منتدى نافذة ثقافية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ضفحة رقم [ 17 ] من كتاب الأصول في النحو

    بص وطل
    بص وطل
    Admin


    عدد المساهمات : 2283
    تاريخ التسجيل : 29/04/2014

    ضفحة رقم [ 17 ] من كتاب الأصول في النحو Empty ضفحة رقم [ 17 ] من كتاب الأصول في النحو

    مُساهمة من طرف بص وطل الإثنين يوليو 19, 2021 12:34 pm

    ضفحة رقم [ 17 ] من كتاب الأصول في النحو Nahw10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الثقافة الأدبية
    الأصول في النحو
    ضفحة رقم [ 17 ] من كتاب الأصول في النحو 1410
    ● [ باب ما يحكى من الكلم إذا سمي به ] ●
    وما لا يجوز أن يحكى

    اعلم : أن ما يُحكى من الكلم إذا سمي به على ثلاث جهات : إحداها : أن تكون جملة والثاني أن يشبه الجملة وهو بعض لها وذلك البعض ليس باسم مفرد ولا مضاف ولا فيه ألف ولا مبني مع اسم ولا حرف معنى مفرد والثالث : أن يكون اسماً مثنى أو مجموعاً على حد التثنية
    [ الضرب الأول: أن تكون جملة ]

    الأول : نحو : تأبّط شراً وبرق نحره وذَرَّى حياً تقول : هذا تأبّط شراً ورأيت تأبّط شراً ومررت بتأبّط شراً وهذه الأسماء المحكية لا تثنى ولا تجمع إلا أنْ تقول : كلهم تأبّط شراً أو كلاهما تأبّط شراً ولا تحقره ولا ترخمه فجميع هذه الجمل التي قد عمل بعضها في بعض وتمت كلاماً لا يجوز إلا حكايتها وكذلك كل ما أشبه ما ذكرت من مبتدأ وخبره وفعل وفاعل وإن أدخلت عليها إنَّ وأخواتها وكان وأخواتها فجميعه يحكى بلفظه قبل التسمية وإن سميت رجلاً بو زيد أو وزيداً أو وزيدٌ حكيت لأن الواو عاملة تقوم مقام ما عطفت عليه
    [ الضرب الثاني : الذي يشبه الجملة ]

    وهو على خمسة أضرب : اسم موصول واسم موصوف وحرف مع اسم وحرف مع حرفٍ وفعل مع حرف فجميع هذا تدعه على حاله قبل التسمية من الصرف وغير الصرف لأنك لم تسم بالموصول دون الصلة ولا بشيء من هذه دون صاحبه
    الأول الإسم الموصول : نحو رجل سميته : خبراً منك ومأخوذاً بك أو ضارب رجلاً فتقول رأيت خيراً منك وهذا خير منك ومررت بخير منك فإن سميت به امرأة لم تدع التنوين وحكيته كما كان قبل التسمية من قبل أنه ليس منتهى الإسم كما أن بعض الجملة ليس بمنتهى الإسم
    الثاني الموصوف : إن سميت رجلاً : زيدُ العاقلُ قلت : هذا زيدُ العاقلُ ورأيت زيداً العاقلَ وكذلك لو سميت امرأة لكان على هذا اللفظ وإن سميت رجلاً ( بعاقلة ) لبيبةٍ قلت : هذا عاقلة لبيبة ورأيت عاقلةً لبيبةً فصرفته لأنك تحكيه ولو كان الإسم عاقلةً وحدها لم تصرف فحكاية الشيء أن تدعه على حكمه ما لم يكن معه عاقل فإن كان معه عاقل أعملت العامل ونقلته بحاله
    الثالث الحرف مع الإسم : وذلك إذا سميت إنساناً كزيدٍ وبزيدٍ وإن زيداً حكيته وحيثما وأنت تحكيهما لأن ( حيثما ) اسم وحرف وأنت التاء للخطاب والألف والنون هما الإسم وكذلك أمَا التي في الإستفهام حكاية لأنها مع ( ما ) دخلت عليهما الف الإستفهام ومما يحكى : كذا وكأي و ( ذلك ) يحكى لأن الكاف للخطاب وهذا وهؤلاء يحكيان لأن ها دخلت على ذا وأولاء
    وإن سميت ( زيد وعمرو ) رجلاً قلت في النداء : يا زيداً وعمراً فنصبت ونونت لطول الإسم
    الرابع الحرف مع الحرف : وذلك نحو : إنما وكأنما وأما وإن لا في الجزاء ولعل لأن اللام عندهم زائدة وكأن لأنها كاف التشبيه دخلت على ( أن ) فجميع هذا وما أشبهه يحكى
    ألخامس الفعل مع الحرف : وذلك هلم : إذا سميت به حكيته وإن أخليته من الفاعل وإن مسيت بالذي رأيت لم تغيره عما كان عليه قبل أن يكون اسماً ولو جاز أن تناديه بعد التسمية لجاز أن تناديه قبلها ولكن لو سميته : الرجل منطلق بهذه الجملة لناديتها لأن كل واحد منهما اسم تام وذلك غير تام وإنما يتم بصلته وهو يقوم مقام اسم مفرد ولو سميته الرجل والرجلان لم يجز فيه النداء
    [ الضرب الثالث ]
    أن يكون اسماً مثنى أو مجموعاً على حد التثنية

    الضرب الثالث من القسمة الأولى وهو التسمية بالتثنية والجمع الذي على حد التثنية وذلك إذا سميت رجلاً بسلمانِ وزيدانِ حكيت التثنية فقلت : هو زيدان ومررت بزيدين ورأيت زيدين فتحكي التثنية ولفظها وإن أردت الواحد وقد أجازوا أن تقول : هذا زيدان وتجعله كفعلان وإن سميت بجميع على هذا الحد حكيت فقلت : هذا زيدونَ ورأيت زيدين ومررت بزيدين ومنهم من يجعله كقنسرين فيقول : هذا زيدون ومسلمون وقد ذكرت ذا فيما تقدم وإن بجمع مؤنث قلت : هذا مسلمات ورأيت مسلماتٍ ومررت بمسلماتٍ تحكي : تقول العرب : هذه عرفات مباركاً فيها فعرفات بمنزلة آبانين ومثل ذلك أذرعات قال امرؤ القيس :
    ( تَنَوَّرْتُها مِنْ أَذْرِعَاتٍ وأهلُها ... بِيَثْرِبَ أَدْنى دَارِهَا نَظَرٌ عالي )
    ومن العرب من لا ينون أذرعات ويقول : هذه قريشياتُ كما ترى شبهوها بهاء التأنيث في المعرفة لأنها لا تلحق بنات الثلاثة بالأربعة ولا الأربعة بالخمسة
    قال أبو العباس أنشدني أبو عثمان للأعشى :
    ( تَخَيَّرَهَا أخو عَانَاتِ شَهرا ... )
    فلم يصرف ذلك قال أبو بكر قد ذكرت ما ينصرف وبقي ذكر المبني المضارع للمعرف ونحن نتبع ذلك الأسماء المبنيات إن شاء الله تعالى
    ● [ باب ما لا يجوز أن يحكى ] ●

    هذا الباب ينقسم ثلاثة أقسام : وهو كل اسم مبني أو مضاف ملازم للإِضافة وأفردته أو فعل فارغ أو حرف قصدت التسمية به فقط فجميع هذه إذا سميت بشيء منها أعربته إعراب الأسماء الأول وإن نقص عما كانت عليه الأسماء
    الأول : إن سميت بكم أو بمن قلت : هذا كم قد جاء لأن في الأسماء مثل دم ويد وإن سميت بهو قلت : هذا هو فاعلم وإن سميت به مؤنثاً لم تصرفه لأنه ضمير مذكر وإنما ثقلت ( هو ) لأنه ليس في كلامهم اسم على حرفين أحدهما ياء أو واو أو ألف وسمع منهم إذا أعربوا شيئاً من هذا الضرب التثقيل فإن سميت بذو قلت ذوّاً لأنك تقول : هاتان ذواتا مال فلما علمت الأصل رددته إلى أصله كما تكلموا به ولو لم يقولوا : ذوا ثم سمينا بذو لَما قلت إلا ذو وكان الخليل يقول : ذو أصل الذال على كل قول الفتح وإن سميت ( بفو ) قلت : فم ولو لم يكن قبل فم لقلت فوه مؤنثان وأين ومتى وثم وهنا وحيث وإذا وعند وعن فيمن قال من عن يمينه ومنذ في لغة من رفع تصرف الجميع تحمله على التذكير حتى يتبين غيره وإن سميت كلمة بتحت أو خلف أو فوق لم تصرفها لأنها مذكرات يدل على تذكيرها تحت وخليف ذاك ودوين ولو كان مؤنثاً دخلت الهاء كما دخلت في قديديمةٍ ووريئةٍ
    الثاني : التسمية بالفعل الفارغ من الفاعل والمفعول : إن سميت رجلاً بضرب أو ضُرِبَ أو يضرِب أعربته وقد عرفتك ما ينصرف من ذلك وما لا ينصرف وحكم نعم وبئس حكم الفعل إذا سميت به تقولُ هذا نعم وبئس وإن سميته أزمة قلت أزمٍ ورأيت أزمى وبيغزو قلت : يغزٍ ورأيت يغزى وإن سميته بعِهْ قلت : وعٍ وإن سميت برَه : قلت إرْأً
    ● [ باب التسمية بالحروف ] ●

    وذلك نحو إن إذا سميت بها قلت : هذا إن وكذلك أن وكذلك ليت وإن سميت بأن المفتوحة لم تكسر وإن سميت بلو واو زدت واواً فقلت لو واو وكان بعض العرب يهمز فيقول : لؤ وإن سميت ( بلا ) زدت ألفاً ثم همزت فقلتَ : لاء لأن الألف ساكنة ولا يجتمع ساكنان وإذا سميت بحرف التهجي نحو : باء وتاءٍ وثاء وحاء مددت فقلت : هذه باء وتاء وإذا تهجيت قصرت ووقفت ولم تعرب وفي ( زاي ) لغتان : منهم من يجعلها ( ككي ) ومنهم من يقول : زاي فإن سميته بزي على لغة من يجعلها ككي قلت : زي فاعلم وإن سميت بها على لغة من يقول : زايٌ قلت : زاءٌ وكذا واوٌ وآءٌ وسنبين هذا في التصريف وجميع هذه الحروف إذا أردت بالواحد منها معنى حرف فهو مذكر أردت به معنى كلمةٍ فهو مؤنث وإن سميت بحرف متحرك أشبعت الحركة إن كانت فتحةً جعلتها ألفاً وضممت إليها ألفاً أخرى وإن كانت كسرة أشبعتها حتى تصير باء وتضم إليها أخرى وكذلك المضموم إذا وجدته كذلك وذلك أن تسمي رجلاً بالكاف من قولك كزيدٍ تقول : هذا ( كا ) وإن سميته بالباء من بزيد : قلت : بيٌ فإن سميته بحرف ساكن فإن الحرف الساكن لا يجوز من غير كلمة فترده إلى ما أخذ منه
    واعلم : أن كل اسم مفرد لا تجوز حكايته وكذلك كل مضاف وإن سميت رجلاً عم فأردت أن تحكي به في الإستفهام تركته على حاله وإن جعلته اسماً قلت : عن ما تمد ( ما ) لأنك جعلته اسماً كما تركت تنوين سبعة إذا سميت فقلت : سبعةُ
    والمضاف بمنزلة الألف واللام لا يجعلان الإسم حكاية قال أبو بكر : قد ذكرنا ما لا ينصرف وقد مضى ذكر المبني المضارع للمعرب ونحن نتبع ذلك الأسماء المبنيات إن شاء الله
    ● [ ذكر الأسماء المبنية التي تضارع المعرب ] ●

    هذه الأسماء على ضربين : مفرد ومركب فنبدأ بذكر المفرد إذ كان هو الأصل لأن التركيب إنما هو ضم مفرد إلى مفرد ولنبين أولاً المعرب ما هو لنبين به المبني فنقول : إن الإسم المفرد المتمكن في الإِعراب على أربعة أضرب : اسم الجنس الذي تعليله من جنس آخر والواحد من الجنس وما اشتق من الجنس ولقب الواحد من الجنس
    [ شرح الأول من المعرب ]

    الجنس : الإسم الدال على كل ما له ذلك الإسم ويتساوى الجميع في المعنى نحو : الرجل والإِنسان والمرأة والجمل والحمار والدينار والدرهم والضرب والأكل والنوم والحمرة والصفرة والحسن والقبح وجميع ما أردت به العموم لما يتفق في المعنى بأي لفظ كان فهو جنس وإذا قلت : ما هذا فقيل لك : إنسان فإنما يراد به الجنس فإذا قال : الإِنسان فالألف واللام لعهد الجنس وليست لتعريف الإِنسان بعينه وإنما هي فرق بين إنسان موضوع للجنس وبين إنسان هو من الجنس إذا قلت إنسان قال الله عز و جل : ( إن الإنسان لفي خُسرٍ إلا الذين آمنوا ) فدل بهذا أن الإِنسان يراد به الجنس ومعنى قول النحويين : الألف واللام لعهد الجنس أنك تشير بالألف واللام إلى ما في النفس من معرفة الجنس لأنه شيء لا يدرك بالعيان والحس وكذلك إذا قلت : فضةٌ والفضةُ وأرضٌ والأرضُ وأسماء الأجناس إنما قيلت ليفرق بين بعضها وبعض مثل الجماد والإِنسان وهذه الأسماء تكون أسماء لما له شخص ولغير شخص فالذي له شخص نحو : ما ذكرنا من الإِنسان والحمار والفضة وما لا شخص له مثل الحمرة والضرب والعلم والظن
    [ شرح الثاني من المعرب ]

    وهو الواحد من الجنس نحو : رجل وفرس ودينار ودرهم وضربةٍ وأكلةٍ فتقول : إذا كان واحد من هذه معهوداً بينك وبين المخاطب الرجل والفرس والدينار والضرب أي الفرس الذي تعرف والضرب الذي تعلم والفرق بين قولك : رجل وبين فضة أن رجلاً يتضمن معنى جنس له صورة فمتى زالت تلك الصورة زال الإسم وفضة ليس يتضمن هذا الإسم صورة فأما درهم فهو مثل رجل في أنه يتضمن معنى الفضة بصورة من الصور
    [ شرح الثالث ]

    الثالث ما اشتق للوصف من جنس من الأجناس التي لا أشخاص لها :
    نحو : ضارب مشتق من الضرب وحَسَنٌ مشتق من الحُسْنِ وقبيحٌ مشتق من القُبحِ وآكلٌ مشتق من الأكل وأسودٌ من السواد وهذه كلها صفات تجري على الموصوفين فإن كان الموصوف جنساً فهي أجناس وإن كان واحد منكوراً من الجنس فهو واحد منكور نحو : القائمِ وقائمٍ والحَسِنُ وحَسَنٌ وإن كان معهوداً فهو معهودٌ وحكم الصفة حكم الموصوف في إعرابه
    [ شرح الرابع ]

    الرابع ما يلقب به شيء بعينه ليعرف من سائر أمته :
    نحو : زيد وعمرو وبكر وخالد وما أشبه ذلك من الأسماء الأعلام التي تكون للآدميين وغيرهم
    فجميع هذه الأسماء المتمكنة إلا الجنس يجوز أن تعرف النكرة منها بدخول الألف واللام عليها ويجوز أن تنكر المعرفة منها ألا ترى أنك تقولُ : الرجل إذا كان معهوداً ثم تقول : رجلٌ إذا لم يكن معهوداً والمعنى واحد وكذلك ضرب والضربُ وحَسُنَ والحسنُ وضاربٌ والضَاربَ وقبيحٌ والقبيحُ وتقول : زيدُ عمروٍ فإذا تنكرا بأن يتشاركا في الإسم قلت : الزيدان والعمران تدخل الألف واللام مع التثنية لأنه لا يكون نكرة إلا ما يثنى ويجمع والأسماء المبنية بخلاف هذه الصفة لا يجوز أن تنكر المعرفة منها ولا تعرف النكرة ألا ترى أنه لا يجوز أن يتنكر ( هذا ) فتقول : الهذان ولا يتنكر أنا ولا أنت ولا هو فهذا من المعارف المبنيات التي لا يجوز أن يتنكر ما كان منها فيه الألف واللام فلا يجوز أن يخرج منها الألف واللام نحو : الذي والآن وأما النكرة التي لا يجوز أن تعرف نحو قولك : كيف وكم فجميع ما امتنع أن يعرف بالألف واللام وامتنع من نزع الألف واللام منه لتنكير فهو مبني ولا يلزم من هذا القول البناء في اسم الله عز و جل إذ كانت الألف واللام لا تفارقانه فإن الألف واللام وإن كانا غير مفارقتين فالأصل فيهما أنهما دخلتا على إله قال سيبويه : أصل هذا الإسم أن يكون إلها وتقديره ( فعال ) والألف واللام عوض من الهمزة التي في ( إله ) وهو على هذا علم قال أبو العباس : لأنك تذكر الآلهة الباطلة فتكون نكرات تعرف بالألف واللام وتجمع كما قال الله عز و جل ( أأتخذ من دونه آلهة ) وتعالى الله أن يعتور اسمه تعريف بعد تنكير أو إضافة بعد أن كان علماً وقال سيبويه في موضع آخر : ويقولون : لاه أبوك يريدون لله أبوك فيقدمون اللام ويؤخرون العين والإسم كامل وهو علم وحق الألف واللام إذا كانت في الإسم ألا ينادي إلا الله عز و جل فإنك تقول : يا لله وتقطع الألف فتفارق سائر ألفات الوصل والشاعر إذا اضطر فقال : ( يا التي ) لم تقطع الألف فهذا الإسم مفارق لجميع الأسماء عز الله وجل
    أقسام الأسماء المبنيات المفردات ستة
    اسم كنى به عن اسمٍ واسم أشير به إلى مسمى وفيه معنى فِعْلٍ واسم سمي به فعل واسم قام مقام الحرف وظرف لم يتمكن وأصوات تحكي
    ● [ باب الكنايات وهي علامات المضمرين ] ●

    الكنايات على ضربين : متصل بالفعل ومنفصل منه فالمتصل غير مفارق للفعل والفعل غير خال منه وعلامة المرفوع فيه خلاف علامة المنصوب والمخفوض فالتاء للفاعل المتكلم مذكراً كان أو مؤنثاً فعلتُ : وصنعت وعلامة المخاطب المذكر فعلتَ والمؤنث فعلتِ وعلامة المضمر النائب في النية تقول : فعل وصنع فاستغنى عن إظهاره والعلامة فيه بأن كل واحد من المتكلمين والمخاطبين له علامة فصار علامة الغائب أن لا علامة له هذا في الفعل الماضي فأما الفعل المضارع فليس يظهر في فعل الواحد ضمير البتة متكلماً كان أو مخاطباً إلا في فعل المؤنث المخاطب وذلك أنه استغنى بحروف المضارعة عن إظهار الضمير يقولُ المتكلمُ : أنا أفعل ذكراً كان أو أنثى فالمتكلم لا يحتاج إلى علامة لأنه لا يختلط بغيره وإنما أظهرت العلامة في ( فعلتُ ) للمتكلم لأنه لو أسقطها لالتبس بالغائب فصار فعل فلا يعلم لمن هو فإن خاطبت ذكراً قلت : أنت تفعل والغائب هو يفعل فإن خاطبت مؤنثاً قلت : تفعلين فظهرت العلامة وهي الياء وإن كانت غائبة قلت : هي تفعل فيصير لفظ الغائبة كلفظ المخاطب ويفصل بينهما الخطاب وما جرى في الكلام من ذكر ومؤنث وتقول للمؤنث في الغيبة فعلتْ وصنعتْ فالتاء علامة فقط وليست باسم يدلك على ذلك قولهم : فعلت هند فأما التاء التي هي اسم فيسكن لام الفعل لها نحو فَعلْتُ وصنَعْتُ وإنما أسكن لها لام الفعل لأن ضمير الفاعل والفعل كالشيء الواحد فلو لم يسكنوا لقالوا : ضَرَبتُ فجمعوا بين أربعة متحركات وهم يستثقلون ذلك فإن ثنيت وجمعت الضمير الذي في الفعل قال الفاعل : فعلنا في التثنية والجمع والمذكر والمؤنث في هذا اللفظ سواء وتقولُ في الخطاب : فعلتما للمذكر والمؤنث ولجمع المذكرين فعلتم وللمؤنث فعلتن فإن ثنيت الغائب قلت : قاما فظهرت العلامة وهي الألف وفي الجمع قاموا وفي المضارع يقومان ويقومون تثبت النون في الفعل المعرب وتسقط من الفعل المبني وقد ذكرناه فيما تقدم وتقول في المؤنث : قامتا وقمن ويقومان ويقمن هذه علامات المضمر المتصل المرفوع فأما علامة المخفوض والمنصوب المتصل فهي واحدة فعلامة المتكلم ياء قبلها نون نحو : ضربني وجيء بالنون لتسلم الفتحة ولئلا يدخل الفعل جر وللمجرور علامته ياء بغير نون نحو : مررت بي وغلامي وهذه الياء تفتح وتسكن فمن فتح جعلها كالكاف أختها ومن أسكن فلاستثقال الحركة في الياء في أنها تكسر ما قبلها وكلهم إذا جاء بها بعد ألف فتحها نحو : عصايَ ورحايَ
    وإذا تكلم منه ومن غيره قال : ضربنا زيد والمؤنث في ذا كالمذكر وكذلك هو في الجر تقول : ضربنا وغلامنا فإذا خاطبت فعلامة المخاطب المذكر كاف مفتوحة والمؤنث كاف مكسورة نحو : ضربتك وكذلك المجرور تقول : مررت بكَ يا رجل وبكِ يا امرأة وإذا ثنيت قلت في المذكر والمؤنث : ضربتكما وللجميع المذكرين : ضربتكم وكذلك تقول : مررت بكما في التذكير والتأنيث ومررت بكم في المذكرين ومررت بكن للمؤنث
    [ الضرب الثاني وهو علامات المضمرين المتصلة ]

    أما علامة المرفوعين فللمتكلم أنا فالإسم الألف والنون وإنما تأتي بهذه الألف الأخيرة في الوقف فإن وصلت سقطت فقلت : أن فعلتُ ذاكَ وإن حدث عن نفسه وعن آخر قال : نحو وكذلك إن تحدث عن نفسه وعن جماعة قال : نحن ولا يقع ( أنا ) في موضع التاء والموضع الذي يصلح فيه المتصل لا يصلح فيه المنفصل لا تقول فعل أنا وعلامة المخاطب إن كان واحداً أنت وإن خاطبت اثنين فعلامتها أنتما والجميع أنتم فالإسم هو الألف والنون في ( أنت ) والتاء علامة المخاطب والمضمر الغائب علامته ( هو ) وإن كان مؤنثاً فعلامته ( هي ) والإثنين والإثنتين هما والجميع هم وإن كان الجمع جمع مؤنث فعلامته هن وأما علامة المضمر المنصوب ( فأيا ) فإن كان غائباً قلت إياه وإن كان متكلماً قلت : إياي ويانا في التثنية والجمع وللمخاطب المذكر : إياكَ وللمؤنث إياكِ وإياكما إذا ثنيت المؤنث والمذكر وإياكم للمذكرين وإياكن في التأنيث وللغائب المذكر إياه وللمؤنث إياها وإياهما للمذكر والمؤنث وأياهم للمذكرين وإياهن للجميع المؤنث وقد قالوا : إن ( أيا ) مضاف إلى الهاء والكاف والقياس أن يكون ( أيا ) مثل الألف والنون التي في أنت فيكون ( أيا ) الإسم وما بعدها للخطاب ويقوي ذلك أن الأسماء المبهمة وسائر المكنيات لا تضاف و ( أيا ) مع ما يتصل بها كالشيء الواحد نحو : أنت فأما المجرور فليست له علامة منفصلة لأنه لا يفارق الجار ولا يتقدم عليه وجميع المواضع التي يقع فيها المنفصل لا يقع المتصل والموضع الذي يقع فيه لا يقع المنفصل لأن المنفصل كالظاهر تقول : إني وزيداً منطلقانِ ولا تقول : إن إياي وزيداً منطلقانِ وتقول : ما قام إلا أنت ولا تقول : إلاتَ وتقول : إن زيداً وإياك منطلقانِ ولا يقول : إن زيداً إلاك منطلقان ومما يدل على ( إن وأخواتها ) مشبهة بالفعل أن المكنى معها كالمكنى مع الفعل تقول : إنني كما تقول : ضربني وأما قولهم : عجبتُ من ضريبكَ وضريبه فالأصل من ضربي إياك وضربي إياه وأقل العرب من يقول : ضَريبهُ وإنما وقع هذا مع المصدر لأنه لم تستحكم علامات الإِضمار معه ألا ترى أنهم لا يقولون : عجبت من ضربكني إذا بدأت بالمخاطب قبل المتكلم ولا من ضربهيك إذا بدأت بالبعيد قبل القريب وقالوا : عجبت من ضريبك وضربكه ولو كان هذا موضعاً يصلح فيه المتصل لجاز فيه جميع هذا ألا ترى أنك تقول : ضَريبكَ إذا جئت بالفعل ضربته وموضع ضربكه ضربته وكان الذين قالوا : ضريبه قالوا : ذلك إختصاراً لأن المصدر اسم فإذا أضفته إلى مضمر فحقه إن عديته لمعنى الفعل أن تعديه إلى ظاهر أو ما أشبه الظاهر من المضمر المتصل وكان حق المضمر المتصل أن لا يصلح أن يقع موقع المنفصل والأصل في هذا : عجبتُ من ضربي إياك كما تقول : من ضربي زيداً ومن ضربك إياه كما تقول من ضربك عمراً والكسائي يصل جميع المؤنث فيقول : أعطيتهنه والضارباناه لأنه لم يتفق حرفان ولا أعلم بين الواحد والجمع فرقاً ومن ذلك قولهم : كان إياه لأن ( كانَهُ ) قليلة ولا تقول : كانني وليسني ولا كانَكَ لأن موضعه موضع ابتداء وخبر فالمنفصل أحق به قال الشاعر :
    ( لَيْتَ هَذَا اللَّيْلَ شَهْرٌ ... لا نَرى فيهِ عَريبا )
    ( لَيس إيايَ وإيَاكَ ... ولا نخشَى رَقيبا )
    وقد حكوا : ليسني وكأنني واعلم أنك إذا أكدت المرفوع المتصل والمنصوب والمخفوض المتصلين أكدته بما كان علامة المضمر المرفوع المنفصل وذلك قولك : قمت أنتَ وضربتُك أنت وإنما جاز ذلك لأن الخطاب جنس واحد وليس بأسماء معربة والأصل في كل مبني أن يكون المرفوع والمنصوب والمخفوض على صيغة واحدة وإنما فرق في هذا للبيان فإذا أمنوا اللبس رجع المبني إلى أصله ومع ذلك فلو أكد المرفوع والمنصوب المتصلان بالمنفصلين اللذين لهما لبقي المجرور بغير شيء يؤكده ولا يحسن أن يعطف الإسم الظاهر على المرفوع المتصل لا يحسن أن تقول : قمتُ وزيدٌ حتى تؤكد فتقول : أنا وزيدٌ ولا تقول : قام وزيدٌ حتى تقول : قام هو وزيدٌ وقال عز و جل : ( اذهب أنت وأخوك ) ربما جاء على قبحه غير مؤكد ويحتمل لضرورة الشاعر
    وإنما قَبُحَ أن تقول : قمت وزيد لأن التاء قد صارت كأنها جزء من الفعل إذ كانت لا تقوم بنفسها وقد غير الفعل لها فإن عوضت من التأكيد شيئاً يفصل به بين المعطوف والمعطوف عليه نحو : ما قمتُ ولا عمرو وقعدتُ اليومَ وزيدْ : حسن فأما ضمير المنصوب فيجوز أن يعطف عليه الظاهر : تقول : ضربتُك وزيداً وضربت زيداً وإياكَ فيجوز يتقدم وتأخيره وأما المخفوض فلا يجوز أن يعطف عليه الظاهر لا يجوز أن تقول : مررت بكِ وزيدٍ لأن المجرور ليس له اسم منفصل يقتدم ويتأخر كما للمنصوب وكل اسم معطوف عليه فهو يجوز أن يؤخر ويقدم الآخر عليه فلما خالف المجرور سائر الأسماء لم يجزْ أن يعطف عليه وقد حكي أنه قد جاء في الشعر :
    ( فَاذْهَب فَمَا بِكَ والأيَّامِ مِنْ عَجَبِ ... )
    وتقول : عجبت من ضربِ زيدٍ أنت إذا جعلت زيداً مفعولاً ومن ضربكه إذا جعلت الكاف مفعولاً وتقول فيما يجري من الأسماء مجرى الفعل : عليكهُ ورويدهُ وعليكني ولا تقول : عليك إيايَ ومنهم من لا يستعمل ( ني ) ولا ( نا ) استغناء بعليك ( بي ) و ( بنا ) وهو القياس ولو قلت : عليك إياه كان جائزاً لأنه ليس بفعل والشاعر إن اضطر جعل المنفصل موضع المتصل قال حميد الأرقط :
    ( إليك حَتىَّ بَلَغتْ إياكا ... )
    يريد : حتى بلغتَكَ فإن ذكرتَ الفعل الذي يتعدى إلى مفعولين فحق هذا الباب إذا جئت بالمتصل أن تبتدأ بالأقرب قبل الأبعد وأعني بالأقرب المتكلم قبل المخاطب والمخاطب قبل الغائب وتعرف القوي من غيره فإن الفعلين إذا اجتمعا إلى القوي فتقول : قمت وأنت ثم تقول : قمنا وقام وأنتَ ثم تقول : قمتما فتغلب المخاطب على الغائب وتقول : أعطانيه وأعطانيك ويجوز : أعطاكني فإن بدأ بالغائب قال : أعطاهوني وقال سيبويه : هو قبيح لا تكلم به العرب وقال أبو العباس : هذا كلام جيدّ ليس بقبيحٍ وقال الله عز و جل : ( أنلزُمُكموها وأنتم لها كارهون ) فتقول على هذا أعطاه إياك وهو أحسن من أعطاهوكَ فإذا ذكرت مفعولين كلاهما غائب قلت : لمعطاهوه وليس بالكثير في كلامهم والأكثر المعطاه إياه والمنفصل بمنزلة الظاهر فأما المفعولان في ظننت وأخواتها فأصلها الإبتداء الخبر كما جاء في ( كان ) فالأحسن أن نقول ظننتك إياه كما تقول : كان إياهُ وكنت إياهُ
    واعلم : أنه لا يجوز أن يجتمع ضمير الفاعل والمفعول إذا كان المفعول هو الفاعل في الأفعال المتعدية والمؤثرة لا يجوز أن تقول : ضربتني ولا أضربك إذا أمرت فإن أردت هذا قلت : ضربت نفسي واضرب نفسك وكذلك الغائب لا يجوز أن تقول : ضربه إذا أردت ضرب نفسه ويجوز في باب ظننت وحسبت أن يتعدى المضمر إلى المضمر ولا يجوز أن يتعدى المضمر إلى الظاهر تقول : ظننتي قائماً وخلتني منطلقاً لأنها أفعال غير مؤثرة ولا نافذة منك إلى غيرك فتقول على هذا : زيد ظنه منطلقاً فتعدى فعل المضمر في ظن إلى الهاء ولا يجوز زيداً ظن منطلقاً فتعدى فعل المضمر الذي في ظن إلى زيدٍ فتكون قد عديت في هذا الباب فعل المضمر إلى الظاهر وإنما حقه أن يتعدى فعل المضمر إلى المضمر وتكون أيضاً قد جعلت المفعول الذي هو فضلة في الكلام لا بد منه وإلا بطل الكلامُ فهذه جميع علامات المضمر المرفوع والمنصوب قد بينتها في المنفصل والمتصل وقد خبرتك أن المجرور لا علامة له منفصلة وإن علامته في الإتصال كعلامة المنصوب لا فرق بينها في الكاف والهاء تقول : رأيتك كما تقول : مررت بك وتقول : ضربته كما تقول : مررت به فهذا مطرد لا زيادة فيه فإذا جاءوا إلى الياء التي هي ضمير المتكلم زادوا في الفعل نونا قبل الياء لئلا يكسروا لام الفعل والفعل لا جرّ فيه فقالوا : ضربني فسلمت الفتحة بالنون ووقع الكسر على النون وكذلك : يضربني فإذا جاءوا بالإسم لم يحتاجوا إلى النون فقالوا : الضاربي في النصب واستحسنوا الكسرة في الباء موضع لأنه يدخله الجر ولم يستحسنوا ذلك في لام الفعل لأنه موضع لا يدخله الجر وقالوا : إنني ولعلني ولكنني لأن هذه حروف مشبهة بالفعل
    قال سيبويه : قلت له : يعني الخليل ما بال العرب قالت : إني وكأني ولعلي ولكني فزعم : أن هذه الحروف اجتمع فيها أنها كثيرة من كلامهم وأنهم يستثقلون في كلامهم التضعيف فلما كثر استعمالهم إياها مع تضعيف الحروف حذفوا النون التي تلي الياء قال : فإن قلت : ( لعلي ) ليس فيها تضعيف فإنه زعم : أن اللام قريبة من النون يعني في مخرجها من الفم وقد قال الشعراء في الضرورة : ليتي
    وقال : سألته عن قولهم : عني وقطني ولدني : ما بالهم جعلوا علامة المجرور ها هنا كعلامة المنصوب فقال : إنه ليس من حرف تلحقه ياء الإِضافة إلا كان متحركاً مكسوراً ولم يريدوا أن يحركوا الطاء التي في ( قط ) ولا النون التي في ( من ) فجاءوا بالنون ليسلم السكون وقدني بهذه المنزلة وهذه النون لا ينبغي أن نذكرها في غير ما سمع من العرب لا يجوز أن تقول : قدي كما قلت مني وقد جاء في الشعر ( قدي ) قال الشاعر :
    ( قدْنِيَ مِنْ نصر الخُبيْبَيْن قَدِي ... )
    فقال : قدي لما اضطر شبهه بحسبي كما قال : ليتي حيث اضطر وقال سيبويه : لو أضفت إلى الياء الكاف تجر بها لقلت : ما أنت كِي لأنها متحركة قال الشاعر لما اضطر :
    ( وأمّ أو عالٍ كها أو أقربا ... )
    وقال آخر لما اضطر :
    ( فلا تَرى بَعْلاً ولا حَلائِلاً ... كَهُ ولا كَهُنَّ إلاّ حَاظِلا )
    فهذا قاله سيبويه قياساً وهو غير معروف في الكلام واستغنى عن ( كي ) بمثلي
    ولام الإِضافة تفتح مع المضمر إلا مع الياء لأن الياء تكسر ما قبلها تقول : لَهُ ولَكَ ثم تقول : لِي فتكسر لأن هذه الياء لا يكون ما قبلها حرف متحرك إلا مكسوراً وهي مفارقة لأخواتها في هذا ألا ترى أنك تقول : هذا غلامُه فتصرف فإذا أضفت غلاماً إلى نفسك قلت : هذا غلامي فذهب الإِعراب وإنما فعلوا ذلك لأن الضم قبلها لا يصلح فلما غير لها الرفع وهو أول غير لها النصب إذا كان ثانياً وألزمت حالاً واحداً فقلت : رأيت غلامي
    واعلم أن الذي حكي من قولهم : لولاي ولولا شيء شذ عن القياس كان عند شيخنا يجري مجرى الغلط والكلام الفصيح ما جاء به القرآن : لولا أنت
    كما قال عز و جل : ( لولا أنتم لكنّا مؤمنين ) والذين قالوا : لولاك ولولاي قالوا : لأنها أسماء مبنية يؤكد المرفوع منها المخفوض فكأنهم إنما يقتصرون العبارة عن المتكلم والمخاطب والغائب لا بأي لفظ كان لأنه غير ملبس ولكنهم لا يجعلون غائباً مكان مخاطب لا يقولون : لولاه مكان لولاك فأما قولهم : عساك فالكاف منصوبة لأنك تقول : عساني فعساك مثل رماك وعساني مثل رماني
    واعلم : أن علامة الإِضمار قد ترد أشياء إلى أصولها فمن ذلك قولك : لعبد الله مال ثم تقول : لك وله إنما كسرت مع الظاهر في قولك
    لزيدٍ مالٌ كيلا يلتبس بلام الإبتداء إذا قلت : لهذا أفضل منك ألا تراهم قالوا : يا لبَكر حين أمنوا الإلتباس فمن ذلك : أعطيكموه في قول من قال : أعطيتكم ذاك فأسكن ردوه بالإِضمار إلى أصله كما ردوا بالألف واللام حين قالوا : أعطيتكموه اليوم فكان الذين وقفوا بإسكان الميم كرهوا الوقف على الواو
    فلما وصلوا زال ما كرهوا فردوا وزعم يونس أنه يقول : أعطيتُكُمْه بإسكان الميم كما قال في الظاهر أعطيتكم زيداً
    واعلم : أنَّ أنت وأنا ونحن وأخواتهن يكن فصلاً ومعنى الفصل أنهن يدخلن زوائد على المبتدأ المعرفة وخبره وما كان بمنزلة الإبتداء والخبر ليؤذن بأن الخبر معرفة أو بمنزلة المعرفة ولا يكون الفصل إلا ما يصلح أن يكون كناية عن الإسم المذكور فأما ما الخبر فيه معرفة واضحة فنحو قولك : زيد هو العاقلُ وكان زيد هو العاقل وأما ما الخبر فيه يقرب من المعرفة إذا أردت المعرفة وكان على لفظه فنحو قولك حسبت زيداً هو خيراً منك وكان زيد هو خيراً منك وتقول : إن زيداً هو الظريف فيكون فصل وإن زيداً هو الظريف وتقول : إن كان زيدٌ لهو الظريفُ وإن كنا لنحن هي ( نا ) في كنا ولو قلت كان زيدٌ أنت خيرا منه لم يجز أن تجعل أنت فصلاً لأن أنت غير زيد فإن قلت : كنت أنت خيراً من زيدٍ جاز أن يكون فصلاً وأن يكون تأكيداً فجميع هذه لمسائل الإسم فيها معرفة والخبر معرفة أو قريب منها مما لا يجوز أن يدخل عليه الألف واللام ولو قلت : ما أظن أحداً هو خير منك لم يجز أن تجعل ( هو ) فصلاً لأن واحداً نكرة ولكن تقول : ما أظن أحداً هو خير منك فجعل : هو مبتدأ و ( خير منك ) خبره وهذا الباب يسميه الكوفيون العماد وقال الفراء : ادخلوا العمادَ ليفرقوا بين الفعل والنعت لأنك لو قلت : زيدٌ العاقل لأشبه النعت فإذا قلت : زيدٌ هو العاقل قطعت ( هو ) عن توهم النعتِ فهذا الذي يسميه البصريون فصلاً ويسميه الكوفيون عِماداً وهو ملغى من الإِعراب فلا يؤكد ولا ينسق عليه ولا يحال بينه وبين الألف واللام وما قاربهما ولا يقدم قبل الإسم المبتدأ ولا قبل ( كان ) ولا يجوز كان هو القائم زيدٌ ولا هو القائم كان زيدْ وقد حكي هذا عن الكسائي لأنه كان يجعل العماد بمنزلة الألف واللام في كل موضع يجوز وضعه معهما فإذا قلت : كنت أنت القائم جاز أن يكون أنت فصلاً وجاز أن يكون تأكيداً ويجوز أن يبتدأ به فترفع القائم
    ولك أن تثني الفعل وتجمعه وتؤنثه فتقول : كان الزيدان هما القائمينِ وكان الزيدونَ هم القائمين وكانت هندٌ هي القائمة والظن وإنّ وجميع ما يدخل على المبتدأ والخبر يجوز الفصل فيه تقول : ظننتُ زيداً هو العاقلَ وإن زيداً هو العاقلُ فإذا قلت كان زيدٌ قائمةً جاريته فأدخلت الألف واللام على ( قائمةٍ ) وجعلتها لزيدٍ قلت : كان زيدق القائمةُ جاريتهُ فإن كانت الألف واللام للجارية صار المعنى : كان زيد التي قامت جاريتهُ فقلت : كان زيدُ القائمة جاريتُه حينئذٍ وهذا لا يجوز عندي ولا عند الفراء من قبل أنه ينبغي أن يكون الألف واللام هي الفصل بعينه وأن يصلح أن يكون ضميراً للأول
    ● [ الباب الثالث من المبنيات ] ●
    وهو الإسم الذي يشار به إلى المسمى

    وفيه من أجل ذلك معنى الفعل وهي : ذَا وذه وتثنى ذا وذه فتقول : ذانِ في الرفع وذينِ في النصب والجر وتثنية ( تا ) تان وتجمع ذا وذه وتا أُولى وأولاءِ والمذكر والمؤنث فيه وسواء فذا اسم تشير به إلى المخاطب إلى كل ما حضر كما يدخلون عليه هاء التنبيه فيقولون : هذا زيدٌ وهذي أمةُ الله فإذا وقفوا على الياء أبدلوا منها هاءً في الوقف فإذا وصلوا أسقطوا الهاء وردوا الياء ويبدلون من الياء فيقولون : هذهِ أمةُ الله فإذا وصلوا قالوا : هذي أمةُ اللِه فإذا وقفوا حذفوا الهاء وردوا الياء ومنهم من يقول : هذه أمةُ اللِه
    وهؤلاءِ تُمد وتقصرُ وإذا مدوا بنوه على الكسر لإلتقاء الساكنين فإن أدخلوا كاف المخاطبة فأول كلامهم لما يشار إليه وآخره للمخاطب والكاف ها هنا حرف جيء به للخطاب وليس باسمٍ لأن إضافة المبهمة محال من قبل أنها معارفٌ فلا يجوز تنكيرها وكل مضافٍ فهو نكرةٌ قبل إضافته فإذا أُضيف إلى معرفة صار بالإِضافة معرفةٌ وهو قولك : ذاكَ وذلكَ واللام في ( ذلكَ ) زائدة والأصل ( ذَا ) والكاف للخطاب فقط ومحالٌ أن تكون هنا اسماً لما بينت لك فإنما زدت الكاف على ( ذَا ) وكانت ( ذَا ) لما يومي إليه بالقرب
    فإذا قلت ذلك دلت على أن الذي يومي إليه بعيدٌ وكذلك جميع الأسماء المبهمة إذا أردت المتراخي زدت كافاً للمخاطبة لحاجتك أن تنبه بالكاف المخاطب ونظير هذا هنا وها هنا وهناكَ وهنالكَ إذا أشرت إلى مكان فإن سألت رجلاً عن رجلٍ قلت : كيف ذاكَ الرجلُ فتحت الكاف
    فإن سألت امرأة عن رجلٍ قلت : كيفَ ذاكِ الرجلُ فكسرت الكاف قال الله عز و جل : ( كذلكِ الله يخلقُ ما يشاءُ ) فإن سألت رجلاً عن امرأةٍ قلت : كيفَ تلكَ المرأةُ فإن سألت المرأة عن امرأةٍ قلت : كيف تلكِ المرأةُ تكسر الكاف فإن سالت رجلاً عن رجلينِ قلت : كيف ذانكَ الرجلانِ ومن قال في الرجلِ ذلكَ : قال في الإِثنينِ : ذانّكَ بتشديد النون أبدلوا من اللام نوناً وأدغمت إحدى النونين في الأخرى كما قال عز و جل : ( فَذانِكَ بُرهَانانِ ) فإن سألت عن جماعةٍ رجلاً قلت : كيف أولئك الرجالُ وأولاكَ الرجالُ فإن سألت رجلاً عن امرأتين قلت : كيفَ تانك المرأتانِ وإن سألت امرأة عن رجلين قلت : كيف ذانِك الرجلانِ يا امرأةُ وإن سألتها عن جماعةٍ قلت : كيف أولئكِ الرجالُ يا امرأةَ فإن سألت رجلينِ عن رجلينِ قلت : كيف ذانكما الرجلانِ يا رجلانِ وإن سألتهما عن جماعةٍ قلت : كيف أولئكما الرجالُ يا رجلانِ وإن سألتهما عن امرأةٍ قلت : كيف تيكما وتلكما المرأةُ يا رجلانِ وإن سألتهما عن امرأتين قلت : كيفَ تانكما المرأتان يا رجلانِ وإن سألت جماعةٍ عن واحدٍ قلت : كيف ذاكم الرجلُ يا رجالُ وإن سألتهم عن رجلين قلت : كيف ذانكم الرجلانِ يا رجالُ وإن سألتهم عن جماعة قلت : كيف أُولئكَ الرجالُ يا رجالُ وإن سألتهم عن امرأةٍ قلت : كيف تلكم المرأة يا رجال وإن سألتهم عن امرأتين قلت : كيف تانكم المرأتانِ يا رجالُ وإن سألت امرأتين فعلامة المرأتينِ والرجلين في الخطاب سواءٌ فإن سألت نساء عن رجلٍ قلت : كيف ذاكنَّ الرجلُ يا نساءُ وباللام : كيف ذلكن الرجلُ يا نساءُ قال الله عز و جل : ( فذلكنَّ الذي لُمتْنُنَّيِ فيهِ ) فإن سألتهن عن رجلين قلت : كيف تيكن وإن سألتهن عن جماعةٍ قلت : كيفَ أُولئكنَّ النساءُ مثل المذكرِ
    واعلم : أنه يجوز لك أن تجعل مخاطب الجماعة على لفظ الجنس أو تخاطبُ واحداً عن الجماعة فيكون الكلام له والمعنى يرجع إليهم كما قال الله تعالى : ( ذلكَ أَدنى ألاّ تَعُولوا ) ولم يقل : ذلكمُ لأن المخاطب النبي والدليل على أن في هذا معنى فعلٍ قولهم : هذا زيدٌ منطلقاً لأن منطلقاً انتصب على الحالِ والحال لا بد من أن يكون العامل فيها فعلٌ أو معنى فعلٍ
    ● [ باب الأسماء المبنية المفردة التي سمي بها الفعل ] ●

    وذلك قولهم : صه ومه ورويدَ وإيه وما جاء على فَعالٍ نحو : حَذارِ ونزالِ وشتانَ فمعنى صه : اسكت ومعنى مه : أكفف فهذانِ حرفانِ مبنيانِ على السكون سمى الفعلَ بهما فأما رويدَ : فمعناه : المهلةُ وهو مبني على الفتح ولم يسكن آخره لأن قبله ساكناً فاختير له الفتح للياء قبله تقول : رويدَ زيداً فتعديهِ فأما قولك : رويدَك زيداً فإن الكاف زائدةٌ للمخاطبة وليست باسم وإنما هي بمنزلة قولك : التجاءَك يا فتى وأرأيتُك زيداً ما فعلَ ويدلك على أن الكاف ليست باسمٍ في التجاءَكَ دخول الألف واللام والألف واللام والإِضافة لا يجتمعان وكذلك الكاف في : أرأيتُكَ زيداً زائدةٌ للخطاب وتأكيده ألا ترى أن الفعل إنما عمل في زيد فإن قلت : إرودّ كان المصدر إرواداً وتصرف جميع المصادر فإن حذفت الزوائد على هذه الشريطة صرفت : رويدَ فقلت : رويداً يا فتى وإن نعت به قلت : ضعهُ وضعاً رويداً وتضيفه لأنه كسائر المصادر تقول : رويدَ زيدٍ كما قال الله عز و جل : ( فَضرب الرقاب ) ورويداً زيداً كما تقول ضرباً زيداً في الأمر فأما إيه وآه فمعنى إيه الأمر بأن : يزيدكُ من الحديث المعهودِ بينمكا فإذا نونت قلت : إيهٍ والتنوين للتنكير كأنك قلت : هات حديثاً وذاك كأنه قال : هات الحديثَ قال ذو الرمةِ:
    ( وقَفْنَا فَقُلْنَا إيهِ عَنْ أمِّ سَالِمٍ ... وَمَا بَالُ تَكْلِيمِ الدِّيَارِ البَلاقِعِ )
    فإذا فتحت فهي زجرٌ ونهي كقولك : إيه يا رجلُ إني جئتُكَ فإذا لم ينون فالتصويت يريد الزجر عن شيءٍ معروفٍ وإذا نونت فإنما تريد الزجر عن شيءٍ منكورٍ قال حاتم:
    ( إيهاً فِدَىً لَكُمْ أُمّي وَمَا وَلَدَتْ ... حَامُوا على مَجْدِكُم واكْفُوا مَنِ اتَّكَلاَ )
    ومن ينون إذا فتح فكثير والقليل من يفتح ولا ينون وجميع التنوين الذي يدخل في هذه الأصوات إنما يفرق بين التعريف والتنكير تقول : صه يا رجلُ هذا الأصل في جميع هذه المبنيات ومنها ما يستعمل بغير تنوين البتة فما دخله التنوين لأنه نكرةٌ قولهم : فدىً لكَ يريدون به الدعاء والدعاء حقه أن يكون على لفظ الأمر فمن العرب من يبني هذه اللفظة على الكسر وينونها لأنها نكرةٌ يريدُ بها معنى الدعاء
    ومن هذا الباب قولهم : هاء يا فتى ويثنى فيقول هائِماً وهائم للجميع كما قال : ( هاؤم اقرؤواْ كتابيه ) وللمؤنث هاءِ بلا ياءٍ مثل هاكَ والتثنية هاؤما مثل المذكرين وهاؤن تقوم الهمزة في جميع ذا مقام الكاف ولك أن تقول : هاءَ يا قوم كما قال عز و جل : ( ذلكَ خيرٌ لَّكُمْ ) وأصل الكلام ( ذلكم ) هذا في الخطاب يجوز لأن كل واحدٍ منهم يخاطب وقال : هاكَ وهاكما وهاكم والمؤنث هاكِ وأما ما كان على مثالِ فَعالِ مكسورِ الآخر فهو على أربعةِ أضربٍ والأصل واحدٌ
    واعلم : أنه لا يبني شيءٌ من هذا الباب على الكسر إلا وهو مؤنثٌ معرفة ومعدولٌ عن جهته وإنما يبنى على الكسر لأن الكسر مما يؤنث به تقول للمرأة : أنتِ فعلتِ وإنكِ فاعلة وكان أصل هذا إذا أردت به الأمر السكون فحركت لإلتقاء الساكنين فجعلت الحركة الكسر للتأنيث وذلك قولك : نَزالِ وتَراكِ ومعناه : أنزلْ واتركْ فهما معدولان عن المتاركة والمنازلة قال الشاعر :
    ( وَلِنعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أنْتَ إذَا ... دُعِيتْ نَزالِ وَلُجَّ في الذُّعْرِ )
    فقال : دُعيت لما ذكر ذلك في التأنيث
    وقالوا : تراكَها وحَذارِ ونَظارِ فهذا ما سمي الفعل به باسم مؤنثٍ ويكون ( فَعالِ ) صفةً غالبةً تحل محل الإسم نحو قولهم : للضبعِ جَعارِ يا فتى وللمنية : حَلاقِ ويكون في التأنيث نحو يا فَساقِ
    والثالث : أن تسمي امرأةً أو شيئاً مؤنثاً باسم مصوغ على هذا المثال نحو : حَذامِ ورَقاشِ
    والرابع : ما عَدَلَ مِن المصدر نحو قوله :
    ( جَمَادِ لَهَا جَمَادِ ولا تَقولِي ... طَوَالَ الدَّهْرِ ما ذُكِرَتْ حَمَادٍ )
    قال سيبويه : يريد : قولي لَها جمودُ ولا تقولي لَها حَمْداً ومن ذلك فَجارِ يريدون : الفَجْرَةَ ومَسارِ يريدون : المَسرةَ وبَداوِ يريدون : البَدوَ وقد جاء من بَنات الأربعة معدولاً مبني قَرْ قارِ وعَرْ عَارِ وهي لُغيةٌ وشتان : مبني على الفتح لأنه غير مؤنثٍ فهو اسم للفعل إلا أن الفعل هنا غير أمر وهو خبر ومعناه : البعدُ المفرط وذلك قولك : شتانَ زيدق وعمروٌ فمعناه : بَعُد ما بين زيدٍ وعَمروٍ جداً وهو مأخوذ من شَتَّ والتشتتُ التبعيد ما بين الشيئين أو الأشياء فتقدير : شتانَ زيدٌ وعمروٌ تباعدَ زيدٌ وعمروٌ ولأنه اسم لفعلٍ ما تم به كلام قال الشاعر :
    ( شَتَّانَ هَذَا والعِناقُ والنَّوم ... والمَشْربُ البَارِدُ في ظِلِّ الدَّوْمْ )
    فجميع هذه الأسماء التي سمي بها الفعل إنما أُريد بها المبالغة ولولا ذلك لكانت الأفعال قد كَفَتْ عنها
    ● [ باب الإسم الذي قام مقام الحرف ] ●

    وذلك كَمْ ومَنْ وما وكيفَ ومتى وأينَ فأما ( كَمْ ) فبنيت لأنها وقعت موقع حرف الإستفهام وهو الألف وأصل الإستفهام بحروف المعاني لأنها آلة إذا دخلت في الكلام أعلمت أن الخبر استخبارٌ : و ( كَمْ ) اسم لعدد مبهم
    فقالوا : كَم مالكَ فأوقعوا ( كَمْ ) موقف الألف لما في ذلك من الحكمة والإختصار إذ كان قد أغناهم عن أن يقولوا أعشرونَ مالَكَ أثلاثونَ مالكَ أخمسونَ والعدد بلا نهايةٍ فأتوا باسم ينتظم العدد كلَّهُ
    وأما ( مَنْ ) فجعلون سؤالاً عن منْ يعقلُ نحو قولك : مَنْ هذا ومَن عمروٌ فاستغني بمن عن قولك : أزيدٌ هذا أعمروٌ هذا أبكرٌ هذا والأسماء لا تحصى فانتظم بِمَنْ جميع ذلك ووقعت أيضاً موقع حرف الجزاء وهو ( إنْ ) في قولك : مَنْ يأتني آتِه
    وأما ( ما ) فيسأل بها عن الأجناس والنعوت تقول : ما هذا الشيء فيقال : إنسانٌ أو حمارٌ أو ذهَبٌ أو فِضَّةٌ ففيها من الإختصار مثل ما كان في ( مَنْ ) وتسأل بها عن الصفات فتقول : ما زيدٌ فيقال : الطويلُ والقصيرُ وما أشبه ذلك ولا يكون جوابها زيدٌ ولا عمروٌ فإن جعلت الصفة في موضع الموصوف على العموم جاز أن تقع على مَن يعقلُ
    ومن كلام العرب : سبحانَ ما سبحَ الرعدُ بحمدهِ وسبحانَ ما سخركنَ لنا وقال الله عز و جل : ( والسماء وما بناها ) فقال قوم : معناه : ومنْ بَناها وقال آخرون : إنما والسماءَ وبنائها كما تقول : بلغني ما صنعتَ : أي صنيعُكَ لأن ( ما ) إذا وصلت بالفعل كانت بمعنى المصدرِ
    وأما ( كيفَ ) فسؤال عن حال ينتظم جميع الأحوال يقالُ : كيف أنتَ فتقول : صالحٌ وصحيح وآكلٌ وشارب ونائمٌ وجالس وقاعدٌ والأحوال أكثر من أن يحاط بها فإذا قلت : ( كيفَ ) فقد أغنى عن ذكر ذلك كلهِ وهي مبنيةٌ على الفتح لأن قبل الياءِ فاءٌ فاستثقلوا الكسر مع الياء وأصل تحريك التقاء الساكنين الكسر فمتى حركوا بغير ذلك فإنما هو للإستثقالِ أو لإتباع اللفظِ اللفظَ
    فأما ( متى ) فسؤالٌ عن زمانٍ وهو اسمٌ مبنيٌّ والقصة فيه كقصةِ ( مَنْ وكيف ) في أنه مغنٍ عن جميع أسماء الزمان أيوم الجمعةِ القتال أمْ يوم السبتِ أم يوم الأحدِ أم سنة كذا أم شهر كذا فمتى يغني عَنْ هذا كله وكذا ( أيانَ ) في معناها : كما قال الله عز و جل : ( أيانَ يومُ القيامةِ ) وقال : ( يسألونَك عن الساعةِ أيَان مُرساها ) وبنيت على الفتح لأن قبلها ألفاً فأتبعوا الفتحَ الفتحَ
    وأما ( أينَ ) فسؤالٌ عن مكانٍ وهي كمَتى في السؤال عن الزمان إذا قلت : أينَ زيد قيل لك : في بغدادَ أو البصرة أو السوقِ فلا يمتنع مكانُ من أن يكون جواباً وإنما الجواب من جنس السؤال فإذا سئلت عن مكان لم يجز أن تخبر بزمان وإذا سئلت عن عددٍ لم يجز أن تخَبرَ بحالٍ وإذا سئلت عن معرفةٍ لم يجز أن تخبر بنكرةٍ وإذا سئلتَ عن نكرةٍ لم يجز أن تخبر بمعرفةٍ فهذه المبنيات المبهمات إنما تعرف بأخواتها وتعلم مواضعها من الإِعراب بذلك

    ضفحة رقم [ 17 ] من كتاب الأصول في النحو Fasel10

    كتاب : الأصول في النحو
    المؤلف : أبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي
    منتدى الرسالة الخاتمة - البوابة
    ضفحة رقم [ 17 ] من كتاب الأصول في النحو E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 13, 2024 8:02 am