من طرف بص وطل الأربعاء مايو 23, 2018 9:15 pm
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
فقه العبادات
سؤال وجواب
{ تابع أسئلة في الطهارة }
● السؤال الرابع
إِذَا تطهَّر بالماءِ ثم وجَدَهُ بعد ذلك نجسًا أَو صلى ثم وَجَدَ عَلَى بَدَنِه أَوْ ثوبه نجاسة مَا حُكْمُ ذلك ؟
● الجواب
لا يَخْلُو الأَمرُ من حَالينِ أَو ثلاثة :
1- لأنه إما أَنْ يَعْلَمَ أن النجَاسَةَ قَبلَ طَهَارَتهِ وَصَلاتِه .
2- أَو يَعْلَمَ أنها بَعْدَهُما .
3- أَوْ يَجْهَلَ الأمر .
(1) فإن عَلِمَ أنها قبل طَهَارَتِه بسبب من الأَسْبَاب الموجِبَةِ للعلم ؛ ومنه خبر الثِّقَةِ المتيقن ، حيث عين السببِ : أَعاد طَهَارَتَهُ ، وغسل ما أَصَابَ النجَاسَةَ من بدنٍ أو ثَوْب .
وكذلك يُعِيدُ الصَّلاة على المذهبِ .
وعلى الْقَوْل الصَّحِيح : إِن من نَسِي وصَلَّى في ثوبٍ نَجِسٍ أَو على بدنه نجاسةٌ نَسِيَها أَو جهل ذلك ، ولم يعلم حتَّى فرغ : صحَّت صَلاتُه وَلا إِعادةَ عَلَيه.
لأنه - صلى الله عليه وسلم - خَلَعَ نعليه وَهُوَ في الصَّلاة ، حِينَ أَخبره جبريلُ أَن فِيهِمَا قَذَرًا ، وَبَنَى على صَلاتِه ، ولم يُعِدْهَا.
فإِذا بنى عليها في أثنائها ، فإِذا وجدَهَا بعد فَراغِ الصَّلاة فالحكْمُ كذلك.
ولأَن مِنْ قاعِدَةِ الشرِيعَةِ : إِذا فَعَلَ العِبَادَةَ وقد فَعَلَ مَحظُورًا فيها هو معذورٌ فلا إِعادَةَ عَلَيهِ ؟ بخلافِ مَن تَرَكَ المأمُورَ .
فتارِكُ المأمورِ به لا تَبرَأُ ذمتُه إلا بفعله .
وفَاعِل المحظُور الذي هُوَ مَعذُورٌ : لا شَيءَ عَلَيهِ .
(2) وإن عَلِمَ أنَّ ذَلِكَ بعد الْفَرَاغ مِنْ طَهَارَتِه : فَهَذَا وَاضِحٌ لا شيءَ عَلَيه ؛ لأنه توضأ بِمَاءٍ طَهُورٍ وَصَلَّى وَلَيسَ عَلَيهِ نجاسةٌ .
وإنما ذكرنا هذا لأَجلِ التَّقْسِيم .
(3) وأَمَّا إن جهل الحالَ فلم يَدرِ هل نجاسةُ الماءِ قَبلَ استِعمَالِه أَو بَعدَهُ أَو النجاسَةُ قد أصابته قبلَ الصَّلاةِ أَو بَعدَها : فطهارَتُه وصَلاتُه صَحِيحَتَانِ قولاً وَاحِدًا لِبِنَائه عَلَى الأصلِ ؛ لأَن الأَصْلَ عَدَمُ النَّجَاسَةِ.
● السؤال الخامس
إِذا اشتبه ماءٌ ممنوعٌ مِنْهُ بما ليسَ بِمَمْنوعٍ مَا حُكمُه ؟
● الجواب
إِن كَانَ المشتبه ماءً نجسًا بِطَهُورٍ أَوْ ماءً مُبَاحًا بمحرَّمٍ :
اجْتُنِبَ الجَمِيعُ وصارَ وُجُودُهُمَا واحدًا ؛ لِعَدَمِ قُدرَته عَلَى الوُصُولِ إِلَى الماءِ الطهُورِ المبَاحِ ، ويُعدَلُ إِلَى التَّيَمُّم .
إلا إِنْ تمكن من تطهير الماءِ النَّجسِ بالطهُورِ ، بأَنْ يَكُونَ الطهُورُ كَثِيرًا وعنده إناءٌ يَسَعُهُمَا ، فيَخلطهُمَا ويَصِيرَانِ مطهرين .
وعَلَى القَولِ الصَّحِيحِ : يَبعُد جِدًّا اشتباهُ النجس بالطهُورِ ؛ لأنه لا ينجُسُ الماءُ إلا بالتَّغير .
ولكن مَتَى وَقَعَ الاشتبَاهُ في الصورِ النَّادِرَةِ : كُف عَنِ الجَمِيعِ .
وإِن كَانَ الاشتِبَاهُ بين ماءٍ طَهُورٍ وَمَاءٍ طاهرٍ غَيرِ مُطَهِّرٍ :
عَلَى المذهَبِ تَوضأَ مِنهُمَا وُضُوءًا واحدًا من كُلِّ واحِدٍ منهُمَا غَرفَة وصَحت طَهَارَتُه ؛ لأَن الطهُورَ يطهره والطاهِرُ لا يَضرُّه . فَإِنِ احتاجَ أحدهُمَا للشُّربِ تَحَرَّى في هَذِهِ الحَالِ وتطهر بما غلب على ظَنِّه ، ثم تَيَمَّمَ احتِيَاطًا .
وعَلَى الْقَوْل الصَّحيح : لا تَتَصَوَّر المسأَلة ؛ لأن الصحيح أَن الماء إِمَّا نَجِس أَو طَهُور ، كما تَقدمَ.
● السؤال السادس
إِذا شككنا في نجاسة شيء أو تَحرِيمهِ فما الطَّرِيق إِلى السَّلامَة ؟
● الجواب
الطريق إِلَى السَّلامَة : الرُّجُوع إِلى الأُصُولِ الشرعيةِ ، والبناءُ عَلَى الأمور اليقِينيةِ .
فإن الأَصْلَ في الأشياء : الطهارةُ ، والإِباحَةُ .
فما لم يَأْتنا أَمْز شَرعي يَقِينٌ ؛ يُنْقلُ عَن هَذَا الأَصْلِ ، وإِلا استَمسَكنَا به .
وأَدِلةُ هَذَا الأَصلِ مِن الكِتَابِ والسُّنة كثيرةٌ .
فعَلَى هَذَا الأَصلِ : إِذَا شَكَكْنَا في نَجاسَةِ مَاءٍ ، أَو ثَوْب ، أَو بَدَنٍ ، أَو إِناءٍ ، أَو غيرِ ذلكَ ، فالأَصلُ الطهارةُ .
وكذلك : الأَصْل جوَازُ استعمَالِ الأَمْتِعَةِ ، والأَواني ، وَاللِّبَاس وَالالات ، إلا مَا وَرَدَ تَحريمه عَن الشارِعِ .
وما أَنفَعَ هَذَا الأَصلَ وأكثرَ فائدته وأَجَلَّ عَائِدتَهُ على أَهلِ العِلمِ .
وهو مِن نِعَمِ اللَّه عَلَى عِبَادِهِ ، وتيسِيرِهِ ، وعَفْوِه ، ونَفْيِهِ الْحَرِج عَنْ هذه الأمةِ ، فلِلَّه الحمدُ وَالثِّنَاء.
كتاب: إرشاد أولى البصائر والألباب
لنيل الفقة بأيسر الطرق والاسباب
تأليف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي
منتدى ميراث الرسول ـ البوابة