من طرف بص وطل الخميس ديسمبر 06, 2018 3:34 pm
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الحديث الشريف
جامع العلوم والحكم
● [ الحديث السادس ] ●
عَنِ النُّعمانِ بنِ بشيرٍ - رَضي الله عنهُما - قال : سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : ( إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ ، وبَينَهُما أُمُورٌ مُشتَبهاتٌ ، لا يَعْلَمُهنّ كثيرٌ مِن النَّاسِ ، فَمَن اتَّقى الشُّبهاتِ استبرأ لِدينِهِ وعِرضِه ، ومَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ ، كالرَّاعي يَرعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يَرتَعَ فيهِ ، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، ألا وإنَّ حِمَى اللهِ محارِمُهُ ، ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضغَةً إذا صلَحَتْ صلَحَ الجَسَدُ كلُّه ، وإذَا فَسَدَت فسَدَ الجَسَدُ كلُّه ، ألا وهِيَ القَلبُ ).
رواهُ البُخاريُّ ومُسلمٌ(1).
الشرح
هذا الحديث صحيح(2) متفق على صحته من رواية الشعبي ، عن النعمان بن بشير ، وفي ألفاظه بعضُ الزيادة والنقص ، والمعنى واحد أو متقارب .
-------------------------
(1) أخرجه : البخاري 1/20 ( 52 ) و3/69 ( 2051 ) ، ومسلم 5/50 ( 1599 ) ( 107 ) و5/51 ( 1599 ) ( 107 ) و( 108 ) .
وأخرجه : الحميدي ( 918 ) ، وأحمد 4/269 و270 و271 ، والدارمي ( 2534 ) ، وأبو داود ( 3329 ) و(3330 )، وابن ماجه ( 3984 ) ، والترمذي ( 1205 ) ، والنسائي 7/241 و8/327 وفي " الكبرى " ، له ( 5219 ) و( 6040 ) ، وابن الجارود ( 555 ) والطحاوي في " شرح المشكل " ( 749 ) و( 750 ) و( 751 ) ، وابن حبان ( 751 ) ، والبيهقي 5/264 و334 وفي " شعب الإيمان " ، له ( 5740 ) و( 5741 ) و( 5742 ) ، والبغوي ( 2031 ) من طريق الشعبي ، عن النعمان بن بشير ، به .
(2) عبارة : ( هذا الحديث صحيح ) لم ترد في ( ص ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقد روي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر(1) ، وعمار بن ياسر(2)، وجابر(3)، وابن مسعود ، وابن عباس(4) ، وحديث النعمان أصح أحاديث الباب .
فقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( الحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس ) معناه : أنَّ الحلال المحض بَيِّنٌ لا اشتباه فيه ، وكذلك الحرامُ المحضُ ، ولكن بين الأمرين أمورٌ تشتبه على كثيرٍ من الناس ، هل هي من الحلال أم من الحرام ؟ وأما الرَّاسخون في العلم ، فلا يشتبه عليهم ذلك ، ويعلمون من أيِّ القسمين هي .
فأما الحلالُ المحضُ : فمثل أكلِ الطيبات من الزروع ، والثمار ، وبهيمة الأنعام ، وشرب الأشربة الطيبة ، ولباسِ ما يحتاج إليه من القطن والكتَّان ، أو الصوف أو الشعر ، وكالنكاح ، والتسرِّي وغير ذلك إذا كان اكتسابُه بعقدٍ صحيح كالبيع ، أو بميراث ، أو هبة ، أو غنيمة .
والحرام المحض : مثلُ أكل الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وشرب الخمر ، ونكاح المحارم ، ولباس الحرير للرجال ، ومثل الأكساب المحرَّمة كالرِّبا ، والميسر ، وثمن مالا يحل بيعه ، وأخذ الأموال المغصوبة بسرقة أو غصب أو تدليس(5) أو نحو ذلك.
-------------------------
(1) أخرجه : الطبراني في " الأوسط " ( 2889 ) .
(2) أخرجه: إسحاق بن راهويه كما في " المطالب العالية " ( 1522 ) ، وأبو يعلى ( 1653 ) ، والطبراني في " الأوسط " ( 1756 ) .
(3) أخرجه : الخطيب في " تاريخه " 9/70 ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " 15/114 .
(4) اخرجه : الطبراني في " الكبير " ( 10824 ) .
(5) سقطت من ( ص ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
وأما المشتبه : فمثلُ أكل بعضِ ما اختلفَ في حلِّه أو تحريمهِ ، إمَّا(1) من الأعيان كالخيلِ والبغالِ والحميرِ ، والضبِّ ، وشربِ(2) ما اختلف من الأنبذة التي يُسكِرُ كثيرُها ، ولبسِ ما اختلف في إباحة لبسه من جلود السباع ونحوها ، وإما من المكاسب المختلف فيها كمسائل العِينة(3) والتورّق(4) ونحو ذلك ، وبنحو هذا المعنى فسَّرَ المشتبهات أحمدُ وإسحاق وغيرهما من الأئمة(5) .
-------------------------
(1) سقطت من ( ص ) .
(2) سقطت من ( ص ) .
(3) في ( ص ) : ( كالعينة ) .
(4) العينة تقع من رجل مضطر إلى نقد ؛ لأن الموسر يضن عليه بالقرض فيضطر إلى أن يشتري منه سلعة ثم يبيعها ؛ فإن اشتراها منه بائعها كانت عينة ، وإنْ باعها من غيره فهي التورق . انظر : حاشية ابن القيم 9/250 .
(5) انظر : المغني لابن قدامة 4/334-335 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وحاصلُ الأمر أنَّ الله تعالى أنزل على نبيه(1) الكتاب ، وبين فيه للأمة ما يحتاجُ إليه من حلال وحرام ، كما قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } (2) قال مجاهد وغيرُه : لكلِّ شيءٍ أُمِرُوا به أو نُهوا عنه(3) ، وقال تعالى في آخر سورة النساء التي بَيَّنَ الله فيها كثيراً من أحكام الأموال(4) والأبضاع : { يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (5) وقال تعالى : { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه } (6) ، وقال تعالى : { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُون } (7) ووكل بيان ما أشكل من التنْزيل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } (8) وما قُبض - صلى الله عليه وسلم - حتّى أكمل له ولأُمته الدينَ ، ولهذا أنزل عليه بعرفة قَبْلَ موته بمدة يسيرة : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً } (9) .
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( عبده ) .
(2) النحل : 89 .
(3) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 16495 ) .
(4) في ( ص ) : ( بين فيها أحكام الأموال ) .
(5) النساء : 176 .
(6) الأنعام : 119 .
(7) التوبة : 115 .
(8) النحل : 44 .
(9) المائدة : 3 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( تَركتُكُم على بَيضاءَ نقية لَيلُها كنهارِها لا يَزِيغُ عنها إلاَّ هالِكٌ )(1) .
وقال أبو ذرٍّ : توفي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائِرٌ يُحرِّكُ جناحَيهِ في السَّماءِ إلاَّ وقد ذَكَرَ لنا منه عِلماً(2) .
ولمَّا شكَّ النَّاسُ في موته - صلى الله عليه وسلم - ، قال عمُّه العباس - رضي الله عنه - : والله ما ماتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتّى تركَ السبيلَ(3) نهجاً واضحاً ، وأحلَّ الحلالَ وحرَّم الحرامَ ، ونكَحَ وطلَّق ، وحارب وسالم ، وما كان راعي غنم يتبع بها رؤوس الجبال يَخْبِطُ عليها العِضاةَ بمِخْبَطهِ ، ويَمْدُرُ حوضَها بيده بأنصَب ولا أدأب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ فيكُم(4) .
-------------------------
(1) أخرجه : أحمد 4/126 ، وابن ماجه ( 43 ) ، وابن أبي عاصم في " السنة " ( 48 ) و( 49 ) ، والطبراني في" الكبير " 18/( 619 ) وفي " مسند الشاميين " ، له ( 2017 ) ، والحاكم 1/96 من حديث العرباض بن سارية ، وهو حديث قويٌّ .
(2) أخرجه : وكيع في " الزهد " ( 522 ) ، والطيالسي ( 479 ) ، وأحمد 5/153 و162 ، والبزار في " مسنده " ( 3897 ) ، والطبري في " تفسيره " ( 10299 ) ، والطبراني في " الكبير " ( 1647 ) ، والصيداوي في " معجمه " : 142 ، والأثر قويٌّ بطرقه .
(3) في ( ص ) : ( الطريق ) .
(4) أخرجه : ابن سعد في " طبقاته " 2/204-205 ، والدارمي ( 83 ) ، من حديث عكرمة مرسلاً .
● [ الصفحة التالية ] ●
وفي الجملة فما ترك الله ورسولُه حلالاً إلا مُبيَّناً ولا حراماً إلاَّ مبيَّناً ، لكن بعضَه كان أظهر بياناً(1) من بعض ، فما ظهر بيانُه ، واشتهرَ وعُلِمَ من الدِّين بالضَّرورة من ذلك(2) لم يبق فيه شكٌّ ، ولا يُعذر أحدٌ بجهله في بلدٍ يظهر فيه الإسلام ، وما كان بيانُه دونَ ذلك ، فمنه ما اشتهر بين حملة الشريعة خاصة ، فأجمع العلماء على حله أو حرمته ، وقد يخفى على بعض من ليس منهم ، ومنه ما لم يشتهر بين حملة الشريعة أيضاً ، فاختلفوا في تحليله وتحريمه وذلك لأسباب :
منها : أنَّه قد يكون النصُّ عليه خفياً لم ينقله إلا قليلٌ من الناس ، فلم يبلغ جميع(3) حملة العلم .
ومنها : أنَّه قد ينقل فيه نصان ، أحدهما بالتحليل ، والآخر بالتحريم ، فيبلغ طائفةً أحدُ النصين دون الآخرين ، فيتمسكون بما بلغهم ، أو يبلغ النصان معاً من لم يبلغه التاريخ ، فيقف لعدم معرفته بالناسخ .
ومنها: ما ليس فيه نصٌّ صريحٌ، وإنَّما يُؤخذ من عموم أو مفهوم(4) أو قياس ، فتختلف أفهامُ العلماء في هذا كثيراً .
ومنها : ما يكون فيه أمر ، أو نهي ، فيختلفُ العلماء في حمل الأمر على الوجوب أو الندب ، وفي حمل النهي على التحريم أو التنْزيه ، وأسبابُ الاختلاف أكثرُ مما ذكرنا .
-------------------------
(1) سقطت من ( ص ) .
(2) من ذلك ) سقطت من ( ص ) .
(3) سقطت من ( ص ) .
(4) زاد بعدها في ( ص ) : ( أو منسوخ ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
ومع هذا فلابد في الأمة من عالم(1) يُوافق قولُه الحقَّ ، فيكون هو العالِم بهذا الحكم ، وغيرُه يكون الأمر مشتبهاً عليه ولا يكون عالماً بهذا ، فإنَّ هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة ، ولا يظهرُ أهلُ باطلها على أهلِ حقِّها ، فلا يكونُ الحقُّ مهجوراً غير معمولٍ به في جميع الأمصار والأعصار ، ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المشتبهات : ( لا يَعْلَمُهُنَّ كثيرٌ من النَّاس ) فدل على أنَّ من الناس من يعلمها ، وإنَّما هي مشتبهة على من لم يعلمها ، وليست مشتبهة في نفس الأمر ، فهذا هو السبب المقتضي لاشتباه بعض الأشياء على كثير من العلماء .
وقد يقع(2) الاشتباه في الحلال والحرام بالنسبة إلى العلماء وغيرهم من وجه آخر ، وهو أنَّ مِن الأشياء ما يعلم سببُ حِلِّه وهو الملك المتيقن . ومنها ما يُعلم سببُ تحريمه وهو ثبوتُ ملك الغير عليه ، فالأوَّل لا تزولُ إباحته إلا بيقين زوال الملك عنه ، اللهمَّ إلا في الأبضاع عندَ من يُوقعُ الطلاقَ بالشك فيه كمالكٍ ، أو إذا غلب على الظن وقوعُه كإسحاق بن راهويه . والثاني : لا يزول تحريمُه إلا بيقينِ العلم بانتقال الملك فيه .
وأمَّا ما لا يعلم له أصلُ ملكٍ كما يجده الإنسان في بيته ولا يدري : هل هو له أو لغيره فهذا مشتبه ، ولا يحرم عليه تناوُله ؛ لأنَّ الظاهر أنَّ ما في بيته ملكُه لثبوت يده عليه ، والورعُ اجتنابه ، فقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : ( إنِّي لأنقلب إلى أهلي فأجدُ التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها ، ثم أخشى أنْ تكون صدقةً فألقيها ) خرَّجاه في " الصحيحين " (3)
-------------------------
(1) في ( ص ) : ( فلا بد من أن يكون في الأمة من عالم ) .
(2) زاد بعدها في ( ص ) : ( كثير ) .
(3) صحيح البخاري 3/164 ( 2432 ) ، وصحيح مسلم 3/117 ( 1070 ) ( 162 ) و( 163 ) .
وأخرجه : عبد الرزاق ( 6944 ) ، وأحمد 2/317 ، وأبو عوانة كما في " إتحاف المهرة " 15/674 ( 20131 ) ، والطحاوي في " شرح المعاني " 2/10 ، وابن حبان ( 3292 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 8/187 ، والبيهقي 7/29-30 وفي " شعب الإيمان " ، له ( 5743 ) من حديث أبي هريرة ، به .
● [ الصفحة التالية ] ●
فإنْ كان هناك من جنس المحظور ، وشكَّ هل هو منه أم لا ؟ قويت الشبهةُ . وفي حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أصابه أرقٌ من الليل ، فقال له بعضُ نسائه : يا رسول الله أرقت الليلة . فقال : ( إني كنتُ أصبتُ تمرةً تحت جنبي ، فأكلتُها وكان عندنا تمر من تمر الصدقة ، فخشيتُ أنْ تكون منه ) (1) .
ومن هذا أيضاً ما أصلهُ الإباحة كطهارة الماء ، والثوب ، والأرض إذا لم يتيقن زوال أصله ، فيجوز استعمالُه ، وما أصله الحظر كالأبضاع ولحوم الحيوان ، فلا يحلُّ إلا بيقين حله من التذكية والعقد ، فإنْ تردَّد في شيء من ذلك لظهور سبب آخر رجع إلى الأصل فبنى عليه ، فيبني فيما أصله الحرمة على التحريم ولهذا نهى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الصيدِ الذي يجدُ فيه الصائد أثر سهمٍ غير سهمه ، أو كلبٍ غير كلبهِ ، أو يجده قد وقع في ماء(2) . وعلل بأنَّه لا يُدرى : هل مات من السبب المبيح له أو من غيره ، فيرجع فيما أصله الحلُّ إلى الحِلِّ ، فلا ينجسُ الماءُ والأرض والثوبُ بمجرّد ظنِّ النجاسة ، وكذلك البدنُ إذا تحقق طهارته ، وشكَّ : هل انتقضت بالحدث عند جمهور العلماء خلافاً لمالك(3) - رحمه الله - إذا لم يكن قد دخل في الصلاة . وقد صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( أنَّه شُكي إليه الرجلُ يخيل إليه أنَّه يجد الشيءَ في الصلاة )،
-------------------------
(1) أخرجه : ابن سعد في " طبقاته " 1/298 ، وأحمد 2/183 و193 .
(2) أخرجه : البخاري 3/70 ( 2054 ) و7/110 ( 5475 ) و7/111 ( 5476 ) و( 5477 ) و7/113 ( 5483 ) و( 5484 ) و( 5486 ) و7/114 ( 5487 ) و9/146 ( 7397 )، ومسلم 6/56 ( 1929 ) ( 1 ) و( 2 ) و( 3 ) و6/57 ( 1929 ) ( 4 ) و6/58 ( 1929 ) ( 5 ) و( 6 ) و( 7 ) ، وأبو داود ( 2847 ) و( 2849 ) و( 2850 ) و( 2854 ) .
(3) في ( ص ) : ( كمالك ) بإسقاط كلمة : ( خلافاً ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
فقال : ( لا ينصرف حتّى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً(1) ) وفي بعض الروايات : ( في المسجد ) بدل : ( الصلاة ) .
وهذا يعمُّ حالَ الصلاةِ وغيرها ، فإنْ وُجِدَ سبب قويٌّ يغلب معه على الظنِّ نجاسة ما أصلُه الطهارة مثل أنْ يكونَ الثوبُ(2) يلبسه كافر لا يتحرَّزُ من النجاسات ، فهذا محلّ اشتباه ، فمن العلماء من رخص فيه أخذاً بالأصل ، ومنهم من كرهه تنزيهاً ، ومنهم من حرمه إذا قوي ظن النجاسة مثل أنْ يكون الكافر ممن لا تباح ذبيحتُه أو يكون ملاقياً لعورته كالسراويل والقميص ، وترجع هذه المسائل وشبهها إلى قاعدةِ تعارض الأصل والظاهر ، فإنَّ الأصل الطهارة والظاهر النجاسة . وقد تعارضت الأدلَّةُ في ذلك.
-------------------------
(1) أخرجه : الشافعي في " مسنده " ( 65 ) بتحقيقي ، والحميدي ( 413 ) ، وأحمد 4/39 و40 ، والبخاري 1/46 ( 137 ) و1/55 ( 177 ) و3/71 ( 2056 ) ، ومسلم 1/189 ( 361 ) ( 98 ) ، وأبو داود ( 176 ) ، وابن ماجه ( 513 ) ، والنسائي 1/98-99 وفي " الكبرى " ، له ( 152 ) ، وابن خزيمة ( 25 ) و( 1018 ) ، وأبو عوانة 1/224 ، والبيهقي 1/114 وفي " المعرفة " ، له ( 147 ) من حديث عبد الله بن زيد ، به .
(2) سقطت من ( ص ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
فالقائلون بالطهارة يستدلون بأنَّ الله أحلَّ طعام أهل الكتاب ، وطعامهم إنَّما يصنعونه بأيديهم في أوانيهم ، وقد أجاب النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دعوة يهودي(1) ، وكان هو وأصحابه يلبسون ويستعملون ما يجلب إليهم مما نَسَجَه الكفارُ بأيديهم(2) من الثياب والأواني ، وكانوا في المغازي يقتسمون ما وقع لهم من الأوعية والثياب ، ويستعملونها ، وصحَّ عنهم أنَّهم استعملوا الماء مِنْ مزادة مشركة(3) .
والقائلون بالنجاسة يستدلون بأنَّه صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سئل عن آنية أهلِ الكتابِ الذين يأكلون الخنزيرَ ، ويشربون الخمر ، فقال : إن لم تجدوا غيرها ، فاغسلوها بالماء ثم كلوا فيها(4) .
وقد فسَّر الإمام أحمد الشبهة بأنَّها منْزلةٌ بينَ الحلال والحرام(5) ، يعني : الحلالَ المحض والحرام المحض ، وقال : من اتَّقاها ، فقد استبرأ لدينه ، وفسَّرها تارةً باختلاط الحلال والحرام .
-------------------------
(1) أخرجه : ابن سعد في " طبقاته " 1/312 ، وأحمد 3/210 و270 ، والضياء المقدسي في " المختارة " 7/86 ( 2493 ) من حديث أنس بن مالك : أن يهودياً دعا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه ، وهو حديث صحيح .
(2) بأيديهم ) سقطت من ( ج ) .
(3) أخرجه : البخاري 1/93 ( 344 ) و4/232 ( 3571 ) ، ومسلم 2/140 ( 882 ) ( 312 ) و2/141 ( 682 ) ( 312 ) ، وابن خزيمة ( 113 ) و( 271 ) ، وابن حبان ( 1301 ) و( 1302 ) من حديث عمران بن حصين ، به.
(4) أخرجه : أحمد 4/193 و195 ، والبخاري 7/111 ( 5478 ) و7/114 ( 5488 ) و7/117 ( 5496 ) ، ومسلم 6/58 ( 1930 ) ( 8 ) و6/59 ( 1930 ) ( 8 ) ، وابن ماجه ( 2831 ) و( 3207 ) ، والترمذي ( 1464 ) و( 1560 م ) و( 1797 ) ، وابن الجارود ( 916 ) ، وابن حبان ( 5879 ) من حديث أبي ثعلبة الخشني ، به .
(5) انظر : كتاب الورع لأحمد بن حنبل : 68 .
● [ الصفحة التالية ] ●
ويتفرَّعُ على هذا معاملة من في ماله حلال وحرام مختلط ، فإنْ كان أكثرُ ماله الحرامَ ، فقال أحمد : ينبغي أنْ يجتنبه إلا أنْ يكونَ شيئاً يسيراً ، أو شيئاً لا يعرف ، واختلف أصحابنا : هل هو مكروه أو محرَّم ؟ على وجهين .
وإنْ كان أكثرُ ماله الحلال ، جازت معاملته والأكلُ من ماله . وقد روى الحارث عن عليِّ أنَّه قال في جوائز السلطان : لا بأس بها ، ما يُعطيكم من الحلال أكثر مما يُعطيكم من الحرام(1) . وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يُعاملون المشركين وأهلَ الكتاب مع علمهم بأنَّهم لا يجتنبون الحرامَ كلَّه(2).
وإنْ اشتبه الأمر فهو شبهة ، والورع تركُه . قال سفيان : لا يعجبني ذلك ، وتركه أعجب إليَّ(3).
وقال الزُّهريُّ ومكحول : لا بأس أنْ يؤكل منه ما لم يعرف أنَّه حرامٌ بعينه ، فإنْ لم يُعلم في ماله حرام بعينه ، ولكنه علم أنَّ فيه شبهةً ، فلا بأس بالأكل منه ، نصَّ عليه أحمد في رواية حنبل .
وذهب إسحاق بنُ راهويه إلى ما رُوي عن ابن مسعود وسلمانَ وغيرِهما منَ الرُّخصة ، وإلى ما رُوي عَنِ الحسنِ وابنِ سيرين في إباحةِ الأخذ مما يقضي من الرِّبا والقمار ، نقله عنه ابنُ منصور .
-------------------------
(1) انظر : المغني 4/334 .
(2) من ذلك ما أخرجه : البخاري 3/73 ( 2068 ) و3/80 ( 2096 ) و3/101 ( 2200 ) و3/113 ( 2251 ) و( 2252 ) و3/151 ( 2386 ) و3/186 ( 2509 ) و3/187 ( 2513 ) ، ومسلم 5/55 ( 1603 ) ( 124 ) و( 125 ) و( 126 ) من حديث عائشة - رضي الله عنها - : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً من حديد .
(3) قال أحمد بن حنبل : سمعت سفيان بن عيينة يقول : لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلال وحتى يدع الإثم وما تشابه منه . الورع لأحمد بن حنبل : 71 و151 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقال الإمام أحمد في المال المشتبه حلاله بحرامه : إنْ كان المالُ كثيراً ، أخرج منه قدرَ الحرام ، وتصرَّف في الباقي ، وإنْ كان المالُ قليلاً ، اجتنبه كلَّه(1) ، وهذا لأنَّ القليل إذا تناول منه شيئاً ، فإنَّه تَبْعُدُ معه السلامةُ من الحرام بخلاف الكثير ، ومن أصحابنا مَنْ حَمَل ذلك على الورع دُون التَّحريم ، وأباح التصرُّف في القليل والكثير بعد إخراج قدر الحرام منه ، وهو قولُ الحنفيَّة وغيرهم ، وأخذ به قومٌ مِنْ أهل الورع منهم بشرٌ الحافي .
ورخَّص قومٌ من السَّلف في الأكل ممن يعلم في ماله حرام ما لم يعلم أنّه من الحرام بعينه، كما تقدَّم عن مكحولٍ والزُّهريِّ . وروي مثلُه عن الفُضيل بن عياض .
وروي في ذلك آثارٌ عن السَّلف ، فصحَّ عن ابن مسعود أنَّه سُئِلَ عمَّن له جارٌ يأكلُ الرِّبا علانيةً ولا يتحرَّجُ من مالٍ خبيثٍ يأخُذُه يدعوه إلى طعامه ، قال : أجيبوهُ ، فإنَّما المَهْنأُ لكم والوِزْرُ عليه(2) . وفي رواية أنَّه قال : لا أعلمُ له شيئاً إلاّ خبيثاً أو حراماً ، فقال : أجيبوه . وقد صحح الإمام أحمد هذا عن ابن مسعود ، ولكنَّه عارضه بما رُوي عنه أنَّه قال : الإثم حَوَازُّ القلوب(3) .
-------------------------
(1) انظر : المغني 4/334 .
(2) أخرجه : عبد الرزاق ( 14675 ) و( 14676 ) .
(3) قول ابن مسعود هذا ، أخرجه : هناد في " الزهد " ( 934 ) ، والطبراني في " الكبير " ( 8748 ) و( 8749 ) .
حواز القلوب : رواه شمر بتشديد الواو ، من حاز يحوز ، أي : يجمع القلوب ويغلب عليها ، والمشهور بتشديد الزاي .
والمشهور عند المحدّثين : جمع حازة ، وهي الأمور التي تَحُزُّ في القلوب وتَحُكُّ وتؤثر . انظر : النهاية 1/459 ، تاج العروس 15/125 ( حرز ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
وروي عن سلمان مثلُ قولِ ابنِ مسعود الأول(1) ، وعن سعيد بن جبير ، والحسن البصري ، ومُورِّق العِجلي ، وإبراهيم النَّخعي ، وابنِ سيرين وغيرهم ، والآثار بذلك موجودة في كتاب " الأدب " لحُمَيد بن زَنجويه ، وبعضها في كتاب " الجامع " للخلال ، وفي مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم(2) .
ومتى علم أنَّ عينَ الشيء حرامٌ ، أُخِذَ بوجه محرم ، فإنَّه يحرم تناولُه ، وقد حَكى الإجماعَ على ذلك ابنُ عبد البرِّ وغيرُه ، وقد رُوي عن ابن سيرين في الرجل يُقضى من الربا ، قال : لا بأس به ، وعن الرجل يُقضى من القمار قال : لا بأس به(3) ، خرَّجه الخلال بإسناد صحيح ، ورُوي عن الحسن خلاف هذا ، وأنَّه قال : إنَّ هذه المكاسب قد فسدت ، فخذوا منها شبه المضطَر .
وعارض المروي عن ابن مسعود وسلمان ، ما روي عن أبي بكر الصدِّيق أنَّه أكل طعاماً ثم أخبر أنَّه من حرام ، فاستقاءه(4) .
-------------------------
(1) أخرجه : عبد الرزاق ( 14677 ) .
(2) انظر : مصنف عبد الرزاق الأحاديث ( 14678 )-( 14682 ) .
(3) من قوله : ( وعن الرجل يقضي ... ) إلى هنا سقط من ( ص ) .
(4) أخرجه : البخاري 5/53 ( 3842 ) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ( 5770 ) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ، قالت : كان لأبي بكر غلامٌ يخرج له الخرج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوماً بشيءٍ فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية ، وما أحسنُ الكهانة إلا أني خدعتهُ فلقيني فأعطاني بذلك ، فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده ، فقاء كل شيء في بطنه .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقد يقع الاشتباه في الحكم ، لكون الفرع متردِّداً بين أصول تجتذبهُ ، كتحريم الرجل زوجته ، فإنَّ هذا متردِّدٌ بين تحريم الظِّهار الذي ترفعه الكفَّارةُ الكبرى ، وبين تحريم الطَّلقة الواحدة بانقضاء عدتها الذي تُباحُ معه الزوجة بعقدٍ جديدٍ ، وبين تحريم الطَّلاق الثلاث الذي لا تُباح معه الزوجةُ(1) بدون زوج وإصابة وبين تحريم الرجل عليه ما أحلَّه الله له مِنَ الطَّعام والشراب الذي لا يحرمه ، وإنَّما يُوجب الكفَّارة الصُّغرى ، أو لا يُوجب شيئاً على الاختلاف في ذلك ، فمن هاهنا كَثُرَ الاختلافُ في هذه المسألة في زمن الصحابة فمن بعدهم .
وبكل حال فالأمور المشتبهة التي لا تتبين أنَّها حلال ولا حرام لكثير من الناس، كما أخبر به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ، قد يتبيَّنُ لبعضِ النَّاس أنَّها حلال أو حرام ، لما عِنده مِنْ ذلك من مزيدِ علمٍ(2)، وكلام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يدلُّ على أنَّ هذه المشتبهات مِنَ النَّاسِ من يعلمُها، وكثيرٌ منهم لا يعلمها ، فدخل فيمن لا يعلمها نوعان :
أحدهما : من يتوقَّف فيها ؛ لاشتباهها عليه .
والثاني : من يعتقدُها على غيرِ ما هي عليه ، ودل كلامُه على أنَّ غير هؤلاء يعلمها ، ومرادُه أنَّه يعلمها على ما هي عليه في نفس الأمر من تحليل أو تحريم ، وهذا من أظهر الأدلة على أنَّ المصيبَ عند الله في مسائل الحلال والحرام المشتبهة المختلفِ (3) فيها واحدٌ عند الله - عز وجل - ، وغيره ليس بعالم بها ، بمعنى أنَّه غيرُ مصيب لحكم الله فيها في نفس الأمر ، وإنْ كان يعتقدُ فيها اعتقاداً يستندُ فيه إلى شبهة يظنُّها دليلاً ، ويكون مأجوراً على اجتهاده ، ومغفوراً له خطؤه لعدم اعتماده .
-------------------------
(1) من قوله : ( بعقد جديد ... ) إلى هنا سقط من ( ص ) .
(2) سقطت من ( ص ) .
(3) سقطت من ( ص ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فمن اتَّقى الشُّبهاتِ ، فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ ، وقع في الحرام ) قسَّم الناس في الأمور المشتبهة إلى قسمين ، وهذا إنَّما هو بالنسبة إلى من هي مشتبهة عليه ، وهو ممن لا يعلمها ، فأمَّا مَنْ كان عالماً بها ، واتَّبع ما دلَّه علمهُ عليها ، فذلك قسمٌ ثالثٌ ، لم يذكره لظهور حكمه ، فإنَّ هذا القسم أفضلُ الأقسام الثلاثةِ ؛ لأنَّه عَلِمَ حكمَ الله في هذه الأمور المشتبهة على النَّاس(1) ، واتَّبع علمَه في ذلك . وأما من لم يعلم حكم الله فيها ، فهم قسمان : أحدهما من يتقي هذه الشبهات ؛ لاشتباهها عليه ، فهذا قد استبرأ لدينه وعرضه .
ومعنى استبرأ : طلب البراءة لدينه وعرضه(2) مِنَ النَّقْص والشَّين ، والعرض : هو موضعُ المدح والذمِّ من الإنسان ، وما يحصل له بذكره بالجميل مدحٌ ، وبذكره بالقبيح قدحٌ، وقد يكون ذلك تارةً في نفس الإنسان ، وتارةً في سلفه ، أو في أهله ، فمن اتَّقى الأمور المشتبهة واجتنبها ، فقد حَصَّنَ عِرْضَهُ مِنَ القَدح والشَّين الداخل على من لا يجتنبها ، وفي هذا دليل على أنَّ من ارتكب الشُّبهات ، فقد عرَّض نفسه للقدح فيه والطَّعن ، كما قال بعض السَّلف : من عرَّض نفسه للتُّهم ، فلا يلومنَّ من أساء به الظنَّ(3) .
-------------------------
(1) عبارة : ( على الناس ) سقطت من ( ص ) .
(2) عبارة : ( ومعنى استبرأ : طلب البراءة لدينه وعرضه ) سقطت من ( ص ) .
(3) أخرجه : ابن عدي في " الكامل " 8/479 من طريق سعيد بن المسيب من قول عمر بن الخطاب .
وأخرجه : البيهقي في " شعب الإيمان " ( 8345 ) من طريق سعيد بن المسيب من قول بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - . بلفظ : ( من عرض نفسه للتهم فلا يلومن الا نفسه ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
وفي روايةٍ للترمذي(1) في هذا الحديث : ( فمن تركها استبراءً لدينه وعرضه ، فقد سَلِمَ ) والمعنى : أنَّه يتركُها بهذا القصد - وهو براءةُ دينه وعرضه من النقص - لا لغرضٍ آخر فاسدٍ من رياءٍ ونحوه .
وفيه دليلٌ على أنَّ طلب البراءة للعرض ممدوحٌ كطلب البراءة للدين ، ولهذا ورد : ( أنَّ ما وقى به المرءُ عِرضَه ، فهو صدقةٌ(2) ) .
وفي رواية في " الصحيحين " (3) في هذا الحديث : ( فمن ترك ما يشتبه عليه مِنَ الإثمِ ، كان لما استبانَ أتركَ ) يعني : أنَّ من ترك الإثمَ مع اشتباهه عليه ، وعدم تحققه ، فهو أولى بتركه إذا استبان له أنَّه إثمٌ ، وهذا إذا كان تركه تحرُّزاً من الإثم ، فأمَّا من يَقصِدُ التصنعَ للناسِ ، فإنَّه لا يتركُ إلا ما يَظُنُّ أنَّه ممدوحٌ عندهم تركُهُ(4) .
-------------------------
(1) في " الجامع الكبير " ( 1205 ) .
(2) أخرجه : الدارقطني 3/28 ، والحاكم 2/50 ، وهو حديث ضعيف ضعفه الذهبي في التلخيص ، وأقره ابن الملقن في " مختصر استدراك الذهبي " 1/556.
(3) " صحيح البخاري " 3/69 ( 2051 ) ، ولم نقف عليها في " صحيح مسلم ".
وأخرجه : الحميدي ( 918 ) ، وأبو عوانة 3/398-399 ، والبيهقي 7/264 و334 من حديث النعمان بن بشير ، بهذا اللفظ .
(4) سقطت من ( ص ).