من طرف بص وطل الأحد نوفمبر 29, 2015 4:01 pm
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
رحلات إبن بطوطة
الجزء الأول
من ذكر عادة أهل مكة الى الخروج من مكة
● [ ذكر عادة أهل مكة في صلواتهم ] ●
ومواضع أئمتهم
فمن عاداتهم أن يصلي أول الأئمة إمام الشافعية، وهو المقدم من قبل أولي الأمر. وصلاته خلف المقام الكريم، مقام إبراهيم الخليل عليه السلام في حطيم له هنالك بديع. وجمهور الناس بمكة على مذهبه. والحطيم خشبتان موصول ما بينها بأذرع شبه السلم، تقابلهما خشبتان على صفتهما، وقد عقدت على أرجل مجصصة، وعرض على أعلى الخشب خشبة أخرى فيها خطاطيف حديد يعلق فيها قناديل زجاج. فإذا صلى الإمام الشافعي صلى بعده إمام المالكية في محراب قبالة الركن اليماني، ويصلي إمام الحنبلية معه في وقت واحد مقابلاً ما بين الحجر الأسود والركن اليماني، ثم يصلي إمام الحنفية قبال الميزاب المكرم تحت حطيم له هنالك، ويوضع بين يدي الأئمة في محاربيهم الشمع. وترتيبهم هكذا في الصلوات الأربع، وأما صلاة المغرب فإنهم يصلونها في وقت واحد، كل إمام يصلي بطائفته، ويدخل على الناس من ذلك سهو تخليط، فربما ركع المالكي بركوع الشافعي وسجد الحنفي بسجود الحنبلي. وتراهم مصيخين كل واحد إلى صوت المؤذن الذي يسمع طائفته لئلا يدخل عليه السهو.
● [ ذكر عاداتهم في الخطبة وصلاة الجمعة ] ●
وعادتهم في يوم الجمعة أن يلصق المنبر المبارك إلى صفح الكعبة الشريفة، فيما بين الحجر الأسود والركن العراقي، ويكون الخطيب مستقبلاً المقام الكريم. فإذا خرج الخطيب، أقبل لابساً ثوب سواد، معتماً بعمامة سوداء، وعليه طيلسان أسود. كل ذلك من كسوة الملك الناصر. وعليه الوقار والسكينة، وهو يتهادى بين رايتين سوداوين، يمسكهما رجلان من المؤذنين، وبين يديه أحد القومه، في يده الفرقعة، وهي عود في طرفه جلد رقيق مفتول، ينفضه في الهواء فيسمع له صوت عال يسمعه من بداخل الحرم وخارجه، فيكون إعلاماً بخروج الخطيب. ولا يزال كذلك إلى أن يقرب من المنبر فيقبل الحجر الأسود ويدعو عنده، ثم يقصد المنبر، والمؤذن الزمزمي، وهو رئيس المؤذنين بين يديه، لابساً السواد وعلى عاتقه السيف ممسكاً له بيده، وتركز الرايتان عن جانبي المنبر. فإذا صعد أول درج من درج المنبر قلده المؤذن السيف، فيضرب بنصل السيف ضربة في الدرج يسمع بها الحاضرين، ثم يضرب في الدرج الثاني ضربة، ثم في الثالث أخرى.فإذا استوى في عليا الدرجات ضرب ضربة رابعة، ووقف داعياً بدعاء خفي، مستقبل الكعبة. ثم يقبل على الناس فيسلم عن يمينه وشماله، ويرد عليه الناس، ثم يقعد. ويؤذن المؤذنون في أعلى قبة زمزم في حين واحد. فإذا فرغ الأذان، خطب الخطيب خطبة يكثر بها من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول في أثنائها: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ما طاف بهذا البيت طائف، ويشير بأصبعه إلى البيت الكريم: اللهم صل على محمد وآل محمد ما وقف بعرفة واقف. ويترضى عن الخلفاء الأربعة وعن سائر الصحابة وعن النبي صلى الله عليه وسلم وسبطيه وأمهما وخديجة جدتهما، على جميعهم السلام. ثم يدعو للملك الناصر، ثم للسلطان المجاهد نور الدين علي ابن الملك المؤيد داود ابن الملك المظفر يوسف بن علي بن رسول، ثم للسيدين الشريفين الحسنيين أميري مكة. سيف الدين عطيفة، وهو أصغر الأخوين، ويقدم اسمه لعدله، وأسد الدين رميثة، ابني أبي نمي بن أبي سعيد بن علي بن قتادة. وقد دعا لسلطان العراق مرة، ثم قطع ذلك. فلما فرغ من خطبته وانصرف، والرايتان عن يمينه وشماله والفرقعة أمامه إشعاراً بانقضاء الصلاة، ثم يعاد المنبر إلى مكانه الكريم.
● [ ذكر عاداتهم في استهلال الشهور ] ●
وعادتهم في ذلك أن يأتي أمير مكة في أول يوم من الشهر، وقواده يحفون به، وهو لابس البياض معتم متقلد سيفاً وعليه السكينة والوقار، فيصلي عند المقام الكبير ركعتين، ثم يقبل الحجر، ويسرع في طواف اسبوع . ورئيس المؤذنين على أعلى قبة زمزم. فعند ما يكمل الأمير شوطاً واحداً. ويقصد الحجر لتقبيله، يندفع رئيس المؤذنين بالدعاء له، والتهنئة بدخول الشهر، رافعاً بذلك صوته، ثم يذكر شعراً في مدحه ومدح سلفه الكريم. ويفعل به هكذا في السبعة أشواط. فإذا فرغ منها ركع عند الملتزم ركعتين، ثم ركع خلف المقام أيضاً ركعتين، ثم انصرف. ومثل هذا سواء يفعل إذا أراد سفراً وإذا قدم من سفر أيضاً.
● [ ذكر عادتهم في شهر رجب ] ●
وإذا هل هلال رجب أمر أمير مكة بضرب الطبول والبوقات اشعاراً بدخول الشهر، ثم يخرج في أول يوم منه راكباً. ومعه أهل مكة فرساناً ورجالاً، على ترتيب عجيب، وكلهم بالأسلحة، يلعبون بين يديه، والفرسان يجولون ويجرون، والرجال يتواثبون ويرمون بحرابهم إلى الهواء، ويلقفونها، والأمير رميثة والأمير عطيفة معهما أولادهما وقوادهما مثل محمد بن إبراهيم، وعلي وأحمد ابني صبيح، وعلي بن يوسف وشداد بن عمر وعامر الشرق ومنصور بن عمر وموسى المزرق، وغيرهم من كبار أولاد الحسن ووجوه القواد. وبين أيديهم الرايات والطبول والدبادب، وعليهم السكينة والوقار. ويسيرون حتى ينتهوا إلى الميقات، ثم يأخذون في الرجوع على معهود ترتيبهم إلى المسجد الحرام، فيطوف الأمير بالبيت، والمؤذن الزمزمي بأعلى قبة زمزم يدعو له عند كل شوط، على ما ذكرناه من عادته، فإذا طاف صلى ركعتين عند الملتزم، وصلى عند المقام وتمسح به، وخرج إلى المسعى فسعى راكباً والقواد يحفون به، والحرابة بين يديه، ثم يسير إلى منزله. وهذا اليوم عندهم عيد من الأعياد يلبسون فيه أحسن الثياب ويتنافسون في ذلك.
● [ ذكر عمرة رجب ] ●
وأهل مكة يحتفلون لعمرة رجب الاحتفال الذي لا يعهد مثله، وهي متصلة ليلاً نهاراً. وأوقات الشهر كله معمورة بالعبادة، وخصوصاً أول يوم منه، ويوم خمسة عشر، والسابع والعشرين. فإنهم يستعدون لها قبل ذلك بأيام. شاهدتهم في ليلة السابع والعشرين منه، وشوارع مكة قد غصت بالهوادج عليها كساء الحرير والكتان الرفيع، كل واحد يفعل بقدر استطاعته، والجمال مزينة مقلدة بقلائد الحرير، وأستار الهوادج ضافية تكاد تمس الأرض فهي كالقباب المضروبة. ويخرجون إلى ميقات التنعيم فتسيل أباطح مكة بتلك الهوادج، والنيران مشعلة بجنبتي الطريق، والشمع والمشاعل أمام الهوادج، والجبال تجيب بصداها إهلال المهللين، فترق النفوس، وتنهمل الدموع، فإذا قضوا العمرة، وطافوا بالبيت، خرجوا إلى السعي بين الصفا والمروة بعد مضي شيء من الليل، والمسعى متقد السرج غاص بالناس، والساعيات على هوادجهن، والمسجد الحرام يتلألأ نوراً. وهم يسمون هذه العمرة بالعمرة الأكمية، لأنهم يحرمون بها من أكمة مسجد عائشة رضي الله عنها بمقدار غلوة، على مقربة من المسجد المنسوب إلى علي رضي الله عنه. والأصل في هذه العمرة أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما لما فرغ من بناء الكعبة المقدسة خرج ماشياً حافياً معتمراً، ومعه أهل مكة وذلك في اليوم السابع والعشرين من رجب، وانتهى إلى الأكمة فأحرم منها، وجعل طريقه على ثنية الحجون إلى المعلى، من حيث دخل المسلمون يوم الفتح. فبقيت تلك العمرة سنة عند أهل مكة إلى هذا العهد، وكان عهد عبد الله مذكوراً أهدى فيه بدناً كبيرة، وأهدى أشراف مكة وأهل الاستطاعة منهم. وأقاموا أياماً يطعمون ويطعمون شكراً لله على ما وهبهم من التيسير والمعونة في بناء بيته الكريم، على الصفة التي كانت عليها في أيام الخليل صلوات الله عليه. ثم لما قتل ابن الزبير نقض الحجاج الكعبة، وردها إلى بنائها في عهد قريش وكانوا قد اقتصروا في بنائها، وأبقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، لحدثان عهدهم بالكفر. ثم أراد الخليفة أبو جعفر المنصور أن يعيدها إلى بناء ابن الزبير، فنهاه مالك رحمه الله عن ذلك، وقال: يا أمير المؤمنين، لا تجعل البيت ملعبة للملوك، متى أراد أحدهم أن يغير فعل. فتركه على حاله سداً للذريعة وأهل البلاد الموالية لمكة، مثل بجيله وزهران وغامد، يبادرون لحضور عمرة رجب ويجلبون إلى مكة الحبوب والسمن والعسل والزبيب والزيت واللوز، فترخص الأسعار بمكة ويرغد عيش أهلها وتعمم المرافق، ولولا أهل هذه البلاد لكان أهل مكة في شظف من العيش. ويذكر أنهم متى أقاموا ببلادهم، ولم يأتوا بهذه الميرة أجدبت بلادهم ووقع الموت في مواشيهم. ومتى أوصلوا الميرة أخصبت بلادهم وظهرت فيها البركة ونمت أموالهم. فهم إذا حان وقت ميرتهم وأدركهم كسل عنها، اجتمعت نساؤهم فأخرجنهم. وهذا من لطائف صنع الله تعالى وعنايته ببلده الأمين وبلاد السرو التي يسكنها بجيله وزهران وغامد وسواهم من القبائل مخصبة كثيرة الأعناب وافرة الغلات، وأهلها فصحاء الألسن، لهم صدق نية وحسن اعتقاد. وهم إذا طافوا بالكعبة يتطارحون عليها، لائذين بجوارها، متعلقين بأستارها، داعين بأدعية يتصدع لرقتها القلوب: وتدمع العيون الجامدة، فترى الناس حولهم باسطي أيديهم مؤمنين على أدعيتهم. ولا يتمكن لغيرهم الطواف معهم، ولا استلام الحجر، لتزاحمهم على ذلك. وهم شجعان أنجاد، ولباسهم الجلود. وإذا وردوا مكة هابت اعراب الطريق مقدمهم، وتجنبوا اعتراضهم، ومن صحبهم من الزوار حمد صحبتهم. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرهم، وأثنى عليهم خيراً وقال: علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء. وكفاهم شرفاً دخولهم في عموم قوله صلى الله عليه وسلم " الإيمان يمان والحكمة يمانية " . وذكر أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يتحرى وقت طوافهم ويدخل في جملتهم تبركاً بدعائهم. وشأنهم عجيب كله، وقد جاء في أثر: زاحموهم في الطواف، فإن الرحمة تنصبّ عليهم صبّاً.
● [ ذكر عادتهم في ليلة النصف من شعبان ] ●
وهذه الليلة من الليالي المعظمة عند أهل مكة، يبادرون فيها إلى أعمال البر من الطواف والصلاة جماعات وأفذاذاً والاعتمار. ويجتمعون في المسجد الحرام جماعة، لكل جماعة إمام. ويوقدون السرج والمصابيح والمشاعل. ويقابل ذلك ضوء القمر فتتلألأ الأرض والسماء نوراً ويصلون مائة ركعة، يقرأون في كل ركعة بأم القرآن وسورة الإخلاص، يكررونها عشراً وبعض الناس يصلون في الحجر منفردين، وبعضهم يطوفون بالبيت الشريف، وبعضهم قد خرجوا للاعتمار.
● [ ذكر عادتهم في شهر رمضان المعظم ] ●
وإذا أهل هلال رمضان تضرب الطبول والدبادب عند أمير مكة. ويقع الاحتفال بالمسجد الحرام، من تجديد الحصر، وتكثير الشمع والمشاعل، حتى يتلألأ الحرم نوراً، ويسطع بهجة وإشراقاً. وتتفرق الأئمة فرقاً. وهم الشافعية والحنبلية والحنفية والزيدية، وأما المالكية فيجتمعون على أربعة من القراء، يتناوبون القراءة ويوقدون الشمع ولا تبقى في الحرم زاوية ولا ناحية إلا وفيها قارئ يصلي بجماعة، فيرتج المسجد لأصوات القراء، وترق النفوس وتحضر القلوب وتهمل الأعين. ومن الناس من يقتصر على الطواف والصلاة في الحجر منفرداً. والشافعية أكثر الأئمة اجتهاداً، وعاداتهم أنهم إذا أكملوا التراويح المعتادة، وهي عشرون ركعة، يطوف إمامهم وجماعته. فإذا فرغ من الأسبوع ضربت الفرقعة التي ذكرنا أنها تكون بين يدي الخطيب يوم الجمعة، كان ذلك إعلاماً بالعودة إلى الصلاة. ثم يصلي ركعتين، ثم يطوف أسبوعاً هكذا إلى أن يتم عشرين ركعة أخرى. ثم يصلون الشفع والوتر، وينصرفون. وسائر الأئمة لا يزيدون على العادة شيئاً. وإذا كان وقت السحور يتولى المؤذن الزمزمي التسحير في الصومعة التي بالركن الشرقي من الحرم، فيقوم داعياً ومذكراً ومحرضاً على السحور، وهكذا يفعلون في سائر الصوامع. فإذا تكلم أحد منهم أجابه صاحبه، وقد نصبت في أعلى كل صومعة خشبة على رأسها عود معترض، قد علق فيه قنديلان من الزجاج كبيران يوقدان، فإذا قرب الفجر وقع الإيذان بالقطع مرة بعد مرة، وحط القنديلان، وابتدأ المؤذنون بالأذان. وأجاب بعضهم بعضاً. ولديار مكة شرفها الله سطوح. فمن بعدت داره بحيث لا يسمع الأذان يبصر القنديلين المذكورين فيتسحر. حتى إذا لم يبصرها أقلع عن الأكل. وفي ليلة وتر من ليالي العشر الأواخر من رمضان يختمون القرآن ويحضر الختم القاضي والفقهاء والكبراء. ويكون الذي يختم بها أحد أبناء كبراء أهل مكة. فإذا ختم، نصب له منبر مزين بالحرير، وأوقد الشمع، وخطب. فإذا فرغ من خطبته استدعى أبوه الناس إلى منزله فأطعمهم الأطعمة الكثيرة والحلاوات وكذلك يصنعون في جميع ليالي الوتر. واعظم من تلك الليالي عندهم ليلة سبع وعشرين. واحتفالهم لها أعظم من احتفالهم لسائر الليالي. ويختم بها القرآن العظيم خلف المقام الكريم. وتقام إزاء حطيم الشافعية خشب عظام، توصل بالحطيم، وتعرض بينها ألواح طوال، وتجعل ثلاث طبقات، وعليها الشمع وقنديل الزجاج، فيكاد يغشى الأبصار شعاع الأنوار، ويتقدم الإمام، فيصلي فريضة العشاء الآخرة، ثم يبتدئ قراءة سورة القدر. وإليها يكون انتهاء قراءة الأئمة في الليلة التي قبلها وفي تلك الساعة يمسك جميع الأئمة عن التراويح تعظيماً لختمة المقام، ويحضرونها متبركين، فيختم الإمام في تسليمتين، ثم يقوم خطيباً مستقبل المقام، فإذا فرغ من ذلك عاد الأئمة إلى صلاتهم، وانفض الجميع. ثم يكون الختم ليلة تسع وعشرين في المقام المالكي في منظر مختصر وعن المباهاة منزه موقر فيختم ويخطب.
● [ ذكر عادت اهل مكة في شوال ] ●
وعادتهم في شوال، وهو مفتتح أشهر الحج المعلومات، أن يوقدوا المشاعل ليلة استهلاله، ويسرجون المصابيح والشمع، على نحو فعلهم في ليلة سبع وعشرين من رمضان. وتوقد السرج في الصوامع من جميع جهاتها، ويوقد سطح الحرم كله وسطح المسجد الذي بأعلى أبي قبيس، ويقيم المؤذنون ليلتهم تلك في تهليل وتكبير وتسبيح، والناس ما بين طواف وصلاة وذكر ودعاء فإذا صلوا صلاة الصبح أخذوا في أهبة العيد، ولبسوا أحسن ثيابهم، وبادروا لأخذ مجالسهم بالحرم الشريف، به يصلون صلاة العيد، لأنه لا موضع أفضل منه. ويكون أول من يبكر إلى المسجد الشيبيون فيفتحون باب الكعبة المقدسة، ويقعد كبيرهم في عتبتها، وسائرهم بين يديه، إلى أن يأتي أمير مكة فيتلقونه، ويطوف بالبيت أسبوعاً، والمؤذن الزمزمي فوق سطح قبة زمزم على العادة، رافعاً صوته بالثناء عليه والدعاء له ولأخيه كما ذكر، ثم يأتي الخطيب بين الرايتين السوداوين، والفرقعة أمامه، وهو لابس السواد، فيصلي خلف المقام الكريم، ثم يصعد المنبر ويخطب خطبة بليغة. ثم إذا فرغ منها أقبل الناس بعضهم على بعض بالسلام والمصافحة والاستغفار، ويقصدون الكعبة الشريفة فيدخلونها أفواجاً، ثم يخرجون إلى مقبرة باب المعلى، تبركاً بمن فيها من الصحابة وصدور السلف ثم ينصرفون.
● [ ذكر إحرام الكعبة ] ●
وفي اليوم السابع والعشرين من شهر ذي القعدة تشمر أستار الكعبة، زادها الله تعظيماً، إلى نحو ارتفاع قامة ونصف من جهاتها الأربع صوناً لها من الأيدي أن تنتهبها. ويسمون ذلك إحرام الكعبة وهو يوم مشهود بالحرم الشريف. ولا تفتح الكعبة المقدسة من ذلك اليوم حتى تنقضي الوقفة بعرفة.
● [ ذكر شعائر الحج وأعماله ] ●
وإذا كان في أول يوم شهر ذي الحجة، تضرب الطبول والدبادب في أوقات الصلوات بكرة وعشية، إشعارها بالموسم المبارك. ولا تزال كذلك إلى يوم الصعود إلى عرفات. فإذا كان اليوم السابع من ذي الحجة خطب الخطيب إثر صلاة الظهر خطبة بليغة، يعلم الناس فيها مناسكهم، ويعلمهم بيوم الوقفة، فإذا كان اليوم الثاني بكر الناس بالصعود إلى منى. وأمراء مصر والشام والعراق وأهل العلم يبتيون تلك الليلة بمنى وتقع المباهاة والمفاخرة بين أهل مصر والشام والعراق في إيقاد الشمع. ولكن الفضل في ذلك لأهل الشام دائماً. فإذا كان اليوم التاسع رحلوا من منى بعد صلاة الصبح إلى عرفة. فيمرون في طريقهم بوادي محسر، ويهرولون، وذلك سنة. ووادي محسر هو الحد ما بين مزدلفة ومنى، ومزدلفة بسيط من الأرض فسيح بين جبلين، وحولها مصانع وصهاريج للماء، مما بنته زبيدة ابنة جعفر بن أبي جعفر المنصور زوجة أمير المؤمنين هارون الرشيد. وبين منى وعرفة خمسة أميال، وكذلك بين منى ومكة أيضاً خمسة أميال. ولعرفة ثلاثة أسماء وهي، عرفة وجمع والمشعر الحرام، وعرفات بسيط من الأرض فسيح أفيح، تحدق به جبال كثيرة. وفي آخر بسيط عرفات جبل الرحمة، وفيه الموقف، وفيما حوله، والعلمان قبله بنحو ميل، وهما الحد ما بين الحل والحرم. وبمقربة منهما مما يلي عرفة بطن عرنة الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالارتفاع عنه، ويجب التحفظ منه، ويجب أيضاً الإمساك عن النفور حتى يتمكن سقوط الشمس. فإن الجمالين ربما استحثوا كثيراً من الناس، وحذروهم الزحام في النفر، واستدرجوهم إلى أن يصلوا بهم بطن عرنة، فيبطل حجهم. وجبل الرحمة الذي ذكرناه قائم وسط بسيط جمع منقطع عن الجبال، وهو من حجارة منقطع بعضها عن بعض. وفي أعلاه قبة تنسب إلى أم سلمة رضي الله عنهما، وفي وسطها مسجد يتزاحم الناس للصلاة فيه، وحوله سطح فسيح يشرف على بسيط عرفات، وفي قبليه جدار فيه محاريب منصوبة يصلي فيه الناس، وفي أسٍفل هذا الجبل عن يسار المستقبل للكعبة دار عتيقة البناء تنسب إلى آدم عليه السلام، وعن يسارها الصخرات التي كان موقفف النبي صلى الله عليه وسلم عندها، وحول ذلك صهاريج وجبات للماء، وبمقربة منه الموضع الذي يقف في الإمام ويخطب ويجمع بين الظهر والعصر، وعن يسار العلمين للمستقبل أيضاً وادي الأراك وبه أراك اخضر يمتد في الأرض امتداداً طويلاً، وإذا حان وقت النفر أشار الإمام المالكي بيده، ونزل عن موقفه، فدفع الناس بالنفر دفعة ترتج لها الأرض، وترجف الجبال. فياله موقفاً كريماً ومشهداً عظيماً ترجو النفوس حسن عقباه، وتطمح الآمال إلى نفحات رحماه، وجعلنا الله ممن خصه فيه برضاه. وكانت وقفتي الأولى يوم الخميس سنة ست وعشرين، وأمير الركب المصري يومئذ أرغون الدوادار نائب الملك الناصر. وحجت في تلك السنة ابنة الملك الناصر وهي زوجة أبي بكر ابن أرغون المذكور.وحجت فيها زوجة الملك الناصر والمسماة بالخونده، وهي بنت السلطان المعظم محمد أوزبك ملك السرا وخوارزم، وأمير الركب الشامي سيف الدين الجوبان. ولما وقع النفر بعد غروب الشمس، وصلنا مزدلفة عند العشاء الآخرة، فصلينا بها المغرب والعشاء جمعاً بينهما حسبما جرت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما صلينا الصبح بمزدلفة غدونا منها إلى منى بعد الوقوف والدعاء بالمشعر الحرام. ومزدلفة كلها موقف إلا وادي محسر، ففيه تقع الهرولة حتى يخرج عنه. ومن مزدلفة يستصحب أكثر الناس حصيات الجمار، وذلك مستحب. ومنهم من يلقطها حول مسجد الخيف. والأمر في ذلك واسع. ولما انتهى الناس إلى منى بادروا لرمي جمرة العقبة، ثم نحروا وذبحوا، ثم حلقوا وحلوا من كل شيء إلا النساء والطيب حتى يطوفوا طواف الافاضة ورمي هذه الجمرة عند طلوع الشمس من يوم النحر. لما رموها توجه أكثر الناس بعد أن ذبحوا وحلقوا إلى طواف الإفاضة. ومنهم من أقام إلى اليوم الثاني. وفي اليوم الثاني رمى الناس عند زوال الشمس بالجمرة الأولى سبع حصيات، وبالوسطى كذلك، ووقفوا للدعاء بهاتين الجمرتين اقتداء بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما كان اليوم الثالث تعجل الناس الانحدار إلى مكة شرفها الله، بعد أن كمل لهم رمي تسع وأربعين حصاة. وكثير منهم أقام اليوم الثالث بعد يوم النحر حتى رمي سبعين حصاة.
● [ ذكر كسوة الكعبة ] ●
وفي يوم النحر بعثت كسوة الكعبة الشريفة من الركب المصري إلى البيت الكريم، فوضعت في سطحه، فلما كان اليوم الثالث بعد يوم النحر أخذ الشيبيون في إسبالها على الكعبة الشريفة. وهي كسوة سوداء حالكة من الحرير مبطنة بالكتان وفي أعلاها طراز مكتوب فيه بالبياض " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً " الآية. وفي سائر جهاتها طراز مكتوب بالبياض فيها آيات من القرآن، وعليها نور لائح مشرق من سوادها. ولما كيست شمرت أذيالها صوناً من أيدي الناس. والملك الناصر هو الذي يتولى كسوة الكعبة الكريمة، ويبعث مرتبات القاضي والخطيب والأئمة والمؤذنين والفراشين والقومة، وما يحتاج له الحرم الشريف من الشمع والزيت في كل سنة. وفي هذه الأيام تفتح الكعبة الشريفة في كل يوم للعراقيين والخراسانين وسواهم ممن يصل مع الركب العراقي، وهم يقيمون بمكة بعد سفر الركبين الشامي والمصري أربعة أيام، فيكثرون فيها الصدقات على المجاورين وغيرهم. ولقد شاهدتهم يطوفون بالحرم ليلاً، فمن لقوه في الحرم من المجاورين أو المكيين أعطوه الفضة والثياب، وكذلك يعطون للمشاهدين الكعبة الشريفة، وربما وجدوا إنساناً نائماً فجعلوا في فيه الذهب والفضة حتى يفيق. ولما قدمت معهم من العراق سنة ثمان وعشرين فعلوا من ذلك كثيراً، وأكثروا الصدقة حتى رخص سوم الذهب بمكة، وانتهى صرف المثقال إلى ثمانية عشر درهماً نقرة، لكثرة ما تصدقوا به من الذهب. وفي هذه السنة ذكر اسم السلطان أبي السعيد ملك العراق على المنبر وقبة زمزم.
● [ ذكر الانفصال عن مكة شرفها الله تعالى ] ●
وفي الموفي عشرين لذي الحجة خرجت من مكة صحبة أمير ركب العراق البهلوان محمد الحويح بحاءين مهملين، وهو من أهل الموصل. وكان يلي إمارة الحاج بعد موت الشيخ شهاب الدين قلندر، وكان شهاب الدين سخياً فاضلاً عظيم الحرمة عند سلطانه، يحلق لحيته وحاجبيه على طريقة القلندرية. ولما خرجت من مكة شرفها الله تعالى في صحبة الأمير البهلوان المذكور اكترى لي شقة محارة إلى بغداد، ودفع إجارتها من ماله، وأنزلني في جواره. وخرجنا بعد طواف الوداع إلى بطن مر ، في جمع من العراقيين والخراسانيين والفارسيين والأعاجم، لا يحصى عديدهم تموج بهم الأرض موجاً، ويسيرون سير السحاب المتراكم. فمن خرج عن الركب لحاجة، ولم تكن له علامة يستدل بها على موضعه، ضل عنه لكثرة الناس. وفي هذا الركب نواضح كثيرة لأبناء السبيل يستقون منها الماء، وجمال لرفع الراد للصدقة ورفع الأدوية والأشربة والسكر لمن يصيبه مرض. وإذا نزل الركب طبخ الطعام في قدور نحاس عظيمة تسمى الدسوت، وأطعم منها أبناء السبيل ومن لا زاد معه. وفي الركب جملة من الجمال يحمل عليها من لا قدرة له على المشي. كل ذلك من صدقات السلطان أبي سعيد ومكارمه. قال ابن جزي: كرم الله هذه الكنية الشريفة، فما أعجب أمرها في الكرم، وحسبك بمولانا بحر المكارم ورافع رايات الجود الذي هو آية الندى والفضل أمير المسلمين أبي سعيد ابن مولانا قامع الكفار والآخذ للإسلام بالثار أمير المسلمين يوسف قدس الله أرواحهم الكريمة وأبقى الملك في عقبهم الطاهر إلى يوم الدين.
وفي هذا الركب الأسواق الحافلة والمرافق العظيمة وأنواع الأطعمة والفواكه وهم يسيرون بالليل ويوقدون المشاعل أمام القطار والمحارات، فترى الأرض تلألأ نوراً والليل قد عاد نهاراً ساطعاً ثم رحلنا من بطن مر إلى عسفان ثم إلى خليص، ثم رحلنا أربع مراحل، ونزلنا وادي السمك، ثم رحلنا خمساً، ونزلنا في بدر وهذه المراحل ثنتان في اليوم: إحداهما بعد الصبح والأخرى بالعشي، ثم رحلنا من بدر فنزلنا الصفراء، وأقمنا بها يوماً مستريحين، ومنها إلى المدينة الشريفة مسيرة ثلاث. ثم رحلنا فوصلنا إلى طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحصلت لنا زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانياً، وأقمنا بالمدينة كرمها الله تعالى ستة أيام، واستصحبنا منها الماء لمسيرة ثلاث، ورحلنا عنها فنزلنا في الثالثة بوادي العروس، فتزودنا منه الماء من حسيات يحفرون عليها في الأرض، فينبطون ماء عذباً معيناً، ثم رحلنا من وادي العروس ودخلنا أرض نجد، وهو بسيط من الأرض على مد البصر، فتنسمنا نسيمه الطيب الأرج، ونزلنا بعد أربع مراحل على ماء يعرف بالعسيلة ثم رحلنا عنه ونزلنا ماء يعرف بالنقرة، فيه آثار مصانع كالصهاريج العظيمة، ثم رحلنا إلى ماء يعرف بالقارورة، وهي مصانع مملوءة بماء المطر مما صنعته زبيدة ابنة جعفر رحمها الله ونفعها وهذا الموضع هو وسط أرض نجد فسيح طيب النسيم صحيح الهواء نقي التربة معتدل في كل فصل، ثم رحلنا من القاروروة ونزلنا بالحاجز، وفيه مصانع للماء، وربما جفت فحفر عن الماء في الجفار. ثم رحلنا ونزلنا سميرة، وهي أرض غائرة في بسيط فيه شبه حصن مسكون وماؤها كثير في آبار، إلا أنه زعاق ويأتي عرب تلك الأرض بالغنم والسمن واللبن فيبيعون ذلك من الحجاج بالثياب الخام، ولا يبيعون بسوى ذلك ثم رحلنا ونزلنا بالجبل المخروق، وهو في بيداء من الأرض، وفي أعلاه ثقب نافذة تخرقه الريح ثم رحلنا منه إلى وادي الكروش ولا ماء به ثم اسرينا ليلاً وصبحنا حصن فيد وهو حصن كبير في بسيط من الأرض يدور به سور وعليه ربض، وساكنوه عرب يتعيشون مع الحاج في البيع والتجارة. وهنالك يترك الحجاج بعض أزوادهم حين وصولهم من العراق إلى مكة شرفها الله تعالى، فإذا عادوا وجدوه وهو نصف الطريق من مكة إلى بغداد، ومنه إلى الكوفة مسيرة اثني عشر يوماً في طريق سهل به المياه في المصانع، ومن عادة الركب أن يدخلوا هذا الموضع على تعبئته وأهبة للحرب، ارهاباً للعرب االمجتمعين هنالك، وقطعاً لأطناعهم عن الركب وهنالك لقينا أميري العرب، وهما فياض وحيار واسمه " بكسر الحاء واهماله وياء آخر الحروف "، وهما ابنا الأمير مهنا بن عيسى، ومعهما من خيل العرب ورجالهم من لا يحصون كثرة فظهر منهما المحافظة على الحاج والرحال والحوطة لهم، وأتى العرب بالجمال والغنم وأشترى منهم الناس ما قدروا عليه، ثم رحلنا ونهزلنا الموضع الأجفر، ويشتهر باسم العاشقين: جميل وبثينة ثم رحلنا ونزلنا البيداء، ثم نزلنا زرود، وهي بسيط من الأرض فيه رمال منهالة وبه دور صغار، قد أدوارها شبه الحصن، وهنالك آبار ماء ليست بالعذبة ثم رحلنا ونزلنا الثعلبية، ولها حصن خرب بإزائه مصنع هائل ينزل إليه في درج، وبه من ماء المطر ما يعم الركب.
ويجتمع من العرب بهذا الموضع جمع عظيم فيبيعون الجمال والغنم والسمن واللبن. ومن هذا الموضع إلى الكوفة ثلاث مراحل ثم رحلنا فنزلنا ببركة المرجوم، وهو مشهد على الطريق عليه كوم عظيم من حجارة، وكل من مر به رجمه ويذكر أن هذا المرجوم كان رافضياً، فسافر مع الركب يريد الحج، فوقعت بينه وبين أهل السنة من الأتراك مشاجرة، فسب بعض الصحابة،فقتلوه بالحجارة. وبهذا الموضع بيوت كثيرة للعرب، ويقصدون الركب بالسمن واللبن وسوى ذلك، وبه مصنع كبير يعم جميع الركب مما بنته زبيدة رحمة الله عليها، وكل مصنع أو بركة أو بئر بهذا الطريق التي بين مكة وبغداد، فهي من كريم آثارها جزاها الله خيراً، ووفى لها أجرها. ولولا عنايتها بهذا الطريق ما سلكها أحد، ثم رحلنا ونزلنا موضعاً يعرف بالمشقوق، فيه مصنعان بهما الماء العذب الصافي، وأراق الناس ما كان عندهم من الماء وتزودوا منهما. ثم رحلنا ونزلنا موضعاً يعرف بالتنانير، وفيه مصانع تمتلئ بالماء، ثم أسرينا منه واجتزنا ضحوة بزمالة، وهي قرية معمورة بها قصر للعرب ومصنعان للماء وآبار كثيرة، وهي من مناهل هذا الطريق ثم رحلنا فنزلنا الهيثمين، وفيه مصنعان للماء ثم رحلنا فنزلنا دون العقبة المعروفة بعقبة الشيطان، وصعدنا العقبة في اليوم الثاني وليس بهذا الطريق وعر سواها، على أنها ليست بصعبة ولا طائلة، ثم نزلنا موضعاً يسمى واقصة فيه قصر كبير ومصانع للماء، معمور بالعرب، وهو آخر مناهل هذا الطريق، وليس فيما بعده إلى الكوفة منهل مشهور الا مشارع ماء الفرات، وبه يتلقى كثير من أهل الكوفة الحاج، ويأتون بالدقيق والخبز والتمر والفواكه، ويهنئ الناس بعضهم بعضاً بالسلامة ثم نزلنا موضعاً يعرف بلورة، فيه مصنع كبير للماء ثم نزلنا موضعاً يعرف بالمساجد، فيه ثلاث مصانع ثم نزلنا موضعاً يعرف بمنارة القرون، وهي منارة في بيداء من الأرض بائنة الارتفاع مجللة بقرون الغزلان ولا عمارة حولها، ثم نزلنا موضعاً يعرف بالعذيب، وهو واد مخصب عليه عمارة وحوله فلا خصبة فيها مسرح للبصر.
ثم نزلنا القادسية حيث كانت الوقعة الشهيرة على الفرس التي أظهر الله فيها دين الإسلام وأذل المجوس عبدة النار فلم تقم لهم بعدها قائمة واستأصل الله شأفتهم، وكان أمير المسلمين يومئذ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. وكانت القادسية مدينة عظيمة افتتحها سعد رضي الله عنه، وخربت فلم يبق منها الآن الا مقدار قرية كبيرة، وفيها حدائق النخل وبها مشارع من ماء الفرات، ثم رحلنا منها فنزلنا مدينة مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنجف، وهي مدينة حسنة في أرض فسيحة صلبة من أحسن مدن العراق وأكثرها ناساً وأتقنها بناء ولها أسواق حسنة نظيفة دخلناها من باب الحضرة، فاستقبلنا سوق البقالين والطباخين والخبازين، ثم سوق الفاكهة ثم سوق الخياطين والقيسارية ثم سوق العطارين ثم الحضرة حيث القبر الذي يزعمون أنه قبر علي عليه السلام، وبإزائه المدارس والزوايا والخوانق معمورة أحسن عمارة، وحيطانها بالقاشاني وهو شبه الزليج عندنا لكن لونه أشرق ونقشه أحسن.
رحلات إبن بطوطة
الجزء الأول
منتدى توتة وحدوتة - البوابة