بص وطل- Admin
- عدد المساهمات : 2283
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
من طرف بص وطل الخميس ديسمبر 13, 2018 8:48 am
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
القانون فى الطب لإبن سينا
الكتاب الثالث : الأمراض الجزئية
الفن الخامس : أحوال الأنف
المقالة الثانية : باقي أحوال الأنف
● [ فصل في سبب النتن في الأنف ] ●
إما بخارات عفنة تتصعد إليه من نواحي الصدر والرئة والمعدة، وإما خلط متعفن في عظام الخياشيم، لو كان حاراً لأحدث قروحاً، ولكنه عفن منتن الريح، ربما تأدى ريحه إلى ما فوق، فأحس بمشمه، أو خلط متعفن في البطن وفي الدماغ كله، أو في مقدمه، أو فيما يلي الأنف منه، أو عفونة وفساد يعرض لتلك العظام أنفسها، ويصعب علاجه، أو لبواسير في الأنف متعفنة.
المعالجات: يجب أن يتقدم بتنقية ما يكون اجتمع من الخلط الرديء إن كان في غير الخيشوم وقعره، بل في المعدة والدماغ، ثم يستعمل الأدوية الموضعية من الفتائل والسعوطات والنفوخات وغير ذلك، أما الفتائل المجربة في ذلك، فالأصوب أن يغسل الأنف قبلها بالشراب، ثم تستعمل.
فمن تلك الفتائل، فتيلة من المر، والحماما، والقاقيا متخذة بعسل، أو من حماما، ومر. وورد بدهن الناردين، وفتائل كثيرة الأصناف متخذة من هذه الأدوية على اختلاف الأوزان وهي السعدة والسنبل، وورد النسرين، والذريرة، والحماما، والقرنفل، والآس، والصبر، والورد، وشيء من ملح مجموعة ومفرقة، أو فتيلة مبلولة بمثلث رقيق، يذر عليه ذرور متخذ من القرنفل، والسعد، والرامك، واللاذن أجزاء سواء، وأيضاً آس، وقصب الزريرة، ونسرين، وورد، وقرنفل بالسوية من كل واحد درهم، مر وعفص من كل واحد نصف درهم، مسك أربع حبات، كافور أربع حبات، قليميا وملح أنحراني من كل واحد أربعة قراريط، يستعمل فتيلة. ومن السعوطات السعوط بعصارة الفوتنج. وأفضل السعوطات وأنفعها أبوال الحمير، فإنها لا تخلف. ومن المجرّب الجيد، أن تحل أقراص أنحروخورون الواقع في الترياق في الشراب، ويقطر في الأنف فيبرئ. وطبيخ الدارشيشعان بالشراب الريحاني جيد جداً، يستعمل أياماً يستنشق به.
ومن اللطوخات أن يلطخ باطنه بالقلقطار، وأيضاً ورق الياسمين يسخن، ثم يسحق بالماء، ويطلى به الأنف ودواء قريطن وهو: مر أربعة وثلثان، سليخة درهم وسدس، حماما مثله، يعجن بعسل. ومن النفوخات أن ينفخ فيه الفودنج نفسه، أو خربق أبيض، وصدف محرق، ومن الدواء المذكور في آخر الفتائل، وأن ينفخ عود البلسان في الأنف.
ومن النشوقات ما جرّب، طبيخ دارشيشعان بماء، أو خمر يستعمل أياماً. ومما جرب في علاجه، وخصوصاً إذا كان في الدماغ، أو مقدّمة عفونة: كيتان يمنة اليافوخ ويسرته بحذاء الأذنين مائلتين إلى الصدغين، أو كية على وسط الرأس.
● [ فصل في القروح في الأنف ] ●
إنه قد يتولد في الأنف قروح، إما من بخارات حادة أو رديئة، أو من نوازل حادة، وهي إما منتنة عفنة، وإما خشركيشات، وإما قروح بثرية، وإما قروح سلاَّخة، وهي إما ظاهرة وإما باطنة.
● المعالجات:
الأنف عضو أرطب من الأذن، وأيبس من العين، فيجب أن يكون علاج قروحه بين علاجي قروح الأذن والعين، فيحتاج أن تكون الأدوية المجفّفة لقروح الأنف، أقلّ تجفيفاً من الأدوية المجففة لقروح الأذن، وأشد تجفيفاً من الأدوية المجفّفة لقروح العين، فإن قروح الأذن تحتاج إلى شيء في غاية التجفيف، وقروح العين تحتاج إلى شيء في أول حدود التجفيف. ثم أنه إن كان السبب مواد تسيل، أو أبخرة تصعد، فتعالج باستفراغها وجذبها إلى ناحية أخرى على ما يدري. وبالجملة يحتاج أول شيء أن يجفّف الرأس، ويقوّى بما عرفته، ثم تفصد المنخران.
واعلم أن جميع الأدوية النافعة في البواسير والأربيان مما سنذكره نافعة أيضاً في القروح، إذا كانت قوية. وإذا أغليت باللعابات وما يشبهها حتى لانت صلحت لجميع القروح الخفيفة أيضاً.
أما القروح اليابسة، فتعالج بمسوح متّخذ من شمع، مخلوط به نصفه ساق البقر المذاب في مثل دهن النيلوفر والشيرج، وأصلحه عندي دهن الورد، خصوصاً المتّخذ من زيت الأنفاق، وأيضاً يعالج بمسوح متّخذ بدهن البنفسج مع الكثيراء أو قليل رغوة بزر قطونا وخطمي، وأيضاً بفتيلة مغموسة في زوفا وشحم البط، والشمع الأصفر، وشحم الأيل، وشحم الدجاج والعسل، وأيضاً شمع ودهن هليلج أصفر، أو عفص، وربما نفع فصد عرق في طرف الأنف بعد القيفال، وحجامة النقرة والإسهال.
وأما القروح التي تسيل إليها مادة حريفة أو رديئة أو منتنة، فإن علاجها يصعب ولا بد من الاستفراغ والفصد، وربما احتيج إلى الإسهال بالأيارجات الكبار. ويجب أن يدام غسلها بالنطرون والصابون، خصوصاً الصابون المنسوب إلى اسقلينادس، والصابون المنسوب إلى قسطيطبونس. ثم تستعمل الأدوية الشديدة التجفيف.
ومنها: أن يؤخذ قشور النحاس، وقلقديس، وزرنيخ أحمر، وخربق، ويسحق، وينقع في مرارة الثور أياماً حتى تتخمّر فيه، ثم يستعمل، وربما زيد فيه حماما، ومر، وفوتنج وفراسيون، وزعفران، وشب، وعفص، ودواء روفس المجرب. ونسخته: يؤخذ سعد وعفص وزعفران وزرنيخ، ويستعمل. وأما القروح الشديدة الوجع، فتعالج بالإسرب المحرق المغسول في الإسفيداج والمرادسنج يتخذ منها مرهم بدهن ورد، والشمع.
وأما القروح البثرية، فعلاجها بدهن الورد، ودهن الآس، والمرداسنج، وماء الورد، وقليل خل، يتخذ منها مرهم. وأما القروح الظاهرة فتعالج بهذا المرهم. ونسخته: يؤخذ إسفيداج رطل، مرداسنج ثلاث أواق، خبث الرصاص المحرق ثلاث أواق، يخلط بالخمر ودهن الآس.
ومن الأدوية المشتركة، أن يؤخذ ماء الرمان الحامض، فيطبخ في إناء نحاس حتى يصير إلى النصف، ويلطخ به فتيلة، ويستعمل. ومما يعالج به أقراص أندرون تارة محلولة في شراب، وتارة بخل، وتارة بخل وماء بحسب ما ترى. ومن المراهم الجيّدة، أن يؤخذ خبث الأسرب، وشراب عتيق، ودهن الآس، يجمع بالسحق على نار لينة فحمية، ويحرّك حتى يغلظ، ويحفظ في إناء من نحاس والإسرب المحرق في حكم خبث الأسرب، وينبغي أن تستعمل عصارة السلق وحدها، أو مع الأدوية، فإنها نافعة جداً.
● [ فصل في علاج القروح التي تسمّى حلوة ] ●
أما الابتداء، فيكفي دهن الورد وحده، أو بشمع وشحم الدجاج. وأقوى من ذلك مرهم الاسفيداج، ولا سيما مخلوطاً بلعاب حب السفرجل، فإن ريد زيادة تجفيف، جعل فيه خبث الفضة. وقد ينقع خبث الفضة وحده بدهن الآس، وأما إذا اشتدّت العلّة يسيراً، فليستعمل هذا المرهم. ونسخته: إسفيداج رطل، مرداسنج ثلاث أواق، خبث الرصاص ثلاث أواق، رصاص محرق مغسول مسحوقاً بالخمر أربع أراق، يتخذ منه مرهم بدهن الآس والخل. وأما إذا أزمنت العلة واشتدّت جداً، يؤخذ مرهم بهذه الصفة، مرداسنج أربعة دراهم، سذاب رطب أربعة دراهم، شبّ درهمين، يتخذ منه مرهم بدهن الآس والخلّ. وأقوى منه زاج، وقلقنت، ومر، من كل واحد سبعة أجزاء، قلقديس ستّة، شبّ يماني عفص توبال النحاس من كل واحد أربعة، كندر جزء ونصف، خلّ رطل وثمان أواق، يطبخ في إناء نحاس حتى يصير في قوام العسل، ويتخذ منه لطوخ.
● [ فصل في السدة في الخيشوم ] ●
السدة في الخيشوم هي الشيء المحتبس في داخله حتى يمنع الشيء النافذ من الحلق إلى الأنف، أو من الأنف إلى الحلق، وقد يكون خلطاً لزجا لحجاً، وقد يكون لحماً ناتئاً، وقد يكون خشكريشة.
العلامات: هذه السدّة تفعل الغنة حتى تمنع فضلة النفخة عن أن تتسرّب في الخيشوم، فتفعل الطنين الكائن منه.
● المعالجات:
يؤخذ من العدس المر درهم، جندبيدستر نصف درهم، أفيون قيراط، زعفران قيراط، مر نصف درهم، يتّخذ منها حب، ويسعط بماء المرزنجوش الرطب، وكثيراً ما يحوج الحال إلى عمل اليد، وخرط الأنف بالميل الخاص بالأنف الذي يمكن به الجرد، فلا يزال يجرد حتى يتنقّى، وربما خرج بالجرد شيء كثير يتعجّب الإنسان من مبلغه يكاد يبلغ نصف رطل، فإن لم يغن فعل ما ذكرنا في باب البواسير.
في علاج الخنان: من معالجته أن يسعط ويغرغر بدواء هذه نسخته: يطبخ العفص المسحوق بماء الرمان الحلو غمره حتى يشربه، ثم يجفّف ويخلط به نصفه كندر، وأنزروت، ويعجن كرة أخرى بماء الرمان الذي قد طبخ العفص فيه، ويستعمل سعوطاً وغيره أياماً، ومما يعالج به أن يجعل في الأنف تنكار بشمع ودهن لا يزال يستعمل حتى يبرأ.
● [ فصل في رضّ الأنف ] ●
الأولى والأفضل أن يحشى من داخل، ثم يسوّى من خارج، ويخرج الحشو كل قليل حتى يستوي. وأما الأطلية النافعة في ذلك، فالذي يجب أن يجعل على الكسر قليلاً صبر وماش، مرّ وزعفران، ورامك، وسكّ، وطين أرمني، وطين مختوم رومي، وخطمي، ولاذن يطلى بماء الأثل، أو ماء الطرفاء. على أنا ربما عاودنا ذكر هذا الباب في كتاب الكسر والجبر.
● [ فصل في البواسير والأربيان في الأنف ] ●
أما البواسير فهي لحوم زائدة تنبت، فربما كانت لحوماً رخوة بيضاء ولا وجع معها، وهذه أسهل علاجاً، وربما كانت حمراء، وكمدة شديدة الوجع، وهذه أصعب علاجاً، لا سيما إذا كان يسيل منها صديد منتن. وربما كان منها ما هو سرطاني يفسد شكل الأنف، ويوجع بتمديده الشديد، وهو الذي يكون كمد اللون، رديء التكوّن جداً في غور كثير، وسبيله المداراة دون القطع والجرد. وقد يفرق بين السرطاني، وبين البواسير الرديئة، أن اللحم النابت، إن حدث عقيب علل الرأس والنوازل، فإنه بواسير، وإن كان ليس عن ذلك، بل حدث عن صفاء الأنف، وعدم السيلانات، فهو سرطان، وخصوصاً إن كان قبل حدوثه في الدماغ أعراض سوداوية، وكان ابتداؤه كحمّصة، أو بندقة، ثم أخذ يتزايد وأحدث في الحنك صلابة.
والسرطان في أكثر الأمر غير ذي صديد وسيلان إلى الخلق، بل هو يابس صلب، والبواسير ربما طالت وصارت بواسير معلقة، وربما طالت حتى تخرج من الأنف أو الحنك، وجميع الأدوية التي تنفع من الأربيان، فإنها تنفع من البواسير، وربما احتيج أن تكسر قوّتها.
● المعالجات:
ما كان من ذلك من القسم الأول قطع بسكين دقيقة، ثم جرد بالمجرد ناعماً، وما كان من القسم الثاني، فالأولى أن يكوى، أما بالأدوية التي نذكرها، وأما بالنار بمكاوٍ صغار دقاق، أو تقطع بمجارد تخرج جميع ما في الأنف من الزوائد والفضول.
وأجود المجارد ما كان أنبوبياً، ثم يحسبّ في المنخرين بعد ذلك خلّ وماء، فإن جاد النفس بعد ذلك وزالت السدة، وإلا فقد بقيت منه في العمق بقية، فحينئذ يحتاج أن يستعمل المنشار الخيطي، وصفته: أن تأخذ خيطاً من شعر، أو إبريسم، فتعقده عقداً يصير بها كالمنشار في الأسنان، وتدخله في إبرة من إسرب معقفة إدخالاً من المنخر حتى يخر إلى الحنك، ثم ينشر به بقية اللحم جذباً له من الجانبين كما يفعل بالمنشار، ثم تأخذ أنبوباً من الرصاص، أو من الريش، وتلف عليه خرقة، وتذر عليها أدوية البواسير، مثل دواء القرطاس، ودواء أندرون، وسائر ما نذكره بعد، ويدخله في الأنف ليبقى موضع النفس مفتوحاً، وإذا عمل مجرد كالمبرد لكنه أنبوبي أمكن أن تبلغ به المراد من التنقية، وإذا استعمل على البواسير آلات القطع والجرد، أو الأدوية الأكّالة، فيجب أن يعطس بعد ذلك حتى تنتثر كل عفونة ونشارة. وأما الأدوية التي يعالج بها ما خص من ذلك، ففتيلة معمولة من قشر الرمان مسحوقاً بالماء حتى ينعجن، ولا يزال يستعمل ذلك، فإنه مجرب، لكنه بطيء النفع. أو فتيلة من أشنان أخضر ساذج، أو بشحم الحنظل، أو من جوز السرو مع شيء من التين، يستعمل أياماً أو فتيلة مغموسة في عصارة الحبق وحدها، أو مغموسة في عصارته، ثم يذرّ عليها اليابس منه، أو في خمر، ويذر عليها سحيق الحبق، أو من عقيد ماء الرمانين المدقوقين مع القشر والشحم، أو فتيلة بعسل وورد، يكرر في اليوم مرات، أو نفوخ من الزرنيخ والقلقنت مسحوقين بخل مجففين. وأما الأدوية التي يعالج بها ما أزمن من ذلك، ففتائل، ذرورات، ومراهم من مثل الشب، والمر، والنحاس المحرق، وقشور النحاس، وأصل السوسن الأبيض، والقلقنت، والقلقطار، والزاج، والنطرون يتخذ منها بالخمر، أو بماء الحبق، أو ماء الرمانين بالشحم والقشر فتائل، ويستعمل. أو يستعمل نفوخات، فإن لم ينجح، اتخذت فتيلة من مثل هذه المياه مذروراً عليها شيء كثير من القلقديس، والقلقطار، والقلي، والزنجار، والزاج، والشبّ على السوية. والأصوب أن يستعمل بعد الشرط، فإن لم ينجح، فالقلقنديون، وقد قيل أن بزر اللوف يشفي بواسير الأنف، وإذا عصر العنقود الذي على طرف لوف الحيّة، فشرب منه صوفة، وأدخل في المنخرين، أذهب اللحم الزائد والسرطان.
وأما الأربيان، فالأصوب أن يعالج بعلاج اليد، وذلك بعد نفض الامتلاء عن البدن والرأس، فإن كان خفيفاً، استعملت الأدوية القوية من أدوية القروح، مثل نفوخ متخذ من شبّ، ومر جزء جزء، وقلقطار وعفص نصف جزء نصف جزء، وينفخ فيه، أو يتّخذ فتيلة. والدواء الذي اختاره جالينوس، فهو أن يؤخذ من ماء الرمانين المعصورين بقشورهما، وشحمهما، ويطبخان طبخاً يسيراً، ثم يرفعان في إناء من إسرب، ثم يؤخذ الثفل ويدق حتى يصير كالعجين، ويسقى من العصارتين قدر ما يليق به، ثم يتخذ منه شيافات مطاولة، ويدخلها أنف العليل ويتركها فيه، ثم تريحه في بعض الأوقات، وتخرجها عن أنفه، وتطلي الأنف حينئذ والحنك بالعصارتين، تواظب على هذا التدبير. وهذا للقروح والبواسير نافع. ومن منافعه، أنه غير مؤلم ألماً يعتد به، وربما جمع ذلك من ثلاث رمانات عفصة، وحامضة، وحلو، فإن كان الباسور صلباً زاد في الحامض، وإن كان كثير الرطوبة زاد في العفص، وقوم من بعد.
قال جالينوس: ربما زادوا فيه قليل قلقطار، ونوشادر، وزنجار. ومما يقلعه دواء المقر. والأدوية الحادة الأكالة كلها تنفخ فيه فإذا ورم أجمّ حتى يسكن، ثم يستعمل الشمع والدهن والعسل، ثم يعاود النفخ، ثم يعاود الإجمام، لا يزال يعمل به ذلك حتى يسقط. وقد جرب الخرنوب النبطي الرطب، فإنه إذا حشي صوفاً، وأدخل الأنف أكل الأبيان كله للثآليل، وأيضاً جوز السرو نافع.
ومما جرب أن يسحق الزاج الأخضر كالكحل، وينفخ في الأنف غدوة وعشية، فإنه يبرأ، وإذا قطع الاربيان، فمن الأدوية الحابسة لدمه الطين المبلول بالماء المبرد حتى يصير طيناً غليظاً، ويبرد جداً، ويطلى به الأنف.
● [ فصل في العطاس ] ●
العطاس حركة حامية من الدماغ لدفع خلط، أو مؤذ آخر باستعانة من الهواء المستنشق دفعاً من طريق الأنف، والفم. والعطاس للدماغ، كالسعال للرئة وما يليها، وقد ظن قوم أن الدماغ لا يفرغ إلى العطاس، إلا إذا استحال الخلط المؤذي هواء، فيخرجه بالهواء المستنشق، وليس ذلك بواجب، بل إنما يخرج إلى الهواء في ذلك ليكون البدن مملوءاً هواء متصلاً بهواء جذبه إلى ناحية الخلط، فإذا تزعزع الهواء كله تحركه عضلات الصدر والحجاب حركة عنيفة، وانتفض من داخل إلى خارج حافراً لما هو أبعد من الصدر من أجزائه حذر إلى الخروج، كان معونة على النفض والقلع. لأن ذلك يتبعه تزعزع الهواء الذي يليه، فيعين القوة الدافعة على إماتة المادة ونفضها.
والعطاس ضار جداً في أول النزلة والزكام لحاجة الخلط المطلوب فيه النضج إلى السكون، وربما كثر في الحمّيات وما يشبهها كثرة تسقط القوة وتملأ الرأس، وربما هيّج رعافاً شديداً، فيجب أن يتعجل في حبسه، لكنه يحل الفواق المادي بزعزعته.
ومن العطاس ما يعرض في ابتداء نوائب الحميات. وقد زعمت الهند ولم يعد صواباً أن العاطس أوفق أوضاع رأسه أن يكون أمامه حذر وصدر، غير ملتفت ولا متنكس، فلا يلحقه غائلة. والعطاس أنفع الأشياء لتجفيف الرأس إذا كانت المادة، أما قليلة مقدوراً على نفضها وإن لم تنضج، أو كانت ريحية. فإن كانت كثيرة أو بخارية، فإن العطاس أنفع شيء للامتلاء البخاري في الرأس، أو كانت غليظة لكن نضيجة. فإن كانت أكثر من ذلك فيدل على قوّة من الدماغ، ولذلك من قرب موته لا يستطيع أن يعطس، ومن عطس منهم بالمعطّسات، فلم يعطس فلا يرجى برؤه البتّة، وهو مما يعين على نفض الفضول المحتبسة، ويسهّل الولادة وخروج المشيمة، ويسكّن ثقل الرأس، لكنه ضار لمن في رأسه مادة تحتاج أن تسكّن لتنضج، وأن لا يسخّن ما يليها ولا يتحرّك خوفاً من أن ينجذب إليها غيرها، وهو ضارّ أيضاً لمن في صدره مادة كثير أو فجّة.
● [ فصل في الأدوية المانعة للعطاس ] ●
مما يمنعه التسعّط بدهن الورد الطيب، ودهن الخلاف شديد التسكين له. وقد يمنعه أن يحسى حسواً حاراً، وتحميم الرأس بماء حار، وصبّ دهن حار في الأذنين، والإستلقاء على مرفقة حارة توضع تحت القفا. واشتمام التفاح والسويق، وكذلك اشتمام الاسفنج البحري مما يقطعه، والفكر والاشتغال عنه ربما قطعه.
وأما الصبيان، فينتفعون بسيلان الكلية الصحيحة، تجعل على النار، وتشوى، وتؤخذ قبل أن تنضج، ويؤخذ سيلانها ويستنشق، أو يسعط به. ومما ينفعه شدّة الصبر عليه، فإنه يحبسه، وهو علاج كافٍ للضعيف منه، ومما يمنعه ذلك العين، والأذن، والأطراف، والحنك، وقوّة الفغر، والتحشّي، وتحديد النظر إلى فوق، والتململ، والتقلّب، وتمريخ العضل بالأدهان المرطّبة، وخصوصاً عضل اللحيين، والإستغراق في النوم، واتّقاء الانتباه المباغت، والتحرّز عن الغبار والدخان.
في الأدوية المعطسات: هي الخربق الأبيض، والجندبيدستر، والكندس، والفلفل، والخردل يجمع أو يؤخذ أفراداً، ويلصق بريشة في الأنف، أو يؤخذ عاقرقرحا، والسنبل، والسكّ المدخن، أي المتخذ دخنه، والسذاب البري، والصبر، ويلطخ كذلك. وأما المعطسات الخفيفة، فالأفيون إذا شمّ، وقضبان الباذروج، والزراوند، والورد بزغبه، وهو مما يعطّس المحرورين. ولطخ باطن الأنف بالدواء المعطّس أصوب من نفخة فيه.
● [ فصل في الشيء الذي يقع في الأنف ] ●
يعطس صاحبه ببعض الأدوية، ويؤخذ على فمه ومنخره الصحيح، فإذا عطس خرج منه الشيء، وكأنّ هذا مما سلف ذكره.
فصل في جفاف الأنف: قد يكون لحرارة، وقد يكون ليبوسة شديدة، وقد يكون لخلط لزج جفّ فيه. وعلاج كل واحد منه ظاهر. وأنفع شيء فيه الأدهان، والعصارات الباردة الرطبة، وإخراج الخلط، إن كان بعد تليينه بدهن، أو عصارة حتى لا يخرج ما لا يتعاطى إخراجه.
● [ فصل في حكّة الأنف ] ●
قد تكون لبخار حادّ، أو نزلة حادة كانت، أو تكون، أو لنزلة قوية السيلان، وإن كانت باردة. وقد يكون لبثور، وقد يكون لحركة الرعاف، وهي من دلائل البحران، ومن دلائل الجدري، والحصبة على ما نذكره في موضعه. وعلاج كل واحد من ذلك بما عرف من الأصول سهل.
● [ تم الفن الخامس ] ●
القانون فى الطب لإبن سينا
الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية
منتدى حكماء رحماء الطبى - البوابة