منتدى نافذة ثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد!
يشرفنا أن تقوم
بالدخول
أو
التسجيل
إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
منتديات الرسالة الخاتمة
منتدى ميراث الرسول
منتدى حكماء رحماء الطبى
منتدى غذاؤك دواؤك
منتدى دليل الثقافة الغذائية
منتدى بنات بنوتات
منتدى قوت القلوب
منتدى دنيا الكراكيب
منتدى صبايا مصرية
منتدى همسات الحموات
منتدى الف توتة و حدوتة
منتدى نافذة ثقافية
مكتبة السيرة والقصص والتاريخ
السيرة النبوية المُطهرة
المُجلد ألثانى
ذِكْرُ مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ
بص وطل
بص وطل
Admin
عدد المساهمات
:
2283
تاريخ التسجيل
:
29/04/2014
مساهمة رقم 1
ذِكْرُ مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ
من طرف بص وطل الثلاثاء فبراير 02, 2021 4:23 pm
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
السيرة النبوية المطهرة
السيرة النبوية لابن هشام
المُجلد ألثانى
[ تابع غَزْوَةُ أُحُد ]
من ذِكْرُ مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ
إلى شِعْرُ حَسّانٍ فِي بُكَاءِ حَمْزَةَ
● [ ذِكْرُ مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ ]
[ شِعْرُ هُبَيْرَةَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ مِمّا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ فِي يَوْم ِ أُحُدٍ ، قَوْلُ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ عَائِذٌ ابْنُ عِمْرَانَ بْنُ مَخْزُومٍ :
مَا بَالُ هَمّ عَمِيدٍ بَاتَ يَطْرُقنِي ... بِالْوُدّ مِنْ هِنْدَ إذْ تَعْدُو عَوَادِيهَا
بَاتَتْ تُعَاتِبنِي هِنْدٌ وَتَعْذُلُنِي ... وَالْحَرْبُ قَدْ شُغِلَتْ عَنّي مَوَالِيهَا
مَهْلًا فَلَا تَعْذُلِينِي إنّ مِنْ خُلُقِي ... مَا قَدْ عَلِمْتِ وَمَا إنْ لَسْتُ أُخْفِيهَا
مُسَاعِفٌ لِبَنِي كَعْبٍ بِمَا كَلِفُوا ... حَمّالُ عِبْءٍ وَأَثْقَالٌ أُعَانِيهَا
وَقَدْ حَمَلْتُ سِلَاحِي فَوْقَ مُشْتَرَف ... سَاطٍ سَبُوحٍ إذَا تَجْرِي يُبَارِيهَا
كَأَنّهُ إذْ جَرَى عَيْرٌ بِفَدْفَدَةٍ ... مُكَدّمٌ لَاحِقٌ بِالْعُونِ يَحْمِيهَا
مِنْ آلِ أَعْوَجَ يَرْتَاحُ النّدِيّ لَهُ ... كَجِذْعِ شَعْرَاءَ مُسْتَعْلٍ مَرَاقِيهَا
أَعْدَدْتُهُ وَرِقَاقَ الْحَدّ مُنْتَخَلًا ... وَمَارِنًا لِخُطُوبٍ قَدْ أُلَاقِيهَا
هَذَا وَبَيْضَاءَ مِثْلَ النّهْيِ مُحْكَمَةٌ ... نِيطَتْ عَلَيّ فَمَا تَبْدُو مَسَاوِيهَا
سُقْنَا كِنَانَةَ مِنْ أَطْرَافِ ذِي يَمَنٍ ... عُرْضُ الْبِلَادِ عَلَى مَا كَانَ يُزْجِيهَا
قَالَتْ كِنَانَةُ أنّي تَذْهَبُونَ بِنَا ؟ ... قُلْنَا : النّخَيْلُ فَأَمّوهَا وَمَنْ فِيهَا
نَحْنُ الْفَوَارِسُ يَوْمَ الْجَرّ مِنْ أُحُدٍ ... هَابَتْ مَعَدّ فَقُلْنَا نَحْنُ نَأْتِيهَا
هَابُوا ضِرَابًا وَطَعْنًا صَادِقًا خَذِمًا ... مِمّا يَرَوْنَ وَقَدْ ضُمّتْ قَوَاصِيهَا
ثُمّتَ رُحْنَا كَأَنّا عَارِضٌ بَرِدٌ ... وَقَامَ هَامُ بَنِي النّجّارِ يَبْكِيهَا
كَأَنّ هَامَهُمْ عِنْدَ الْوَغَى فِلَقٌ ... مِنْ قَيْضِ رُبْدٍ نَفَتْهُ عَنْ أَدَاحِيهَا
أَوْ حَنْظَلُ ذَعْذَعَتْه الرّيحُ فِي غُصُنٍ ... بَالٍ تَعَاوَرَهُ مِنْهَا سَوَافِيهَا
قَدْ نَبْذُلُ الْمَالَ سَحّا لَا حِسَابَ لَهُ ... وَنَطْعَنُ الْخَيْلَ شَزْرًا فِي مَآقِيُهَا
وَلَيْلَةٍ يَصْطَلِي بِالْفَرْثِ جَازِرُهَا ... يَخْتَصّ بِالنّقَرَى الْمُثَرِينَ دَاعِيهَا
وَلَيْلَةٍ مِنْ جُمَادَى ذَاتِ أَنْدِيَةٍ ... جَرْبَا جُمَادِيّةٍ قَدْ بِتّ أَسْرِيهَا
لَا يَنْبَحُ الْكَلْبُ فِيهَا غَيْرَ وَاحِدَةٍ ... مِنْ الْقَرِيس وَلَا تَسْرَى أَفَاعِيهَا
أَوْقَدْتُ فِيهَا لِذِي الضّرّاءِ جَاحِمَةً ... كَالْبَرْقِ ذَاكِيَةَ الْأَرْكَانِ أَحْمِيهَا
أَوْرَثَنِي ذَاكُمْ عَمْروٌ وَوَالِدُهُ ... مِنْ قَبْلِهِ كَانَ بِالْمَثْنَى يُغَالِيهَا
كَانُوا يُبَارُونَ أَنْوَاءَ النّجُومِ فَمَا ... دَنّتْ عَنْ السّوْرَةِ الْعُلْيَا مَسَاعِيهَا
[ شِعْرُ حَسّانٍ فِي الرّدّ عَلَى هُبَيْرَةَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَجَابَهُ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ ، فَقَالَ [ ص 132 ]
سُقْتُمْ كِنَانَةَ جَهْلًا مِنْ سَفَاهَتِكُمْ ... إلَى الرّسُولِ فَجُنْدُ اللّهِ مُخْزِيهَا
أَوْرَدْتُمُوهَا حِيَاضَ الْمَوْتِ ضَاحِيَةً ... فَالنّارُ مَوْعِدُهَا ، وَالْقَتْلُ لَاقِيهَا
جَمّعْتُمُوهَا أحابِيشًا بِلَا حَسَبٍ ... أَئِمّةَ الْكُفْرِ غَرّتْكُمْ طَوَاغِيهَا
أَلَا اعْتَبَرْتُمْ بِخَيْلِ اللّهِ إذْ قَتَلَتْ ... أَهْلَ الْقَلِيبِ وَمَنْ أَلْقَيْنَهُ فِيهَا
كَمْ مِنْ أَسِيرٍ فَكَكْنَاهُ بِلَا ثَمَنٍ ... وَجَزّ نَاصِيَةٍ كُنّا مَوَالِيهَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَنْشَدَنِيهَا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ : قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَيْتُ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ الّذِي يَقُولُ فِيهِ
وَلَيْلَةٍ يَصْطَلِي بِالْفَرْثِ جَازِرُهَا ... يَخْتَصّ بِالنّقَرَى الْمُثَرِينَ دَاعِيهَا
يُرْوَى لِجَنُوبٍ أُخْتِ عَمْرِو ذِي الْكَلْبِ الْهُذَلِيّ فِي أَبْيَاتٍ لَهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ أُحُدٍ .
[ شِعْرُ كَعْبٍ فِي الرّدّ عَلَى هُبَيْرَةَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يُجِيبُ هُبَيْرَةَ بْنَ أَبِي وَهْبٍ أَيْضًا :
أَلَا هَلْ أَتَى غَسّانَ عَنّا وَدُونَهُمْ ... مِنْ الْأَرْضِ خَرْقٌ سَيْرُهُ مُتَنَعْنِعُ
صَحَارٍ وَأَعْلَامٌ كَأَنّ قَتَامَهَا ... مِنْ الْبُعْدِ نَقْعٌ هَامِدٌ مُتَقَطّعُ
تَظَلّ بِهِ الْبُزّلُ العَرامِيس رُزّحَا ... وَيَخْلُو بِهِ غَيْثُ السّنِينَ فَيُمْرِعُ
بِهِ جِيَفُ الْحَسْرَى يَلُوحُ صَلِيبُهَا ... كَمَا لَاحَ كَتّانُ التّجَارِ الْمُوَضّعُ
بِهِ الْعَيْنُ وَالْآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً ... وَبَيْضُ نَعَامٍ قَيْضُهُ يَتَقَلّعُ
مُجَالَدُنَا عَنْ دِينِنَا كُلّ فَخْمَةٍ ... مُذَرّبَةٍ فِيهَا الْقَوَانِسُ تَلْمَعُ
وَكُلّ صَمُوتٍ فِي الصّوَانِ كَأَنّهَا ... إذَا لُبِسَتْ تَهْىٌ مِنْ الْمَاءِمُتْرَعُ
وَلَكِنْ بِبَدْرٍ سَائِلُوا مَنْ لَقِيُتمُ ... مِنْ النّاسِ وَالْأَنْبَاءُ بِالْغَيْبِ تَنْفَعُ
وَإِنّا بِأَرْضِ الْخَوْفِ لَوْ كَانَ أَهْلُهَا ... سِوَانَا لَقَدْ أَجْلَوْا بِلَيْلٍ فَأَقْشَعُوا
إذَا جَاءَ مِنّا رَاكِبٌ كَانَ قَوْلُهُ ... أَعِدّوا لِمَا يُزْجِي ابْنُ حَرْبٍ وَيَجْمَعُ
فَمَهْمَا يُهِمّ النّاسَ مِمّا يَكِيدُنَا ... فَنَحْنُ لَهُ مِنْ سَائِرِ النّاسِ أَوْسَعُ
فَلَوْ غَيْرُنَا كَانَتْ جَمِيعًا تَكِيدُهُ ال ... وَتَوَزّعُوا
نُجَالِدُ لَا تَبْقَى عَلَيْنَا قَبِيلَةٌ ... مِنْ النّاسِ إلّا أَنْ يَهَابُوا وَيَفْظُعُوا
وَلَمّا ابْتَنَوْا بِالْعَرْض ِ قَالَ سَرَاتُنَا ... عَلَامَ إذَا لَمْ تَمْنَعْ الْعِرْضَ نَزْرَعُ
وَفِينَا رَسُولُ اللّهِ نَتْبَعُ أَمْرَهُ ... إذَا قَالَ فِينَا الْقَوْلَ لَا نَتَطَلّعُ
تَدَلّى عَلَيْهِ الرّوحُ مِنْ عِنْدِ رَبّهِ ... يُنَزّلُ مِنْ جَوّ السّمَاءِ وَيُرْفَعُ
نُشَاوِرُهُ فِيمَا نُرِيدُ وَقَصْرُنَا ... إذَا مَا اشْتَهَى أَنّا نُطِيعُ وَنَسْمَعُ
وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ لَمّا بَدَوْا لَنَا ... ذَرُوا عَنْكُمْ هَوْلَ الْمَنِيّاتِ وَاطْمَعُوا
وَكُونُوا كَمَنْ يَشْرِي الْحَيَاةَ تَقَرّبًا ... إلَى مَلِكٍ يُحْيَا لَدَيْهِ وَيُرْجَعُ
وَلَكِنْ خُذُوا أَسْيَافَكُمْ وَتَوَكّلُوا ... عَلَى اللّهِ إنّ الْأَمْرَ لِلّهِ أَجْمَعُ
فَسِرْنَا إلَيْهِمْ جَهْرَةً فِي رِحَالهِمْ ... ضُحَيّا عَلَيْنَا الْبِيضُ لَا نَتَخَشّعُ
بِمَلْمُومَةٍ فِيهَا السّنَوّرُ وَالْقَنَا ... إذَا ضَرَبُوا أَقْدَامَهَا لَا تَوَرّعُ
فَجِئْنَا إلَى مَوْجٍ مِنْ الْبَحْرِ وَسْطَهُ ... أَحَابِيشُ مِنْهُمْ حَاسِرٌ وَمُقَنّعُ
ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَنَحْنُ نَصِيّةٌ ... ثَلَاثُ مِئِينٍ إنْ كَثُرْنَا وَأَرْبَعُ
نُغَاوِرهُمْ تَجْرِي الْمَنِيّةُ بَيْنَنَا ... نُشَارِعُهُمْ حَوْضَ الْمَنَايَا وَنَشْرَعُ
تَهَادَى قِسِيّ النّبْعِ فِينَا وَفِيّهُمْ ... وَمَا هُوَ إلّا الْيَثْرِبِيّ الْمُقَطّعُ
وَمَنْجُوفَةٌ حَمِيّةٌ صَاعِدِيّةٌ ... يُذَرّ عَلَيْهَا السّمّ سَاعَةَ تُصْنَعُ
تَصُوبُ بِأَبْدَانِ الرّجَالِ وَتَارَةً ... تَمُرّ بِأَعْرَاضِ الْبِصَارِ تَقَعْقَعُ
وَخَيْلٌ تَرَاهَا بِالْفَضَاءِ كَأَنّهَا ... جَرَادٌ صَبًا فِي قَرّةٍ يَتَرَيّعُ
فَلَمّا تَلَاقَيْنَا وَدَارَتْ بِنَا الرّحَى ... وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمّهُ اللّه مَدْفَعُ
ضَرَبْنَاهُمْ حَتّى تَرَكْنَا سَرَاتَهُمْ ... كَأَنّهُمْ بِالْقَاعِ خُشْبٌ مُصَرّعُ
لَدُنْ غُدْوَةً حَتّى اسْتَفَقْنَا عَشِيّةً ... كَأَنّ ذَكَانَا حَرّ نَارٍ تَلَفّعُ
[ ص 135 ] وَرَاحُوا سِرَاعًا مُوجِفِينَ كَأَنّهُمْ ... جَهَامٌ هَرَاقَتْ مَاءَهُ الرّيحُ مُقْلَعُ
وَرُحْنَا وَأُخْرَانَا بِطَاءٌ كَأَنّنَا ... أُسُودٌ عَلَى لَحْمٍ بِبِيشَةَ ظُلّعُ
فَنِلْنَا وَنَالَ الْقَوْمُ مِنّا وَرُبّمَا ... فَعَلْنَا وَلَكِنْ مَا لَدَى اللّهِ أَوْسَعُ
وَدَارَتْ رَحَانَا وَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ ... وَقَدْ جُعِلُوا كُلّ مِنْ الشّرّ يَشْبَعُ
وَنَحْنُ أُنَاسٌ لَا نَرَى الْقَتْلَ سُبّةً ... عَلَى كُلّ مَنْ يَحْمِي الذّمَارَ وَيَمْنَعُ
جِلَادٌ عَلَى رَيْبِ الْحَوَادِثِ لَا نَرَى ... عَلَى هَالِكٍ عَيْنًا لَنَا الدّهْرَ تَدْمَعُ
بَنُو الْحَرْبِ لَا نَعْيَا بِشَيْءٍ نَقُولُهُ ... وَلَا نَحْنُ مِمّا جَرّتْ الْحَرْبُ نَجْزَعُ
بَنُو الْحَرْبِ إنْ نَظْفَرْ فَلَسْنَا بِفُحّشٍ ... وَلَا نَحْنُ مِنْ أَظْفَارِهَا نَتَوَجّعُ
وَكُنّا شِهَابًا يُتّقَى النّاسُ حَرّهُ ... وَيَفْرُجُ عَنْهُ مَنْ يَلِيهِ وَيَسْفَعُ
فَخَرْتَ عَلَيّ ابْنَ الزّبَعْرَى وَقَدْ سَرَى ... لَكُمْ طَلَبٌ مِنْ آخِرِ اللّيْلِ مُتْبَعُ
فَسَلْ عَنْك فِي عُلْيَا مَعَدّ وَغَيْرِهَا ... مِنْ النّاسِ مَنْ أَخْزَى مَقَامًا وَأَشْنَعُ
وَمَنْ هُوَ لَمْ تَتْرُكْ لَهُ الْحَرْبُ مَفْخَرًا ... وَمَنْ خَدّهُ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ أَضْرَعُ
شَدَدْنَا بِحَوْلِ اللّهِ وَالنّصْرِ شَدّةً ... عَلَيْكُمْ وَأَطْرَافُ الْأَسِنّةِ سُرّعُ
تَكُرّ الْقَنَا فِيكُمْ كَأَنّ فُرُوعَهَا ... عَزَالِي مَزَادٍ مَاؤُهَا يَتَهَزّعُ
عَمَدْنَا إلَى أَهْلِ اللّوَاءِ وَمَنْ يَطِرْ ... بِذِكْرِ اللّوَاءِ فَهُوَ فِي الْحَمْدِ أَسْرَعُ
فَخَانُوا وَقَدْ أَعْطَوْا يَدًا وَتَخَاذَلُوا ... أَبَى اللّهُ إلّا أَمْرَهُ وَهُوَ أَصْنَعُ
[ ص 136 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ قَالَ مُجَالَدُنَا عَنْ جِذْمِنَا كُلّ فَخْمَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيَصْلُحُ أَنْ تَقُولَ مُجَالَدُنَا عَنْ دِينِنَا ؟ فَقَالَ كَعْبٌ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَهُوَ أَحْسَنُ فَقَالَ كَعْبٌ مُجَالَدُنَا عَنْ دِينِنَا .
[ شِعْرٌ لِابْنِ الزّبَعْرَى ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ :
يَا غُرَابَ الْبَيْنِ أَسْمَعْتَ فَقُلْ ... إنّمَا تَنْطِقُ شَيْئًا قَدْ فُعِلْ
إنّ لِلْخَيْرِ وَلِلشّرّ مَدًى ... وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ
وَالْعَطِيّاتُ خِسَاسٌ بَيْنَهُمْ ... وَسَوَاءٌ قَبْرٌ مُثْرٍ وَمُقِلّ
كُلّ عَيْشٍ وَنَعِيمٍ زَائِلٌ ... وَبَنَاتُ الدّهْرِ يَلْعَبْنَ بِكُلّ
أَبْلِغْنَ حَسّانَ عَنّي آيَةً ... فَقَرِيضُ الشّعْرِ يَشْفِي ذَا الْغُلَلْ
كَمْ تَرَى بِالْجَرّ مِنْ جُمْجُمَةٍ ... وَأَكُفّ قَدْ أُتِرّتْ وَرِجِلْ
وَسَرَابِيلَ حِسَانٍ سُرِيَتْ ... عَنْ كُمَاةٍ أُهْلِكُوا فِي الْمُنْتَزَلْ
كَمْ قَتَلْنَا مِنْ كَرِيمٍ سَيّدٍ ... مَاجِدْ الْجَدّيْنِ مِقْدَامٍ بَطَلْ
صَادِقِ النّجْدَةِ قَرْمٍ بَارِعٍ ... غَيْرِ مُلْتَاثٍ لَدَى وَقْعِ الْأَسَلْ
فَسَلْ الْمِهْرَاسَ مَنْ سَاكِنُهُ ؟ ... بَيْنَ أَقْحَافٍ وَهَامٍ كَالْحَجَلْ
لَيْت أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا ... جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلْ
حِينَ حَكّتْ بِقُبَاءٍ بَرْكَهَا ... وَاسْتَحَرّ الْقَتْلُ فِي عَبْدِ الْأَشَلْ
ثُمّ خَفّوا عَنْ ذَاكُمْ رُقّصًا ... رَقَصَ الْحَفّانِ يَعْلُو فِي الْجَبَلْ
فَقَتَلْنَا الضّعْفَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ ... وَعَدَلْنَا مَيْلَ بَدْرٍ فَاعْتَدَلْ
لَا أَلُومُ النّفْسَ إلّا أَنّنَا ... لَوْ كَرَرْنَا لَفَعَلْنَا الْمُفْتَعَلْ
بِسُيُوفِ الْهِنْدِ تَعْلُو هَامَهُمْ ... عَلَلًا تَعْلُوهُمْ بَعْدَ نَهَلْ
[ رَدّ حَسّانٍ عَلَى ابْنِ الزّبَعْرَى ]
فَأَجَابَهُ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ
ذَهَبْت يَا بْنَ الزّبَعْرَى وَقْعَةٌ ... كَانَ مِنّا الْفَضْلُ فِيهَا لَوْ عَدَلْ
وَلَقَدْ نِلْتُمْ وَنِلْنَا مِنْكُمْ ... وَكَذَاكَ الْحَرْبُ أَحْيَانًا دُوَلْ
نَضَعُ الْأَسْيَافَ فِي أَكْتَافِكُمْ ... حَيْثُ نَهْوِى عَلَلًا بَعْدَ نَهَلْ
نُخْرِجُ الْأَضْيَاحَ مِنْ أَسْتَاهِكُمْ ... كَسُلَاحِ النّيبِ يَأْكُلْنَ الْعَصَلْ
إذْ تُوَلّونَ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ... هُرّبًا فِي الشّعْبِ أَشْبَاهَ الرّسَلْ
إذْ شَدَدْنَا شَدّةً صَادِقَةً ... فَأَجَأْنَاكُمْ إلَى سَفْحِ الْجَبَلْ
بِخَنَاطِيلَ كَأَشْدَافِ الْمَلَا ... مَنْ يُلَاقُوهُ مِنْ النّاسِ يُهَلْ
ضَاقَ عَنّا الشّعْبُ إذْ نَجْزَعُهُ ... وَمَلَأْنَا الْفَرْطَ مِنْهُ وَالرّجَلْ
بِرِجَالٍ لَسْتُمْ أَمْثَالَهُمْ ... أُيّدُوا جِبْرِيل نَصْرًا فَنَزَلْ
وَعَلَوْنَا يَوْمَ بَدْرٍ بِالتّقَى طَاعَةِ ... اللّهِ وَتَصْدِيقِ الرّسُلْ
وَقَتَلْنَا كُلّ رَأْسٍ مِنْهُمْ ... وَقَتَلْنَا كُلّ جَحْجَاحٍ رِفَلْ
وَتَرَكْنَا فِي قُرَيْشٍ عَوْرَةً ... يَوْمَ بَدْرٍ وَأَحَادِيثَ الْمَثَلْ
وَرَسُولُ اللّهِ حَقّا شَاهِدٌ ... يَوْمَ بَدْرٍ وَالتّنَابِيلُ الْهُبُلْ
فِي قُرَيْشٍ مِنْ جُمُوعٍ جُمّعُوا ... مِثْلَ مَا يُجْمَعُ فِي الْخِصْبِ الْهَمَلْ
نَحْنُ لَا أَمْثَالُكُمْ وُلْدَ اسْتِهَا ... نَحْضُرُ النّاسَ إذَا الْبَأْسُ نَزَلْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ : " وَأَحَادِيثَ الْمَثَلْ " وَالْبَيْتَ الّذِي قَبْلَهُ . وَقَوْلَهُ " فِي قُرَيْشٍ مِنْ جُمُوعٍ جُمّعُوا " عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
[ شِعْرُ كَعْبٍ فِي بُكَاءِ حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَبْكِي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَقَتْلَى أُحُدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ .
نَشَجْتَ وَهَلْ لَك مِنْ مَنْشجِ ... وَكُنْتَ مَتَى تَذّكِرْ تَلْجَجْ
تَذَكّرَ قَوْمٍ أَتَانِي لَهُمْ ... أَحَادِيثُ فِي الزّمَنِ الْأَعْوَجْ
فَقَلْبُكَ مِنْ ذِكْرِهِمْ خَافِقٌ ... مِنْ الشّوْقِ وَالْحَزَنِ الْمُنْضِجْ
وَقَتْلَاهُمْ فِي جِنَانِ النّعِيمِ ... كِرَامُ الْمَدَاخِلِ وَالْمَخْرَجْ
بِمَا صَبَرُوا تَحْتَ ظِلّ اللّوَاءِ ... لِوَاءِ الرّسُولِ بِذِي الْأَضْوُجْ
غَدَاةَ أَجَابَتْ بِأَسْيَافِهَا ... جَمِيعًا بَنُو الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجْ
وَأَشْيَاعُ أَحْمَدَ إذْ شَايَعُوا ... عَلَى الْحَقّ ذِي النّورِ وَالْمَنْهَجْ
فَمَا بَرِحُوا يَضْرِبُونَ الْكُمَاةَ ... وَيَمْضُونَ فِي الْقَسْطَلِ الْمُرْهَجْ
كَذَلِكَ حَتّى دَعَاهُمْ مَلِيكٌ ... إلَى جَنّةِ دَوْحَةِ الْمَوْلِجْ
فَكُلّهُمْ مَاتَ حُرّ الْبَلَاء ... عَلَى مِلّةِ اللّهِ لَمْ يَحْرَجْ
كَحَمْزَةِ لَمّا وَفَى صَادِقًا ... بِذِي هَبّةٍ صَارِمٍ سَلْجَجْ
فَلَاقَاهُ عَبْدُ بَنِي نَوْفَلٍ ... يُبَرْبِرُ كَالْجَمَلِ الْأَدْعَجْ
فَأَوْجَرَهُ حَرْبَةً كَالشّهَابِ ... تَلَهّبُ فِي اللّهَبِ الْمُوهَجْ
وَنُعْمَانُ أَوْفَى بِمِيثَاقِهِ ... وَحَنْظَلَةُ الْخَيْرِ لَمْ يُحْنِجْ
عَنْ الْحَقّ حَتّى غَدَتْ رُوحُهُ ... إلَى مَنْزِلٍ فَاخِرْ الزّبْرِجْ
أُولَئِكَ لَا مَنْ ثَوَى مِنْكُمْ ... مِنْ النّارِ فِي الدّرْكِ الْمُرْتَجْ
[ شِعْرُ ضِرَارٍ فِي الرّدّ عَلَى كَعْبٍ ]
فَأَجَابَهُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ الْفِهْرِيّ فَقَالَ [ ص 140 ]
أَيَجْزَعُ كَعْبٌ لِأَشْيَاعِهِ ... وَيَبْكِي مِنْ الزّمَنِ الْأَعْوَجْ
عَجِيجَ الْمُذَكّي رَأَى إلْفَهُ ... تَرَوّحَ فِي صَادِرٍ مُحْنَجْ
فَرَاحَ الرّوَايَا وَغَادَرْنَهُ ... يُعَجْعِجُ قَسْرًا وَلَمْ يُحْدَجْ
فَقُولَا لِكَعْبٍ يُثَنّي اُلْبُكَا ... وَلِلنّيءِ مِنْ لَحْمِهِ يَنْضَجْ
لِمَصْرَعِ إخْوَانِهِ فِي مَكَرّ ... مِنْ الْخَيْلِ ذِي قَسْطَلٍ مُرْهَجْ
فَيَا لَيْتَ عَمْرًا وَأَشْيَاعَهُ ... وَعُتْبَةَ فِي جَمْعِنَا السّوْرَجْ
فَيَشْفُوا النّفُوسَ بِأَوْتَارِهَا ... بِقَتْلَى أُصِيبَتْ مِنْ الْخَزْرَجْ
وَقَتْلَى مِنْ الْأَوْسِ فِي مَعْرَكٍ ... أُصِيبُوا جَمِيعًا بِذِي الْأَضْوُجْ
وَمَقْتَلِ حَمْزَةَ تَحْتَ اللّوَاءِ ... بِمُطّرِدِ مَارِنٍ مُخْلَجْ
وَحَيْثُ انْثَنَى مُصْعَبٌ ثَاوِيًا ... بِضَرْبَةٍ ذِي هَبّةٍ سَلْجَجْ
بِأُحُدٍ وَأَسْيَافُنَا فِيهِمْ ... تَلَهّبُ كَاللّهَبِ الْمُوهَج
غَدَاةَ لَقِينَاكُمْ فِي الْحَدِيدِ ... كَأُسْدِ الْبَرَاحِ فَلَمْ تُعْنَجْ
بِكُلّ مُجَلّحَةٍ كَالْعُقَابِ ... وَأَجْرَدَ ذِي مَيْعَةٍ مُسْرَجْ
فَدُسْنَاهُمْ ثَمّ حَتّى انْثَنَوْا ... سِوَى زَاهِقِ النّفْسِ أَوْ مُحْرَجْ
[ ص 141 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِضِرَارٍ . وَقَوْلُ كَعْبٍ : " ذِي النّورِ وَالْمَنْهَجْ " عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ .
[ شِعْرُ ابْنِ الزّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ ، يَبْكِي الْقَتْلَى [ ص 142 ]
أَلَا ذَرَفَتْ مِنْ مُقْلَتَيْك دُمُوعُ ... وَقَدْ بَانَ مِنْ حَبْلِ الشّبَابِ قُطُوعُ
وَشَطّ بِمَنْ تَهْوَى الْمَزَارُ وَفَرّقَتْ ... نَوَى الْحَيّ دَارٌ بِالْحَبِيبِ فَجُوعُ
وَلَيْسَ لِمَا وَلّى عَلَى ذِي حَرَارَةٍ ... وَإِنْ طَالَ تذْرَافُ الدّمُوعِ رُجُوعُ
فَذَرْ ذَا وَلَكِنْ هَلْ أَتَى أُمّ مَالِكٍ ... أَحَادِيثُ قَوْمِي وَالْحَدِيثُ يَشِيعُ
وَمُجْنَبُنَا جُرْدًا إلَى أَهْلِ يَثْرِبَ ... عَناجيجَ مِنْهَا مُتْلَدٌ وَنَزِيعُ
عَشِيّةَ سِرْنَا فِي لُهَامٍ يَقُودُنَا ... ضَرُورُ الْأَعَادِي لِلصّدِيقِ نَفُوع
نَشُدّ عَلَيْنَا كُلّ زَغْفٍ كَأَنّهَا ... غَدِيرٌ بِضَوْجِ الْوَادِيَيْنِ نَقِييعُ
فَلَمّا رَأَوْنَا خَالَطَتْهُمْ مَهَابَةٌ ... وَعَايَنَهُمْ أَمْرٌ هُنَاكَ فَظِيعُ
وَوَدّوا لَوْ أَنّ الْأَرْضَ يَنْشَقّ ظَهْرُهَا ... بِهِمْ وَصَبُورُ الْقَوْمِ ثَمّ جَزُوعُ
وَقَدْ عُرّيَتْ بِيضٌ كَأَنّ وَمِيضَهَا ... حَرِيقٌ تَرَقّى فِي الْآبَاءِ سَرِيعُ
بِأَيْمَانِنَا نَعْلُو بِهَا كُلّ هَامَةٍ ... وَمِنْهَا سِمَامٌ لِلْعَدُوّ ذَرِيعُ
فَغَادَرْنَ قَتْلَى الْأَوْسِ غَاصِبَةً بِهِمْ ... ضِبَاعٌ وَطَيْرٌ يَعْتَفِيَن وُقُوعُ
وَجَمْعُ بَنِي النّجّارِ فِي كُلّ تَلْعَةٍ ... بِأَبْدَانِهِمْ مِنْ وَقْعِهِنّ نَجِيعُ
وَلَوْلَا عُلُوّ الشّعْبِ غَادَرْنَ أَحْمَدَا ... وَلَكِنْ عَلَا والسّمْهَرِيّ شُرُوعُ
كَمَا غَادَرَتْ فِي الْكَرّ حَمْزَةَ ثَاوِيًا ... وَفِي صَدْرِهِ مَاضِي الشّبَاةِ وَقِيعُ
... عَلَى لَحْمِهِ طَيْرٌ يَجُفْنَ وُقُوعُ
بِأُحُدِ وَأَرْمَاحُ الْكُمَاةِ يُرِدْنَهُمْ ... كَمَا غَالَ أَشْطَانَ الدّلَاءِ نُزُوعُ
[ شِعْرُ حَسّانٍ فِي الرّدّ عَلَى ابْنِ الزّبَعْرَى ]
فَأَجَابَهُ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ ، فَقَالَ [ ص 143 ]
أَشَاقَك مِنْ أُمّ الْوَلِيدِ رُبُوعٌ ... بَلَاقِعُ مَا مِنْ أَهْلِهِنّ جَمِيعُ
عَفَاهُنّ صَيْفِيّ الرّيَاحِ وَوَاكِفٌ ... مِنْ الدّلْوِ رَجّافُ السّحَابِ هَمُوعُ
فَلَمْ يَبْقَ إلّا مَوْقِدُ النّارِ حَوْلَهُ ... رَوَاكِدُ أَمْثَالِ الْحَمَامِ كُنُوعُ
فَدَعْ ذِكْرَ دَارٍ بَدّدَتْ بَيْنَ أَهْلِهَا ... نَوًى لِمَتِينَاتِ الْحِبَالِ قَطُوع
وَقُلْ إنْ يَكُنْ يَوْمٌ بِأُحْدٍ يَعُدّهُ ... سَفِيهٌ فَإِنّ الْحَقّ سَوْفَ يَشِيعُ
فَقَدْ صَابَرَتْ فِيهِ بَنُو الْأَوْسِ كُلّهُمْ ... وَكَانَ لَهُمْ ذِكْرٌ هُنَاكَ رَفِيعُ
وَحَامَى بَنُو النّجّارِ فِيهِ وَصَابَرُوا ... وَمَا كَانَ مِنْهُمْ فِي اللّقَاءِ جَزُوعُ
أَمَامَ رَسُولِ اللّهِ لَا يَخْذُلُونَهُ ... لَهُمْ نَاصِرٌ مِنْ رَبّهِمْ وَشَفِيعُ
وَفَوْا إذْ كَفَرْتُمْ يَا سَخِينَ ... بِرَبّكُمْ وَلَا يَسْتَوِي عَبْدٌ وَفَى وَمُضِيعُ
بِأَيْدِيهِمْ بِيضٌ إذَا حَمِشَ الْوَغَى ... بُدّ أَنْ يَرْدَى لَهُنّ صَرِيعُ
كَمَا غَادَرَتْ فِي النّقْعِ عُتْبَةَ ثَاوِيًا ... وَسَعْدًا صَرِيعًا وَالْوَشِيجُ شُرُوعُ
وَقَدْ غَادَرَتْ تَحْتَ الْعَنَاجَةِ مُسْنَدًا ... أَبِيّا وَقَدْ بَلّ الْقَمِيصَ نَجِيعُ
يَكُفّ رَسُولُ اللّهِ حَيْثُ تَنَصّبَتْ ... عَلَى الْقَوْمِ مِمّا قَدْ يُثِرْنَ نُقُوعُ
أُولَئِكَ قَوْمٌ سَادَة مِنْ فُرُوعِكُمْ ... وَفِي كُلّ قَوْمٍ سَادَةٌ وَفُرُوعُ
بِهِنّ نُعِزّ اللّهَ حَتّى يُعَزّنَا ... وَإِنْ كَانَ أَمْرٌ يَا سَخِينَ فَظِيعُ
فَلَا تَذْكُرُوا قَتْلَى وَحَمْزَةُ فِيهُمُ ... قَتِيلٌ ثَوَى لِلّهِ وَهْوَ مُطِيعُ
فَإِنّ جِنَانَ الْخُلْدِ مَنْزِلَةٌ لَهُ ... وَأَمْرُ الّذِي يَقْضِي الْأُمُورَ سَرِيعُ
وَقَتْلَاكُمْ فِي النّارِ أَفْضَلُ رِزْقِهِمْ ... حَمِيمٌ مَعَا فِي جَوْفِهَا وَضَرِيعُ
[ شِعْرُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي يَوْمِ أُحُدٍ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهُمَا لِحَسّانٍ وَابْنِ الزّبَعْرَى . وَقَوْلُهُ " مَاضِي الشّبَاةِ وَطَيْرٌ يَجِفْنَ " عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ . وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ( فِي ) يَوْمِ أُحُدٍ [ ص 144 ]
خَرَجْنَا مِنْ الْفَيْفَا عَلَيْهِمْ كَأَنّنَا ... مَعَ الصّبْحِ مِنْ رَضْوَى الْحَبِيكِ الْمُنَطّقِ
تَمَنّتْ بَنُو النّجّارِ جَهْلًا لِقَاءَنَا ... لَدَى جَنْبِ سَلْعٍ وَالْأَمَانِيّ تَصْدُقُ
فَمَا رَاعَهُمْ بِالشّرّ إلّا فُجَاءَةَ ... كَرَادِيسُ خَيْلٍ فِي الْأَزِقّةِ تَمْرُقُ
أَرَادُوا لِكَيْمَا يَسْتَبِيحُوا قِبَابَنَا ... وَدُونِ الْقِبَابِ الْيَوْمَ ضَرْبٌ مُحَرّقُ
وَكَانَتْ قِبَابًا أُومِنَتْ قَبْلَ مَا تَرَى ... إذْ رَامَهَا قَوْمٌ أُبِيحُوا وَأُحْنِقُوا
كَأَنّ رُءُوسَ الْخَزْرَجِيّيْنِ غَدْوَةً ... وَأَيْمَانَهُمْ بِالْمُشْرِفِيّةِ بَرْوَقُ
[ شِعْرُ كَعْبٍ فِي الرّدّ عَلَى ابْنِ الْعَاصِ ]
فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ، فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ ، فَقَالَ
أَلَا أَبْلَغَا فِهْرًا عَلَى نَأْيِ دَارِهَا ... وَعِنْدَهُمْ مِنْ عِلْمِنَا الْيَوْمَ مَصْدَقُ
بِأَنّا غَدَاةَ السّفْحِ مِنْ بَطْنِ يَثْرِبِ ... صَبَرْنَا وَرَايَاتُ الْمَنِيّةِ تَخْفِقُ
صَبَرْنَا لَهُمْ وَالصّبْرُ مِنّا سَجِيّةٌ ... إذَا طَارَتْ الْأَبْرَامُ نَسْمُو وَنَرْتُقُ
عَلَى عَادَةِ تِلْكُمْ جَرَيْنَا بِصَبْرِنَا ... وَقِدْمًا لَدَى الْغَايَاتِ نَجْرِي فَنَسْبِقُ
لَنَا حَوْمَةٌ لَا تُسْتَطَاعُ يَقُودُهَا ... نَبِيّ أَتَى بِالْحَقّ عَفّ مُصَدّقُ
أَلَا هَلْ أَتَى أَفْنَاءَ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ ... مُقَطّعُ أَطْرَافٍ وَهَامٌ مُفَلّقُ
[ شِعْرُ ضِرَارٍ فِي يَوْمِ أُحُدٍ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ : [ ص 145 ]
إنّي وَجَدّك لَوْلَا مُقْدَمِي فَرَسِي ... إذْ جَالَتْ الْخَيْلُ بَيْنَ الْجِزْعِ وَالْقَاعِ
مَا زَالَ مِنْكُمْ بِجَنْبِ الْجَزْعِ مِنْ أُحُدٍ ... أَصْوَاتُ هَامٍ تَزَاقى أَمْرُهَا شَاعِي
وَفَارِسٌ قَدْ أَصَابَ السّيْفُ مَفْرِقَهُ ... أَفْلَاقُ هَامَتِهِ كَفَرْوَةِ الرّاعِي
إنّي وَجَدّك لَا أَنْفَك مُنْتَطِقًا ... بِصَارِمٍ مِثْلَ لَوْنِ الْمِلْحِ قَطّاعِ
عَلَى رِحَالَةِ مِلْوَاحٍ مُثَابِرَةٍ ... نَحْوَ الصّرِيخِ إذَا مَا ثَوّبَ الدّاعِي
وَمَا انْتَمَيْتُ إلَى خُورٍ وَلَا كُشُفٍ ... وَلَا لِئَامٍ غَدَاةَ الْبَأْسِ أَوْرَاعِ
بَلْ ضَارِبِينَ حَبِيك الْبِيضِ إذْ لَحِقُوا ... شُمّ الْعَرَانِينِ عِنْدَ الْمَوْتِ لُذّاعِ
شُمّ بَهَالِيلُ مُسْتَرْخٍ حَمَائِلُهُمْ ... يَسْعَوْنَ لِلْمَوْتِ سَعْيًا غَيْرَ دَعْدَاعِ
وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ أَيْضًا [ ص 146 ]
لَمّا أَتَتْ مِنْ بَنِي كَعْبٍ مُزَيّنَةً ... وَالْخَزْرَجِيّةُ فِيهَا الْبِيضُ تَأْتَلِقُ
وَجَرّدُوا مَشْرَفِيّاتٍ مُهَنّدَةً ... وَرَايَةً كَجَنَاحِ النّسْرِ تَخْتَفِقُ
فَقُلْت يَوْمٌ بَأيّامٍ وَمَعْرَكَةٌ ... تُنْبِى لِمَا خَلْفَهَا مَا هُزْهِزَ الْوَرَقُ
قَدْ عُوّدُوا كُلّ يَوْمٍ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ ... رِيحُ الْقِتَالِ وَأَسْلَابُ الّذِينَ لَقُوا
خَيّرْتُ نَفْسِي عَلَى مَا كَانَ مِنْ وَجَلٍ ... مِنْهَا وَأَيْقَنْتُ أَنّ الْمَجْدَ مُسْتَبَقُ
أَكْرَهْتُ مُهْرِي حَتّى خَاضَ غَمْرَتَهُمْ ... وَبَلّهُ مِنْ نَجِيعٍ عَانِكٍ عَلَقُ
فَظَلّ مُهْرِي وَسِرْبَالِي جَسِيدُهُمَا ... نَفْخُ الْعُرُوقِ رِشَاشُ الطّعْنِ وَالْوَرَقُ
أَيْقَنْتُ أَنّي مُقِيمٌ فِي دِيَارِهُمُ ... حَتّى يُفَارِقَ مَا فِي جَوْفِهِ الْحَدَقُ
لَا تَجْزَعُوا يَا بَنِي مَخْزُومَ إنّ لَكُمْ ... مِثْلَ الْمُغِيرَةِ فِيكُمْ مَا بِهِ زَهَقُ
صَبْرًا فِدًى لَكُمْ أُمّي وَمَا وَلَدَتْ ... تَعَاوَرُوا الضّرْبَ حَتّى يُدْبِرَ الشّفَقُ
[ شِعْرُ عَمْرٍو فِي يَوْمِ أُحُدٍ ]
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :
لَمّا رَأَيْتُ الْحَرْبَ يَنْ ... زُو شَرّهَا بِالرّضْفِ نَزْوَا
وَتَنَاوَلَتْ شَهْبَاءُ تَلْ ... حْو النّاسَ بِالضّرّاءِ لَحْوَا
أَيْقَنْتُ أَنّ الْمَوْتَ حَقّ ... وَالْحَيَاةُ تَكُونُ لَغْوَا
حَمّلْتُ أَثْوَابِي عَلَى ... عَتَدٍ يَبُذّ الْخَيْلَ رَهْوَا
سَلِسٍ إذَا نُكِبْنَ فِي الْبَيْ ... دَاءِ يَعْلُو الطّرْفَ عُلْوَا
وَإِذَا تَنَزّلَ مَاؤُهُ ... مِنْ عِطْفِهِ يَزْدَادُ زَهْوَا
رَبِذٍ كَيَعْفُورِ الصّرِيـ ... مَةِ رَاعَهُ الرّامُونَ دَحْوَا
شَنِجٍ نَسَاهُ ضَابِطٍ ... لِلْخَيْلِ إرْخَاءً وَعَدْوَا
فَفِدًى لَهُمْ أُمّي غَدَا ... ةَ الرّوْعِ إذْ يَمْشُونَ قَطْوَا
سَيْرًا إلَى كَبْشِ الْكَتِي ... بَةِ إذْ جَلَتْهُ الشّمْسُ جَلْوَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِعَمْرِو .
[ شِعْرُ كَعْبٍ فِي الرّدّ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَجَابَهُمَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ، فَقَالَ
أَبْلِغْ قُرَيْشًا وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَصْدَقُهُ ... وَالصّدْقُ عِنْدَ ذَوِي الْأَلْبَابِ مَقْبُولُ
أَنْ قَدْ قَتَلْنَا بِقَتْلَانَا سَرَاتَكُمْ ... أَهْلَ اللّوَاءِ فَفِيمَا يَكْثُرُ الْقِيلُ
وَيَوْمَ بَدْرٍ لَقِينَاكُمْ لَنَا مَدَدٌ ... فِيهِ مَعَ النّصْرِ مِيكَالُ وَجِبْرِيلُ
إنْ تَقْتُلُونَا فَدِينُ الْحَقّ فِطْرَتُنَا ... وَالْقَتْلُ فِي الْحَقّ عِنْدَ اللّهِ تَفْضِيلُ
وَإِنْ تَرَوْا أَمْرَنَا فِي رَأْيِكُمْ سَفَهًا ... فَرَأْيُ مَنْ خَالَفَ الْإِسْلَامَ تَضْلِيلُ
فَلَا تَمَنّوْا لِقَاحَ الْحَرْبِ وَاقْتَعِدُوا ... إنّ أَخَا الْحَرْبِ أَصْدَى اللّوْنِ مَشْغُولُ
إنّ لَكُمْ عِنْدَنَا ضَرْبًا تَرَاحُ لَهُ ... عُرْجُ الضّبَاعِ لَهُ خَذْمٌ رَعَابِيلُ
إنّا بَنُو الْحَرْبِ نَمْرِيهَا وَنَنْتِجُهَا ... وَعِنْدَنَا لِذَوِي الْأَضْغَانِ تَنْكِيلُ
إنْ يَنْجُ مِنْهَا ابْنُ حَرْبٍ بَعْدَ مَا بَلَغَتْ ... مِنْهُ التّرَاقِي وَأَمْرُ اللّهِ مَفْعُولُ
فَقَدْ أَفَادَتْ لَهُ حِلْمًا وَمَوْعِظَةً ... لِمَنْ يَكُونُ لَهُ لُبّ وَمَعْقُولُ
وَلَوْ هَبَطْتُمْ بِبَطْنِ السّيْلِ كَافَحَكُمْ ... ضَرْبٌ بِشَاكِلَةِ الْبَطْحَاءِ تَرْعِيلُ
تَلْقَاكُمْ عُصَبٌ حَوْلَ النّبِيّ لَهُمْ ... مِمّا يُعِدّونَ لِلْهَيْجَا سَرَابِيلُ
مِنْ جِذْمِ غَسّانَ مُسْتَرْخٍ حَمَائِلُهُمْ ... لَا جُبَنَاءُ وَلَا مِيلٌ مَعَازِيلُ
يَمْشُونَ تَحْتَ عَمَايَاتِ الْقِتَالِ كَمَا ... تَمْشِي الْمَصَاعِبَةُ الْأُدْمُ الْمَرَاسِيلُ
أَوْ مِثْلُ مَشْيِ أُسُودِ الظّلّ أَلْثَقَهَا ... يَوْمُ رَذَاذٍ مِنْ الْجَوْزَاءِ مَشْمُولُ
فِي كُلّ سَابِغَةٍ كَالنّهْيِ مُحْكَمَةٍ ... قِيَامُهَا فَلَجٌ كَالسّيْفِ بُهْلُولُ
تَرُدّ حَدّ قِرَامِ النّبْلِ خَاسِئَةً ... وَيَرْجِعُ السّيْفُ عَنْهَا وَهُوَ مَفْلُولُ
وَلَوْ قَذَفْتُمْ بِسَلْعِ عَنْ ظُهُورِكُمْ ... وَلِلْحَيَاةِ وَدَفْعِ الْمَوْتِ تَأْجِيلُ
مَا زَالَ فِي الْقَوْمِ وِتْرٌ مِنْكُمْ أَبَدًا ... تَعْفُو السّلَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَطْلُولُ
عَبْدٌ وَحُرّ كَرِيمٌ مُوثِقٌ قَنَصًا ... شَطْرَ الْمَدِينَةِ مَأْسُورٌ وَمَقْتُولُ
كُنّا نُؤَمّلُ أُخْرَاكُمْ فَأَعْجَلَكُمْ ... مِنّا فَوَارِسُ لَا عُزْلٌ وَلَا مِيلُ
إذَا جَنَى فِيهِمْ الْجَانِي فَقَدْ عَلِمُوا ... حَقّا بِأَنّ الّذِي قَدْ جَرّ مَحْمُولُ
مَا نَحْنُ لَا نَحْنُ مِنْ إثْمٍ مُجَاهَرَةً ... وَلَا مَلُومٌ وَلَا فِي الْغُرْمِ مَخْذُولُ
[ شِعْرُ حَسّانٍ فِي أَصْحَابِ اللّوَاءِ ]
وَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ ، يَذْكُرُ عُدّةَ أَصْحَابِ اللّوَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ : - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : هَذِهِ أَحْسَنُ مَا قِيلَ [ ص 150 ]
مَنَعَ النّوْمَ بِالْعَشَاءِ الْهُمُومُ ... وَخَيّالٌ إذَا تَغُورُ النّجُومُ
مِنْ حَبِيبٍ أَضَافَ قَلْبَك مِنْهُ ... سَقَمٌ فَهُوَ دَاخِلٌ مَكْتُومُ
يَا لَقَوْمِي هَلْ يَقْتُلُ الْمَرْءَ مِثْلِي ... وَاهِنُ الْبَطْشِ وَالْعِظَامِ سَؤُومُ
لَوْ يَدِبّ الْحَوْلِيّ مِنْ وَلَدِ الذّ ... شَأْنُهَا الْعِطْرُ وَالْفِرَاشُ وَيَعْلُو ... هَا لُجَيْنٌ وَلُؤْلُؤٌ مَنْظُومُ
لَمْ تَفُتْهَا شَمْسُ النّهَارِ بِشَيْءٍ ... غَيْرَ أَنّ الشّبَابَ لَيْسَ يَدُومُ
إنّ خَالِي خَطِيبُ جَابِيَةِ الْجَوْ ... لَانِ عِنْدَ النّعْمَانِ حِينَ يَقُومُ
وَأَنَا الصّقْرُ عِنْدَ بَابِ ابْنِ سَلْمَى ... يَوْمَ نُعْمَانَ فِي الْكُبُولِ سَقِيمُ
وَأَبِيّ وَوَاقِدٌ أُطْلِقَا لِي ... يَوْمَ رَاحَا وَكَبْلُهُمْ مَخْطُومُ
وَرَهَنْتُ الْيَدَيْنِ عَنْهُمْ جَمِيعًا ... كُلّ كَفّ جُزْءٍ لَهَا مَقْسُومُ
وَسَطَتْ نِسْبَتِي الذّوَائِبَ مِنْهُمْ ... كُلّ دَارٍ فِيهَا أَبٌ لِي عَظِيمُ
وَأُبَيّ فِي سُمَيْحَةِ الْقَائِلِ الْفاَ ... صِلِ يَوْمَ الْتَقَتْ عَلَيْهِ الْخُصُومُ
تِلْكَ أَفْعَالُنَا وَفِعْلُ الزّبَعْرَى ... خَامِلٌ فِي صَدِيقِهِ مَذْمُومُ
رُبّ حِلْمٍ أَضَاعَهُ عَدَمُ الْمَ ... الِ وَجَهْلٌ غَطّى عَلَيْهِ النّعِيمُ
لَا تُسَبّنّني فَلَسْتَ بِسَبّي ... إنّ سَبّي مِنْ الرّجَالِ الْكَرِيمُ
مَا أُبَالِي أَنَبّ بِالْحَزْنِ تَيْسٌ ... أَمْ لَحَانِي بِظَهْرِ غَيْبٍ لَئِيمُ
وَلِيَ الْبَأْسَ مِنْكُمْ إذْ رَحَلْتُمْ ... أَسِرّةٌ مِنْ بَنِي قُصَيّ صَمِيمُ
تِسْعَةٌ تَحْمِلُ اللّوَاءَ وَطَارَتْ ... فِي رَعَاعٍ مِنْ الْقَنَا مَخْزُومُ
وَأَقَامُوا حَتّى أُبِيحُوا جَمِيعًا ... فِي مَقَامٍ وَكُلّهُمْ مَذْمُومُ
بِدَمٍ عَانِكٍ وَكَانَ حِفَاظًا ... أَنْ يُقِيمُوا إنّ الْكَرِيمَ كَرِيمُ
وَأَقَامُوا حَتّى أُزِيروا شَعُوبًا ... وَالْقَنَا فِي نُحُورِهِمْ مَحْطُومُ
وَقُرَيْشٌ تَفِرّ مِنّا لِوَاذًا ... أَنْ يُقِيمُوا وَخَفّ مِنْهَا الْحُلُومُ
لَمْ تُطِقْ حَمْلَهُ الْعَوَاتِقُ مِنْهُمْ ... إنّمَا يَحْمِلُ اللّوَاءَ النّجُومُ
[ ص 151 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : قَالَ حَسّانٌ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ مَنَعَ النّوْمَ بِالْعِشَاءِ الْهُمُومُ لَيْلًا ، فَدَعَا قَوْمَهُ فَقَالَ لَهُمْ خَشِيت أَنْ يُدْرِكَنِي أَجَلِي قَبْلَ أَنْ أُصْبِحَ فَلَا تَرْوُوهَا عَنّي
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ لِلْحَجّاحِ بْنِ عِلَاطٍ السّلَمِيّ يَمْدَحُ ( أَبَا الْحَسَنِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ) عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَيَذْكُرُ قَتْلَهُ طَلْحَةَ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدّارِ صَاحِبِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ :
لِلّهِ أَيّ مُذَبّبٍ عَنْ حُرْمَةٍ ... أَعْنِي ابْنَ فَاطِمَةَ الْمُعَمّ الْمُخْوِلَا
سَبَقَتْ يَدَاكَ لَهُ بِعَاجِلِ طَعْنَةٍ ... تَرَكَتْ طُلَيْحَةَ لِلْجَبِينِ مُجَدّلَا
وَشَدَدْتَ شَدّةَ بَاسِلٍ فَكَشَفْتهمْ ... بِالْجَرّ إذْ يَهْوُونَ أَخْوَلَ أَخْوَلَا
[ شِعْرُ حَسّانٍ فِي قَتْلَى يَوْمِ أُحُدٍ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَبْكِي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَمَنْ أُصِيبَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ أُحُدٍ [ ص 152 ] [ ص 153 ] [ ص 154 ]
يَا مَيّ قُومِي فَانْدُبِنْ ... بِسُحَيْرَةٍ شَجْوَ النّوَائِحِ
كَالْحَامِلَاتِ الْوِقْرِ بِال ... ثّقَلِ الْمُلِحّاتِ الدّوَالِحِ
الْمُعْوِلَاتُ الْحَامِشَا ... تُ وُجُوهَ حُرّاتٍ صَحَائِحِ
وَكَأَنّ سَيْلَ دُمُوعِهَا الْ ... أَنْصَابُ تُخْضَبُ بِالذّبَائِحِ
يَنْقُضْنَ أَشْعَارًا لَهُنّ ... هُنَاكَ بَادِيَةً الْمَسَائِحِ
وَكَأَنّهَا أَذْنَابُ خَيْ ... لٍ بِالضّحَى شُمْسٍ رَوَامِحِ
مِنْ بَيْنِ مَشْزُورٍ وَمَجْ ... زُورٍ يُذَعْذَع بِالْبَوَارِحِ
يَبْكِينَ شَجْوًا مُسْلِبَا ... تٍ كَدّحَتْهُنّ الكَوَادِح
وَلَقَدْ أَصَابَ قُلُوبَهَا ... مَجْلٌ لَهُ جُلَبٌ قَوَارِحُ
إذْ أَقْصَدِ الْحِدْثَانَ مَنْ ... كُنّا نُرَجّي إذْ نُشَايِحُ
أَصْحَابَ أُحْدٍ غَالَهُمْ ... دَهْرٌ أَلَمّ لَهُ جَوَارِحُ
مَنْ كَانَ فَارِسَنَا وَحَا ... مِينَا إذَا بُعِثَ الْمَسَالِحُ
يَا حَمْزَ لَا وَاَللّهِ لَا ... أَنْسَاكَ مَا صُرّ اللّقَائِحُ
لِمُنَاخِ أَيْتَامٍ وَأَضْيـ ... وَلِمَا يَنُوبُ الدّهْرُ فِي ... حَرْبٍ لِحَرْبٍ وَهْيَ لَاقِحُ
يَا فَارِسًا يَا مِدْرَهًا ... يَا حَمْزَ قَدْ كُنْتَ الْمُصَامِحَ
عَنّا شَدِيدَاتِ الْخُطُو ... بِ إذَا يَنُوبُ لَهُنّ فَادِحْ
ذَكّرْتنِي أَسَدَ الرّسُو ... لِ وَذَاكَ مِدْرَهُنَا الْمُنَافِحْ
عَنّا وَكَانَ يُعَدّ إذْ ... عُدّ الشّرِيفُونَ الْجَحَاجِحْ
يَعْلُو الْقَمَاقِمَ جَهْرَةً ... سَبْطَ الْيَدَيْنِ أَغَرّ وَاضِحْ
لَا طَائِشٌ رَعِشٌ وَلَا ... ذُو عِلّةٍ بِالْحِمْلِ آنِحْ
بَحْرٌ فَلَيْسَ يُغِبّ جَا ... رًا مِنْهُ سَيْبٌ أَوْ مَنَادِحْ
أَوْدَى شَبَابُ أُولِي الْحَفَا ... ئِظِ وَالثّقِيلُونَ الْمَرَاجِحْ
الْمُطْعِمُونَ إذَا الْمَشَا ... تِي مَا يُصَفّفهُنّ نَاضِحْ
لَحْمَ الْجِلَادِ وَفَوْقَهُ ... مِنْ شَحْمِهِ شُطَبٌ شَرَائِحْ
لِيُدَافِعُوا عَنْ جَارِهِمْ ... مَا رَامَ ذُو الضّغْنِ الْمُكَاشِحْ
لَهْفِي لِشُبّانٍ رُزِئْ ... نَاهُمْ كَأَنّهُمْ المَصَابِحْ
شُمّ ، بَطَارِقَةٌ غَطَا ... رِفةٌ خَضَارِمَةٌ مَسَامِحْ
الْمُشْتَرُونَ الْحَمْدَ بِالْ ... أَمْوَالِ إنّ الْحَمْدَ رَابِح
وَالْحَامِزُونَ بِلُجْمِهِمْ ... يَوْمًا إذَا مَا صَاحَ صَائِح
مَنْ كَانَ يُرْمَى بِالنّوَا ... قِرِ مِنْ زَمَانٍ غَيْرِ صَالِح
مَا إنْ تَزَالُ رِكَابُهُ ... يَرْسِمْنَ فِي غُبْرٍ صَحاصَح
رَاحَتْ تَبَارَى وَهُوَ فِي ... رَكْبٍ صُدُورُهُمْ رَوَاشِح
حَتّى تَئُوبَ لَهُ الْمَعَا ... لِي لَيْسَ مِنْ فَوْزِ السّفائح
يَا حَمْزَ قَدْ أَوْحَدْتَنِي ... كَالْعُودِ شَذّ بِهِ الكَوافِح
أَشْكُو إلَيْكَ وَفَوْقَك ال ... تّرْبُ الْمُكَوّرُ وَالصّفَائِح
مِنْ جَنْدَلٍ نُلْقِيهِ فَوْ ... قَك إذْ أَجَادَ الضّرْحَ ضَارِح
فِي وَاسِعٍ يَحْشُونَهُ ... بِالتّرْبِ سَوّتْهُ الْمَمَاسِح
فَعَزَاؤُنَا أَنّا نَقُو ... لُ وَقَوْلُنَا بَرْحٌ بَوَارِح
مَنْ كَانَ أَمْسَى وَهُوَ عَمّا ... أَوْقَعَ الْحِدْثَانُ جَانِح
فَلْيَأْتِنَا فَلْتَبْكِ عَيْ ... نَاهُ لِهَلْكَانَا النّوَافِح
الْقَائِلِينَ الْفَاعِلِينَ ... ذَوِي السّمَاحَةِ وَالْمَمَادِح
مَنْ لَا يَزَالُ نَدَى يَدَيْ ... هِ لَهُ طَوَالَ الدّهْرِ مَائِح
[ ص 155 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِحَسّانٍ وَبَيْتُهُ " الْمُطْعِمُونَ إذَا الْمَشَاتِي " ، وَبَيْتُهُ " الْجَامِزُونَ بِلُجْمِهِمْ " ، وَبَيْتُهُ " مَنْ كَانَ يُرْمَى بِالنّوَاقِرِ " عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ
[ شِعْرُ حَسّانٍ فِي بُكَاءِ حَمْزَةَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَبْكِي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ [ ص 156 ]
أَتَعْرِفُ الدّارَ عَفَا رَسْمُهَا ... بَعْدَكَ صَوْبُ الْمُسْبِلِ الْهَاطِلِ
بَيْنَ السّرادِيح فأُدْمانَةٍ ... فَمَدْفَعُ الرّوْحَاءِ فِي حَائِلِ
سَاءَلْتُهَا عَنْ ذَاكَ فَاسْتَعْجَمَتْ ... لَمْ تَدْرِ مَا مَرْجُوعَةُ السّائِلِ ؟
دَعْ عَنْك دَارًا قَدْ عَفَا رَسْمُهَا ... وَابْكِ عَلَى حَمْزَةَ ذِي النّائِلِ
الْمَالِئِ الشّيزَى إذَا أَعْصَفَتْ ... غَبْرَاءُ فِي ذِي الشّبِمِ الْمَاحِلِ
وَالتّارِكِ الْقِرْنَ لَدَى لِبْدَةٍ ... يَعْثُرُ فِي ذِي الْخُرُصِ الذّابِلِ
وَاللّابِسِ الْخَيْلِ إذْ أَجْحَمَتْ ... كَاللّيْثِ فِي غَابَتِهِ الْبَاسِلِ
أَبْيَضُ فِي الذّرْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... لَمْ يَمْرِ دُونَ الْحَقّ بِالْبَاطِلِ
مَالَ شَهِيدًا بَيْنَ أَسْيَافِكُمْ ... شلّتْ يَدَا وَحْشِيّ مِنْ قَاتِل
أَيّ امْرِئِ غَادَرَ فِي أَلّةٍ ... مَطْرُورَةِ مَارِنَةِ الْعَامِلِ
أَظْلَمَتْ الْأَرْضُ لِفِقْدَانِهِ ... وَاسْوَدّ نُورُ الْقَمَرِ النّاصِلِ
صَلّى عَلَيْهِ اللّهُ فِي جَنّةٍ ... عَالِيَةٍ مُكْرَمَةَ الدّاخِلِ
كُنّا نَرَى حَمْزَةَ حِرْزًا ... لَنَا فِي كُلّ أَمْرٍ نَابَنَا نَازِلِ
وَكَانَ فِي الْإِسْلَامِ ذَا تُدْرَأٍ ... يَكْفِيك فَقْدَ الْقَاعِدِ الْخَاذِلِ
لَا تَفْرَحِي يَا هِنْدُ وَاسْتَحْلِبِي ... دَمْعًا وَأَذْرِي عَبْرَةَ الثّاكِلِ
وَابْكِي عَلَى عُتْبَةَ إذْ قَطّه ... بِالسّيْفِ تَحْتَ الرّهْجِ الْجَائِلِ
إذَا خُرّ فِي مَشْيَخَةٍ مِنْكُمْ ... مِنْ كُلّ عَاتٍ قَلْتُهُ جَاهِلِ
أَرْدَاهُمْ حَمْزَةُ فِي أُسْرَةٍ ... يَمْشُونَ تَحْتَ الْحَلَقِ الْفَاضِلِ
غَدَاةَ جِبْرِيلَ وَزِيرٌ لَهُ ... نِعْمَ وَزِيرُ الْفَارِسِ الْحَامِلِ
كتاب : السيرة النبوية لابن هشام
المؤلف : أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة
أعجبني
لم يعجبني