بص وطل- Admin
- عدد المساهمات : 2283
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
من طرف بص وطل الأربعاء ديسمبر 01, 2021 9:57 pm
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقة الإسلامي
المحرر في الفقه
على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المجلد الثاني
● [ كتاب الرضاع ] ●
● مدخل كتاب الرضاع
إذا ثاب للمرأة لبن عن حمل يلحقه نسب الواطئ فأرضعت به طفلا صارا في تحريم النكاح وجواز الخلوة والنظر أبوين له وهو ولدهما وانتشرت الحرمة من هذه الجهات الثلاث وأولاده وإن سفلوا أولاد ولدهما وأولاد كل واحد منهما من الآخر أو غيره إخوته وأخواته وآباؤهما أجداده وجداته وإخوة المرأة أخواله وأخواتها خالاته وإخوة الواطئ أعمامه وأخواته عماته ولا تنتشر حرمة الرضاع إلى من في درجة المرتضع من إخوته وأخواته وإلى من فوقه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته فتباح المرضعة لأخي المرتضع من النسب ولأخيه وتباح أمه من النسب وأخته منه لأبيه من الرضاع وأخيه ومن أرضعت بلبن ولد الزنا أو المنفى باللعان طفلا صار ولدها من الرضاعة ولم يصر ولدا للزاني والملاعن وقيل يصير ولدا لهما وقيل يصير ولدا للزاني والملاعن وقيل يصير ولدا لهما وقيل يصير ولدا للزاني دون الملاعن.
وإذا وطئ رجلان امرأة بشبهة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لهما إلا أن يلحقه القافة بأحدهما فينفرد ببنوته.
ومن تزوج امرأة لها لبن من زوج قبله فحبلت منه ولم يزد لبنها أو زاد قبل أو أن الزيادة للحبل فهو للأول وإن زاد في أوانه فأرضعت به طفلا فهو ولدهما وإن انقطع لبن الأول ثم ثاب بحبلها من الثاني فهو ابنه وحده عند أبي الخطاب وقال أبو بكر هو ابنهما ومتى ولدت فاللبن للثاني وحده إلا إذا لم يزد لبنها ولم ينقص من الأول حتى ولدت فإنه يكون له على المنصوص وقيل هو للثاني وحده بكل حال.
وإذا ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم لم يثبت الحرمة نص عليه وعنه يثبتها فعلى هذه في لبن الخنثى المشكل وجهان.
ولا تحريم بلبن البهائم بحال.
ولا يحرم الرضاع إلا في الحولين فلو رضع طفل بعدهما بلحظة لم يحرم.
وقليلة في التحريم ككثيره وعنه لا يحرم إلا ثلاث رضعات وعنه لا يحرم إلا خمس وهو المذهب.
فعلى هاتين متى امتص من الثدي ثم تركه لشبع أو لتنفس أو لأمر ألهاه أو للانتقال إلى ثدي آخر أو قطع عليه قهرا ثم عاد عن قرب أو بعد فهي رضعة أخرى وقال ابن حامد إذا انقطع بغير اختياره فهما رضعة ما لم يطل الفصل بينهما.
والوجور والسعوط كالرضاع وعنه لا يحرمان فعلى الأول اللبن المشوب بغيره كالمحض وقال ابن حامد الحكم لأغلبهما.
ولا تحرم الحقنة باللبن نص عليه وقال ابن حامد لا يحرم.
ولبن الميتة محرم كالحية وقال الخلال لا يحرم.
ومن طلق امرأة لها منه لبن فتزوجت بطفل وأرضعته بلبنه أو تزوجت الطفل أولا ثم فسخت نكاحه بعيب أو عتق ثم تزوجت رجلا وثاب لها منه لبن فأرضعت به الطفل حرمت عليهما أبدا لصيرورتها أما وحليلة ابن.
ومن تزوج كبيرة لها لبن من غيره ولم يدخل بها وصغيرة أو أكثر فأرضعت الكبيرة الصغيرة بعد طلاقها أو طلاق إحداهما حرمت الكبيرة أبدا خاصة وبقي نكاح الصغيرة إذا لم تكن مطلقة وإن أرضعتها وهما في نكاحه حرمت الكبرى أيضا وبقي نكاح الصغرى وعنه ينفسخ نكاحها فإن أرضعت صغيرة أخرى بعدها انفسخ نكاحهما على الأولى ولم ينفسخ على الثانية نكاح الثانية فإن أرضعت ثالثة بعدهما انفسخ نكاح الأوليين دون الثالثة على الأولى وعلى الثانية ينفسخ نكاح الكل وإن أرضعت واحدة منفردة ثم اثنتين انفسخ نكاح الثلاث رواية واحدة وله أن يتزوج من شاء منهن ولو كان دخل بالكبرى حرم الكل عليه أبدا.
وكل من حرمت عليه ابنة امرأة كأمة وجدته وأخته وربيبته إذا أرضعت طفلة حرمتها عليه.
وكل من حرمت عليه ابنة رجل كابنه وأخيه وابنه إذا أرضعت زوجته بلبنه طفلة حرمتها عليه وفسخت نكاحها إن كانت زوجته.
ومن تزوج طفلة وأرضعها بلبنه خمس أمهات أولاد له رضعة رضعة أو ثلاث زوجات له رضعتين رضعتين صار أباها وحرمت عليه وقيل لا تحرم كما لم تصر بنتا للمرضعات ولو أرضعها خمس بنات زوجة له رضعة رضعة حرمت الكبرى بجعلها جدة وكانت الصغرى معها على ما سبق في اجتماعهما أما وبنتا وقيل لا تصير جدة لانتفاء أمومة بناتها فيكون نكحهما بحاله.
وكل امرأة أفسدت نكاحها برضاع قبل الدخول فلا مهر لها وإن كانت طفلة بأن تدب فترضع من نائمة أو مضى عليها وإن كان بعد الدخول فمهرها بحاله لا يسقط وإن أفسده غيرها فلها على الزوج نصف المسمى قبل الدخول وجميعه بعده ويرجع به على المفسد منهما نص عليه وفي رواية أبي القاسم.
ومتى كان المفسد جماعة وزع على رضعاتهم المحرمة لا على عددهم وقيل لا يرجع بشيء بعد الدخول وهو الأقوى ومن تزوج امرأة ثم قال هي أختي من الرضاع انفسخ النكاح ثم إن كان قبل الدخول وصدقته فلا مهر وإن كذبته فلها نصف المهر وإن كان بعد الدخول فلها المهر بكل حال.
وإن قالت هي ذلك وأكذبها فهي زوجته في الحكم وإذا قال لمماثلته في سنه هي بنتي من الرضاع لم تحرم لتيقن كذبه.
● [ كتاب النفقات ] ●
● باب نفقة الزوجات
يلزم الرجل نفقة زوجته قوتا وكسوة وسكنى بما يصلح لمثلها ولا يقدر قوتها هو ولا غيره بل يعتبر الحاكم عند التنازع بحالهما فيفرض للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من أجود خبز البلد وأدمه المعتاد لأمثالها وما يكتسى به مثلها من جيد القطن والكتان أو الخز أو الإبريسم وأقله قميص وسراويل ووقاية ومقنعة ومداس وجبة للشتاء وللنوم فراش ولحاف ومخدة وللجوس زلّي1 ورفيع الحصر وللفقيرة تحت الفقير قدر كفايتها من أدنى خبر البلد وأدمه وما يكتسى به أمثالها وينامون فيه ويجلسون فوقه وللمتوسطة تحت المتوسط وللموسرة تحت الفقير وبالعكس ما بين ذلك كله عادة ويلزمه إخدامها إذا كان مثلها لا تخدم نفسها أو احتاجت إليه لمرض ولا يلزمه أكثر من خادم فإن كان الخادم لها وإلا أقامة لها بشراء أو كراء أو عارية والتعيين إليه إلا في خادمها فلا يتعين إلا باتفاقهما.
ونفقة الخادم كنفقة الفقيرة تحت الفقير ولا تملك أن تخدم نفسها وتأخذ نفقه الخادم وهل للزوج أن يخدمها بدلا من الخادم على وجهين وعليه ما يعود بنظافة المرأة من دهن وسدر ومشط وثمن ماء ولا يلزمه دواء ولا أجرة طبيب ولا يلزمه ثمن طيب ولا حناء ونحوه إلا أن يريد منها التزين به ولا يلزمه للخادم شيء من ذلك وعليه دفع القوت لا قيمته في صدر نهار كل يوم إلا أن يتفقا على دفع قيمة أو تقديم أو تأخير لمدة تطول أو تقصر فيجوز ويلزمه كسوتها لكل عام فإذا قبضتها ثم تلفت أو سرقت لم يلزمه بدلها وإذا انقضت
__________
1 هو نوع من السجاد
O متابعة المتن
السنة وهي باقية لزمه كسوة السنة الأخرى ويحتمل أن لا يلزمه وإن ماتت أو طلقها في أثناء السنة قبضت كسوتها أو نفقتها سلفا أو رجع عليها بقسط باقيها وقيل لا يرجع وقيل يرجع بالنفقة دون الكسوة لكن لا رجوع بقسط يوم الفرقة قولا واحدا.
ولو أنفقت من ماله وهو غائب فتبين موته فهل يرجع عليها بما أنفقته بعد موته على روايتين.
وإذا قبضت النفقة فلها التصرف فيها على وجه لا يضر بها ولا ينهك بدنها.
وإذا غاب مدة ولم ينفق لزمه نفقة الماضي وعنه لا يلزمه إلا أن يكون الحاكم قد فرضها وأما نفقة أقاربه فلا تلزمه لما مضى وإن فرضت إلا أن يستدان عليه بإذن الحاكم.
ولا نفقة للزوجة إلا إذا استكملت تسع سنين وتسلمها الزوج أو بذلت له بذلا يلزمه قبوله كما سبق في موضعه سواء كان صغيرا أو كبيرا يمكنه الوطء أو لا يمكنه وعنه يجب لبنت تسع فصاعدا النفقة بالعقد ما لم تمنعه نفسها ولا منعها أهلها والأول أصح.
وإذا بذلت له والزوج غائب لم يفرض لها حتى يراسله الحاكم ويمضي زمن يمكن أن يقدم في مثله.
وإذا بذلت التسليم ووقفته على قبض صداقها حيث تملك ذلك فلها النفقة.
ومن زوج أمته وسلمها ليلا ونهارا فهي كالحرة وإن سلمها ليلا لا غير لزمه نفقة النهار ولزم الزوج نفقة الليل من العشاء وتوابعه كالوطاء والغطاء ودهن المصباح ونحوه وقيل جملة نفقتها عليهما نصفين بالسوية قطعا للتنازع.
وإذا حبست المرأة في حق أو غصبها رجل أو نشرت أو حجت أو صامت تطوعا أو لنذر في الذمة أو صامت لكفارة أو قضاء رمضان قبل وقته ولم يكن ذلك بإذنه فلا نفقة لها وإن حجت الفريضة أو صلت المكتوبة في أول الوقت وسنتها فلها النفقة وإن صامت أو حجت لنذر معين فوجهان وقيل إن كان النذر بإذنه أو قبل النكاح فلها النفقة وإلا فلا وإذا اختلفا في نشوزها أو أخذها النفقة فالقول قوله وإن اختلفا في بذل التسليم فالقول قوله مع اليمين فيهما.
وإذا عادت الناشر إلى الطاعة والزوج غائب لم تعد نفقتها حتى يعلم الزوج ويمضي زمن يقدم في مثله وكذلك المرتدة والمتخلفة عن الإسلام إذا أسلمتا في غيبة الزوج عند ابن عقيل وقال القاضي تعود نفقتهما بمجرد إسلامهما.
وإذا أعسر الزوج بنفقة القوت أو الكسوة أو بعضهما فللزوجة فسخ النكاح ولها المقام عنده وتبقى نفقة الفقيرة دينا عليه فإن اختارت المقام ثم بدا لها الفسخ ملكته وعنه لا تملكه كما لو رضيت بعسرته في الصداق وكذلك الخلاف إن تزوجته عالمة بعسرته فعلى هذه هل خيارها الأول على التراخي أو الفور يخرج على روايتي خيار العيب وعنه ما يدل على أنه لا فسخ للإعسار بالنفقة بحال وإن أعسر بنفقة ماضية فلا فسخ بذلك وكذلك في نفقة الموسرة أو المتوسطة والأدم أو الخادم ويبقى ذلك في ذمته وقال تسقط زيادة اليسار والتوسط.
وإذا أعسر بالسكنى فلا فسخ قاله القاضي وقال ابن عقيل لها الفسخ.
وإن أعسر زوج الأمة فرضيت به أو زوج الصغيرة أو المجنونة لم يملك وليهن الفسخ وقيل يملكه.
وإذا منع الموسر النفقة أو بعضها وقدرت له على مال أخذت منه كفايتها وكفاية ولدها بالمعروف بغير إذنه وإن لم تقدر عليه أجبره الحاكم على ذلك فإن تعذر دفع النفقة من ماله بأن غيبه وصبر على الحبس فلها فراقه وقال القاضي ليس لها ذلك بخلاف العسر.
ويفتقر الفسخ في جميع ذلك إلى حاكم.
وتجب نفقة المطلقة الرجعية طعاما وكسوة وسكناها كالزوجة سواء وأما البائن بفسخ أو طلاق فلها ذلك إن كانت حاملا وإلا فلا شيء لها وعنه لها السكنى خاصة وإن لم ينفق عليها حائلا ثم بانت حاملا لزمه نفقة الماضي.
وإن أنفق يظنها حاملا فبانت حائلا رجع بما أنفق عليها لمجرد قولها ثلاثة أشهر وعنه لا ينفق حتى يشهد به النساء فإن مضت ثلاثة أشهر ولم يظهر حمل قطعت النفقة على الروايتين وفي الرجوع بما مضى روايتان.
إحداهما النفقة له فتجب إذا كان أحد الزوجين رقيقا وتثبت في ذمة الغائب وتلزم المعسر ولا تلزم غير الزوج من أقارب للحمل ولا تجب لناشز ولا لحامل من وطء شبهة أو نكاح فاسد أو ملك يمين.
والأخرى أنها تحمل فتجب لهؤلاء الأربع ولا تجب لها مع رقها أو رق زوجها وتسقط بمضي الزمان وإعسار الزوج وتلزم من تلزمه نفقة الحمل من نفس الأقارب على تقدير الولادة.
وأما المتوفى عنها فلا نفقة ولا سكنى لها بحال وعنه لها ذلك في التركة إذا كانت حاملا.
● باب نفقة الأقارب
يلزم الإنسان نفقة والدية وولده بالمعروف إذا كانوا فقراء وله ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته وكذلك أجداده وإن علوا وولد ولده وإن سفلوا وعنه لا يلزمه نفقتهم إلا بشرط أن يرثهم بفرض أو تعصيب كسائر الأقارب عنده.
وعنه أنها تختص العصبة في عمودي النسب وغيرهم ثم هل يشترط أن يرثهم بالفرض أو التعصيب في الحال على روايتين.
إحداهما يشترط فلا نفقة على بعيد موسر يحجبه قريب معسر.
والأخرى يشترط ذلك في الجملة لكن إن كان يرثه في الحال ألزم بها مع اليسار دون الأبعد وإن كان فقيرا جعل كالمعدوم ولزمت الأبعد الموسر.
فعلى هذا من له ابن فقير وأخ موسر أو أب فقير وجد موسر تلزم نفقته.
الموسر منهما على الثانية ولا تلزمه فيهما على التي قبلها وعلى اشتراط الإرث في غير عمودي النسب خاصة يلزم الجد دون الأخ.
ولا نفقة على ذوي الأرحام من غير عمودي النسب نص عليه وخرج أبو الخطاب وجوبها على توريثهم ومن لزمته نفقته بالقرابة جماعة قسمت عليهم على قدر إرثهم إلا الأب فإنه يختص بنفقه ولده.
فإذا كان له أم وجد وابن وبنت فعليهما النفقة أثلاثا وإن كان له جدة وأخ لزم الجدة السدس والأخ الباقي وعلى هذا أبدا وإن كان له أم أم وأبو أم فالنفقة على أم الأم وإن كان له أم أم وأم أب فالنفقة عليهما وإذا كان له أم وبنت فالنفقة عليهما أرباعا ويتخرج أن لا يلزمهما سوى ثلثي النفقة لا تلزمه كل النفقة أو بقدر إرثه على روايتين1.
ومن لم يفضل عنه إلا نفقة واحد قدم الأقرب فالأقرب منه فإن استويا قدم العصبة على غيره وإلا فهما سواء وقيل يقدم من امتاز بفرض أو تعصيب فإنه تعارضت المزيتان أوفقدتا فهما سواء فإن كان له أبوان قدم الأب وقيل الأم وقيل هما سواء.
فإن كان معهما ابن قدم عليهما وقيل يقدمان عليه وقيل يقسمها بينهم.
وإذا كان أبو أب وأبو أم قدم أبو الأب لامتيازه بالتعصيب.
وإن اجتمع أبو أم وأبو أبي أب فعندي أبو الأم أولى وقال القاضي القياس تساويهما لتعارض قرب الدرجة وميزة العصوبة ويحتمل أن القريب والبعيد سواء إذا ألزمناه مع القدرة نفقتهما معا.
__________
1 كذا بالأصل وفي المغني "وإن كانت له أم وبنت فالنفقة بينهما أرباعا لأنهما يرثانه كذلك وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي: النفقة على البنت لأنها تكون عصبة مع أخيها".
O متابعة المتن
ولا تجب نفقة الأقارب مع اختلاف الدين وعنه تجب في عمودي النسب خاصة ومن لزمته نفقة رجل لزمته نفقة زوجته وعنه لا تلزمه وعنه لا تلزمه إلا لزوجة الأب وعنه لا تلزمه إلا في عمودي النسب.
وتلزم نفقة ظئر الصبي من تلزمه نفقته ولا تلزمه لما فوق الحولين وليس للأب منع المرأة من إرضاع ولدها حتى لو طلبت أجرة المثل لذلك ووجدت متبرعة برضاعة فأمه أحق به بالأجرة وقيل له منعها بأجرة وبغيرها إذا كانت في حباله وإن امتنعت من إرضاعه لم تجبر إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه فتجبر وإن تزوجت بآخر فله منعها من إرضاع ولدها من الأول إلا أن يضطر إليها.
● باب الحضانة
لا حضانة إلا لرجل من العصبة أو لامرأة وارثة أو مدلية بعصبة أو بوارث فإن عدموا فالحاكم وقيل إن عدموا ثبتت لمن سواهم من الأقارب ثم للحاكم.
وأحق النساء بها أم الطفل ثم جداته ثم أخواته ثم عماته وخالاته ثم خالات الأبوين وعمات الأب ثم بنات الإخوة والأخوات على العمات والخالات ومن بعدهن وهل تقدم أم الأم على أم الأب والأخت من الأم على الأخت من الأب والخالة على العمة وخالات الأب على عماته ومن يدلى من العمات والخالات بأم على من يدلى بأب أو بالعكس على روايتين.
وأحق رجال الحضانة بها الأب ثم الجد ثم أقرب العصبة وإذا كان مع نساء رجل قدمن عليه إلا الأب والجد فإن الأب يقدم على غير أمهات الأم والجد يقدم على غير أمهات الأبوين وعنه يقدمان على من سوى الأم وعنه تقديم الأخت من الأم والخالة على الأب.
فعلى هذه يحتمل تقديم نساء الحضانة على كل رجل ويحتمل أن يقدمن إلا على من أدلى به ويحتمل تقديم نساء الأم على الأب وأمهاته وسائر من في جهته وأن كل امرأة في درجة رجل تقدم هي ومن أدلى بها عليه وعلى من أدلى به.
وقيل كل عصبة فإنه يقدم على كل امرأة هي أبعد منه وتتأخر عمن هي أقرب منه وإذا تساويا فعلى وجهين.
وليس لابن العم ونحوه حضانة الجارية إذا لم يكن محرما برضاع أو نحوه وإذا امتنعت الأم من حضانتها انتقلت إلى أمها وقيل إلى الأب.
ولا حضانة لرقيق ولا فاسق ولا كافر على مسلم ولا لامرأة مزوجة بأجنبي من الطفل وقيل لا حضانة لها وإن تزوجت بنسب إلا أن يكون جدا للطفل وعنه لها مع التزوج حضانة الجارية خاصة فإن زالت موانعهم رجعت إليهم وهل تعود في الطلاق الرجعي بمجرده أو حتى تنقضي العدة على وجهين.
ومتى أراد أحد الأبوين السفر إلى بلد بعيد لسكناه وهو وطريقة أمناء فالحضانة للأب وعنه للأم ولو بعد للحاجة أو قرب للسكنى فهي للأم وقيل للمقيم منهما وهل البعد ههنا مسافة القصر أو ما لا يمكن الذاهب إليه والعود في يومه على روايتين.
وإذا بلغ الغلام وهو عاقل سبع سنين فأبوه أحق به وعنه أمه وعنه يخير بينهما فإن لم يختر أقرع بينهما فإن حكمنا به للأب ابتداء أو عملا باختياره أو بالقرعة كان عنده ليلا ونهارا ولا يمنع أو يزور أمه ولا تمنع هي من تمريضه وإن حكمنا به لأمة كان عندها ليلا وعند أبيه نهارا ليؤدبه ويعلمه صناعة أو كتابة ومتى خير فاختار أحدهما ثم اختار الآخر نقل إليه وكذلك إن اختار أبدا.
وإن بلغت الجارية سبع سنين كانت عند أبيها ولا تمنع الأم من زيارتها وتمريضها وسائر العصبات كالأب في التخيير والنقلة بالولد إلا من ليس بمحرم في حق الجارية.
وإذا استوى رجلان أو امرأتان كأختين أو أخوين عين أحدهما بالقرعة قبل السبع وبالتخيير بعدها والغلام والجارية سواء.
وإذا بلغت الجارية عاقلة فعليها أن تكون عند أبيها حتى تتزوج ويدخل بها الزوج وعنه عند أمه وقيل حيث شاءت إذا حكم برشدها كالغلام والمعتق كالطفل فيما ذكرنا.
ولا حضانة على الرقيق إلا لسيده فإن كان بعضه حرا تهايآ في حضانته سيده ومعتقه وذكره أبو بكر.
● باب نفقة الرقيق والبهائم
يلزم السيد أن ينفق على رقيقه كفايتهم من قوت البلد ومؤنته ويزوجهم إذا طلبوا إلا الأمة إذا كان يستمتع بها ولا يكلفهم عملا لا يطيقونه ويريحهم وقت القائلة والنوم وأوقات الصلوات ويداوي مرضاهم ويركبهم في السفر عقبة.
ومتى امتنع السيد في ذلك فطلب الرقيق البيع لزمه بيعه وإذا ولى أحدهم طعامه أطعمه معه فإن أبى فليطعمه منه ولا يسترضع الأمة لغير ولدها إلا فيما فضل عن ريه ولا يجبر الرقيق على المخارجة ويجوز باتفاقهما.
وله تأديب رقيقه بما يؤدب به ولده وامرأته.
وعليه طعام بهائمه وسقيها وأن لا يحملها مالا تطيق ولا يحلب من لبنها ما يضر بولدها وإن عجز عن نفقتها أجبر على بيعها أو إجارتها أو ذبح ما يؤكل منها.
● [ كتاب الجراح ] ●
● مدخل كتاب الجراح
القتل ثلاثة أضرب عمد وشبه عمد وخطأ والقود مختص بالعمد.
والعمد أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما بما يتلفه غالبا أو يصيبه بحديد أو غيره فيجرحه فيموت منه إلا أن يغرزه بإبرة ونحوها في غير مقتل فيموت في الحال ففي القود به وجهان وفيما سوى ذلك مما وصفنا القود قولا واحدا مثل أن يغرزه بابرة فيبقى ضمنا حتى يموت أو يضربه بخشبة كبيرة فوق عمود الفسطاط أو باللت1 أو الكودين أو السندان أو حجر كبير أو يلقي عليه حائطا أو سقفا أو يلقيه من شاهق أو يلقيه في نار أو ماء يغرقه ولا يمكنه التخلص منهما أو يكرر ضربه بعصا صغيرة أو يضربه في مقتل أو في حال ضعف لمرض أو صغر أو كبر أو في حر أو برد ونحوه أو يخنقه بحبل أو غيره أو يسد فمه وأنفه أو يعصر خصييه حتى يموت أو يحبسه ويمنعه الطعام والشراب حتى يموت جوعا وعطشا في مدة يموت في مثلها غالبا أو يقتله بسحر يقتل غالبا فكل ذلك عمد فيه القود.
وكذلك إن سقاه سما لا يعلم به أو خلطه بطعام ثم أطعمه إياه أو خلطه بطعام فأكله ولم يعلم به فمات وأما إن علم به وأكله وهو بالغ عاقل أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه.
فإن قال القاتل بالسم لم أعلم أنه سم يقتل لم يقبل قوله وقيل يقبل إذا كان مثله يجهله فيكون شبه عمد.
ومن شهدت عليه بينة بقتل عمد أو ردة أو زنا فقتل بذلك ثم رجعوا وقالوا عمدنا قتله بذلك أو قال الحاكم أو الولي علمت كذبهم وعمدت قتله فهو عمد محض ويلزمهم القود.
__________
1 اللت الدق, والشد والإيثاق والسحق. كذا في القاموس. ولعله هنا آلة تستعمل للدق ونحوه.
O متابعة المتن
وتقتل الجماعة بالواحد وعنه لا يقتلون بل تلزمهم دية بينهم وعلى الأولى وعليها التفريع هل يلزمهم دية أو ديات على روايتين وإذا جرحه أحدهما جرحا والآخر مائة جرح أو قطع أحدهما كفه ثم الآخر بقية ذراعه فهما سواء في القود والدية.
وإن فعل به أحدهما فعلا لا تبقى الحياة معه كقطع حشوته أو مريئه أو ودجيه ثم ضرب عنقه الآخر فالقاتل هو الأول ويعزر الثاني وإن شق الأول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الآخر عنقه فالثاني هو القاتل وعلى الأول موجب جراحته وإن رماه من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقده فالقاتل هو الثاني وإن ألقاه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه أو كتفه وألقاه في أرض ذات حيات أو سباع فقتلته فالقاتل هو الملقى وعليه القود وقيل لا يجب إلا دية شبه العمد.
ومن أكره إنسانا على القتل فقتل فالقود أو الدية عليهما وإن أمر بالقتل مجنونا أو صبيا غير مميزا أو كبيرا يجهل أن القتل محرم أو أمر به سلطان عادل أو جائر ظلما لم يعرف ظلمه فيه فقتل فالقود أو الدية على الآمر خاصة.
وإن قبل المأمور المكلف عالما بخطر القتل فالقتل والضمان قودا أو دية عليه دون الآمر ويحتمل فيما إذا خشي مخالفة السلطان أن يجب عليهما.
ومن أمسك إنسانا لآخر ليقتله فقتله فهو القاتل ويحبس الممسك حتى يموت ولا يلزمه قود ولا دية وعنه هما قاتلان في حكم القود والدية.
ومن جرحه اثنان فعفا عن جرح أحدهما وسرايته ثم مات فالقود على الآخر رواية واحدة.
وإن اشترك اثنان فلا يجب القود على أحدهما مفردا لأبوة أو حرية أو إسلام أو فقد عمدية ووجب القود على شريكه وعنه لا يجب وعنه يجب إلا على شريك غير العمد.
وفي شريك السبع وشريك نفسه وشريك الولي المقتص وشريك ولي النفس المعالج بخياطة الجرح في اللحم وجهان.
أحدهما يجب على شريك الجميع الأب وعلى القن وعلى شريك غيرهما في حر نصف ديته وفي قن نصف قيمته وهو المذهب كشريك غير العمد.
ومتى قلنا لا قود عليه أو عدل إلى طلب المال منه لزمه نصف الدية في جميع الصور وقيل يلزمه كمالها في شريك المقتص كما في شريك السبع خاصة.
وأما قتل شبه العمد فأن يقصد جناية لا تقتل غالبا ولم يجرحه بها نحو أن يضربه في غير مقتل بسوط أو عصا صغيرة أو يلكزه أو يلقيه في ماء قليل أو يسحره بمالا يقتل غالبا أو يصيح بصبي على سطح أو معتوه أو عاقل مغتفلا له فيسقط فيموت في ذلك ونحوه ففيه الكفارة والدية.
وأما الخطأ فضربان.
أحدهما في الفعل بأن يرمى صيدا أو هدفا أو شخصا فيصيب إنسانا لم يقصده أو يكون نائما ونحوه فينقلب على إنسان فيقتله.
والثاني في القصد بأن يرعى من يظنه مباح الدم فيتبين آدميا معصوما أو يكون الجاني غير مكلف كالصبي والمجنون في ذلك الدية مع الكفارة إلا أن يقتل في دار الحرب أو في صف الكفار من يظنه حربيا فيتبين مسلما أو يتترس الكفار بمسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرموا فيرميهم قصدا لهم فيصيب المسلم فعليه الكفارة بلا دية وعنه وجوبها أيضا وعنه وجوب الدية في الصورة الثانية دون الأولى.
والقتل بالسبب كحفر البئر ونصب السكين تعديا ونحوه ملحق بالخطأ إذا لم يقصد به الجناية فإن قصدها به فهو شبه عمد وقد يقوى فيلحق بالعمد كما ذكرنا في الإكراه والشهادة.
● باب ما يشترط لوجوب القود.
يشترط له عصمة المقتول والمكافأة بأن لا يفضله القاتل حالة الجناية بحرية أو إسلام أو مالكه له أو إيلاد ولا يؤثر فضله بذكورية أو عقل أو بلوغ.
فمن قتل حربيا أو مرتدا أو زانيا محصنا قبل ثبوت ذلك عند الحاكم أو بعده لم يضمنه بقود ولا دية وكذلك من قطع يد مرتد أو حربي فأسلما ثم ماتا ولو رماهما فأسلما قبل أن يقع بهما السهم فكذلك.
وقال القاضي في خلافه يضمنهما بالدية وقيل يضمن بها المرتد دون الحربي وإن قطع طرف مسلم فارتد ومات فلا قود ويجب الأقل من دية النفس أو الطرف مع العمد والخطأ وقيل يجب القود في الطرف مع العمد وهل يستوفيه الإمام أو وليه المسلم مع قولنا ماله في على وجهين وقيل لا قود ولا دية في عمد ذلك ولا خطئه وإن عاد إلى الإسلام ثم مات فعليه القود في النفس أو الدية نص عليه واختاره أبو بكر وقال القاضي إن كان زمن الردة مما يسري فيه القطع فلا قود ويجب نصف الدية.
ومن قال لرجل اقتلني أو أجرحني ففعل لم يضمنه بقود ولا دية نص عليه وقيل يضمن ذلك في ديته وقيل يضمن دية النفس للورثة ولا يضمن الجرح المندمل بشيء.
ولو قال ذلك العبد ضمن لسيده بالمال دون القود قولا واحدا.
ولا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد ويقتل العبد بالعبد وعنه إن كان القاتل أغلى قيمة لا يقتل.
ويقتل المرتد بالذمي والذمي بالمستأمن والكتابي بالمجوسي وإذا جرح ذمي أو مرتد ذميا أو عبد عبدا ثم أسلم الجارح أو عتق قبل موت المجروح أو بعده قتل به نص عليه وقيل لا يقتل.
ولو جرح مسلم ذميا أو حر عبدا ثم أسلم المجروح أو عتق ثم مات فلا قود ولو رمياهما فلم يصبهما السهم إلا بعد الإسلام ثم ماتا لم يجب القود عند الخرقي وأوجبه أبو بكر كما لو قتل من يعرفه ذميا أو عبدا فبان قد أسلم وعتق ولو قتل من يعرفه مرتدا فبان أنه مسلم ففي القود على قول أبي بكر وجهان.
ولو قتل من لا يعرف وادعى رقه أو كفره أو قد ملفوفا نصفين وأدعى كونه ميتا فأنكر وليه فالقول قول الولي وله القود وقيل قول الجاني.
ولا يقتل المكاتب بعبده وإن كان ذا رحم محرم منه كأخيه وولده إذا ملكهما فوجهان ولا يقتل الأبوان وإن علوا بالولد وإن سفل ويقتل الولد بهم وعنه لا يقتل أيضا.
ومتى ورث القاتل أو ولده شيئا من دمه سقط عنه القود مثل أن قتل امرأته فورثها ولدهما أو قتل أخاها فورثته ثم ماتت فورثها هو أو ولده وعنه ما يدل على أنه لا يسقط بانتقاله إلى الولد.
ولو قتل أحد الابنين أباه ثم الآخر أمه وهي في زوجة الأب سقط القود عن قاتل الأب وله أن يقتص من أخيه ويرثه على الأصح.
ويقتل المكلف بالطفل والمجنون ويقتل الرجل الخنثى بالمرأة ولا شيء لورثتهما وعنه يعطى ورثة الرجل نصف ديته وهي بعيدة جدا.
● باب القود فيما دون النفس
لا يؤخذ في ذلك أحد بغيره إلا من إذا قتله قتل به فيؤخذ به في الأطراف والجروح بشرط العمد المحض على الأصح والمساواة في الاسم والموضع ومراعاة الصحة والكمال وإمكان الإستيفاء من غير حيف.
فأما الأمن من الحيف فيشترط لجواز الاستيفاء دون الوجوب فتؤخذ العين الأنف والأذن والسن والجفن والشفة واليد والرجل والإصبع والكف والمرفق والذكر والخصية كل واحد من ذلك بمثله وهل يجري القود في الإلية والشغر على وجهين ولا تؤخذ يمين بيسار ولا يسار بيمين ولا ما على من جفن أو شفة أو أنملة بما سفل ولا سن أو أصبع أو غيرهما بزائد ويؤخذ الزائد بالزائد إذا استويا محلا وخلقة ولا تؤخذ يد كاملة الأصابع بناقصتها ولا ذات الأظفار بذاهبتها ولا عين صحيحة بقائمة ولا لسان ناطق بأخرس ولا صحيح بأشل من يد أو رجل أو أصبع أو ذكر.
فأما من الأنف والأذن فوجهان وكذا في أخذ الأذن السمعية بالصماء والأنف الشام بالأخشم والتام منهما بالمخزوم وجهان.
وقال القاضي بالأخذ في الجميع إلا في المخزوم خاصة وأما ذكر فحل بذكر خصى أو عنين فعنه يؤخذ بها واختاره أبو بكر.
وعنه لا يؤخذ وعنه يؤخذ بذكر العنين دون الخصي.
واختاره ابن حامد ويؤخذ المعيب مما ذكرنا بمثله وبالصحيح من غير أرش قاله أبو بكر وقيل يوجب الأرش للنقص فقط كان كالإصبع أو صفة كالشلل وهو أشبه بكلام أحمد وقيل يجب لنقص القدر دون الصفة.
وإذا ادعى الجاني نقص العضو بشلل أو غيره فأنكره ولي الجناية فالقول قوله نص عليه.
وقال ابن حامد قول الجاني وقيل قول الولي إن اتفقا على سابقة سلامته وإلا قول الجاني.
ويقتص في كل طرف كانت جنايته من مفصل أولها حد ينتهي إليه كمارن الأنف وهو مالآن منه وفي كل جرح ينتهي إلى عظم كالموضحة وجرح العضد والساعد والسابق والفخذ والقدم.
ولا يقتص فيما سواهما كالجائفة وكسر العظم غير السن ونحو ذلك خشية الحيف ويعتبر قود الجروح بالمشاجة فمن أوضح بعض رأسه وقدره بقدر رأس الشاج أو أزيد أوضحه في كل رأسه وفي الأرش الزائد وجهان.
وإن أوضحه في كل رأسه ورأس الجاني أكبر فله قدر شجته من أي الجانبين شاء ولو كانت الشجة بقدر بعض الرأس منهما لم يعدل من جانبها إلى غيره وإذا قطع بعض أذنه أو مارنه أو لسانه أو شفته أو حشفته أخذ منه مثله بأن يقدر ذلك بنسبة الأجزاء كالنصف والثلث والربع.
وقال أبو الخطاب لا يؤخذ بعض اللسان ببعض وهو الأصح.
وإذا كسر بعض سنة برد من سنة مثله بالنسبة أيضا إذا أمن قلعها وإذا شجه مأمومه أو منقله أو هاشمه فله أن يقتص منه موضحة ولا أرش له معها عند أبي بكر.
وقال ابن حامد يتم له في الهاشمة بخمسة أبعرة وفي المنقلة بعشرة وفي المأمومة بثمانية وعشرين وثلث.
وإذا قطع قصبة أنفه أو يديه من نصف ذراعيه أو رجليه من نصف ساقيه فله الدية دون القود نص عليه وقيل يقتص من المارن والكوع والكعب وهل يجب أرش الباقي مع القود إذا قلنا به أو مع الدية في العمد والخطأ على وجهين فإن قلنا لا قود ههنا فقطع يده من الكوع ثم تأكلت إلى نصف الذراع فلا قود له أيضا اعتبارا بالاستقرار قاله القاضي وعندي يقتص ههنا من الكوع.
ومن قطعت يده من المرفق فأراد القطع من الكوع منع قولا واحدا ويقتص من المنكب إذا لم يخف جائفة فإن خيفت فهل يقتص من المرفق على وجهين.
ويقتص من الشلاء إذا أمن من قطعها التلف فإن خالف واقتص مع الخوف من الشلاء أو المنكب أو من قطع نصف الساعد ونحوه أو من مأمومة أو جائفة مثل ذلك ولم يسر وقع الموقع ولم يلزمه شيء.
وإذا أوضح إنسانا فأذهب سمعه أو شمه أو ضوء عينيه فإنه يوضحه فإن ذهب ذلك وإلا استعمل دواء يذهبه ولا يجني على عضوه فإن تعذر إلا بجناية على العضو سقط عنه القود إلى دية ذلك في ماله وقيل تتعين ديته ابتداء إذا لم يذهب بالإيضاح وهل تلزمه في ماله أو على عاقلته على وجهين ولو أذهب ذلك عمدا بشجة لا قود فيها أو لطمة فهل يقتص منه بالدواء أو تتعين ديته من الابتداء على الوجهين.
ولا تؤخذ دية في عمد ولا خطأ لما يرجى عودة من منفعة أو عين ولا يقتص لما فيه القود منه إذا رجى عودة في مدة يقولها أهل الخبرة فإن مات فيها فلوليه في السن والظفر ديتهما وقيل لا شيء له إذا عودهما معتاد وأما فيما سواهما فله الدية أو القود حيث يشرع وقيل ليس له إلا الدية.
ولو عاد الذاهب في المدة أو بعدها كنبات السن واللسان والظفر ورجوع الشم والضوء لم يضمن إلا أن يعود ناقصا في قدر أوصفة فتجب لنقصة حكومة وعنه في الظفر خاصة يجب مع عوده على صفته خمسة دنانير ومع عودة أسود عشرة دنانير والأول أصح وترد دية ذلك إن كانت أخذت أو غرامة طرف الجاني إن كان قد اقتص منه ثم إن عاد الجاني رددت الغرامة.
ومن أبين منه ما يمكن إعادته والتحامه كسن ومارن وأذن فأعاده في الحال فثبت والتحم فحقه بحاله إن قلنا للمعاد ميتة وإن قلنا هو طاهر على الأصح فلا قود فيه ولا دية سوى حكومة نقصه نص عليه واختاره أبو بكر وقال القاضي حقه فيه بحاله ولو كان المعاد الملتحم من الجاني فللمقتص إبانته ثانيا نص عليه وقيل ليس له ذلك.
وإذا رجى الجاني بعد موت المجني عليه عود ما أذهبه أو التحامه فالقول قول الولي في إنكار ذلك.
وإذا اشترك جماعة في قطع طرف ولم تتميز أفعالهم مثل أن وضعوا جديدة على يده وتحاملوا عليها حتى ماتت لزمهم القود كالنفوس وعنه لا يجب كما لو تميزت أفعالهم.
ويضمن من أرش الجناية بالقود أو الدية في النفس وما دونها فلو قطع إصبعا فتأكلت إلى جنبها أخرى وسقطت من مفصل أو تأكلت اليد وسقطت من الكوع وجب القود في الكل وإن شلتا ففي الإصبع القود وفي الشلل الأرش وسراية القود مهدرة إلا أن يستوفيه قهرا مع الخوف منها لبرد أو حر أو كلول آلة ونحوه فيضمن بقية الدية.
ولا يقتص من الطرف قبل بروزه كما لا يطلب له دية وعنه يجوز لكن الأولى تركه فإن اقتص قبل ذلك بطل حقه من سراية الجناية فأيهما سري بعد ذلك كان هدرا.
● [ لكتاب الجراح بقية ] ●
كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني
منتدى ميراث الرسول - البوابة