بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم حكايات توتة الملتوتة تكملة حكاية تاج الملوك خاران بن الملك سليمان
بعد أن تأكد التاجر من كون أن هذا الشاب هو الأمير تاج الملوك فأخبر التاجر الخولى حسان بالأمر فاسرع الخولى الى الوزير كافور واخبره بالأمر وان تاج الملوك هو ابن الملك سليمان فلا يقتله وينتظر عودة الملك ويخبره بالأمر، ولكن الوزير نظر الى الخولى وقال: هو ابن عدونا، غدآ يتم قتله فى السوق جزاء لما صنع، فلما جاء الليل اقبل الخولى حسان ودخل السجن وجلس الى جوار تاج الملوك ليخفف عنه وقد ظهر الحزن على تاج الملوك ولم يطب له أكل ولا رقاد بل هجمت عليه الأفكار وغرق منها في بحار الهموم وهزه الشوق إلى ابيه وامه فأفاض دمع العين ينحدرثم أخبره تاج الملوك الخولى حسان بحقيقة أمره فقال له الخولى: لا تحزن قد يكون الفرج قريب، ولكل اجل كتاب، ولن تموت نفس قبل إنقضاء اجلها، ثم قام الخولى الى قائد حرس السجن ودفع اليه بكيسين من المال وقال له: دعه يهرب وسأبقى انا مكانه واتخفى فى ثيابه، فوافق قائد الحرس ولكن تاج الملوك رفض ان يهرب من السجن، فيقتلوا حسان بدلآ منه، فأسرع الخولى بالخروج من السجن وذهب الى دار شيخ التجار واخبره بالأمر وان قتل تاج الملوك سوف يجر على البلاد الحروب والخراب ، ثم صحبه وذهب الى دار قاض القضاه فاخبره شيخ التجار بالأمر ثم قال له: لو قتل الوزير ابن الملك سليمان شاه فما ندري إلا وقد أقبل علينا بخيله ورجاله فخرب البلاد. فقال لهما قاض القضاة: فى الصباح ينادى التجار على الناس ليجتمعوا فى السوق ، واتركوا باق الأمر لى ، وفى الصباح الباكر نادى التجار على الناس فإجتمع خلق كثير وضاق بهم السوق فلم يستطيع الجنود المرور بتاج الملوك، فقال قاض القضاة للوزير كافور: قد عم الناس الغضب، فإن قتلت هذا الشاب أخاف ان يخرج الأمر عن حدوده، وتعم المفسة ، فقال الوزير لقاض القضاة: وماذا ترى، وهو ابن عدونا، فقال قاض القضاة: ضعه فى السجن حتى ينساه الناس، فإما ان يحضر الملك فيتولى امره او تقتله بعد ان نأمن شر ابيه، فوافق الوزير وأمر بإعادة تاج الملوك الى السجن، وعلى الفور طلب الخولى من تاجر القافلة ان يأخذ جواده ويسرع فيخبر الملك سليمان ليحضر لإنقاذ ابنه بالحيلة ودون قتال، فطار التاجر مع الريح حتى دخل على الملك سليمان واخبره بالأمر، فطلب الملك سليمان من وزيره برمك ان ينطلق متخفيآ ومعه بعض الجند ليدخل المدينة خفية ويخلص تاج الملوك، فإنطلق الوزير برمك على الفور، فامر الملك سليمان بجمع الجيوش وخرج هو على رأس الجيش متجها الى ارض الملك شهرمان وينتظر محاولة برمك تخليص تاج الملوك، فإن فشل الوزير دخل الملك سليمان المدينة بالقتال لتخريبها وتخليص ابنه. عاد الملك شهرمان من رحلة صيده فتلقاه قاض القضاة واخبره بالأمر ونصحه بعدم قتل تاج الملوك ، وأن ينتظر حتى يتحقق من امره ، فلما سمع الملك شهرمان الكلام قاضى القضاة ، سكت ولم يتكلم ، فقال الوزير كافور: يا ملك الزمان الرأي عندي أن تعجل بقتله فإنه تجاسر على حُرمة البستان المصون، فقال الملك: ليحضر حسان الخولى، فلما حضر حسان، اخلى الملك المكان وانفرد به وقال لحسان: اخبرنى بما حدث وكان، فأخبره حسان بما جرى وكان كما كان، ثم قال له: يا ملك الزمان إن الملك سليمان شاه صاحب الأرض الخضراء وجبال أصفهان، وإن كان عدو لنا، فإنه يتصف بصفاة مولاى فهو يحب العدل والإنصاف ويكره الجور والاعتساف وإن ابنه عند مولاى وهو حشاشة قلبه وثمرة فؤاده وولى عهده، فإن عاد اليه سالماً فهو المقصود ومولاى المشكور المحمود ولن ينساها الملك سليمان لمولاى، وكفانا الله شر الحرب والدمار وخراب الديار، فوقع الملك فى الخوف والحرج فقال لحسان: هل يمكنك ان تساعد تاج الملوك على الهرب دون ان يعلم بذلك احد، فإستبشر حسان وقال : قد فهمت مراد مولاى، وخادمك حسان سيحكم الأمر، ثم انطلق حسان الى السجن ، ودخل على قائد حرس السجن ودفع اليه بكيسين من المال وقال له: دع تاج الملوك يهرب وهذا كتاب منى بأننى قد استلمته ، ولا تظهر الكتاب ولا تشعر احد بهروبه حتى يكتشف الوزير ذلك ، فوافق قائد الحرس وانطلق حسان بتاج الملوك متخفيان فى ثياب التجار ، وعند باب المدينة شاهد تاج الملوك الوزير برمك فعرفه ، فأسر اليه ان حسان سوف يخرجه من باب المدينة بسلام، وقد كان، فقد تمكن حسان بإخراجه من باب المدينة بعد ان دفع الى الحراس ثلاث اكياس من المال، ثم انطلق الجميع كالريح المرسلة فى طريق العودة الى البلاد، وفى الطريق تقابل الجميع مع الملك سليمان وقد اقبل بجيش جرار، وعسكر كالبحر العجاج المتلاطم بالأمواج وخيلهم في ركض وقد ارتجت لهم الأرض، فأخبر حسان الملك سليمان بما كان من الملك شهرمان، ثم قال له: يا ملك الزمان، أما آن لهذه العداوة ان تنتهى، ويحل مكانها السلام، ها هو قد ظهر رغبة مولاى الملك شهرمان فى ذلك، فقال الملك سليمان: وكيف ذلك، فقال حسان: يكون بينكما مصاهرة، فمولاتى دنيا زاد بنت مولاى الملك شهرمان بارعة في الجمال لا يوجد لها مثيل بين بنات هذا الزمان ولا مثيل فى الكمال والدين والحياء ، فلو تزوجها مولاى الأمير تاج الملوك لتم المراد ، فنظر الملك سليمان الى كل من الوزير برمك وابنه الأمير تاج الملوك فوجد منهما الموافقة، فقال لحسان: هل يمكنك تدبير هذا الأمر، فقال حسان: يعود مولاى الوزير معى الى المدينة متخفيآ، واحدث انا مولاى الملك شهرمان فى ذلك، فإن وجدت منه القبول، اخبرت مولاى الوزير بذلك فظهر وخطبها من مولاى الملك، وإن لم يقبل مولاى الملك أعنت مولاى الوزير على الخروج من المدينة بسلام، فقال الملك سليمان: نعم الرآى، فإنطلقا فى الحال، ولما عاد حسان الى المدينة طلب الخلوة بالملك شهرمان وحدثه فى الأمر ورغبه فيه فوافق، فأخبر حسان الوزير برمك بذلك، فقال الوزير برمك: لا ادخل على الملك لأطلب ابنته دون هدايا وعطايا، فأعنى على العودة للملك سليمان لتدبير ذلك، وعاد الوزير برمك الى الملك سليمان على جناح الريح وكان الملك لايزال فى عسكره الذى عسكر به فأخبره، فمدح الملك سليمان تصرف الوزير وجهزه بكل نفيس وغال ونادر من الهدايا والعطايا، ثم عاد الوزير برمك الى المدينة فى هيئته وفى موكبه، ثم دخل على الملك شهرمان خاطبآ ابنته درة الزمان الأميرة دنيا زاد للأمير تاج الملوك ولما مثل أمان الملك قال: أيها الملك الرشيد قد سعيت إليك وتشرفت بالوقوف بين يديك لأمر فيه السلام والصلاح والخير والفلاح، فقد أتيتك رسولاً خاطباً إبنتك الحسيبة النسيبة درة الزمان الأميرة دنيا زاد زوجآ للأمير تاج الملوك ابن الملك سليمان شاه صاحب ووريث عرشه من بعده ذو الفضل والإحسان والعدل والأمان ملك الأرض الخضراء وجبال أصفهان وقد أرسل معى على عجل الهدايا الكثيرة والتحف الغزيرة وهو في مصاهرتك راغب، فهل أنت له كذلك طالب، ثم سكت ينتظر الجواب. فلما سمع الملك شهرمان ذلك الكلام ظهر البشر على وجهه وغمره السرور وبعد ان أثنى على ذي الجلال والإكرام الله رب العباد، قال : إننا للملك سليمان شاه من جملة رعاياه ونتشرف بنسبه وننافس فيه ، وعلى الفور امر الملك شهرمان بحضور قاض القضاة والشهود، فشهدوا أن الملك سليمان شاه وكل وزيره في زواج ابنه الأمير تاج الملوك فتولى قاض القضاة عقد زواج تاج الملوك بن الملك سليمان شاه من دنيا زاد بنت الملك شهرمان، فعم الإبتهاج، وقام الوزير وأحضر ما جاء به من الهدايا ونفائس التحف والعطايا وقدم الجميع للملك شهرمان، فشكره الملك وإكرمه واحتفى به وعمت بالائم الجنيع وانتشرت الأفراح فى جميع انحاء المدينة وجهز الملك شهرمان ابنته إبنته العروسة بنفيس الذخائر وثمين الجواهر وصُنع لها محفة من الذهب مرصعة بالدر والجوهر وأفرد لها عشرة بغال للمسير، فصارت المحفة كأنها مقصورة من المقاصير وصاحبتها حورية من الحور الحسان وخدرها كقصر من قصور الجنان ثم حزموا الذخائر والأموال وحملوها على البغال والجمال وتوجه الملك شهرمان معهم ومن حوله الحرس من الجنود والمماليك قدر خمس فراسخ حيث التقى بالملك سليمان فتعانق الملكان وعمت البهجة المكان، ثم ودع الملك شهرمان ابنته وودع تاج الملوك بعد ان اوصاه عليها ورجع إلى المدينة في بهجة وسرور، وانطلق موكب الأميرة تحفها الجنود والمماليك ويتقدم الموكب الملك سليمان وألأمير تاج الملوك والوزير برمك ، ولم يزل موكب العروس فى طريقه حتى دخل مدينة الملك سليمان وقد تزينت بأجمل الزينات بعد ان وصلها خبر زواج الأمير تاج الملوك وحلول السلام. فلما وصل الملك سليمان شاه إلى بلده جلس على سرير مملكته وابنه تاج الملوك في جانبه ثم أعطى ووهب وأطلق من كان في الحبس، ثم عمل لولده عُرساً ثانياً إستمر شهراً كاملاً. ثم أحضر الملك سليمان وزيره برمك وقال له: أني قد استخرت الله وعزمت على أن أسلطن ولدي الأمير تاج الملوك وأفرح به في حياتي واسانده فى توطيد ملكه إلى أن يدركني الممات، فقال الوزير: يا ملك الزمان إنما أنا غريس نعمتك ، وطوع امرك، وحفظك الله للبلاد والعباد، والأمير تاج الملوك أهل للملك والأمر الى مولاى، فقال الملك سليمان: على بركة الله، واقميت الأحتفالات وهتف الناس للملك سليمان وابنه الملك تاج الملوك خاران.
الحكايات مقتبسة من الف ليلة وليلة إعداد مدير منتدى توتة وحدوتة منتدى توته وحدوتة - البوابة