من طرف بص وطل الإثنين أكتوبر 25, 2021 4:54 am
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الإسلامية
قطوف من بستان الرشاد
● [ نشوز المرأة على زوجها ] ●
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قال الله تعالى: ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً ). قال الواحدي رحمه الله تعالى: النشوز ههنا معصية الزوج وهو الترفع عليه بالخلاف وقال عطاء: هو أن تتعطر له وتمنعه نفسها وتتغير عما كانت تفعله من الطواعية ( فعظوهن ) بكتاب الله وذكروهن ما أمرهن الله به ( واهجروهن في المضاجع ) قال ابن عباس هو أن يوليها ظهره على الفراش ولا يكلمها. وقال الشعبي ومجاهد: هو أن يهجر مضاجعتها فلا يضاجعها ( واضربوهن ) ضرباً غير مبرح. وقال ابن عباس أدبا مثل اللكزة وللزوج أن يتلافى نشوز امرأته بما أذن الله له مما ذكره الله في هذه الآية ( فإن أطعنكم ) فيما يلتمس منهن ( فلا تبغوا عليهن ). قال ابن عباس: فلا تتجنوا عليهن العلل ، وفي الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأت فبات وهو عليها غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح ولفظ الصحيحين أيضاً " إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها زوجها ". وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة ولا ترفع لهم إلى السماء حسنة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه فيضع يده في أيديهم والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى عنها والسكران حتى يصحو ". وعن الحسن قال حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أول ما تسأل عنه المرأة يوم القيامة عن صلاتها وعن بعلها ". وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ". أخرجه البخاري. ومعنى شاهد أي حاضر غير غائب وذلك في صوم التطوع فلا تصوم حتى تستأذنه لأجل وجوب حقه وطاعته وقال صلى الله عليه وسلم: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ". رواه الترمذي. وقالت عمة حصين بن محصن وذكرت زوجها للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " انظري من أين أنت منه فإنه جنتك ونارك ". أخرجه النسائي وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه ". وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا خرجت المرأة من بيت زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع أو تتوب " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ".
فالواجب على المرأة أن تطلب رضا زوجها وتجتنب سخطه ولا تمتنع منه متى أرادها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلتأته وإن كانت على التنور ". قال العلماء: إلا أن يكون لها عذر من حيض أو نفاس فلا يحل لها أن تجيئه ولا يحل للرجل أيضاً أن يطلب ذلك منها في حال الحيض والنفاس ولا يجامعها حتى تغتسل لقول الله تعالى: ( فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ) أي لا تقربوا جماعهن حتى يطهرن. قال ابن قتيبة يطهرن ينقطع عنهن الدم فإذا تطهرن أي اغتسلن بالماء والله أعلم. ولما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من أتى حائضاً أو امرأة من دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد ". وفي حديث آخر: " ملعون من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها ". والنفاس مثل الحيض إلى الأربعين فلا يحل للمرأة أن تطيع زوجها إذا أراد إتيانها في حال الحيض والنفاس وتطيعه فيما عدا ذلك وينبغي للمرأة أن تعرف أنها كالمملوك للزوج فلا تتصرف في نفسها ولا في ماله إلا بإذنه وتقدم حقه على حقها وحقوق أقاربه على حقوق أقاربها وتكون مستعدة لتمتعه بها بجميع أسباب النظافة ولا تفتخر عليه بجمالها ولا تعيبه بقبح إن كان فيه. قال الأصمعي: دخلت البادية فإذا امرأة حسناء لها بعل قبيح فقلت لها كيف ترضين لنفسك أن تكوني تحت مثل هذا فقالت: اسمع يا هذا لعله أحسن فيما بينه وبين الله خالقه فجعلني ثوابه ولعلي أسأت فجعله عقوبتي. وقالت عائشة رضي الله عنها: يا معشر النساء لو تعلمن بحق أزواجكم عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها.
وقال صلى الله عليه وسلم: " ونساؤكم من أهل الجنة الودود التي إذا آذت أو أوذيت أتت زوجها حتى تضع يدها في كفه فتقول: لا أذوق غمضاً حتى ترضى ". ويجب على المرأة أيضاً دوام الحياء من زوجها وغض طرفها قدامه والطاعة لأمره والسكوت عند كلامه والقيام عند قدومه والابتعاد عن جميع ما يسخطه والقيام معه عند خروجه وعرض نفسها عليه عند نومه وترك الخيانة له في غيبته في فراشه وماله وبيته وطيب الرائحة وتعاهد الفم بالسواك وبالمسك والطيب ودوام الزينة بحضرته وتركها الغيبة وإكرام أهله وأقاربه وترى القليل منه كثيراً.
● [ فضل المرأة الطائعة لزوجها وشدة عذاب العاصية ] ●
ينبغي للمرأة الخائفة من الله تعالى أن تجتهد لطاعة الله وطاعة زوجها وتطلب رضاه جهدها فهو جنتها ونارها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة ". وفي الحديث أيضاً: " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وأطاعت بعلها فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت ". وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يستغفر للمرأة المطيعة لزوجها الطير في الهواء والحيتان في الماء والملائكة في السماء والشمس والقمر ما دامت في رضا زوجها وأيما امرأة عصت زوجها فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وأيما امرأة كلحت في وجه زوجها فهي في سخط الله إلى أن تضاحكه وتسترضيه. وأيما امرأة خرجت من دارها بغير إذن زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع ". وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً قال: " أربع من النساء في الجنة وأربع في النار فأما الأربع اللواتي في الجنة فامرأة عفيفة طائعة لله ولزوجها ولود صابرة قانعة باليسير مع زوجها ذات حياء إن غاب عنها حفظت نفسها وماله وإن حضر أمسكت لسانها عنه والرابعة امرأة مات عنها زوجها ولها أولاد صغار فحبست نفسها على أولادها وربتهم وأحسنت إليهم ولم تتزوج خشية أن يضيعوا. وأما الأربع اللواتي في النار من النساء فامرأة بذيئة اللسان على زوجها أي طويلة اللسان على زوجها أي طويلة اللسان فاحشة الكلام إن غاب عنها زوجها لم تصن نفسها وإن حضر آذته بلسانها والثانية امرأة تكلف زوجها ما لا يطيق والثالثة امرأة لا تستر نفسها من الرجال وتخرج من بيتها متبرجة والرابعة امرأة ليس لها هم إلا الأكل والشرب والنوم وليس لها رغبة في الصلاة ولا في طاعة الله ولا طاعة رسوله ولا في طاعة زوجها. فالمرأة إذا كانت بهذه الصفة وتخرج من بيتها بغير إذن زوجها كانت ملعونة من أهل النار إلا أن تتوب إلى الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ". وذلك بسبب قلت طاعتهن لله ورسوله ولأزواجهن وكثرة تبرجهن والتبرج إذا أرادت الخروج لبست أفخر ثيابها وتجملت وتحسنت وخرجت تفتن الناس بنفسها فإن سلمت هي بنفسها لم يسلم الناس منها. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " المرأة عورة فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان ".
وأعظم ما تكون المرأة من الله ما كانت في بيتها وفي الحديث أيضاً المرأة عورة فاحبسوها في البيوت فإن المرأة إذا خرجت إلى الطريق قال لها أهلها: أين تريدين قالت: أعود مريضاً أشيع جنازة فلا يزال بها الشيطان حتى تخرج من دارها. وما التمست المرأة رضا الله بمثل أن تقعد في بيتها وتعبد ربها وتطيع بعلها. وقال علي رضي الله عنه لزوجته فاطمة رضي الله عنها يا فاطمة ما خير للمرأة ، قالت: أن لا ترى الرجال ولا يروها ، وكان علي رضي الله عنه يقول: ألا تستحون ألا تغارون يترك أحدكم إمرأته تخرج بين الرجال تنظر اليهم وينظرون إليها وكانت عائشة وحفصة رضي الله عنهما يوماً عند النبي صلى الله عليه وسلم جالستين فدخل ابن أم مكتوم وكان أعمى فقال النبي صلى الله عليه وسلم احتجبا منه فقالتا: يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا فقال: صلى الله عليه وسلم أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه ". فكما أنه ينبغي للرجل أن يغض طرفه عن النساء فكذلك ينبغي للمرأة أن تغض طرفها عن الرجال كما تقدم من قول فاطمة رضي الله عنها: إن خير ما للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يروها فإن اضطرت للخروج لزيارة والديها وأقاربها ولأجل حمام ونحوه مما لا بد لها منه فلتخرج بإذن زوجها غير متبرجة في ملحفة وسخة في ثياب بيتها وتغض طرفها في مشيتها وتنظر إلى الأرض لا يميناً ولا شمالاً فإن لم تفعل ذلك وإلا كانت عاصية.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا وفاطمة رضي الله عنها ووجدناه يبكي بكاء شديداً فقلت له فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك قال: يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي يعذبن بأنواع العذاب فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن ورأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغها ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها ورأيت امرأة قد شدت رجلاًها إلى ثدييها ويداها إلى ناصيتها ورأيت امرأة معلقة بثدييها ورأيت امرأة رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار عليها ألف ألف لون من العذاب ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها والملائكة يضربون رأسها بمقامع من نار. فقامت فاطمة رضي الله عنها وقالت: حبيبي وقرة عيني ما كان أعمال هؤلاء حتى وضع عليهن العذاب فقال صلى الله عليه وسلم: يا بنية أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال وأما التي كانت معلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها وأما المعلقة بثدييها فإنها كانت تفسد فراش زوجها وأما التي تشد رجلاها إلى ثدييها ويداها إلى ناصيتها وقد سلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت لا تنظف بدنها من الجنابة والحيض وتستهزئ بالصلاة. وأما التي رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار فإنها كانت نمامة كذابة وأما التي على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها فإنها كانت منانة حسادة.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تؤذي المرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله. ويا بينة الويل لامرأة تعصي زوجها ".
● [ حقوق الزوجة على زوجها ] ●
وإذا كانت المرأة مأمورة بطاعة زوجها وبطلب رضاه فالزوج أيضاً مأمور بالإحسان إليها واللطف بها والصبر على ما يبدو منها من سوء خلق وغيره وإيصالها حقها من النفقة والكسوة والعشرة الجميلة لقول الله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بالنساء ألا إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً فحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن وحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ". وقوله صلى الله عليه وسلم " عوان " أي أسيرات جمع عانية وهي الأسيرة شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة في دخولها تحت حكم الرجل بالأسير. وقال صلى الله عليه وسلم: " خيركم خيركم لأهله " وفي رواية " خيركم ألطفكم بأهله " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد اللطف بالنساء وقال صلى الله عليه وسلم " أيما رجل صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله الأجر مثل ما أعطى أيوب عليه السلام على بلائه وأيما امرأة صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله من الأجر مثل ما أعطى آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ". وقد روي أن رجلاً جاء إلى عمر رضي الله عنه يشكو خلق زوجته فوقف على باب عمر ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لا يرد عليها فانصرف الرجل راجعاً وقال: إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين فكيف حالي ، فخرج عمر فرآه مولياً عن بابه فناداه وقال ما حاجتك يا رجل فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت: إذا كان حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي فقال: عمر يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي إنها طباخة لطعامي خبازة لخبزي غسالة لثيابي مرضعة لولدي وليس ذلك كله بواجب عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة.
من كتاب : من كتاب الكبائر للذهبى
إعداد فريق العمل
منتدى ميراث الرسول - البوابة