذلك لو كان عنده تسعة عشر دينارا مثاقيل عيونا ذهبا وعشرة دراهم كيلا فعليه الزكاة وهكذا أبدأ على هذا الحساب.
والدينار عند مالك هاهنا وفي الجزية بعشرة دراهم وفي الديات والنكاح أثني عشر درهما ومن أهل العلم جماعة بالمدينة وغيرها لا يرون ضم الدنانير إلى الدراهم ولا الدراهم إلى الدنانير ويعتبرون النصاب في كل واحد منهما وهو قول صحيح في النظر لأنهما جنسان لا يجري فيهما الربا ويجوز فيهما التفاضل دون النساء.
وما زاد على العشرين مثقالا فبحساب ذلك لكل جزء من الزيادة حصتها من الزكاة فيجب في أربعين مثقال مثقال ثم هكذا في كل ما زاد بالحصة والحساب وكذلك ما زاد على المائتي درهم فبحصتها ومن كان له دون النصاب من الذهب وقيمته نصابا من الورق أو كان له دون النصاب من الورق وقيمته نصابا من الذهب فلا زكاة عليه في شيء من ذلك وكذلك من له خمسون درهما وعشرة دنانير قيمتها مائة وخمسون درهما لم تجب عليه زكاة ومن اشترى بعشرة دنانير ما يبلغ عنده في نصف حول مائتي درهم فحال عليها حول الدنانير زكا لحول الأصل
● [ باب زكاة الفائدة ] ●
من العين والعروض والماشية
كل من استفاد مالا عينا أو عروضا وهو حر بأي وجه كانت استفادته إياه بميراث أو هبة أو جائزة أو صلة أو دية نفس أو أرش جرح أو جناية أو وصية أو صدقة أو هدية أو غلة مسكن أو خراج مكاتب أو عبد أو دابة أو مهر امرأة أو غلة ثمرة لا زكاة فيها أو ما قد زكي منها أو زرع في أرض مبتاعة للتجارة أو غير التجارة أو مكتراة لغير تجارة دون التي تكترى للتجارة أو ما انتزعه من عبيده وأمهات أولاده مما كان بأيديهم أو نتاج ماشية لا زكاة فيها أو غلة صوف أو لبن أو ركاز قد خمس أو سهم غنيمة وكل ما يطرأ له ويمنحه من ضروب الفوائد التي لم يملك قبل عينها وسواء ملك أصلها أو لم يملكه فلا زكاة في شيء من ذلك كله حتى يقبض المستفيد ما استفاده منه عينا وينض عنده ثمن ما كان منه عرضا ويحول عليه الحول وهو في يده كذلك ولا يعتبر مالك رحمه الله وقت حدوث الملك بالعقد في نكاح ولا في أجرة ما أجر من ذلك ولا ثمن ما كان منه عرضا فباعه وتنافر الغريم ثمنه ولا زكاة عليه عنده في شيء في ذلك كله حتى يقبضه عينا ويمكث حولا بعد في يده إلا ما يستخرج من المعادن فإنه يزكي عند استخراجه كما يصنع بالزرع وسنبين زكاة المعادن وزكاة التجارات في بابيهما من هذا الكتاب إن شاء الله.
وسواء أقام المال المستفاد بالوجوه المذكورة سنين قبل القبض أم لا ، لا زكاة فيه حتى يقبض ثم يمر عليه في يد قابضه بعد قبضه له حول تام إلا أن يكون المستفاد بالميراث يقدر صاحبه على قبضه فيتركه عامدا لذلك فإن كان ذلك فعليه فيه زكاة لكل عام.
وإن حبس عنه ففيه قولان:
أحدهما: أنه لا زكاة عليه فيه حتى يقبض ويحول عليه الحول بعد.
والآخر: أنه يزكيه لعام واحد إذا قبضه. هذا تحصيل مذهب مالك عند أكثر أصحابه.
ومنهم من يقول في الميراث والوديعة وسائر ما لا يضمنه غير من هو له: أن عليه فيما استفاد من ذلك الزكاة وإن لم يقبضه إذا كان في ضمانه لا في ضمان من هو عنده يزكيه لما مضى من السنن وهذا أصح إن شاء الله وإلى هذا ذهب سحنون وهو قول المغيرة المخزومي وبه آخذ.
وأما الذي يزكي لعام واحد مما خرج من يد مالكه من العين سلفا أو في سلعة لتجارة ثم مكثت عنده سنين ثم قبضه فهذا يزكي لعام واحد وأما ربح المال عند مالك فإنه يزكي لحول ما به استفيد كمال بيد مالكه مر به الحول وهو لا تجب فيه الزكاة ثم ربح فيه ربحا في آخر الحول فإن الربح يزكي مع الأصل وسواء كان أصل المال تجب فيه الزكاة أو لا تجب ولو كان دينارا واحدا إذا كان هو ونماؤه يبلغان مقدار الزكاة وحال على أصله الحول قال: فالزكاة في هذا قياسا على أخذ الصدقة في السخال مع الأمهات وإن لم يحل عليها معها الحول إذا حال على الأمهات الحول.
ومن ملك ماشية معلومة بعينها باستفادة فإنه يزكيها من يوم ملكها وإن لم يقبضها بخلاف ما ذكرنا من فوائد العين ومن استفاد عشرة دنانير فأقامت عنده شهرا ثم أفاد إليها عشرة أخرى قلا زكاة عليه تفي شيء منهما حتى يحول الحول على الأخرى منهما وهما جميعا بيده كاملين ولو كان عنده مال يؤدي عنه الزكاة فنقص حتى صار إلى ما لا تجب فيه الزكاة ثم أفاد فائدة تتم بها ما فيه الزكاة فلا زكاة عليه حتى يحول عليهما جميعا من يوم أفاد الآخرة منهما التي تم النصاب بها.
ومن استفاد فائدة عين فبلغت النصاب استأنف بها حولا فإن استفاد بعد ذلك فائدة أخرى عينا استأنف بها حولا من يوم أفادها ولم يضفها إلى الفائدة الأولى وزكى كلا لحوله حتى ينقصا جميعا إلا ما لا زكاة فيه فيستأنف به الحول فإن تجر فربح فيه تمام النصاب زكاة.
ومن كان عنده نصاب من عين ذهب أو ورق ثم أفاد بعد مرور بعض الحول درهما فما فوقه زكاة لحوله من أجل النصاب المذكور ولم يضمه إلى حول النصاب ومن أفاد مالين كل واحد منهما دون النصاب فتجر في أحدهما وربح فيه ما يتم به النصاب فإن كان ذلك في المال الأول زكى كل واحد منهما لحوله وإن كان في الثاني ضم الأول إليه وزكاه لحول الثاني ومن استفاد عشرة دنانير فمكثت عنده شهرا أو شهرين أو أكثر ثم استفاد عشرة أخرى فضمهما استأنف بهما وبما ابتاع فيهما حولا من يوم ضمهما وقد قيل: إنه إن ابتاع بهما سلعة فباعها عند حلول حول العشرة الأولى بأربعين دينارا فالعشرة الأولى وما أصابها من الفضل وذلك عشرة أخرى فنصف دينار عن العشرين فإذا تم حول العشرة الثانية أخرج زكاتها وزكاة فضلها وهو نصف دينار عن العشرين وإن باعهما بأقل من أربعين دينارا فلا زكاة عليه حتى يتم حول العشرة الثانية لأن ما دون الأربعين إذا قسم نصفين على الفائدتين لم يجب في الأولى زكاة فلذلك ردت إلى حول الثانية ومن كانت له عشرة دنانير فحال عليها الحول فباعها بمائتي درهم أخرج الزكاة منها وكذلك من كان له مائة درهم أو نحوها مما يكون دون النصاب من الورق فباعها بعد حول الحول عليها عنده بنصاب من الذهب زكاة.
وأما الفائدة في الماشية فتضم مع كمال الحول إلى النصاب أبدا بخلاف العين فمن استفاد من الماشية ثم استفاد من جنسها فائدة أخرى نظرت فإن كانت الفائدة الأولى نصابا قد أتى عليها حول ضم إليها الاخرى وزكاها بحول الاولى وإن لم تكن الأولى نصابا حين تم حولها ضمها إلى الثانية واستقبل بها الحول من يوم أفاد الثانية كانت الثانية نصابا أو لم تكن إذا كان فيهما جميعا نصابه وسيأتي ذكر زكاة المواشي في موضعه من الكتاب إن شاء الله
● [ باب زكاة الدين ] ●
كل من كان له دين من قرض اقترضه وأخرجه عينا من يده أو من ثمن سلعة كانت عنده للتجارة وهو غير مدير فباعها بدين فلا زكاة عليه فيه حتى يقبضه فإذا قبضه زكاة لحول واحد وسواء أقام حولا أو احوالا عند الذي هو عليه وليس عليه أن يخرج زكاته من غيره واحب إلى أن كان على ملى أن يزكيه لحوله ولا يجب ذلك عليه عند مالك قادرا كان على أخذه أو غير قادر حتى يقبضه والذي أقول به إن كان على ملى قد حل أجله فتركه ولم يقبضه إن عليه زكاته فإن كان وديعة وهو يقدر على أخذه ففيه الزكاة فإن تركه على هذا الحال سنين ثم قبضه زكاة لما مضى من الأعوام.
وأما دين التاجر المدير لتجارته فإنه يزكيه إذا كان في ملى وثقة كما يقوم عروض تجارته لأنه ينض شيئا بعد شيء ولا يصل إليه ناضا في وقت واحد فمن هاهنا صار دين المدير وعرضه كعين ناض كله وإن كان دين المدير قرضا لم يزكه حتى يقبضه كغير المدير.
وأما المال الثاوي وهو: المجحود المغصوب والمدفون في صحراء والضائع في مفازة او غيرها ونحو ذلك مما قد كان يئس منه صاحبه ثم وجده بعد سنين فإنه يزكيه لكل سنة.
وقد قيل: لا زكاة عليه فيه لما مضى وإن زكاة لعام واحد فحسن كل ذلك صحيح عن مالك.
وقد روي عن ابن القاسم وأسهب وسحنون: أنه يزكيه لما مضى من السنين إلا أنهم يفرقون بين المضمون في ذلك وغير المضمون فيوجبون الزكاة في الغصوبات إذا رجعت لعام واحد والأمانات وما ليس بمضمون على أحد يزكي لما مضى من السنين وهذا أعدل أقاويل المذهب.
ومن كان له دين وعليه دين جعل دينه في دينه إن كان يرتجي قضاؤه وزكى ما بيده إن كان نصابا وسواء كان الدين عينا أو عرضا ومن كان بيده عين وعليه من الدين مثله سقطت عنه الزكاة فإن كان له من العروض من يفي بذلك الدين زكى ما بيده وسواء كان عرضا لتجارة أو لقنية وكذلك أيضا يجعل دينه في كتابة مكاتبه وقيل في رقبته وكذلك يجعله في رقبة مديره وقيل: في خدمته.
ومن كان عليه دين وله عرض وعين جعل دينه في عرضه وزكى عينه فإن كان عرضه لا يفي بدينه ضم أليه من عينه ما يفي بدينه وزكى الفضل إن كان نصابا بعد دينه.
وكذلك من جعل دينه في دين عليه وفضل له ما فيه الزكاة زكاه ومن كان بيده عين وعليه دين بقدر ما بيده فلما حال عليه الحول أبرأه رب الدين من دينه.
ففيه قولان:
أحدهما: أنه يزكي ما بيده في الحال وهو أحب إلى.
والآخر: أنه يستقبل به حولا بعد سقوط دينه وكذلك إن وهب له عين أو عرض يساوي دينه.
ومن وجبت عليه زكاة فلم يؤدها صارت في ذمته ومنعت مقدارها من الزكاة وسواء كانت الزكاة الواجبة في ذمته وكانت عينا أو ماشية أو حرثا كل ذلك يمنع زكاة العين.
ومن استقرض مالا فيه حولا وهو نصاب فربح فيه نصابا آخر زكى عن الفضل ولا زكاة عليه في الأصل إلا أن يكون عنده عرض يفي به على ما مضى ذكره.
وقد قيل: لا زكاة عليه فيهما جميعا حتى يحول على الفضل حول مستأنف ولا يسقط الدين زكاة الماشية ولا عشر الأرض وإنما يمنع زكاة الدنانير والدراهم وصدقة الفطر تسقط بالدين ومن اقتضى من دينه بعد حلول الحول عليه ما يجب فيه الزكاة زكاة ثم ما قبض من من شيء بعد ذلك زكاه في حين قبضه وإن اقتضى دون النصاب فلا زكاة فيه عليه وإن لم يكن له مال غيره فإن كان عنده مال يزكى زكاه معه وإن لم يكن عنده لم يزكه فإن اقتضى بعد ذلك تمام النصاب زكى كل ما اقتضاه فإن اقتضى منه قبل حلول الحول عيه نصابا أو ما دونه فلا زكاة عليه فيه إلا أن يبقى في يده حتى يحول الحول عليه ومن كان له دين تجب فيه الزكاة وحال عليه الحول عند الغريم فقبض منه فيه عرضا لم يزكه ولا ثمنه إن باعه إلا بعد حلول حول عليه من يوم نض ثمنه إليه إلا أن ينوي به التجارة فيزكيه لأصله ولو كان الدين عشرين دينارا أو مائتي درهم قد حال عليها الحول فقبض في العشرين دينارا أقل من مائتي درهم أو المائتي درهم أقل من عشرين دينارا لم يكن عليه في شيء من ذلك زكاة لأنه إنما يعتبر ما يقبض منه يوم يقبضه.
ولو وهب ذلك قبل قبضه سقطت زكاته ومن التقط مالا فلا زكاة فيه عليه مادام في يده بعينه فإذا قبضه ربه بعد حول أو أحوال فعليه فيه زكاة واحدة.
وقد قيل: يزكيه ربه كل عام على ما تقدم ذكره
● [ باب زكاة المعدن والركاز ] ●
إذا بلغ ما يخرج من المعدن من الذهب عشرين مثقالا أو من الورق مائتي درهم.
أخذ منه الزكاة مكانه ولم يستأنف به حول وذلك ربع عشر. كل واحد منهما. ولا يمنع الدين زكاة المعادن. ولا يسقطها ولا يضم ما انقطع من المعدن من نيله وعروقه ولم يتصل الى ما خرج بعد كما لا يضم زرع عام الى عام آخر ومن كان له معدنان من ذهب وورق ضم ما يخرج من أحدهما الى الآخر وزكاه وهذا كله فيما استخرج من المعادن بالكلفة والعمل والمشقة وأما الندرة منه بغير مشقة فهي ركاز وحكمها حكم الركاز فيها الخمس وقد روي عن مالك أن الندرة في المعدن حكمها كحكم ما يتكلف فيه العمل مما يستخرج من المعدن في الركاز والأول تحصيل مذهبه وعليه فتوى جمهور الفقهاء لأن أصل الركاز ما ارتكز في المعدن مما لا ينال بكبير عمل ولا كلفة من الذهب والفضة والركاز أيضا: دفن الجاهلية في أرض العرب أو في فيافي الأرض التي ملكها المسلمون بغير حرب وهو لواجده وفيه الخمس يصرف في وجوه الخمس فن كان الإمام عدلا دفع إليه واجده خمسة بعد أن يأذ أربعة أخماسه لنفسه وإن لم يكن الإمام عدلا صرف الواجد الخمس في الوجوه التي يصرف فيها خمس الغنيمة وأما ما كان من ضرب الإسلام فهو كاللقطة قال مالك: ما وجد من الركاز في أرض العنوة فهو لمفتتحها دون واجده وما وجد في أرض الصلح فهو لأهلها دون واجده أيضا ودون سائر الناس إلا أن يكون واجده من أهل تلك الدار فهو له دونهم ويخمس دميع ما وجد في أرض الصلح قال ابن القاسم إلا أن يكون واجده من أهل الصلح فيكون ذلك له وقال غيره من أصحابه: بل هو لجملة أهل الصلح.
وما وجد في أرض الحرب من الركاز فهو لجميع الجيش بعد إخراج خمسة وواجده واحد منهم وليس هو له دونهم ومن أهل المدينة وأصحاب مالك من لا يفرق بين شيء من ذلك وقالوا: سواء وجد الركاز في أرض العنوة أو أرض الصلح أو أرض العرب أو أرض الحرب إذا لم يكن ملكا لأحد ولا يدعيه أحد فهو لواجده وفيه الخمس على عموم ظاهر الحديث.
وهو قول الليث وعبد الله بن نافع والشافعي وعليه أكثر أهل العلم ومن جهة القياس كما أن مالك أرض العرب لا يملك ما فيها من الركاز كذلك الغانمون وغيرهم سواء.
ولمالك في عرض الركاز وجوهره قولان:
أحدهما: أنه لا يخمس من الركاز إلا الذهب والفضة فقط كالمعدن سواء.
والآخر: أنه يخمس كل ما وجد فيه من جوهر وذهب وفضة ورصاص ونحاس وحديد وغير ذلك مما يوجد فيه.وهو الصحيح وعليه جمهور الفقهاء
● [ باب زكاة التجارات ] ●
قد تقدم أنه لا زكاة في غير العين والحرث والماشية وأما العروض كلها من الدور والرقيق والثياب وأنواع المتاع والدواب وسائر الحيوان والعروض فلا زكاة في شيء منها إلا أن تبتاع للتجارة فإن ابتيعت للتجارة بنية التجارة فحكمها حكم الذهب والورق إذا لم تنقل عنها نية التجارة إلى القنية يقومها التاجر إذا حال علهيا الحول بقيمة الوقت.
ويخرج زكاتها مما بيده من الناض هذا إذا كان مديرا ونض له في مدة عامه شيء من العين الذهب أو الوق يقومه بالأغلب من نقد البلد فإن بلغ النصاب زكاه ومن كان يبيع العروض بالعروض أبدا ولا ينض له شيء من العين فليس عليه عند مالك وأكثر أصحابه زكاة وهو تحصيل مذهبه.
وقد روى ابن الماجشون ومطرف عن مالك في المدير أنه يقوم كل عام ويزكي نض له شيء من العين أو لم ينض على ظاهر قول عمر في قضة حماس قال ابن حبيب: وكان ابن الماجشون ينكر رواية ابن القاسم في ذلك.
وقال ابن نافع وأشهب: أنه إن نض له في رأس الحول مقدار نصاب من العين قوم سائر ما بيده من عروض التجارة وإن لم يكمل له النصاب عند رأس الحول لم يقوم حتى ينض نصاب وما ابتيع منها للتجارة ثم صرف إلى الاتخاذ والاقتناء بطلت فيه الزكاة وعاد إلى أصله ومن ابتاع سلعة للتجارة ولم يكن من أهل الإدارة فبارت عليه ولم يكن له ناض بجب عليه فيه الزكاة وحبس السلعة سنين وهو بتلك الحال فلا زكاة عليه فيها حتى يبيعها ويزكي لعام واحد إذا باعها وعروض التجارة عند مالك إذا كانت مدارة بخلافها إذا كانت غير مدارة وإن كانت الزكاة جارية فيها كلها لأن المدارة تزكى في كل عام وغير المدارة إنما تزكى بعد البيع لعام واحد.
وقد قال جماعة من أهل المدينة وغيرهم: إن المدير وغيره سواء يقوم في كل عام ويزكى إذا كان تاجرا وما بار وما لم يبر من سلعته إذا نوى به التجارة بعد أن يشتريها للتجارة سواء وهو قول صحيح إلى ما فيه من الاحتياط لأن العين من الذهب والورق لا نماء لها إلا بطلب التجارة فيها فإذا وضعت العين في العروض للتجارة حكم لها بحكم العين فتزكى في كل حول كما تزكى العين وكل من انتظر بسلعته التي ابتاعها للتجارة وجود الربح متى جاءه فهو مدير وحكمه عند جمهور العلماء حكم المدير وهو أشبه من حكم الدين الغائب الذي يزكيه لعام واحد وأما قول مالك فما قدمت له.
ومن اشترى عرضا للقنية ثم نوى به التجارة ثم باعه استقبل بثمنه حولا بعد قبضه ومن اشترى عرضا للتجارة ثم نوى به القنية ثم باعه ففيه لمالك وأصحابه قولان أحدهما أنه يزكي الثمن عند قبضه والآخر أنه يستقبل به حولا بعد قبضه.
وإذا كان مال التاجر بعضه مدارا وبعضه يتربص به نفاق سلعته فإن كان الأكثر هو الذي يديره زكاه كله زكاة المدير وحمل جميعه على الإدارة وإن كان الأقل: هو المدار ترك كلا على حاله وزكى كل واحد منهما على سنته ومنهم من جعل القليل في الوجهين جميعا تبعا للكثير.
ومن اكترى أرضا للتجارة فما فضل مما يخرجه بعد إخراج عشرة أو نصف عشرة فسبيله سبيل ما ابتاعه للتجارة إذا باعه زكى ثمنه مكانه إذا مر به حول من يوم أخرج زكاته وما لم يبعه فلا تقويم عليه فيه إلا أن يكون مديرا فيقومه إذا مر به حول من يوم أخرج عشره أو نصف عشره وسواء وافق ذلك شهرة الذي يقوم فيه تجاره أو خالفه [هذه] رواها اصبغ عن ابن القاسم عن مالك قال ابن حبيب ورأيت اصبغ معجبا بها.
وتجب الزكاة في حلى التجارة ويراعى وزن ذهبه وورقه دون قيمته مصوغا يزكيه كل عام إذا كان ينفصل ويقوم جوهره إن كان مديرا وغير المدير يزكي وزن الورق أو الذهب كل عام ولا يزكي الجوهر حتى يبيعه وإن أقام عنده سنين.
وإن كان في الحلى جوهر ولا ينفك ولا ينفصل وكان ممن يدير فإن كان من حلى الذهب أو الورق وكان مما يجوز بيعه بالذهب أو الورق لكثرة جوره وقلة ذهبه أو ورقة قوم جميعه إن شاء بالذهب أو بالورق ثم زكى القيمة مع ما يزكي من أمواله وإن كان أكثره الذهب قوم جميعه بالذهب ثم زكاه بربع عشره وإن كان فيه من الذهب والورق ما لا يجوز بيعه بأحدهما لغلبتهما على قيمته وإن كان فيه من الذهب والورق ما لا يجوز بيعه بأحدهما لغلبتهما على قيمته واستوائهما في الجزءين الغالبين عليه قومهما بعرض ثم قوم العرض من النقد بما شاء من ذهب أو ورق ثم زكى القيمة وإنما يقوم بالذي يجوز له بيعه به وإن كان ممن لا يدير لم يزكه حتى يبيعه فإذا باعه قبض الثمن المبيع به على قيمة جوهره وذهبه أو ورقه فما صار لذهبه أو ورقه زكاه للأعوام الخالية كلها وما أصاب الجوهر زكاه لعام واحد.
وقد قيل: إذا كان ما فيه من الذهب والورق تبعا للجوهر زكى جميع الثمن لعام واحد.
وقد قيل إنه كالعرض يقومه كله المدير ويزكيه ولا يزكيه غير المدير حتى يبيعه وكلاهما قول مالك والأول أولى بالصواب.
وإذا حال الحول على مال القراض أخرجت الزكاة من جمعية فإن قسم وأخذ العامل ربحه قبل حلول الحول استأنف به حولا بعد قبضه ولا يجوز للعامل أن يزكي المال إذا كان ربه غائبا لأنه ربما كان عليه دين يمنع الزكاة أو لعله قد مات.
ولا يزكى مال القراض حتى يحضر جميعه وينض ويحضر ربه إلا أن يكون مديرا فيزكي زكاة المدير بحضرة ربه ومتى وجبت الزكاة على رب المال تفي مال القراض بمرور الحول وجبت في جملة المال وسواء كان في حصة العامل ما تجب فيه الزكاة ام لا ومتى سقطت الزكاة عن رب المال لدين أو غيره سقطت عن العامل وإن كان على العامل دين يغترف ربحه سقطت الزكاة عنه وفيها اختلاف ووجوه قد ذكرناها مع مسائل غيرها من زكاة القراض في باب القراض.
● [ باب النية في إخراج الزكاة وتعجيلها ] ●
باب النية في إخراج الزكاة وتعجيلها وإخراجها قبل وقتها ونقلها عن موضعها
لا يجزئ إخراج الزكاة إلا بنية عند إخراجها وقسمتها إلا ما يتولى العاشر والمصرف أخذه بغير حضرة صاحبه فإنه يجزئه وكذلك ما أجبره المصرف عليه أجزأ عنه ومن وجبت عليه زكاة فعزلها وأخرجها فتلفت منه بغير تفريط قبل أن تمكنه قسمتها ودفعها إلى أهلها أو إلى الوالي فلا شيء عليه.
ومن وجبت عليه زكاة فلم يخرجها عند محلها وفرط فيها ثم أخرجها فضاعت قبل أن يسلمها إلى أهلها فعليه ضمانها لأنه في تأخيره لها عن وقتها تعلقت بذمته وما تعلق بذمته لم يسقط بتلف ماله ولو تلف المال كله دون المخرج منه في الزكاة وذلك بعد الحول لزمه انفاذه إذا كان قد أبرزه وأخرجه وينبغي أن لا يخرج أحد زكاة ماله عن فقراء موضعه وهو المختار له إلا أن يبلغه حاجة شديدة عن موضع غير موضعه هي أشد من حاجة أهل بلده فلا بأس أن ينقلها إلى موضع الحاجة وسد الخلة ولو نفلها إلى ذي رحم محتاج لم يخرج إن شاء الله.
ومن عجل إخراج زكاته قبل محلها فضاعت قبل محلها لم تجزه ولا يجوز عندنا إخراج الزكاة قبل أن يحول الحول عليه إلا بالأيام اليسيرة ومن فعل ذلك كان عند مالك كمن صلى قبل الوقت لأنه قد يمكن أن يحول عليه الحول وقد تلف ماله فيصير تطوعا وتكون نيته في إخراجها كلانية وقد يمكن أن يستغني الذي أخذها قبل حلول حولها فلا يكون من أهلها.
وأما تقديم كفارات اليمين قبل الحنث وتقديم زكاة الفطر قبل الفطر بيسير فلا بأس بذلك لآثار وردت جواز ذلك
● [ باب زكاة الثمار ] ●
لا زكاة في شيء من الثمار غير النخل والكرم دون ما سواهما مما ذكر في نص القرآن معهما من الرمان وغيره وكذلك الجوز واللوز والتين وسائر ثمار الفواكه غيرها إذا كانت لا تذخر للقوت غلابا وما ادخر منها للقوت غالبا ففيه الزكاة عند المتأخرين البغداديين وغيرهم من المالكين وهو تحصيل مذهب مالك عندهم.
فعلى هذا تجب الزكاة في التين اليابس لأنه مقتات عند الحاجة ويدخر دائما وأما غير التين مما ذكرنا معه من الفواكه فلا يدخر إلا نادرا ولا يكون قوتا في الأغلب. والله أعلم.
وكان عبد الملك بن حبيب يذهب إلى ذلك في زكاة التين وكان مالك يرى الزكاة في الزيتون والجلجلان وحب الماشر وحب الفجل على أن يخرج العشر من زيتها بعد عمله.
ولا تجب الزكاة في التمر والعنب ولا فيما ذكرنا من التين عند من أوجبها من المالكيين حتى يبلغ كل واحد منهما بعد الجفوف والحال التي يبقى عليها خمسة أوسق فإذا بلغ ذلك فالواجب من الزكاة العشر فيما سقته السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا وأما ما سقى بالنضح وبالدالية، فنصف العشر ولا شيء فيما استهلك من تمر النخل رطبا أو من العنب من العنب أو الزرع أخضر قبل بدو صلاحه وما استهلكه من ربه بعد بدو صلاحه أو بعدما أفرك الزرع حسب عليه وما أعطاه ربه منه في حصاده وجذاذه ومن الزيتون في التقاطه تحرى ذلك وحسب عليه هذا عند مالك وأصحابه.
وأكثر الفقهاء: يخالفونه في ذلك ولا يوجبون الزكاة إلا في ما حصل في يده بعد الدرس.
والزكاة تجب في الثمرة بطيب أولها وبدو صلاحها فمن وهب ثمرة بعد بدو صلاحها فزكاتها على واهبها وإن وهبها قبل فالزكاة على الموهوب له وإذا مات رب الثمرة بعد الازهاء فالزكاة واجبة فيها وإن مات قبل اعتبر في حصة كل وارث مقدار النصاب كاملا.
ومن اشترى ثمرة بأصلها قبل بدو صلاحها فزكاتها على المشتري ومن باع ثمرة بعد بدو صلاحها فزكاتها على البائع يتبع بها ولا شيء على المشتري فيها وجائز للبائع تصديقه في مبلغها إذا كان مسلما فأن لم يوجد عند البائع شيء وكانت الثمرة موجودة بيد المشتري أخذت الزكاة منه ورجع بذلك على البائع وقد قيل لا تبعة على المشتري فيها والبيع صحيح على كل حال، وفيها اختلاف كثير ولكن العمل على هذا وهو تحصيل المذهب.
وجائز للبائع تصديق المشتري إذا أخبره بما جذ من التمر أو زبب من الزبيب ليخرج الزكاة على ذلك إذا كان المشتري مسلما وإن كان غير مسلم فليجتهد حتى يقف على صحة ذلك ويخرص النخل والكرم إذا أزهيا فما كان منه يفي عند الجذاذ بخمسة أوسق خلى بينه وبين أهله فإن لحقته جائحة بعد الخرص وقبل الجذاذ سقطت الزكاة عنه إلا أن يكون فيما بقي من خمسة أوسق فصاعدا.
والمشهور من مذهب مالك أنه لا يترك الخارص شيئا في خرصه من تمر النخل أو العنب إلا خرصه وقد روى بعض المدنين أنه يخفف في الخرص ويترك للعرايا والصلة ونحوها وذكره ابن عبد الحكم أيضا.
وإن كان التمر والزبيب جيدا كله أخذ منه وإن كان رديئا كله أخذ منه ولا بأس أن يخرج في زكاة الثمار والحبوب الأعلى من الصنف عن أدناه ولا يخرج الأدنى عن الأعلى ولا يخرج شيء منه بقيمة تكون أكثر من المكيلة وما بيع من الثمر أخضر اعتبر وتوخى وخرص يابسا وأخرجت زكاته على ذلك الخرص زبيبا وتمرا وحبا هذا فيما يبقى وما يتناهى بيع قبل تناهيه وقيل: إنه يخرج زكاته من ثمنه إن بيع أو قيمته إن استهلك عشرا أو نصف عشر
وأما ما لا يتتمر من تمر النخل ولا يتزبب من العنب ولا يعصر من الزيتون فإنه يخرج زكاته من ثمنه لا يكلف غير ذلك صاحبه ولا يراعى فيه بلوغ ثمنه عشرين مثقالا أو مائتي درهم وإنما يراعى فيه بلوغ مقدار خمسة أوسق فإن بلغها أخذ من الثمن العشر في البدل كله وفيما سقته السماء أو سقي بساقية عين أو نهر وأما ما سقي بالنواضح والدوالي فنصف العشر وإذا وجد رب الثمرة زيادة على خرص الخارص أخرج زكاتها لقلة إصابة الخارص وقد قيل لا شيء عليه إلا في الاستحسان والأول أولى لأن الخرص ظن ومن وجده يقين وإن ادعى النقص من الخرص لم يصدق ولا ينقص من الخرص لأنه لا يؤمن الناس على نقص ذلك.
والعنب الجبلي إذا لم يكن في ملك مالك فلا زكاة فيه فإن حازه أحد وحظر عليه ففيه الزكاة ولا زكاة في البقول ولا في الخضر ولا فيما لا يدخر ولا يقتات من الفواكه وغيرها
● [ باب زكاة الحبوب ] ●
الحبوب التي تؤخذ منها الزكاة القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والعلس وهي الاشقالية والتنهنية والقطاني كلها وهي:
الاشتقالية والتنهنية والقطاني كلها ، وهي: الحمص والفول واللوبيا والعدس والجلبان والبسيلة والترمس وكل ما كان من الحبوب يشبه ما ذكرنا مما يزرعه الناس ويأكلونه نيا ومطبوخا بعلاج وبغير علاج قوتا عند ضرورة أو غير ضرورة أو إداما كان من الحبوب المزروعة وبلغ ما تخرج الأرض منه خمسة أوسق من صنف واحد أخذ منه العشر إذا كان بعلا أو سقي بنهر أو عين فإن سقي بغير ذلك فنصف العشر والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد بمد النبي عليه الصلاة والسلام ومقداره رطل وثلث بالبغدادي بزيادة شيء لطيف ومبلغ الخمسة أوسق ألف مد ومائتا مد بمد النبي عليه الصلاة والسلام وهي بالوزن ألف رطل وستمائة رطل بالبغدادي.
ولا يضم صنف منها إلى غير صنفه ولا شيء منها إلى غير جنسه وكان مالك يضم القطاني كلها بعضها إلى بعض جعلها في ذلك صنفا واحدا وهي عنده في البيوع أصناف شتى.
فالقمح والشعير والسلت عنده صنف واحد في البيوع وفي الزكاة يضم بعضها إلى بعض والدخن صنف والذرة والأرز صنف والعلس صنف ولا يؤخذ صنف عن غيره وما سقي سيحا ونضحا فاستوى سقياه ففيه ثلاثة أرباع.
وقيل: إنه يجعل الأقل تبعا للأكثر.
وقيل: بل تكون زكاته بالذي تمت به حياته فيجعل الأول تبعا الآخر، وكل ذلك قول مالك.
ومن باع زرعا قائما بعد أن يبس واستحصد، فالزكاة على البائع يأتي بمثل مكيلة عشره من حيث شاء للمساكين والبيع صحيح لم يختلف في ذلك قول مالك وعليه جماعة أصحابه وعل البائع أن يسأل المشتري عن مكيلة ما حصل منه ليخرج زكاة ذلك عنه ولا يجوز بيع الزرع على غير القطع اخضر ولا فريكا فإن اشترى أرضا فيها زرع لم يطب فالزكاة على المشتري فإن اشترطها على البائع لم يجز ولو كان الزرع مما يجوز بيعه لا ستحصاده واستغنائه عن الماء واشترط البائع زكاته على المشتري جاز إن كانت الصفقة في الزرع وإن كان الزرع قد دخل باشراط المشترى له مع الأصل فقد اختلف قول مالك وأصحابه في ذلك والقول عندي أن ذلك لا يجوز لما يدخله من الجهل والغرر وهو عند ابن القاسم اشتراط لبعض الزرع والثمرة وذلك عنده غير جائز وقد أجازه أشهب وغيره وما بيع من الفول والحمص والجلبان أخضر تحرى مقدار ذلك يابسا وأخرجت زكاته حبا وما أكل من ذلك أخضر تحرى ذلك أيضا أيضا وأخرجت زكاته وما أكلت الدواب والبقر منه عند الدرس وغيره لم يحسب شيء من ذلك على صاحبه وبالله التوفيق
● [ لكتاب الزكاة بقية ] ●
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي
تأليف: أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي
منتدى ميراث الرسول - البوابة