بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم مكتبة الفقة الإسلامي المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل المجلد الثاني ● [ كتاب الإقرار ] ●
● مدخل كتاب الإقرار قال بعض الأصحاب رحمهم الله تعالى الإقرار " الاعتراف " وهو إظهار الحق لفظا وقيل تصديق المدعي حقيقة أو تقديرا وقيل هو صيغة صادرة من مكلف مختار رشيد لمن هو أهل لاستحقاق ما أقر به مكذب للمقر وما أقر به تحت حكمه غير مملوك له وقت الإقرار به. وقال ابن حمدان هو إظهار المكلف الرشيد المختار ما عليه لفظا أو كتابة في الأقيس أو إشارة أو على موكله أو موروثه أو موليه بما يمكن صدقه فيه. __________ قوله: "أو كتابه في الأقيس". وذكر في كناية الطلاق أن الكتابة للحق ليست إقرارا شرعيا في الأصح وقوله أو إشارة. بعد مراده من الأخرس ونحوه أما من غيره فلا أجد فيه خلافا. والأصل فيه الكتاب والسنة وأجمعوا على صحة الإقرار قال في المغني لأنه إخبار على وجه ينفي عنه التهمة والريبة ولهذا كان آكد من الشهادة فإن المدعى عليه إذا اعترف لا تسمع عليه الشهادة وإن أكذب المدعي ببينته ثم أكذب المقر ثم صدقه سمع. ويجب الإقرار بحق الآدمي وحق الله تعالى الذي لا يسقط بالشبهة كزكاة وكفارة ولا يصح إقرار واحد بما ليس بيده وتصرفه شرعا واختصاصه قال في الرعاية ولا بما هو ملكه حين الإقرار على الأشهر فيه وأطلق غيره الروايتين ونص القاضي في الخلاف على صحة الإقرار مع أنه إضافة الملك إليه قال في الرعاية ولا بما يستحيل منه ولا لمن لا يصح أن يثبت ذلك له بحال وإقراره بما في يد غيره وتصرفه شرعا وحسا دعوى أو شهادة فإذا صار بيده وتصرفه شرعا لزمه حكم إقراره. قال الشيخ تقي الدين إن الإقرار ينقسم إلى ما يعلم كذبه كإقراره لمن هو أكبر منه أنه ابنه ومن هذا الجنس كل إقرار بحق أسنده إلى سبب وذلك السبب باطل مثل أن يقر أن له في تركة أبيه ثلثها بجهة الإرث وليس بوارث أو أن لفلان علي كذا من ثمن كذا أقرض كذا أو نكاح كذا إذا كان السبب لا يثبت به ذلك الحق فحيثما أضاف الحق إلى سبب باطل فهو باطل وإن أضافه إلى سبب يصلح أن يكون حقا لكن قد علم ارتفاعه مثل أن يقول له علي ألف من ثمن هذه الدار ويكون المشتري قد أبرأه قبل ذلك أولها علي صداقها وتكون قد أبرأته منه قبل ذلك أوله علي حقه من إرث أبي ويكونان قد اصطلحا قبل ذلك وتبارآ فهذا أيضا كذلك لأن الإقرار إخبار فإذا كان الخبر قد علم كذبه وبطلانه كان باطلا. قال وإلى ما يعلم صدقه كإقراره بأن هذا المال الذي خلفه أبوه هو بينه وبين أخيه ابن الميت نصفين وإلى ما يحتمل الأمرين فالأصل فيه التصديق إلا أن يثبت ما يعارضه مما يقفه أو يرفعه. فالأول مثل تكذيب المقر له فإنه أيضا خبر فليس تصديق أحدهما أولى من الآخر فيعود الأمر كما كان. وأما الثاني فالبينات فإذا قامت البينة بأنه كان مكرها على إقراره فإقرار المكره لا يصح أيضا وإن أمكن أن يكون مطابقا كان إقرار تلجئة وهو أن يتفق المقر والمقر له على الإقرار ظاهرا مثل بقاء المقر به للمقر فهو باطل فإذا شهدت بينة بأنهما اتفقا قبل الإقرار كان ذلك مبطلا لهذا الإقرار وإذا كان الإقرار إنشاء في الباطن مثل إقرار المريض لمن يقصد التبرع له إما بعطية وإما بإبراء فيجعل الإنشاء إقرارا لينفذ1. قال فإذا قامت البينة بأنهما اتفقا على الإقرار على ذلك مثل أن يشهد الشاهد أنه قيل للمريض أعط فلانا ألف درهم أو أوص له بها فقيل له بل أجعل ذلك إقرارا أو أنه قال المريض كيف أصنع حتى أعطي فلانا ألفا من أصل المال فقيل له أقر له بها أو أن اثنين تراضيا على ذلك ثم أمرا به __________ 1 بهامش الأصل: في نسخة: إن كان لوارث أو لينفذ من أصل المال ليضيع المال على الورثة، أو لئلا يزاحم الوصايا، ومثل إقرار الأب لابنه بالدار الفلانية: ملكه، وأشياء من هذا يقصد به الإعطاء أو الإبراء، ويجعل ذلك إقراراً، فهذا قد كتبت حكمه وسيأتي. أما المريض فإنه يجب العمل بهذه البينة أو يقول ما له عندي شيء أو ما لأحد عندي شيء لكن أنا مقر أو أقر له يألف أو اشهدوا علي أن له عندي ألفا أو يقول بعد ذلك له عندي ألف فيكون قد تقدم الإقرار ما يبطله وما ينافيه وإن شهدت بينة بأن هذا المقر به لم يكن ملكا للمقر له بل كان ملكا للمقر إلى حين الإقرار إن كان عينا أو كانت ذمته بريئة منه إن كان دينا فهل تقبل هذه البينة فإنها تضمنت نفيا فينبغي أن يقال إن كان نفيا يحاط به قبل ذلك وإلا لم يقبل وهل يستفصل المقر له من أين لك هذا الملك نعم. قال وكذلك يستفصل المدعي عنده التهمة والمدعى عليه. ● فصل من ملك شيئا ملك الإقرار به ومن لا فلا وهذا المشهور في كلام الأصحاب وثم صور مستثناة. وقال الشيخ تقي الدين ما يملك إنشاءه يملك الإقرار به وما لا يملكه فإن كان مما لا يمكنه إنشاؤه بحال ملك الإقرار به أيضا كالنسب والولاء وما يوجب القود عليه إذا لا طريق إلى ثبوته إلا بالإقرار به فصار كالشهادة بالاستفاضة فيما يتعذر علمه غالبا بدونها لكن يستثنى النكاح والولد على ما فيه من الخلاف. وإن كان مما يمكنه إنشاء سببه في الجملة كالأفعال الموجبة للعقوبة1 قبل إذا لم يكن متهما فيه وأحسن من هذا أن ما لا يصح أو مالا يحل إنشاؤه منه إن كان متهما في إقراره به لم يقبل وإلا قبل وهنا يتبين أن المقر شاهد على نفسه بمالا يمكنه إنشاؤه ومن هذا إقراره بالبينونة فإنه لا يملك إنشاءها لكنه لا يتهم على إسقاط حقه من الرجعة وسقوط حقها من النفقة ضمنا وتبعا. __________ 1 بهامش الأصل في نكت ابن شيخ السلامية: الموجبة للمال. وقد ذكر القاضي في إخبار الحاكم بعد العزل لما قاسه على الإخبار قبل العزل فقيل له المعنى في الأصل أنه يملك الحكم فلهذا ملك الإقرار به وليس كذلك ههنا لأنه لا يملكه فلم يملك الإقرار به كمن باع عبدا ثم أقر أنه أعتقه أو باعه بعد أن باعه لم يقبل منه. فقال هذا غير ممتنع كالوصي إذا ادعى دفع المال إلى الصبي بعد بلوغه أو ادعى الإنفاق عليه فإنه يقبل وإن كان في حال لا يملك التصرف عليه وكذلك العبد المأذون إذا حجر عليه فأقر بثمن مبيع في حال الإذن وكذلك المكاتب إذا أقر بعد العجز بثمن مبيع في حال الكتابة يقبل ذلك وإن لم يملك ذلك في حال الإقرار كذلك ههنا وكذلك الموصى وكذلك المودع إذا ادعى رد الوديعة أو تلفها بعد عزل المودع له وكذلك العبد إذا أقر بجناية عمدا فإنه يقبل إقراره وإن لم يكن مالكا لما أقر به. قال ولا معنى لقولهم إن دعوى النفقة لا يمكن إقامة البينة عليها فإنه منقوض برد الوديعة يمكن إقامة البينة عليه يقبل قوله فيها ويقبل والإنفاق على الزوجة لا يمكن إقامة البينة عليه ومع هذا لا يقبل قوله فيها. قال الشيخ تقي الدين تسمية هذه الأشياء إقرارا يجوز وقد ذكر الجد وغيره تسمية بعض هذا إقرار والتحقيق أن يقال المخبر أن أخبر بما على نفسه فهو مقر وإن أخبر بما على غيره لنفسه فهو مدعى وإن أخبر بما على غيره لغيره فإن كان مؤتمنا عليه فهو مخبر وإلا فهو شاهد فالقاضي والوكيل والمأذون له والوصي كل هؤلاء مأذون لهم مؤتمنون فإخبارهم بعد العزل ليس إقرارا وإنما هو خبر محض انتهى كلامه. ● فصل قال الشيخ تقي الدين فأما ما يملك الإنسان إنشاءه فهل يجوز إقراره به ويجعل الإنشاء في ضمن الإقرار قاصدا بالإقرار الإنشاء مثل أن يقر أنه ملك ابنه الشيء الفلاني أو أنه قد وقف المكان الفلاني أو أنه وقف عليه من واقف جائز الأمر يعني نفسه انتهى كلامه والجواز متوجه. ● فصل قال القاضي في التعليق ضمن مسألة النكول الإنسان لا يكون مخيرا بين أن يقر وبين أن لا يقر لأنه لا يخلو إما أن يكون الحق عليه فلا يسعه أن لا يقر أولا يكون عليه فلا يسعه أن يقر لأنه كاذب. قال الشيخ تقي الدين فأما إذا كان الإنسان ببلد سلطان ظالم أو قطاع طريق ونحوهم من الظلمة فخاف أو يؤخذ ماله أو المال الذي يتركه لوارثه أو المال الذي بيده للناس إما بحجة أنه ميت لا وارث له أو بحجة أنه مال غائب أو بلا حجة أصلا فهل للإنسان أن يقر إقرارا يدفع به ذلك الظلم ويحتفظ المال لصاحبه مثل أن يقول لحاضر إنه ابنه أو يقر أن له عليه كذا وكذا أو يقرأ أن المال الذي بيده لفلان فإن ظاهر هذا الإقرار يتضمن مفسدتين إحداهما الكذب والثانية صرف المال إلى من لا يستحقه عمن يستحقه وهذا إقرار تلجئه. أما الأول فينبغي أن يكون كالتعريض في اليمين فيجوز له أن يتأول في إقراره بأن يعني بقوله ابني كونه صغيرا وبقوله أخي أخوة الإسلام وأن المال الذي بيدي له أي له ولاية قبضه لكوني قد وكلته في إيصاله إلى مستحقه وإن له في ذمتي عشرة آلاف درهم أي له في عهدتي أي يستحق فيما عهدت إليه قبض ذلك ونحو ذلك فإن النبي كان مع أبي بكر وأقر أنه أخوه وحلف على ذلك وكذلك إبراهيم عليه السلام أقر على زوجته أنها أخته وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم "أقر أنهم من ماء".
● متابعة كتاب الإقرار لا يصح الإقرار من غير مكلف مختار. __________ وأما الثانية فلا يجوز ذلك إلا إذا أزال هذه المفسدة بأن يكون المقر أمينا حقا والاحتياط أن يشهد على المقر له أن هذا إقرار تلجئة تفسيره كذا وكذا. وينبغي أن يكون التعريض في الشهادة إذا خاف الشاهد من إظهار الباطن ظلم المشهود عليه كذلك بأن يستنطق الشهادة ولا يمكن كتمانها وكذلك التعريض في الحكم إذا خاف الحاكم من إظهار الأمر وقوع الظلم وكذلك التعريض في الفتوى والرواية والإقرار والشهادة والحكم والفتوى والرواية ينبغي أن يكون كاليمين بل اليمين خبر وزيادة. قوله: "ولا يصح الإقرار من غير مكلف مختار". لأن القلم مرفوع عنه بنص الحديث المشهور وكبيعه وغيره. وقوله: "مختار" لما تقدم ولأنه عفى عن المكره بنص الخبر المشهور. وقال الخلال من تقدم إلى الحاكم فدهش فأقر ثم أنكر قال إسحاق بن إبراهيم سئل الإمام أحمد عن الرجل يقدم إلى السلطان بحق لرجل عليه فيمدده السلطان فيدهش فيقر له ثم يرجع بعد ما أقر به فيقول هددني ودهشت للسلطان أن يأخذه بما أقر به أو يستثبت وهو ربما علم أنه أقر بتهديده إياه قال أبو عبد الله يؤخذ بإقراره الأول. قال الشيخ تقي الدين السلطان هو الحاكم كما ترجم الخلال والتهديد من الحاكم إنما يكون على أن يقول الحق لا على أن يقر مثل أن يقول اعترف بالحق أو أن كذبت عزرتك أو إن تبين لي كذبك أدبتك فيهدده على الكذب
O متابعة المتن إلا من الصبي المأذون له فيصح في قدر ما أذن له فيه إذا صححنا تصرفه بالإذن. __________ والكتمان ويأمره بالصدق والبيان فإن هذا حسن فأما أن كان التهديد على نفس الإقرار فهذا أمر بما يجوز أن يكون حقا وباطلا ومحرما فالأمر به حرام والتهديد عليه أحرم وهو مسألة الإكراه على الإقرار ففرق بين أن يكرهه على قول الحق مطلقا أو على الإقرار انتهى كلامه. قوله: "إلا من الصبي المأذون له فيصح في قدر ما أذن له فيه إذا صححنا تصرفه بالإذن". أما قوله: "إذا صححنا تصرفه بالإذن" فقيد واضح لأنه إذا لم يصح تصرفه بالإذن فوجود الإذن كعدمه لعدم فائدته وكذا ما زاده في الرعاية مع اتفاق الدين واختلافه. وأما صحة إقراره فيما أذن له فيه فهو المذهب كما قطع به هنا وقطع به غيره ولو كان في المحرر زاد نص عليه كان أولى وهو نص مشهور قال الإمام أحمد في رواية مهنا في إقرار اليتيم يجوز إقراره بقدر ما أذن له الوصي في التجارة وهو قول أبي حنيفة كالبالغ والفرق بالتكليف لا أثر له وقال أبو بكر وابن أبي موسى إنما يصح إقراره فيما أذن له في التجارة فيه في الشيء اليسير يتسامح به كما صح تصرفه فيه بدون إذنه أن نقول لا يصح إقراره مطلقا كقول مالك والشافعي. وظاهر ما رواه الأثرم عن الإمام أحمد في ابن أربع عشرة سنة كان أجيرا مع رجل فقد أستاذه شيئا فأقر الغلام أنه أخذه ثم أنكره فقال لا يجب عليه إقراره حتى يأتي أحد الحدود الإنبات أو الاحتلام أو خمسة عشر سنة. وقال القاضي في التعليق وهذا محمول على أنه غير مأذون له في التجارة
O متابعة المتن وإذا أقر من يشك في بلوغه وذكر أنه لم يبلغ فالقول قوله بلا يمين. __________ وقال الشيخ تقي الدين ظاهر كلام الإمام أحمد أنه إذا أتى عليه الحدود صح إقراره بمثل هذا وإن لم يكن رشيدا وهو ظاهر كلام الجد. لكن قد يقال يقبل في الحدود لا في الأموال فتقطع يده ولا يغرم كالعبد انتهى كلامه. والمشهور صحة إقرار السفيه بمال ويتبع به بعد فك الحجر. ● فرع لو أقر الأب على ابنه المأذون له لم ينفذ وذكره القاضي محل وفاق في حجة المخالف وسلمه واعتذر بأنه لا يملك بإذنه الإقرار وإنما يرتفع عنه الحجر بإذنه في التجارة فيجوز إقراره لنفسه. قال الشيخ تقي الدين هذا يشبه مذهب أبي حنيفة وأما على أصلنا فإنما استفاد الإقرار بإذنه بدليل أنه يتقدر في قدر ما أذن فيه وعلى أصل أبي حنيفة لا يتقدر ولو أقر الأب بصدقة في مال ابنه فإنه يقبل لأن الأب يملك التصرف. قوله وإذا أقر من يشك في بلوغه وذكر أنه لم يبلغ فالقول قوله بلا يمين. وكذا قطع به الشيخ موفق الدين وغيره أما كون القول قوله فلأن الأصل معه وهو الصغر وسيأتي كلام الشيخ تقي الدين في الفصل بعده. وأما كونه بلا يمين فكحكمنا بعدم بلوغه وغير المكلف لا يجوز تكليفه بوجوب اليمين عليه. قال الشيخ تقي الدين يتوجه أن يجب عليه اليمين لأنه إن كان لم يبلغ لم يضره وإن كان قد بلغ حجزته فأقر بالحق انتهى كلامه. فأما إن كان اختلافهما بعد ثبوت بلوغه وادعى أنه حين الإقرار لم يبلغ فهل يقبل قوله مع يمينه عملا بالأصل وهو الصغر قطع به في المغني أولا يقبل لتعليق الحق بذمته ظاهرا فيه وجهان ذكرهما في الكافي. وهذا بخلاف دعوى زوال العقل حين الإقرار لأن الأصل السلامة ذكره الشيخ موفق الدين. وينبغي أن يقال إلا أن يكون يعتريه ذلك في بعض الأحيان فتكون كمسألة الصغير على الخلاف كما سوى بينهما في دعوى البائع الصغر أو زوال العقل حين البيع. قال الشيخ موفق الدين فإن ادعى أن كان مكرها لم يقبل إلا ببينة فإن ثبت أنه كان مقيدا أو محبوسا أو موكلا به فالقول قوله مع يمينه لأن هذه دلالة الإكراه انتهى كلامه. وعلى هذا تحرم الشهادة عليه وكتابة حجة عليه وما أشبه ذلك في هذه الحال. ● فصل قال الشيخ تقي الدين قد نص أحمد على أنهما إذا اختلفا فقال بعتك قبل أن أبلغ وقال المشتري بل بعد بلوغك فالقول قول المشتري وهذا يتجه في الإقرار وسائر التصرفات لأن الأصل في العقود الصحة فإما أن يقال هذا عام وإما أن يفرق بين أن يتيقن أنه وقت التصرف كان مشكوكا فيه غير محكوم ببلوغه أولا يتيقن فإنا هنا تيقنا صدور التصرف ممن لم نثبت أهليته والأصل عدمها فقد شككنا في الشرط وهناك يجوز صدوره في حال الأهلية وحال عدمها والظاهر صدره وقت الأهلية والأصل عدمه قبل وقت الأهلية والأهلية هنا متيقن وجودها. ● فصل قال الشيخ تقي الدين سئلت عن مسألة وهي من أسلم أبوه فادعى أنه بالغ فأفتى بعضهم بأن القول قوله في ذلك وقلت إذا لم يقر بالبلوغ إلى حين الإسلام فقد حكم بإسلامه قبل الإقرار بالبلوغ بمنزلة ما إذا ادعت انقضاء العدة بعد أن ارتجعها وهكذا يجيء في كل من أقر بالبلوغ بعد حق ثبت في حق الصبي مثل الإسلام وثبوت الذمة للولد تبعا لأبيه ولو ادعى1 البلوغ بعد تصرف الولي وكان رشيدا أو بعد تزويج ولي أبعد منه إلا أن يقال لا يحكم بإسلام الولد وذمته حتى يسأل هل بلغ أو لم يبلغ بخلاف تصرف الولي له أو لموليته فإن الولاية كانت ثابتة والأصل بقاؤها وهنا الأصل عدم إسلام الولد وذمته فيقال في الرجعة كذلك ينبغي أن لا تصح الرجعة حتى تسأل المرأة ومع أن في مسألة الرجعة وجهين على قول الخرقي ينبغي أن يكون القول قوله هنا مطلقا كما في الرجعة وما ذكرته على الوجه المقدم ولم أجد فرقا بين كون المرأة مؤتمنة على فرجها في انقضاء العدة أو في بلوغها وهكذا في كل موضع كان الإنسان مؤتمنا فيه إذا ادعى ذلك بعد تعلق الحق به ونظيره اختلاف الروايتين فيما إذا ادعى المجهول الرق بعد التصرف ففيه روايتان لكن هناك إذا قبلناه فلأن الرق حق آدمي فالمقر به حق آدمي بخلاف الحيض أو البلوغ فإنه سبب يثبت له وعليه به حقوق وقد يقال في الرجعة لم يقبل قوله2 لأن فيه إبطال حق آدمي بخلاف الإسلام والذمة فيقال بل إبطال الإسلام والعصمة أعظم ونظيره في المجهول المحكوم بإسلامه كاللقيط فاللقيط إذا ادعى الكفر بعد البلوغ انتهى كلامه. __________ 1 بهامش الأصل: في نكت ابن شيخ السلامية "أو لو ادعى" 2 بهامش الأصل: في نسخة الذي ذكره شيخ السلامية عن الشيخ تقي الدين "وقد يقال في الرجعة: لم يقبل قولها"
O متابعة المتن ومن أكره على أن يقر لزيد فأقر لعمرو أو أن يقر بدراهم فأقر بدنانير صح إقراره. ومن أقر في مرضه بشيء فهو كإقراره في صحته إلا في ثلاثة أشياء أحدها إقراره بالمال لوارث فإنه لا يقبل. __________ قوله: "ومن أكره على أن يقر لزيد فأقر لعمرو أو أن يقر بدراهم فأقر بدنانير صح إقراره". لأنه أقر بما لم يكره عليه فهو كما لو أقر به ابتداء. قوله: "ومن أقر في مرضه بشيء فهو كإقراره في صحته". لأن الأصل التساوي ودعوى مخالفة حال المرض وحال الصحة في ذلك تفتقر إلى دليل والأصل عدمه وقد يعلل بعدم التهمة. ● فصل ولا تفتقر الشهادة إلى أن يقولوا طوعا في صحة عقله لأن الظاهر السلامة وصحة الشهادة ذكره في المغنى. قوله: "إلا في ثلاثة أشياء أحدها إقراره بالمال لوارث فإنه لا يقبل". هذا المذهب قال القاضي نص عليه في رواية الجماعة فقال في رواية ابن منصور إقرار المريض في مرضه للوارث لا يجوز. وقال في رواية أبي طالب في الرجل يقر عند موته أن لامرأته عليه صداق ألف درهم تقيم البينة على الألف فإن لم تكن بينة فصداق نسائها. وقال في رواية مهنا في امرأة أقرت في مرضها أنه ليس لها على زوجها مهر لم يجز إقرارها إلا أن يقيم شهودا أنها أخذته ولا يصدق قولها وهذا قول أبي حنيفة كهبته ولأنه محجور عليه فأشبه إقرار الصبي فعلى هذا لو أجازه بقية الورثة صح ذكره جماعة منهم الشيخ موفق الدين واحتج له وقال مالك يقبل ذلك إذا كان لا يتهم له ولا يقبل إذا كان يتهم له كمن له بنت وابن عم فأقر لبنته لم يصح ولو أقر لإبن عمه صح ولو كانت له زوجة وابن عم صح إقراره لابن العم دون الزوجة ولو كانت له زوجة وولد صح إقراره للزوجة دون الولد لأن علة المنع التهمة واختص الحكم بها. وجوابه أن التهمة لا يمكن اعتبارها بنفسها فاعتبرت مظنتها وهو الإرث. وللشافعي قولان أحدهما كقولنا والثاني يقبل وهو قول جماعة منهم إسحاق كالأجنبي والفرق واضح وسلم الشافعي على ما ذكره القاضي لو قال كنت وهبت لفلان الوارث كذا ثم أتلفه لا يجوز بخلاف ما لو قال كنت وهبت لفلان الأجنبي كذا ثم أتلفه عليه فإنه يجوز. وذكر ابن البنا من أصحابنا أنه يصح إقرار المريض باستيفاء دين الصحة والمرض جميعا. قال في المستوعب وهو محمول على ما إذا كان الغرماء غير الوارثين. وقال ابن هبيرة إذا أقر المريض باستيفاء ديونه قال أبو حنيفة يقبل قوله في ديون الصحة دون ديون المرض وقال مالك إن كان ممن لا يتهم قبل إقراره سواء كان إقراره في المرض أو في الصحة وقال الإمام أحمد يقبل في ديون المرض والصحة جميعا كذا ذكر وهو صحيح لأن مراده من أجنبي وكذا ذكره أصحابنا في كتب الخلاف. قال في الرعاية ولا يصح إقرار رجل مريض بقبض صداق ولا عوض خلع بلا بينة ويصح بقبض حوالة ومبيع وقرض ونحو ذلك وإن أطلق احتمل وجهين. وقال الأزجي في نهايته فإن أقر مريض بهبة أنها صدرت منه في صحته لأجنبي صح وإن كان لوارث فوجهان. وقال الشيخ تقي الدين في الإقرار للوارث هنا احتمالات أحدها أن يجعل إقراره للوارث كالشهادة فترد في حق من ترد شهادته له كالأب بخلاف من لا ترد ثم على هذا هل يحلف المقر له معه كالشاهد وهل تعتبر عدالة المقر ثلاث احتمالات. ويحتمل أن يفرق مطلقا بين العدل وغيره فإن العدل معه من الدين ما يمنعه من الكذب ويخرجه إلى براءة ذمته بخلاف الفاجر وإنما حلف المقر له مع هذا للتأكيد فإن في قبول الإقرار مطلقا فسادا عظيما وكذا في رده مطلقا فساد وإن كان أقل فإن المبطلين في هذا الإقرار أكثر من المحقين وهذه الحجة لمن رده كالشهادة مع التهمة وكطلاق الفار انتهى كلامه. ● فصل وإن كان على المريض دين للوارث فقال القاضي هو مأمور بإيصال الحق إلى وارثه ويقدر أن يقضيه دينه باطنا ويوصله إليه فيتخلص بذلك من ظلمه وإن كان لو أقر لم يقبل إقراره كما أن الوصي إذا كان شاهدا على الميت بدين وليس معه شاهد غيره فهو مأمور بقضاء الدين سرا وإيصاله إلى مستحقه ليخلص الميت وإن أظهر ذلك أو أقر به لم يقبل قوله فيه ولم يثبت به الدين وإن كان مأمورا بالقضاء. ● فصل ويجوز عندنا للميت الإقرار لجميع الورثة ويخيرون بين أخذ المال والإقرار بالإرث هذا لفظ القاضي وأظنه موافقة للحنفية قاله الشيخ تقي الدين. قوله: "ولو أقر لامرأته بالصداق فلها قدر مهر المثل بالزوجية". لا بإقراره والذي قطع به الشيخ موفق الدين وغيره أنه يصح الإقرار لأنه
O متابعة المتن ولو أقر أنه كان أبانها في صحته لم يسقط إرثها. __________ إقرار بما تحقق سببه ولم يعلم البراءة منه أشبه ما لو اشترى عبدا من وارثه فأقر للبائع بثمن مثله وقيل لا يصح ذكره في الرعاية. ثم ذكر ما في المحرر قولا فيكون وجه عدم الصحة أنه أقر لوارث وهو قول الشعبي وصاحب المحرر تبع القاضي وهو معنى كلامه في المستوعب. قال القاضي وأما إذا أقر لزوجته بالصداق فنقل أبو طالب عنه إذا أقر عند موته أن لامرأته عليه صداق ألف درهم تقيم البينة أن لها صداق ألف درهم لا يجوز إقراره لها لعل صداقها أقل فإن لم يكن لها بينة فصداق نسائها إذا كان ذلك يعرف فإن لم يعرف ذلك يكون ذلك من ثلثه. قال فقد نص على أنه لا يقبل إقراره بالصداق على الإطلاق وإنما يقبل ما صادف مهر المثل لأن ثبوته بالعقد لا بإقراره فإن تعذر مهر المثل اعتبر من ثلثه واختلفت الرواية في قدر الصداق فنقل أبو الحارث مهر المثل لأنها معاوضة في مرض الموت أشبه ثمن المبيع ولا يعتبر من الثلث لأنها وصية لوارث. ونقل أبو طالب من الثلث لأن الزيادة على مهر المثل محاباة لا يقابلها عوض فهي كالمحاباة والمحاباة هناك من الثلث فكذلك هنا هكذا نقل الشيخ تقي الدين كلام القاضي ثم قال من عنده كلامه في رواية أبي طالب يقتضي أنه إذا لم يعرف مهر المثل اعتبر ما أقر به من الثلث لأنا قد تيقنا أن لها صداقا فلم نبطل الإقرار ولم نعلم أن هذا كله واجب فكأنه ملك أن يوصى به لأنه لا طريق إلى معرفته من غيره ووصيته من الثلث لأنه غير مصدق للوارث انتهى كلامه. قوله: "ولو أقر أنه كان أبانها في صحته لم يسقط إرثها". كذا ذكره غيره وذكر في المغني أنه قول أبي حنيفة ومالك لأنه غير
O متابعة المتن ولو أقر لها بدين ثم أبانها ثم تزوجها لم يصح إقراره. __________ أمين أقر بما يسقط حق غيره فهو كإقراره بمال غيره وعند الشافعي يقبل. قوله: "ولو أقر بها بدين ثم أبانها ثم تزوجها لم يصح إقراره". قال الشيخ تقي الدين الفرق بين هذه وبين أن يتبرع في مرضه ظاهر بمنزلة أن يقر ثم يصح ثم يمرض ونظيرها أن يتبرع لأخيه ثم ينحجب بولد يولد له ثم يموت الولد انتهى كلامه. ووجه المسألة أنه أقر لوارث في مرض الموت أشبه ما لو لم يبنهما قال القاضي أومأ إليه أحمد في رواية ابن منصور فيمن أقر في مرضه لامرأة بدين ثم تزوجها ثم مات وهي وارثة يجوز هذا أقر لها وليست له بامرأة إلا أن يكون تلجئة فقد أجاز الإقرار1 فاقتضى أنها لو كانت وارثة لم يصح وبهذا قال أبو حنيفة وقال محمد بن الحسن إقراره جائز فإن برأ من ذلك المرض ثم تزوجها ثم مات صح الإقرار وفاقا على ما ذكره القاضي. قال الشيخ تقي الدين أخذ مذهب الإمام أحمد من عكس علته وقد يكون الحكم ثابتا في هذه الصورة لعلة أخرى عنده ثم قوله: "أقر لها وليست لها بامرأة". قد يراد به ليست امرأة في بعض زمان الإقرار ثم الأخذ بتعليله يقتضي أنه إذا صح ثم تزوجها يكون الإقرار أيضا باطلا وإن كان البرء ليس من فعله وقد فرق القاضي بالتهمة في الطلاق بأن يكونا قد تواطآ على ذلك وهذه العلة منتفية فيما إذا انفسخ النكاح بغير فعله وفيما إذا طلقها ثلاثا وفيما إذا كان الزوج المطلق سفيها فيخرج في المسألتين ثلاثة أوجه انتهى كلامه. __________ 1 في نسخة بهامش الأصل: وجعل العلة فيه: أنها لم تكن وارثة حين الإقرار
O متابعة المتن ولو أقر لوارث ثم صار عند الموت أجنبيا أو بالعكس فهل يعتبر بحال الإقرار أو الموت على روايتين. وإذا أقر بدين لوارث وأجنبي لزم في حصة الأجنبي ويتخرج أن لا يلزم إذا عزاه إلى سبب واحد أو أقر الأجنبي بذلك. __________ والقاضي والأصحاب اعتبروا المظنة وعللوا بجواز أن يكون على وجه الحيلة فقد اكتسب تهمة فيخرج وجه في مسألة المحرر فيه بعد والتخريج فيما إذا برى ء من ذلك المرض فيه بعد أيضا لأن كل مرض معتبر بنفسه بدليل ما لو تبرع في المرض الأول أو طلق فارا أو غير ذلك. قوله: "ولو أقر لوارث ثم صار عند الموت أجنبيا أو بالعكس فهل يعتبر بحالة الإقرار أو الموت على روايتين". إحداهما يعتبر بحالة الإقرار قطع به القاضي وغيره وهو المشهور ونصره في المغني لوجود التهمة في هذه الحال بخلاف العكس كالشهادة. والثانية بحالة الموت وهي مذهب الشافعي لأنه معنى يعتبر فيه عدم الميراث فأشبه الوصية والفرق أن الوصية عطية بعد الموت فاعتبر فيها حالة الموت بخلاف مسألتنا. قوله: "وإذا أقر بدين لوارث وأجنبي لزمه في حصة الأجنبي". هذا هو المنصور في المذهب كما لو كان الإقرار بلفظين. قال القاضي وهذا بناء على أصلنا في تفريق الصفقة في البيع مع انتفاء الجهالة فيه فأولى أن يفرق في الإقرار مع دخول الجهالة فيه. وذكر أبو الخطاب والأصحاب قولا بعدم اللزوم والصحة أخذا من تفريق الصفقة وقاس القاضي الصحة على الوصية. قال الشيخ تقي الدين فكان التفريق بينهما محل وفاق ولو أقر لأجنبي ولعبده بدين فإنه يصح في حصة الأجنبي ذكره محل وفاق ولو أقر بزق خمر
O متابعة المتن الثاني إقراره بالمال لغير وارث ففيه روايتان أصحهما قبوله لكن هل يحاص به دين الصحة على وجهين. __________ وبزق خل وبملكه وبملك غيره ذكره محل وفاق وقاس في المغني عدم الصحة على شهادته لابنه وأجنبي وفرق بأن الإقرار أقوى ولذلك لا تعتبر فيه العدالة ولو أقر بشيء له فيه نفع كالإقرار بنسب موسر قبل وهذا الفرق على منصوص الإمام أحمد وهو عدم صحة الشهادة لهما ولنا قول تصح شهادته للأجنبي وكأن صاحب المحرر رأى أن الإقرار لقوته ودخوله الجهالة فيه لا يتخرج فيه عدم الصحة مطلقا قال ويتخرج أن لا يلزم إذا عزاه إلى سبب واحد أو أقر لأجنبي بذلك ولم أجد هذا التخريج لغيره وهذا قول أبي حنيفة. قوله: "الثاني إقراره بالمال لغير وارث ففيه روايتان أصحهما قبوله". هذا هو المنصوص وذكر في الكافي أنه ظاهر المذهب لعدم التهمة في حقه بخلاف الوارث وذكر في المغني أن الأصحاب حكوا رواية لا يقبل مطلقا تسوية بين الوارث وغيره لأن حق الورثة تعلق بماله أشبه المفلس والفرق ظاهر. قوله: "لكن هل يحاص به دين الصحة على وجهين". وذكر في المستوعب روايتين وأن أصحهما عدم المحاصة. وذكر القاضي في موضع أنه قياس المذهب أخذا من مسألة المفلس لأنه في الموضعين أقر بعد تعلق الحق بما له وصححه في الخلاصة وقدمه غير واحد وبه قال أبو حنيفة. قال الشيخ تقي الدين ونصه أن إقرار لا يبطل التبرعات السابقة على الإقرار يقوي أنهم لا يزاحمون والقول بالمحاصة ظاهر كلام الخرقي واختاره ابن أبي موسى وأبو الحسن التميمي وقال القاضي في موضع وقطع به أبو الخطاب
O متابعة المتن والأخرى لا يقبل فيما زاد على الثلث فلا يحاص دين الصحة. __________ والشريف في رءوس المسائل وبه قال مالك والشافعي لأنهما حقان يجب قضاؤهما من رأس المال فتساويا كديني الصحة وكما لو ثبتا ببينة وكالمهر وكما لو أقر لهما جميعا في المرض ذكره القاضي وغيره محل وفاق واعترض المخالف بأن مهر المثل ثبت بالعقد لا بالإقرار. فقال القاضي النكاح ثبت بإقراره لا بالبينة ولأنها قد تكون مطلقة منه فتستحق نصف المهر فإذا أقر بالدخول استحقت كمال الصداق بإقراره فيكون نصف الصداق مستحقا بإقراره. وقال الشيخ تقي الدين إذا أقر في مرضه بدين ثم أقر لآخر أو أقر في صحته بدين ثم أقر في مرضه بوديعة أو غصب أو عارية فتخرج على الوجهين وعلى هذا لو أقر بدين ثم بوديعة لم يبعد الخلاف انتهى كلامه. وينبغي أن يكون إن أقر له بعين أن يكون المقر له أولى بها على الثاني دون الأول1 ولهذا قال في الرعاية ولو أقر بعين لزمه في حقه ولم ينفرد بها المقر له حتى يستوفى الغرماء وقيل بلى. وقال في المستوعب بعد حكاية الروايتين في المحاصة قال أبو الحسن التميمي وكذلك إذا أقر بعين ماله لزمه الإقرار في حقه ولم ينفرد به المقر له حتى يستوفى الغرماء قال في المستوعب وهذا على الرواية الأولة يعني عدم المحاصة. قوله: "والأخرى لا يقبل فيما زاد على الثلث فلا يحاص دين الصحة" لأنه ممنوع من عطية الزائد على الثلث لأجنبي كالوارث فيما دونه وعدم __________ 1 بهامش الأصل قوله: "وينبغي أن يكون- إلى آخره" هو كلام الشيخ عز الدين بن شيخ السلامية.
O متابعة المتن وإذا قال هذا الألف لقطة فتصدقوا به ولا مال له غيره فهل يلزمهم التصدق بالكل أو الثلث على روايتين سواء صدقوه أو كذبوه. __________ المحاصة علي هذه الرواية واضح ذكره غير واحد. قال الشيخ تقي الدين ويؤخذ من معنى كلام غيره فعلى هذه الرواية يكون الإقرار بما زاد على الثلث وصية قال وكذلك الإقرار بالثلث كذا قال فلو وصى لآخر بالثلث فعلى هذه الرواية ينبغي أن يتزاحما في الثلث لأن رده فيما زاد على الثلث إجراء له مجرى الوصية ولو جعلناه خبرا محضا لقبلناه ولا فرق اللهم إلا أن يقال للمقر أن يبطل حق الموصى له بالإقرار ولا يملك ذلك في حق الورثة فاذا أقر كان كأنه أبطل كل وصية زاحمت هذا الإقرار لكن على هذا تبطل الوصايا المزاحمة له وكلاهما محتمل انتهى كلامه. قال في المستوعب وغيره والأخرى لا يصح إلا في مقدار الثلث إلا أن يجيز الورثة بعد وفاة المقر كما لو كان الإقرار لوارث. قوله: "وإذا قال هذه الألف لقطة فتصدقوا به ولا مال له غيره فهل يلزمهم التصدق بالكل أو بالثلث على روايتين سواء صدقوه أو كذبوه". ظاهره أن على إحدى الروايتين يلزمهم التصدق بالثلث مطلقا والأخرى بالجميع مطلقا وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الهداية فإنه قال لزم الورثة أن يتصدقوا بثلثها سواء صدقوه أو كذبوه. وقال شيخنا يلزمهم أن يتصدقوا بجميعها وهو أيضا ظاهر كلام الشيخ موفق الدين وغيره. وذكر في المستوعب ما قدمه أبو الخطاب ثم قال هذا على رواية الجماعة أن اللقطة تملك بعد الحول وعلي رواية حنبل والبغوي أنها لا تملك بعد الحول دراهم كانت أو غيرها يلزمهم أن يتصدقوا بجميعها انتهى كلامه.
O متابعة المتن وإذا أعتق عبده أو وهبه ولا يملك غيره ثم أقر بدين نفذ العتق والهبة ولم يقبل الإقرار في نقضهما نص عليه. __________ وفيه نظر فإن الكلام إنما هو على المذهب ولم يذكر أبو الخطاب وجماعة هذه الرواية الغريبة في عدم ملك اللقطة وحكوا الخلاف هنا ولهذا قطع أبو الخطاب والشريف في رءوس المسائل بوجوب التصدق بالجميع ونصبا الخلاف مع أبي حنيفة في الاكتفاء به بالثلث وعلل بأنه إقرار لغير وارث فمعلوم أنهما لم يريدا بهذا التفريع على الرواية الغريبة. وقال في الخلاصة ما قدمه أبو الخطاب ثم قال وقيل تكون الألف صدقه إذا صدقوه انتهى كلامه. وكلام أبي الخطاب وغيره يخالفه وذكر ابن عبد القوى لزوم الصدقة بالجميع أشهر الروايتين وعلل بأنه إقرار لأجنبي قال وسواء صدقوه أو كذبوه وعنه يلزمهم الثلث إن كذبوه بناء على الرواية الأخرى في الإقرار للأجنبي انتهى كلامه. وفيه نظر وهو خلاف كلام الشيخ موفق الدين والشيخ مجد الدين وغيرهما لأن بعضهم هنا أطلق الخلاف وبعضهم قدم لزوم التصدق بالثلث مع اتفاقهم على أن الصحيح صحة الإقرار لأجنبي وعلل الشيخ موفق الدين وغيره لزوم التصدق بالثلث بأن الأمر بالصدقة به وصيغة بجميع المال فيلزمه الثلث وعلل القول الآخر بأن أمره بالصدقة به يدل على تعديه فيه على وجه يلزمه الصدقة بجميعه فيكون ذلك إقرارا منه لغير وارث فيجب امتثاله. فقد ظهر من ذلك أن الأولى أن يقال نقلا ودليلا أن على المذهب وهو ملك اللقطة وصحة الوصية هل يلزمهم التصدق بالثلث أو بالجميع على قولين. قوله: "وإذا أعتق عبدا أو وهبه ولا يملك غيره ثم أقر بدين نفذ العتق والهبة ولم يقبل الإقرار في نقضها نص عليه".
O متابعة المتن وقيل يقبل ويباع العبد فيه. وإذا أقر المريض بدين ثم بوديعة بعينها أو بالعكس فرب الوديعة أحق بها. الثالث إقراره بوارث فعنه لا يقبل وعنه يقبل وهو الأصح. __________ وكذا حكاه الشيخ موفق الدين وغيره عن نص الإمام أحمد قاطعين به لأن الحق ثبت في التبرع في الظاهر فلم يقبل إقراره فيما يبطل به حق غيره. قوله: "وقيل يقبل". لثبوته عليه باعترافه كما لو ثبت ببينة كما ساوى دين المريض الثابت باعترافه دين الصحة وتكلم بعضهم في هذه المسألة بكلام عجيب. قوله: "وإذا أقر المريض بدين ثم بوديعة بعينها أو بالعكس فرب الوديعة أحق بها". لأن صاحب الدين لا يفوت حقه بفوات العين غالبا لثبوت حقه في الذمة. قوله: "الثالث إقراره بوارث فعنه لا يقبل وعنه يقبل وهو الأصح". وصححه أيضا القاضي والشيخ موفق الدين وغيرهما وقدمه جماعة لأنه عند الإقرار غير وارث ووجه الآخر أنه عند الموت وارث ولأنه إقرار لوارث أشبه ما لو أقر له بمال. قلنا هذا إقرار بمال من طريق الحكم وهناك من طريق الصريح والأصول تفرق بين الإقرارين ألا ترى أنه لو اشترى دارا من زيد فاستحقت وعاد على زيد بالثمن ثم ملكها المشترى لم يلزمه تسليمها إلى زيد وإن كان دخوله معه في عقد الشراء إقرارا منه بأن الدار ملك لزيد ولو أقر صريحا بأن الدار ملك لزيد ثم ملكها بوجه من الوجوه لزمه تسليمها إليه وكذلك لو اشترى إنسان دارا فاستحقت كان له الرجوع على البائع بالدرك ولو أقر بأن الدار للبائع
O متابعة المتن وإذا أقر العبد بحد أو قود أو طلاق ونحوه صح وأخذ به في الحال إلا قود النفس فإنه يتبع به بعد العتق نص عليه. __________ ثم اشتراها وقبضها منه ثم استحقت لم يرجع عليه بشيء ذكر هذا الكلام القاضي في التعليق وذكره أيضا في المستوعب وغيره. قال الشيخ موفق الدين ويمكن بناء هذه المسألة على ما إذا أقر لغير وارث ثم صار وارثا فمن صحح الإقرار ثم صححه ههنا ومن أبطله أبطله وما قاله صحيح. وقال الشيخ تقي الدين كلام القاضي الذي أخذه من كلام الإمام أحمد إنما يقتضي المنع إذا كان له وارث فأما من لا وارث له إذا أقر بوارث فقد نص الإمام أحمد في الروايتين على قبول قوله ومن قال بأنه كالوصية1 فقد يخرج هذا على روايتين انتهى كلامه. قوله: "وإذا أقر العبد بحد أو قود أو طلاق ونحوه صح وأخذ به في الحال إلا قود النفس فإنه يتبع به بعد العتق نص عليه". في رواية مهنا فقال إذا أقر أنه قتل عمدا وأنكر مولاه فلم يقم بينة لم يجز إقراره قيل له يذهب دم هذا قال يكون عليه إذا عتق. وكذلك نقل ابن منصور عنه إذا اعترف بالسرقة أو بجرح فهو جائز ولا يجوز في القتل وهذا هو المذهب والمنصور في كتب الخلاف وبه قال زفر والمزنى وداود لأنه يسقط حق السيد به أشبه الإقرار بقتل الخطأ فإنه لا يلزمه في حال رقه ذكره القاضي وغيره محل وفاق ولأن من لا يصح __________ 1 بهامش الأصل: في نكت ابن شيخ السلامية عن الشيخ تقي الدين "ومن علل بأنه كالوصية".
O متابعة المتن وقال ابن عقيل وأبو الخطاب يؤخذ به في الحال أيضا وليس للمقر له بالقود العفو على رقبة العبد. وإذا أقر العبد بجناية خطأ أو غصب أو سرقة أو العبد غير المأذون له بمال عن معاملة أو مطلقا لم يقبل على السيد. __________ إقراره بقتل الخطأ لا يصح إقراره بقتل العمد كالصبي والمجنون وقيل لا يصح إقراره بقود في النفس فما دونها فلا يصح إقراره بمال وقيل في إقرار العبد روايتان بالقتل والتجريح. قوله: "وقال ابن عقيل وأبو الخطاب يؤخذ به في الحال أيضا وليس للمقر له العفو على رقبة العبد". لئلا يفضي إلى إيجاب مال في حق غيره وظاهر كلام الخرقي أنه يؤخذ به في الحال أيضا. وذكر الشيخ تقي الدين بعد حكاية قول ابن عقيل وأبي الخطاب أن القاضي قاله في ضمن مسألة إقرار المرأة بالنكاح واحتجا به وهو مذهب الأئمة الثلاثة ولأنه مال في المعنى لأنه مال لأحد نوعي القصاص فصح إقراره به كما دون النفس. قال وبهذا ينتقض الدليل الأول ولأن إقرار مولاه عليه به لا يصح فلو لم يقبل إقراره لتعطل وعفو المقر له بالقود على رقبة العبد أو على مال ليس له من الأصحاب من ذكره ومنهم من لم يذكره والشيخ موفق الدين تفقه فيه فقال وينبغي وقد عللوا القول الأول بأنه متهم في أن يقر لمن يعفو على مال فيستحق رقبته ليخلص من سيده. قوله: "وإذا أقر لعبد بجناية خطأ أو غصب أو سرقة أو للعبد غير المأذون له بمال عن معاملته أو مطلقا لم يقبل على السيد". لأنه إيجاب حق في رقبة مملوكه لمولاه فلم يقبل إقراره على أحد سواه.
O متابعة المتن بل يتبع به بعد العتق ويقطع للسرقة في الحال. __________ وقوله: "غير المأذون له" يعني يقبل إقرار المأذون له في قدر ما أذن له فيه كالصبي المأذون له ذكره القاضي محل وفاق في مسألة الصبي المأذون له أن إقرار العبد المحجور عليه لا يلزمه في الحال ولو كان مأذونا له لزمه. قوله: "بل يتبع به بعد العتق". عملا بإقراره على نفسه وهذا إحدى الروايتين ذكرهما الشيخ موفق الدين وغيره والأخرى يتعلق برقبته كجنايته. قوله: "ويقطع للسرقة في الحال". نص عليه في رواية مهنا لما تقدم قال في المغني ويحتمل أن لا يجب القطع لأن ذلك شبهة وهو قول أبي حنيفة لأن هذه العين لم يثبت حكم السرقة فيها فلم يثبت القطع. وقال القاضي إذا أقر العبد المأذون له بحق لزمه مما لا يتعلق بأمر التجارة كالقرض وأرش الجناية وقتل الخطأ والغصب فحكمه حكم العبد المحجور عليه. وقال أبو الخطاب وغيره لم يصح قبل الإذن قال ولا يلزم إذا أقر بدين من جهة التجارة لأنه مأذون فيه ونصبوا الخلاف مع أبي حنيفة في قوله معلق برقبته وقال القاضي فحكمه حكم العبد المحجور عليه وفي روايتان إحداهما يتعلق بذمته ويتبع به بعد العتق والثانية برقبته ولا يتعلق ذلك بذمة السيد رواية واحدة واستدل القاضي بأنه أقر بحق يتعلق بإتلاف يثبت في ذمته كما لو أقر أنه أفضى امرأة بكرا بإصبعه. قال الشيخ تقي الدين هذا الذي قاله فيه نظر من وجهين أحدهما جعله القرض من ديون غير التجارة وهو خلاف ما في هذا الكتاب وغيره الثاني: أنه جعله فيما لم يؤذن له كالمحجور وجعل في المحجور روايتين إحداهما يتعلق برقبته والروايتان فيما ثبت من معاملة المحجور عليه فأما ما أقر به هو ولم يصدقه السيد ولا قامت به بينة فإنه لا يثبت في رقبته وجنايته على النفوس والأموال تتعلق برقبته والرواية الأخرى فيها غريبة وما قصد القاضي إلا ديون المعاملة كما في هذا الكتاب وغيره إلا أن يريد القاضي بالقرض مالا تعلق له بالتجارة وما زاد على قدر الإذن انتهى كلامه. وبناه أبو حنيفة على أن ضمان الغاصب يجري مجرى البيع الفاسد بدليل أنه يتعلق به تمليك ولو أقر بشراء فاسد لزمه كذلك إذا أقر بالغصب. فقال القاضي لا نسلم أن الملك يتعلق بالغصب ولا بالبيع الفاسد ولو أقر أنه أفضى امرأة بكرا لم يؤخذ في الحال عنده. قال الشيخ تقي الدين أبو حنيفة بناه على أصله في أن الإذن فك الحجر مطلقا فيبقى في الأموال كالحر. وقال الشيخ تقي الدين أيضا يتوجه فيمن أقر بحق الغير وهو غير متهم كإقرار العبد بجنايته الخطأ وإقرار القاتل بجنايته الخطأ أن يجعل المقر كشاهد ويحلف معه المدعي فيما يثبت بشاهد ويمين أو يقيم شاهدا آخر كما قلنا في إقرار بعض الورثة بالنسب هذا هو القياس والاستحسان انتهى كلامه. ● فصل قال القاضي فإن حجر الولي عليه فأقر بدين بعد الحجر لم يصدق. وقال في رواية حنبل إذا حجر الولي على العبد فبايعه رجل بعد ما علم أن مولاه حجر عليه لم يكن له شيء لأنه هو أتلف ماله. واحتج القاضي بأن الحجر لا يتبعض فإذا صار محجورا عليه في البيع والشراء وجب أن يصير محجورا عليه في إيجاب الدين.
O متابعة المتن ولو أقر بالجناية مكاتب تعلقت برقبته وذمته ذكره القاضي. __________ قال الشيخ تقي الدين وكذلك ذكر أبو محمد فصلوا بين أن يأذن له مرة ثانية أو لا يأذن له وقال أبو حنيفة إن كان عليه دين يحيط بما في يده فإقراره باطل وإن لم يكن عليه دين وكان في يده مال لزمه في المال ولا يلزم في رقبته واحتج بأن يده ثابتة على المال بعد الحجر بدليل أنه لو حجر عليه وله ودائع عند أقوام كان هو الذي يتقاضاها ولا يبطل الحجر ما ثبت له من الحق ولم يمنع القاضي هذا الوصف قاله الشيخ تقي الدين. واحتج أبو الخطاب وغيره بأنه محجور عليه بالرق فلم يصح إقراره كما لو كان عليه دين يحيط بما في يده. وقال الشيخ تقي الدين قياس المذهب صحة إقراره مطلقا كالحاكم والوكيل والوصي بعد العزل ولأن الحجر عندنا يتبعض ثبوتا فيتبعض زوالا انتهى كلامه. واحتج الشريف وغيره بأن الحجر لا يتبعض فإذا كان محجورا عليه في البيع والابتياع لم يصح بالإقرار في الدين ولنا أن نقول حجر يمنع بعض التصرف في أعيان المال لحق الغير فمنع التصرف مطلقا لحقه أيضا تسوية بين تصرفاته ولأنه محجور عليه لحق الغير فلم يقبل إقراره كالمحجور عليه لفلس أو سفه يقر بدين وعليه دين قبل الحجر. قوله: "ولو أقر بالجناية مكاتب تعلقت برقبته وذمته ذكره القاضي". وذكره أيضا أصحابه كأبي الخطاب والشريف فإنهم قالوا لزمه فإن عجز بيع فيها إن لم يفده المولى. وقال في المستوعب لزمته فإن عجز تعلقت برقبته وقال أبو حنيفة يستسعى فيها في الكتابة وإن عجز بطل إقراره بها وسواء قضاها أو لم يقضها
O متابعة المتن ويتخرج أن لا يتعلق إلا بذمته كالمأذون ولو أقر السيد على العبد بشيء مما ذكرنا لم يقبل عليه ولم يلزم السيد منه إلا فداء ما يتعلق بالرقبة لو ثبت بالبينة. وإذا أقر عبد غير مكاتب لسيده أو أقر له سيده بمال لم يصح. __________ وعن الشافعي كقولنا وعنه أنه موقوف إن أدى الكتابة لزمته وإن عجز بطل فمن أصحابنا من اقتصر في حكاية هذا القول ومنهم من زاد حتى يعتق. واحتج الأصحاب بأن إقرار لزمه في حال الكتابة فلا يبطل بعجزه كالإقرار بالدين وعن الشافعي أن المكاتب في يد نفسه فصح إقراره بالجناية كالحر قالوا ولا يلزم المأذون له لأنه في يد المولى. قوله: "ويتخرج أن لا يتعلق إلا بذمته كالمأذون". بجامع الرق وقد تقدم الفرق. قوله: "ولو أقر السيد على العبد بشيء مما ذكرنا لم يقبل عليه". لأنه لا يملك من العبد إلا المال. قوله: "ولم يلزم السيد منه إلا فداء ما يتعلق بالرقبة لو ثبت بالبينة". لأنه إيجاب حق في ماله وكجناية الخطأ وقطع بهذا في الكافي وقال في المغني ويحتمل أن يصح إقرار المولى عليه بما يوجب القصاص ويجب المال دون القصاص. قوله: "وإذا أقر عبد غير مكاتب أو أقر له سيده بمال لم يصح". أما المسألة الأولى فلأن مال العبد لسيده ولو قلنا بأنه يملك فقد أقر له بماله فلم يفد إقراره شيئا وكان هذا على المشهور وهو عدم ثبوت مال لسيد عبد في ذمته وهو الذي قطع به غير واحد.
● [ لكتاب الإقرار بقية ] ●
كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني منتدى ميراث الرسول - البوابة